ورداني: صعوبة حصر عدد الغارمين والغارمات
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
قال الدكتور يوسف ورداني رئيس مجلس أمناء مؤسسة قدرات مصر، إن قضية الغارمين تعد قضية معقدة تكمن جذورها في أسباب عديدة، والتعامل الفعال مع هذه الظاهرة يتطلب جهوداً وطنية متعددة الجوانب، تبدأ بالتزام سياسي على أعلى مستوى وتضافر جهود الوزارات والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، وتسير وفق خطة زمنية محددة ومعايير واضحة كما تتطلب موارد مالية تضمن التنفيذ.
أشار ورداني خلال مائدة مستديرة عن دور المنظمات الأهلية في تجفيف منابع الغرم، إلى أنه إنطلاقاً من هذا التوجه تقوم مؤسسة مصر الخير بفك كرب الغارمين وتجفيف منابع هذه الظاهرة بتنفيذ المشروعات التنموية المختلفة للوصول إلى نموذج تطبيقى يعتمد على الشراكة مع المجتمع المدني والجهات الحكومية والأهلية لضمان تحقيق الاستدامة التنموية من خلال منهج التنمية المتكاملة.
أوضح أنه تم إعتماد هذا النموذج ضمن استراتيجية مؤسسة مصر الخير للغارمين والتي تستهدف تجفيف منابع الغرم والحد من دخول غارمين جدد للسجون، وخفض عدد قضايا الغارمين بالمحاكم في إطار رؤية توعوية شاملة تحقق التنمية المستدامة والشمول المالي، ومن منطلق أحد أهداف الاستراتيجية ضمن محور الوقاية وهو صياغة التوصيات اللازمة للتمكين الاجتماعي والاقتصادي للفئات الفقيرة للحد من زيادة معدلات الغرم.
تابع أنه لا يوجد رقم دقيق معلن بالإجمالي الكلي لعدد الغارمين / الغارمات في مصر سواء من خلال اللجنة الوطنية بوزارة التضامن ومن أي جهة حكومية أخرى.
أكد أن غالبية الأرقام المتداولة إعلاميا إما عبارة عن أرقام متداولة من واقع بعض التصريحات الرسمية وغير الرسمية للأطراف المعنية بالقضية مثل تصريح المتحدث الرسمي لجمعية رعاية أطفال السجينات في أبريل ٢٠١٧ والذي قدر عددهم بـ ٣٠ ألف عارمة داخل السجون، وتصريح وزيرة التضامن الاجتماعي في مارس ٢٠٢١ والذي أوضح أن عددهم ٣١ ألف سجينة غارمة، إما نتائج لتقديرات مذكورة في بعض الدراسات والتقارير البحثية مثل التقرير الذي أصدره ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان عن ظاهرة الغارمات في مصر بمايو ٢٠٢١، والذي قدر عددهم بـ ٣٠ ألف غارمة مسجونة.
قال إنه يلاحظ على هذه الأرقام أنها تدور حول رقم ٣٠ ألف غارمة على مدى زمني ممتد، وأنها لا تشمل الغارمين الذكور، وأنه لا يوجد أي دليل مادي يؤكدها.
أضاف أنه تكاد تكون التقديرات الأكثر قربا إلى الواقع في التقديرات التي تشير إلى أن إجمالي عدد الغارمين الغارمات يتراوح ما بين 5-6 الأف حالة غرم سنويا، حسبما تكشف مداخلة رئيس اللجنة الوطنية الرعاية الغارمين والغارمات أثناء المائدة المستديرة التي عقدتها مؤسسة مصر الخير عن القضية في مارس ٢٠٢٣، والذي أوضح أن عددهم يصل إلى نحو خمسة الاف غارم وغارمة.
وحسبما يشير التحليل الإحصائي القاعدة بيانات مؤسسة مصر الخير خلال الفترة من فبراير 2010 حتي ١٤ يونيو ٢٠٢٢ والذي كشف عن تعامل المؤسسة مع ٧٢ ألف حالة غرم أي بمتوسط ما يقرب من ستة الاف حالة سنويا، هذا فضلا عن الجهود المحدودة التي تقوم بها بعض المؤسسات الأهلية الأخرى وأهل الخير. ويرجع جزء من صعوبة عملية الحصر إلى تعدد الجهات التي تتعامل مع الغارمين وفقا لطبيعة المديونية ومدى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المديون، كذلك سيولة الظاهرة وارتباطها ارتباطا وثيقا بتطور الأوضاع الاقتصادية ونسب الفقر والفقر المدقع بين المواطنين، ويؤكد ذلك ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية من أنه " تتصدى لهذا الموضوع على أمل أنه ينتهى والعدد يزيد رغم مبادرات الدولة للتعامل مع هذه الظاهرة والوقوف جنب الأسر المحتاجة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مؤسسة مصر الخیر
إقرأ أيضاً:
رمضان.. شهر الخير والجود والتراحم
يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الحج: الآية 77». ويقول عز وجل: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2». وفي الحديث: قال رسول الله ﷺ: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة»، (صحيح البخاري، 2442).
رمضان شهر قضاء حوائج المحتاجين، وهو شهر التعاون والتراحم. وإن فعل الخير مبدأ إنساني دعا إليه القرآن الكريم، وشجع أهل الإيمان على التعاون بشأنه، وجاء الأمر بفعل الخير بعد ذكر جملة من الشعائر، للدلالة على أن فعل الخير لا يقل عنها في المنزلة والثواب، والقرآن الكريم يكرر الدعوة إلى فعل الخير بلفظ التعاون بين بني البشر، فيأمرنا بالتعاون في ميدان البر، وينهانا عن التعاون في ميدان الشر.
وإن من كرم الله تعالى على عباده أن جعل الماشي في حاجة المسلم في معيته جل جلاله، مؤيداً إياه ومعيناً ومثيباً، وكفى به أجراً وفضلاً، فمن سعى في قضاء حوائج الناس على اختلاف مشاربهم وأجناسهم، قضى الله له حوائجه، وثبته على الصراط، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله ﷺ: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، (صحيح مسلم، 38).
وإن السعي في قضاء حوائج الناس منزلة حث عليها النبي ﷺ، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «إني أوتى فأُسأل ويطلب إليّ الحاجة وأنتم عندي، فاشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب أو ما شاء»، (صحيح ابن حبان، 531).
كما أن السعي في قضاء حوائج الناس سبب للبركة وزيادة الرزق، فقد روي في الحديث: «إن لله أقواماً اختصهم بالنعم لمنافع العباد، يقرهم فيها ما يبذلونها، فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم»، (المعجم الأوسط للطبراني 13925).
وفي هذه الأيام الرمضانية، يقوم كرام الناس بتفقد المحتاجين وإطعام الجائعين، والبحث عن المساكين، فيواسونهم ويقضون حوائجهم، ومن ذلك ما تقوم به هيئة الهلال الأحمر الإماراتي من مشروع إفطار الصائم وكسوة العيد، وحفظ النعمة وزكاة الفطر. فساهموا معها فهي توصل صدقاتكم إلى مستحقيها. وقضاء حوائج الناس مبدأ إنساني دعا إليه الإسلام وحث عليه، وعلى المسلم التأسي برسول الله ﷺ في حرصه على قضاء حوائج الناس، إذ إن ثواب قضاء حوائج الناس عظيم تكفل به الله سبحانه وتعالى.
أجود ما يكون في رمضان
يضاعف الله الأجر للمنفقين في شهر رمضان، وينعم بأفضل الثواب على أهل البر والإحسان، وخاصة في شهر رمضان أشرفُ الشهور عند الله تعالى، جعله سبحانه ميدانًا لعباده يتسابقون فيه بأنواع الطاعات، ومن أبرزها: الإنفاق في أعمال الخير والبر، قال جل في علاه: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
فما هي أهمية الإنفاق في سبيل الله؟ وما فضله ومكانته عند الله جل في علاه؟
حثّ الإسلام على الإنفاق وجعل ثوابه عظيماً، ووعد الله من تصدق وأنفق بالخلف والعوض، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾، وقال ﷺ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».
وشجع النبي ﷺ على الإنفاق عموماً وأكد عليه في شهر رمضان خصوصاً، فكان يجود فيه ما لا يجود في غيره، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»، وكان يحث على الإنفاق والبذل وإفطار الصائمين ولو بتمرة، فيقول: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا».
وكان النبي ﷺ يدعو إلى المبادرة بالإنفاق وعدم التسويف، فقد جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رَسولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قال: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ».
وليعلم كل مسلم أن الانفاق يزيد في المال ولا ينقصه، ومن المستحب المسارعة فيه، وخاصةً في شهر الخيرات شهر رمضان المبارك، حيث تشتد حاجة الناس للمساعدة، ويُضاعف الله الأجر والثواب للمنفقين.
حديث
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق «إن أحدكم يجمع خفقه في بطن أفه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».
فتوى
ورد إلى مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي سؤال جاء فيه: والدي لا يستطيع الصوم، لكبر سنه وعنده السكري، فهل يجب عليه دفعُ الفدية بدلاً عن الصيام؟
فأفتى المجلس بأن: لا يجب عليه دفعُ الفدية، ولكن تستحب له إذا كان عجزه عجزاً مستمراً بحيث لا يتوقع القدرة على الصوم في أي وقت من أوقات السنة، لما رُوي من أن أنس بن مالك رضي الله عنه: «كَبِرَ حَتَّى كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ. فَكَانَ يَفْتَدِي». (موطأ مالك: 1/ 307).
قال الإمام مالك رحمه الله: «لا أرى ذلك واجبا، وأحب أن يفعله إذا كان قوياً عليه»، (موطأ مالك: 1/ 307).