غزة- بيدين خاويتين إلا من أدوات متواضعة، وبإرادة قوية على مواصلة رسالته الطبية الإنسانية، يتنقل الدكتور محمد أبو شعبان بين الجرحى في مستشفى غزة الأوروبي ومستشفى ميداني مجاور له، في جنوب شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

أقيم هذا المستشفى الميداني في مدرسة جنين الثانوية، لاستيعاب نحو 60 جريحا، رجالا ونساءً وأطفالا، أجبرهم جيش الاحتلال الإسرائيلي على النزوح من المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع، بعد اقتحامها بالدبابات، وإشاعة القتل والدمار في أرجائها.

وبينما كان أبو شعبان منشغلا في التخفيف من آلام شاب جريح، قال للجزيرة نت إن هذا العدد الكبير من الجرحى والمرضى لا يستوعبه مستشفى واحد، ولذلك توزعوا على مستشفيات في وسط القطاع وجنوبه، وبالاتفاق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر تم افتتاح هذه المدرسة كمستشفى ميداني، غير أن نحو ألف نازح توافدوا إليها وشغلوا الغرف.


نزوح جرحى

بعدما عاثت فسادا ودمارا في مستشفى الشفاء، كبرى مستشفيات القطاع، استهدفت قوات الاحتلال بالقصف الجوي والمدفعي مستشفى الإندونيسي، قبل أن تقتحمه بالدبابات، وتقتل وتجرح عددا من الجرحى والمرضى، وتجبر إدارته على إخلائه في ظروف مهينة وخطرة.

نزح أبو شعبان، وهو رئيس قسم الطوارئ والحوادث في المستشفى الإندونيسي، مع زملائه ونحو 700 مريض وجريح، حيث فرض عليهم جيش الاحتلال الإجلاء في حافلات مخصصة للركاب، سعة الحافلة الواحدة 50 راكبا، وغير مجهزة ومهيأة لنقل المرضى والجرحى.

وقال أبو شعبان "أجلينا الجرحى على نقالات (محفات) كتلك التي تستخدم في عمليات الطوارئ الميدانية، لعدم توافر أسرّة مخصصة للنقل الآمن للجرحى والمرضى، وتكدس المئات من نزلاء الأندونيسي في 4 حافلات ركاب مدنية، لا تتوافر بها أي تجهيزات طبية".

وفي الطريق إلى جنوب القطاع، واجهت قافلة الإندونيسي من المرضى والجرحى معاناة، وصفها أبو شعبان بأنها "لا توصف"، تعالى فيها أنين الجرحى والمرضى من شدة الألم، التي زادتها عمقا مشاهد القتل والدمار في كل مكان.

لا تتلقى الجريحة سماح أبو عودة العلاج اللازم لقلة الإمكانات في مستشفى ميداني في مدرسة جنين الثانوية (الجزيرة) مستشفيات ميدانية

رافق أبو شعبان الجرحى إلى مستشفى غزة الأوروبي، بعد توزيع مئات منهم على مستشفيي "شهداء الأقصى" و"ناصر"، فوجد أن 4 أقسام ميدانية أقيمت في ساحة مستشفى غزة الأوروبي ممتلئة عن آخرها بالجرحى، ولا يمكنها استيعاب أعداد جديدة، فكان الخيار افتتاح مدرسة مجاورة كمستشفى ميداني.

وبموجب اتفاق مع وزارة الصحة في غزة، ينتظر أبو شعبان وزملاءه خياما وعدت بتوفيرها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لنصبها في ساحة مدرسة جنين، أو أي مدرسة أخرى قريبة من مستشفى غزة الأوروبي، تكون خالية من النازحين، ومخصصة فقط كمستشفى ميداني لمعالجة جرحى العدوان.

تقول السلطات المحلية في غزة إن الحاجة ماسة لمثل هذه المستشفيات الميدانية، للتعامل مع الأعداد الهائلة من الجرحى، نتيجة الحرب الإسرائيلية الضارية على القطاع الساحلي الصغير، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وعانت مستشفيات وسط القطاع وجنوبه، وأبرزها "غزة الأوروبي" و"شهداء الأقصى" و"ناصر"، من ضغط شديد يفوق قدراتها البشرية والمادية، سواء بسبب كثافة الضحايا من الشهداء والجرحى، أو جراء الاستهداف الإسرائيلي المباشر لمستشفيات مدينة غزة وشمال القطاع، وإجبار نزلائها من الطواقم والمرضى والجرحى على النزوح جنوبا.

وأقامت الأردن مستشفى ميدانيا في محيط مستشفى ناصر الحكومي غرب مدينة خان يونس، في حين أرسلت الإمارات مستشفى ميدانيا يجري العمل على إقامته في ملعب مدينة رفح البلدي، قرب الحدود مع مصر.

بإمكانات متواضعة يتعامل الدكتور محمد أبو شعبان مع جرحى العدوان (الجزيرة) لسان حال الجرحى

تعاني الجريحة سماح أبو عودة (33 عاما) من عدم توافر العلاجات اللازمة، بعد أن بترت ساقها بسبب إصابتها في مدرسة الفاخورة شمال القطاع، بعد أن كانت قد نزحت إليها برفقة أطفالها الستة، وتعرضت لقصف إسرائيلي أوقع شهداء وجرحى.

خضعت سماح لعمليات جراحية في المستشفى الإندونيسي، وعاشت فيها أياما وصفتها للجزيرة نت بـ"المرعبة"، جراء غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي، وقد تناثرت شظايا الصواريخ والقذائف واخترقت غرف المرضى والجرحى، ونجت سماح في ليلة سبقت النزوح من شظايا اخترقت الغرفة التي تقيم بها، وتسببت في استشهاد جرحى.

وكانت سماح من بين الجرحى النازحين من المستشفى، برفقة والدتها، في حين لا يزال أطفالها في شمال القطاع، وتقول هذه الأم الثلاثينية التي ستقضي بقية حياتها تعاني من إعاقة حركية، إنها وجدت نفسها على سرير متواضع في غرفة داخل مدرسة، لا تتوافر بها الإمكانات لمداواتها وتخفيف آلامها.

وفيما نزحت سماح بالملابس التي ترتديها، وبحالة إعياء شديدة إثر هبوط حاد في معدل الدم، تشكو من أن الأطباء لا يمتلكون الأدوية الخاصة بحالتها، ويطالبونها بتوفيرها على حسابها الشخصي من صيدليات خارجية، لكنها لا تمتلك المال لشرائها.

وجراء الاستهداف ذاته لمدرسة الفاخورة، أصيب أمجد ورش آغا (32 عاما)، بشظية قذيفة تسببت له بجروح بليغة في ساقه، وخضع لعملية جراحية في المستشفى الإندونيسي، ونزح برفقة سماح وآخرين، لكنه يشكو مما يشكون من انعدام الرعاية الطبية المناسبة.

وقال أمجد للجزيرة نت، وهو متزوج ولديه 4 أطفال، إن ما تلقاه منذ النزوح إلى هذه المدرسة (المستشفى الميداني)، مجرد رعاية أولية كغيار على الجرح، من دون أي أدوية أو علاجات.

خدمات طبية أولية

فرضت الحرب الإسرائيلية على الطبيب محمد أبو شعبان ورفاقه من الطواقم الطبية العمل في ظروف بالغة الضغط والتعقيد، لقلة الكوادر البشرية وضعف الإمكانات التي يمكنها مواكبة تساقط مئات الجرحى يوميا وعلى مدار اللحظة.

ويقول أبو شعبان إن مستشفيات القطاع، التي واجهت هجوما إسرائيليا شرسا بالاستهداف المباشر وبالحصار، لا يمكنها التعامل مع ضحايا العدوان سواء من حيث أعدادهم الكبيرة التي تفوق قدراتها، أو لجهة طبيعة الجروح الخطرة التي تحتاج إلى إمكانات متطورة.

وبسبب الهجوم الذي تحدث عنه أبو شعبان، خرجت 26 مستشفى و55 مركزا صحيا عن الخدمة، ودُمرت 55 سيارة إسعاف، وخرجت عشرات سيارات أخرى عن الخدمة بسبب نفاد الوقود، وبحسب "المكتب الإعلامي الحكومي" فإن هذا الهجوم يؤكد "وجود مخطط مدروس ومقصود يهدف إلى القضاء على القطاع الصحي بشكل كامل، خاصة في محافظتي غزة وشمال القطاع".

يشكو أبو شعبان، وهو الطبيب الوحيد ويساعده 5 ممرضين، من عدم توافر أماكن مناسبة، وانعدام الإمكانات لتقديم خدمة طبية ملائمة للجرحى النازحين من المستشفى الإندونيسي، ومن يحتاج هذه الخدمة من جرحى آخرين، تحسبا من تجدد الحرب الإسرائيلية بعد انقضاء أيام الهدنة.

وتقتصر الخدمة حاليا على الرعاية الطبية الأولية، والتعاطي مع حالات الإصابة البسيطة، ويقول أبو شعبان "نحن بحاجة ماسة لمعدات طبية، وأدوية ومستهلكات، وفرشات وأسرّة طبية، وقبل كل ذلك يجب الإسراع في توفير خيام لاستيعاب أعداد الجرحى في أماكن ملائمة ومجهزة".

ووفقا لتوثيق رسمي لوزارة الصحة في غزة فقد استشهد أكثر من 15 ألف فلسطيني، من بينهم 207 من الأطباء والممرضين والمسعفين، ولا يزال زهاء 7 آلاف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض أو أن مصيرهم ما زال مجهولا، بينما زاد عدد الجرحى عن 36 ألفا، أكثر من 75% منهم من الأطفال والنساء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المستشفى الإندونیسی مستشفى غزة الأوروبی مستشفى الإندونیسی مستشفى میدانی أبو شعبان فی غزة

إقرأ أيضاً:

الصحة: بدء إنشاء مستشفى أبو حماد بالشرقية بتكلفة ٢ مليار جنيه يوليو المقبل

كتب- نشأت علي:

أعلن الدكتور أنور إسماعيل مساعد وزير الصحة، عن بدء العمل في مشروع مستشفى أبو حماد بمحافظة الشرقية، الذي يخدم آلاف المواطنين في الأول من يوليو القادم، وذلك عقب صدور قرار التخصيص، من محافظة الشرقية.

جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الصحة، اليوم برئاسة الدكتور أشرف حاتم، لمناقشة طلب إحاطة مقدم من النائبين أحمد فؤاد أباظة رئيس لجنة الشئون العربية، والنائب ثروت سويلم، بشأن تأخر أعمال البدء في إنشاء مستشفى أبو حماد.

وأوضح الدكتور أنور إسماعيل، مساعد أول الوزير، أن التكلفة الفعلية لإنشاء المستشفى تتراوح ما بين 1.5 مليار و٢ مليار جنيه، لافتًا إلى أن المستشفى لم يكن ليرى النور، لولا الجهود الكبيرة المبذولة من النائبين أحمد فؤاد أباظة واللواء ثروت سويلم، مؤكدًا أن الوزارة وضعت شرط بعدم إقامة المستشفى على مساحة أقل من ٥ أفدنة، ولا يتوفر في موقع المستشفى الحالي، ولكن النائبين نجحا في توفير المساحة المطلوبة لإقامة المشروع.

واستعرض النائب ثروت، أمام اللجنة كافة خطوات ملف أرض المستشفى والذي تم التحرك بداية من عام 2017 باستخراج رخصة الهدم حتى استبدال 5 أفدنة من الإرشاد الزراعي، لافتًا إلي أنه تم رفع التيار العالي من الأرض بالجهود الذاتية من النائب أحمد أباظة وأصبحت الأرض ممهدة لبدء المشروع.

وأكد النائب ثروت سويلم، أن مشروع مستشفى أبو حماد هو مشروع الحلم لأبناء الشرقية جميعا وأبو حماد، خاصة أن المستشفى استخدم ملايين المواطنين.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

الدكتور أنور إسماعيل مساعد وزير الصحة إنشاء مستشفى أبو حماد محافظة الشرقية اجتماع لجنة الصحة

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: نقيب المعلمين: صندوق الزمالة يقدم قروضًا للمعلمين ويحظى بإشراف هيئة الرقابة المالية الأخبار المتعلقة وزير التموين: 4.8 مليار جنيه تكلفة استثمارات إنشاء المناطق التجارية الجديدة أخبار "الصحة" تستعرض أمام "الأمم المتحدة" جهود مقاومة مضادات الميكروبات أخبار "تحيا مصر" ينظم معرض "دكان الفرحة" لأكثر من 1500 أسرة بالشرقية أخبار

إعلان

هَلَّ هِلاَلُهُ

المزيد دراما و تليفزيون رسميا.. القائمة الكاملة لمسلسلات رمضان 2025 على جميع القنوات (صور وأسماء) رمضان ستايل أصل الحكاية.. كيف بدأت فكرة موائد الرحمن في مصر؟ سفرة رمضان تفريز الطعام قبل رمضان.. هل يحافظ على قيمته الغذائية أم يسبب أضرارا؟ أخبار وتقارير نهاية الموجة شديدة البرودة وطقس أول أيام رمضان.. الأرصاد تُحذر وتُبشر سفرة رمضان هل الفواكه المجففة آمنة لمرضى الكلى في رمضان؟.. مفاجأة

إعلان

أخبار

الصحة: بدء إنشاء مستشفى أبو حماد بالشرقية بتكلفة ٢ مليار جنيه يوليو المقبل

أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات

© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى

إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك القائمة الكاملة لمسلسلات رمضان 2025 على جميع القنوات (صور وأسماء) ننشر مواعيد الدراسة خلال شهر رمضان 2025 بالمدارس . للإعلان كامل للإعلان كامل 18

القاهرة - مصر

18 8 الرطوبة: 31% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • نيوزويك: 10 مستشفيات سعودية ضمن الأفضل في 2025
  • 10 مستشفيات سعودية جديدة تنضم إلى قائمة التصنيف العالمي
  • جولة للوزير ناصر الدين بعد غد في عدد من مستشفيات الجنوب
  • وسام مفقود.. غادر المستشفى ولم يصل إلى وجهته
  • مدير صحة قنا يتفقد مستشفى نقادة المركزي ويُحيل عدد من المقصرين للتحقيق
  • «أبو جناح» يزور «مستشفى الأصابعة» للوقوف على الوضع الصحي الراهن
  • لجنة موظفي مستشفى الحريري: لتصويب العمل وتنظيمه ومحاسبة الفاسدين
  • حملة مستشفيات بلا مهاجرين تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي في ألمانيا
  • مستشفى سوق السبت خارج الخدمة بحسب سؤال برلمانية إلى وزير الصحة
  • الصحة: بدء إنشاء مستشفى أبو حماد بالشرقية بتكلفة ٢ مليار جنيه يوليو المقبل