بعد الموافقة.. الآثار تتراجع عن قرار السماح بالأفراح في «التكية المولوية» الأثرية
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
وافقت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في 8 نوفمبر الجاري على قرار يتضمن السماح بإقامة حفلات الأفراح في التكية المولوية والتي تعد من الآثار الإسلامية الروحانية الهامة في منطقة السيوفية الأثرية بالقاهرة، وهو القرار الذي أثار العديد من الاعتراضات وكان ضمن أول المعارضين للقرار الدكتور حجاجي إبراهيم رئيس قسم الآثار بكلية الآداب جامعة طنطا الأسبق، هو من قام بتسجيل التكية فى عداد الآثار الإسلامية والقبطية وكان مكلفًا بالإشراف الأثري على كافة أعمال البعثة الإيطالية بالتكية المولوية.
كما عارضت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان القرار من منطلق أن المكان هو روحاني بحت ولا يناسب معه مسألة إقامة الأفراح.
وأعلن ريحان أن قيادات وزارة السياحة والآثار استجابت للحملة وألغت قرارها السابق والصادر في 8 نوفمبر الحالي على إقامة الأفراح وعقود القران داخل كلًا من قصر الأمير طاز والتكية المولوية على أن تكون الفعاليات تحت إشراف المنطقة الأثرية، بحيث تخرج التكية المولوية من هذا القرار.
وعن حيثيات هذه المعارضة لهذا القرار قال الدكتور حجاجي إبراهيم محمد إن استخدام قاعة للذكر كقاعة أفراح أمر مرفوض لتنافيه مع وظيفتها ودورها الروحانى الفلسفي، فهى طريق الروح والتصوف، وأن كل شيء بالوجود يسبح لله ويدور حول المركز في حركة دائرية، حيث نجد أن القاعة الأساسية أو المسرح به 12 عمودًا على أسماء الأئمة الاثنى عشر عند الشيعة وبها رقم ثمانية دلالة على أبواب الجنة الثمانية وحملة العرش الثمانية.
وتقع القاعة فوق حمام السيدات الذي يستخدم الماء الساخن دلالة على أن عرش الرحمن فوق الماء وصالة فوق الماء، وقبة الساحة مزينة برسوم وصور جميلة لعصافير وطيور دلالة على فناء جسد الدرويش وتحليق روحه في الفضاء بعد انطلاقها، وشجر السرر يرمز للخلود ورائحته العطرة تغطي على رائحة جثث الموتى، والصبار بالمقابر على عادة المصريين من آلاف السنين كرمز للخضرة والحياة والبعث ومقاومة الفناء، وأعلى المسرح توجد لوحات خطية أشهرها "يا حضرت مولانا قدس سره" كتبها الخطاط التركي الشهير "عزيز رفاعي" الذي جلبه الملك فؤاد
ويوضح الدكتور حجاجى إبراهيم أنه اختلف مع وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسني وكانت الآثار تتبع الثقافة حين أراد توظيف التكية المولوية مثل قصر المانسترلي وهذا لا يليق بقاعة للذكر
وعن أهمية التكية ومكانتها الدينية يوضح الدكتور حجاجي إبراهيم المسؤول عن التكية منذ أن كان مفتشًا للآثار 1977 أن مؤسس التكية مولانا "جلال الدين الرومى"، أما منشىء الأثر فهو "الأمير سنقر السعدي" أحد أمراء دولة الناصر محمد بن قلاوون وقد أنشأه عام 721 هـ، 1321م وبنى لنفسه ضريحًا كي يُدفن فيه، كما بنى ضريحًا آخر للعالم الصوفي "سيدي حسن صدقة" ويشاء القدر أن يقوم أحد أتباع "سنقر" ويُدعى "قيسون" بالوشاية به لدى السلطان الناصر محمد بن قلاوون فيطرده من مصر إلى طرابلس بالشام ويموت هناك، أما "سيدي حسن صدقة" فكان بمثابة الشقيق الروحي في التصوف للقطب الصوفي الكبير سيدي "أحمد البدوي" وضريحه في طنطا بوسط الدلتا، واعتاد الأثريون أن يطلقوا مسمى "مشهد" على مدافن آل البيت، و"ضريح" على مدافن الصوفية و"مدفن" على مدافن الناس العاديين، وعائلة "سيدي حسن صدقة" تعود جذورها لنابلس بفلسطين، وأقامت بين القاهرة و"شبشير" و"تلا" و"المحلة"
ألحق سنقر السعدي بالضريح مدرسة وملجأ للأرامل والمطلقات والعجائز ولأن ثقافتنا المتوراثة كانت ضد إلحاقهن بالملاجىء تعطلت وظيفتها هذه لقرون، فقلب "سنقر" وظيفتها من ملجأ إلى مدرسة، وظلت المدرسة مستخدمة حتى حضرت "طائفة المولوية" إلى مصر، وهم الدراويش أتباع مولانا جلال الدين الرومي، فاستوطنوا بالمكان وأقاموا احتفالاتهم به وهي احتفالات بحركات دائرية ذات رموز فلسفية خاصة
ومن الجدير بالذكر أن مولانا جلال الدين الرومي كان فقيهًا عاديًا حتى التقى بالصوفي "شمس تبريزي" فعلمه طريق الروح والتصوف وأخبره أن كل شيء بالوجود يسبح لله ويدور حول المركز في حركة دائرية، من هنا احتفلت الطريقة المولوية بهذا التعبير الجسدي الدائري وأدخلت رموزها الخاصة، فالطربوش فوق رأس الدرويش هو عنوان على "شاهد القبر" فوق الجسد الفاني ويسمى "القاووق" والجبة هي "التابوت" واللون الأبيض دلالة على الكفن بلونه الأبيض، وعندما يرفع الدرويش يده لأعلى عند الأداء الحركى فمعناه أنه يتلقى الهبات من السماء وعندما يهبط بها لأسفل يعني أنه يقدم العطايا للناس...
وينوه الدكتور حجاجى إبراهيم إلى أن المولوية طريقة مشهورة في تركيا إلى اليوم وقد حضرت إلى مصر أكثر من مرة لتقديم حفلاتها، وقد طور المصريون كعادتهم الطريقة وقلّدوها كما فعل "أولاد أبو الغيط" و"فرقة التنورة" وقد خلّف جلال الدين الرومي مؤلفات كثيرة أشهرها "المثنوى" المطبوع في 6 مجلدات بتحقيق الدكتور شتا.
وشهدت التكية أول مؤتمر للموسيقى العربية في مصر عام 1932 وقد جمعت اسطواناته من المرحوم عبد العزيز عناني بناءً على توصية الموسيقار الراحل عبد الحميد توفيق زكي، وظلت المولوية بالتكية حتى قامت الثورة عام 1952 فطردوا منها
ولم يكن المكان مسجلًا كأثر وتم تسجيله واختارته المستشارة الثقافية الإيطالية " كارلا ماريا بورى" لترميمه واختارت المرمم " فان خوري" واختارت مفتش الآثار المرافق لأعمال الترميم رئيس الجانب المصرى الدكتور حجاجى إبراهيم منذ عام 1977 وبالفعل نجح المكان في تخريج دفعات عديدة من المرممين، وظل يقوم بدور وظيفي كدار مسنين حتى سنة 1984 وتحول إلى مركز للآثار الإيطالية وبعثاتها في مصر، وبين الحين والآخر يشهد حفلات روحية لفرقة المولوية التركية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: التكية المولوية المولوية مصر الأمير طاز الاثرية جلال الدین دلالة على
إقرأ أيضاً:
الدكتور النابه الوليد مادبو
الدكتور النابه الوليد مادبو وهو صاحب تخصص نادر نحتاجه في هذا الزمان الذي تبعثرت فيه اوراق السياسة والاقتصاد وتهدمت فيه اركان المجتمعات لان العلم ترجل وانزوي خجلا وامتطي سروج المعرفة الادعياء الذين بينهم وبين انصاف المتعلمين فراسخ وفراسخ !!..لست وحدي ولكن كل من تلقي رسالة سواءا كانت ردا ، تعقيبا أو توضيحا لأفكار تضمنها مقال بقلمي أو بقلم غيري وكان المرسل الدكتور النابه الوليد مادبو فهذا في حد ذاته يكون مبعثا للسعادة والغبطة والسرور لأننا ندرك من أعماقنا ومن قناعاتنا أن دكتور الوليد مادبو راسخ في تخصصه مخلص لعمله ووطنه وطلابه ومجتمعه وواهب نفسه تماما لمعالي الأمور والفضائل يجعلها شعلته التي يترسم بها معالم الطريق ولا يبخل بها علي من يسير قربه في طريق التضحيات من أجل كل هدف نبيل غال عزيز علي النفس فيه فائدة الجميع !!..
الأخ العزيز الدكتور النابه المهذب الجنتلمان الوليد لا اخفي أنني سررت قبل أن أتصفح محتوي رسالتك الرصينة التي اعطتني وضعا لا اقول أنني لا استحقه ( فهذه نعمة من نعم الله سبحانه وتعالي تستوجب الحمد والشكر ) ولكن أن تصل الرسالة من شخص متخصص ، شخص معروف عالميا في الدوائر العلمية وتخطب وده مستودعات الفكر من الشرق والغرب الي شخص عادي مثلي فهذا والله اعطاني احساس صادق بأن الدنيا مازالت بخير وان أهل العلم هم أهل التواضع يتواصلون مع الجميع دون حواجز .
هذا السؤال الهام الذي ورد في معرض رسالتك المحترمة عالية الجودة والقيمة عن تصنيف كتاباتي واين أضعها من بين أجناس الكتابة ... هل هي سيرة ذاتية ، فلسفة كونية , انطباعات عابرة ام مجرد تسلية ؟!
اصدقك القول يادكتور أنني لم افكر يوما في هذا السؤال وعندما تخطر أي فكرة في راسي اسرع بتنزيلها علي الورق حتي لا تفلت مني !!..
ولكن ربما قد فهمت يوما من علماء النفس أن أنجع طريقة للاحتفاظ بالذاكرة والبعد بها عن الزهايمر وتخفيف الضغوط والتي نعاني منها الكثير في عالم اليوم غير المستقر والذي تكتنفه المشاكل علي مدار الساعة !!..
شكرا يادكتور وانا سعيد برسالتك واتمني أن تكمل جميلك واترك لك القيام بعملية التصنيف فأنا أعجز من أن أقوم بذلك لأن الكتابة عندي هواية مثل صيد السمك ولم ادخل بعد عالم الاحتراف مع الكبار !!..
ودمتم في رعاية الله وحفظه .
أخوكم حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com