إن إدخال المساعدة الاجتماعية المباشرة هو إجراء ثوري ينضاف إلى الإنجازات المختلفة التي تحققت خلال عهد جلالة الملك الذي أولى – على سبيل التذكير- منذ توليه العرش المسألة الاجتماعية عناية كبرى. فهذا الورش الاجتماعي بدأ بإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في سنة 2005 والتي هي الآن في نهاية مرحلتها الثالثة (2019-2023)، ليتوج بتعميم الحماية الاجتماعية.

ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن أزمة كوفيد كانت بمثابة ناقوس الخطر، لأنها كشفت، في واضحة النهار، عن مدى الهشاشة والفقر، وكان من الضروري العمل والتدخل بسرعة. وهو ما فعلته الدولة بتوزيع مساعدات طارئة على المحتاجين والذين تجاوز عددهم كل التوقعات: أكثر من 20 مليون شخص وأكثر من 6 ملايين أسرة. الأزمات مفيدة أحيانا لأنها تسمح لنا بمواجهة واقعنا. إنها تتحول إلى فرص تاريخية لإجراء الإصلاحات المجتمعية اللازمة التي تواجه مقاومات متعددة في الأوقات “العادية”. وهذا هو السبب الذي جعل ما كان حلمًا قبل بضع سنوات، مثل تعميم الحماية الاجتماعية والمساعدة المباشرة للأسر الفقيرة، حقيقة ملموسة الآن. وبعبارة أخرى، عندما تتوفر الإرادة السياسية للمضي قدما وإيجاد الحلول للإشكاليات الشائكة، سنجد الوسائل اللازمة.

أين نحن من حيث تفعيل هذا الإجراء لاستهداف الأسر الفقيرة من خلال المساعدة الاجتماعية المباشرة؟ من المقرر، كما أعلنت أعلى سلطة في البلاد، بدء هذه العملية اعتبارًا من شهر دجنبر المقبل. وللقيام بذلك، هناك سباق ضد الساعة. وقد أعدت الحكومة مشروعي قانون في أعقاب ذلك: أحدهما يتعلق بنظام المساعدة الاجتماعية المباشرة. ويتعلق الآخر بإنشاء الوكالة الوطنية للمساعدة الاجتماعية. وكلا النصين في المراحل النهائية من العملية التشريعية. وبالإضافة إلى ذلك، ينص مشروعي القانون على اعتماد عدد من النصوص التنظيمية.

وغني عن البيان أن فوائد هذا المشروع كثيرة. إنها في المقام الأول ذات طابع إنساني. وهكذا، وبمساعدة اجتماعية مباشرة، سيجعل الأشخاص المعنيون، الذين يعيشون في فقر وكرب، يشعرون “بوجودهم” إذا جاز التعبير وبانتمائهم لهذا المجتمع الذي يشكل الوطن. كما هي ذات طابع مجتمعي، بمعنى أن مثل هذا التدبير سيعزز التماسك الاجتماعي بالتأكيد من خلال الحد من الاقصاء الاجتماعي والتفاوتات المجالية، مع العلم أن الغالبية العظمى من السكان الفقراء يعيشون في المناطق القروية والجبلية، كما رأينا ذلك مؤخرًا خلال الزلزال الذي ضرب الحوز والأطلس الكبير. وأخيرا ذات وقع اقتصادي: إذ من الآن فصاعدًا، سيصبح المستفيدون مستهلكين. ومن المرجح أن يعزز هذا الطلب المحلي والسوق المحلية. وبالتالي تحفيز الاستثمار الذي يخلق الثروة والوظائف التي يمكن أن تنفع المستفيدين. وإلى جانب هذه الآثار الظاهرة، سيشهد المغرب في الأمدين المتوسط والطويل دينامية اجتماعية مشتركة داخل الجيل الواحد وبين الأجيال.

بالطبع، بمجرد أن يتم وضع هذا المشروع على سكته الصحيحة، يجب القيام بكل شيء لضمان استدامته، لا سيما من حيث التمويل حتى لا يفقد وقوده على طول الطريق. لأننا أمام ورش يتطلب الكثير من الموارد. حيث تقدر تكلفته بـ 25 مليار درهم خلال سنة 2024 و29 مليار درهم خلال سنة 2026. ويُضاف إلى هذا المبلغ مبلغ 10 مليارات درهم مخصصة لدعم التأمين الاجباري عن المرض (AMO) للمحتاجين (المستفيدين من “راميد” سابقا). أي ما يعادل في المجموع 40 مليار درهم التي يجب تعبئتها سنويًا. وقد اتخذت الترتيبات المالية التالية: 20 مليار درهم من موارد الدولة على مدى السنوات الثلاث المقبلة. 6 مليارات درهم تأتي من مساهمات في إطار التضامن الوطني. و15 مليار درهم تأتي من تجميع وإعادة تخصيص الأموال الممنوحة لمختلف برامج الدعم السارية بما في ذلك صندوق المقاصة. و9 مليارات درهم مسجلة في صندوق التماسك الاجتماعي برسم سنة 2024.

لضمان استدامة التمويل، يجب على المغرب إجراء الإصلاح الضريبي من خلال مساهمة جميع المواطنين كل حسب قدرته، وذلك عن طريق تحسين التحصيل، ودمج القطاع غير المهيكل، ومكافحة التهرب والاحتيال الضريبيين… تقدر الإمكانات الضريبية التي سيتم تعبئتها بين 9% و12% من الناتج الداخلي الإجمالي، أي أكثر من 150 مليار درهم!

من ناحية أخرى، علينا أن نرى المشكلة في ديناميتها. ففي الوقت الحالي، نفضل الاستهداف والمساعدة المباشرة. ولكن في نهاية المطاف، يجب أن نستعد لإيجاد حلول أفضل، إذ يجب تحقيق الادماج من خلال تشغيل الجميع ومساهمتهم في الجهد الوطني. المساعدة ليست مفيدة لأي شخص. ومن هنا تأتي حاجة بلدنا إلى التعجيل بتنميته من خلال خلق فرص شغل لائقة كافية لجميع المواطنين في سن الشغل، والانتقال تدريجياً من نظام الرعاية الاجتماعية إلى نظام تمكين كل مواطن على حدة. فتنمية بلد ما تؤدي بالضرورة إلى خفض عدد الفقراء والمتخلفين عن الركب. وإلا فإننا سنكتفي بمأسسة الفقر الذي من شأنه أن يضر ببلادنا.

وأخيرا، نسجل أن نجاح هذا المشروع يتوقف على تعبئة مجموع الشعب المغربي. وقد قدم هذا الشعب على مر التاريخ دليلا على تمسكه بقيم التضامن. إنه رصيد رئيسي يجب تثمينه وتلقينه للأجيال المقبلة.

ترجمه للعربية عبد العزيز بودرة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: ملیار درهم من خلال

إقرأ أيضاً:

2.9 مليار درهم توزيعات أرباح أدنوك للحفر لعام 2024 بزيادة 10%

أعلنت شركة أدنوك للحفر، موافقة المساهمين على جميع بنود جدول الأعمال في اجتماع الجمعية العمومية السنوي، بما في ذلك توزيع الدفعة النهائية من أرباحها النقدية عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2024.واعتمد مساهمو الشركة توزيعات أرباح نقدية نهائية لعام 2024 تبلغ 1.45 مليار درهم " حوالي 9.05 فلس للسهم" ما يرفع إجمالي توزيعات الأرباح لعام 2024 إلى 2.90 مليار درهم "حوالي 18.1 فلس للسهم" بزيادة بنسبة 10% على أساس سنوي مقارنة بعام 2023.
وسيتم دفع الأرباح في 11 أبريل 2025 أو خلال أيام قبل أو بعد هذا التاريخ لجميع المساهمين المسجلين اعتبارًا من 27 مارس 2025.وارتفعت إيرادات شركة أدنوك للحفر للعام المالي 2024 بأكمله بشكل كبير لتصل إلى 14.82 مليار درهم ، بزيادة 32% على أساس سنوي، ووصلت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء مستوى غير مسبوق حيث بلغت 7.40 مليار درهم، بزيادة 36% على أساس سنوي، وضاعفت الشركة صافي الربح لأكثر من الضعف منذ إدراجها في سوق أبوظبي للأوراق المالية ليصل إلى 4.77 مليار درهم في عام 2024.وستستفيد الشركة من ميزانيتها القوية في تعزيز التزامها بالنمو الذكي واستثمار الفرص المتاحة وزيادة القيمة للمساهمين على المدى الطويل.
وقال عبد الرحمن عبدالله الصيعري، الرئيس التنفيذي لشركة أدنوك للحفر، إن الأداء المالي القياسي للشركة وتوزيعات الأرباح المجزية، يعكس الزخم القوي الذي تتمتع به أدنوك للحفر باعتبارها أسرع شركة خدمات طاقة نمواً في العالم ، موضحا أنه مع زيادة توزيعات الأرباح بنسبة 10% لتصل إلى 2.90 مليار درهم في عام 2024، والتزام الشركة بزيادة التوزيعات بنسبة لا تقل عن 10% في عام 2025 والأعوام التالية، الشركة مستمرة في تحقيق قيمة استثنائية لمساهميها بينما تعمل على تنفيذ إستراتيجيات الشركة المستقبلية.
وأضاف: " أنه مع خططنا الطموحة للتوسعات المستهدفة في المنطقة، وحفاراتنا المعززة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وخدماتنا المتطورة في مجال حقول النفط، نؤكد أن الشركة في المسار الصحيح لتحقيق نجاحات أكبر. كما أن تسريع عجلة الابتكار عبر إنيرسول "Enersol" وإطلاق مصادر الطاقة غير التقليدية في أبوظبي عبر تيرنويل "Turnwell" يرسخ مكانة الشركة الرائدة في مجالها، ويرفع الكفاءة ويعزز التزامنا بمعايير الاستدامة ويضمن عائدات تصاعدية طويلة المدى لمساهمينا."وبالنظر إلى المستقبل، يُتوقع أن ترتفع توزيعات الأرباح للعام 2025 إلى 3.18 مليار درهم على الأقل، لتصل إلى 4.22 مليار درهم تقريباً في عام 2028، وذلك بناءً على الزيادة بنسبة 10% على الأقل على أساس سنوي بما يتماشى مع سياسة الشركة التصاعدية لتوزيعات الأرباح.
علماً بأن سياسة توزيعات الأرباح منحت مجلس إدارة الشركة صلاحية توزيع أرباح إضافية فوق الحد الأدنى وفقاً لتقديره الخاص، ما يؤكد التزام شركة أدنوك للحفر بتعزيز النمو وقيمة العائدات لمساهميها.وستواصل الشركة دعم استراتيجياتها للنمو من خلال توسيع الأسطول ونمو الإيرادات المتوقع والعائدات القوية، بما في ذلك العائد على متوسط رأس المال العامل "ROACE" الذي تجاوز في عام 2024 نسبة 20%، والعائد على حقوق الملكية "ROE" الذي تجاوز نسبة 30%
بالإضافة إلى ذلك، تتوقع شركة أدنوك للحفر تدفقات نقدية حرة كبيرة تصل إلى 5.88 مليار درهم في عام 2025، ونمو صافي الدخل مع نسبة التوزيعات بالمقارنة مع صافي الربح أقل من 65% عند الحد الأدنى لتوزيع الأرباح في عام 2025. وسيمكن هذا النهج الاستراتيجي الشركة من تحقيق نجاحات مالية وتشغيلية كبيرة في السنوات القادمة.تعتزم أدنوك للحفر الاستمرار في تعزيز قدراتها التشغيلية في عام 2025، حيث تخطط لتوسيع أسطولها إلى أكثر من 148 حفارة بحلول عام 2026 و 151 بحلول عام 2028، وإضافة المزيد من الحفارات المزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة في عمليات الشركة، مما يحسن الكفاءة التشغيلية ويدعم قطاع خدمات حقول النفط ويوفر قيمة أكبر للعملاء
بالإضافة إلى ذلك، تخطط الشركة لمزيد من التوسعات في السوق الاقليمي خلال العام 2025 مدعومة بتمديد عقدها في الأردن وحصولها على التأهيل المسبق في الكويت وعمان.وكانت إنيرسول "Enersol” "مشروع أدنوك للحفر المشترك مع ألفا ظبي"، قد أعلنت إكمالها صفقات استحواذ بقيمة 2.93 مليار درهم لشراء حصص أغلبية في أربع شركات توفر خدمات حقول النفط المدعومة بالتكنولوجيا، وتتطلع إنيرسول من خلال هذه الصفقات إلى ترسيخ مكانتها كشركة استثمارية تركز على الذكاء الاصطناعي.
ونجحت شركة تيرنويل "Turnwell" ، مشروع أدنوك للحفر المشترك مع إس إل بي "SLB” وباترسون يو تي آي "Patterson-UTI”، في تسليم 30 بئرا حتى الآن ضمن برنامج الطاقة غير التقليدية المُسرّع لتستمر في تعزيز الكفاءة عبر سلسلة القيمة وتوظيف قدراتها التقنية وخبراتها الواسعة لتمكين إطلاق مصادر الطاقة غير التقليدية في أبوظبي لتلبية الطلب العالمي على الطاقة.بعد النتائج المالية القياسية لعام 2024، أعلنت شركة أدنوك للحفر توجيهاتها للعام المالي 2025 والمدى المتوسط، مؤكدة على النمو في قطاعاتها كافة، حيث تتوقع الشركة تحقيق إيرادات إجمالية تتراوح بين 4.6 إلى 4.8 مليار دولار للعام 2025، وأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء تتراوح بين 2.15 إلى 2.3 مليار دولار، مع هامش يتراوح بين 46% و48%، كما تتوقع أن يتراوح صافي الربح بين 1.35 إلى 1.45 مليار دولار، مع هامش يتراوح بين 28% و30%.كما تتوقع شركة أدنوك للحفر أن يبلغ الإنفاق الرأسمالي ما بين 0.35 إلى 0.55 مليار دولار، والتدفق النقدي الحر "باستثناء عمليات الدمج والاستحواذ" ما بين 1.3 إلى 1.6 مليار دولار، وأن يكون الحد الأدنى لتوزيع الأرباح عند 0.87 مليار دولار، مع الحفاظ على هدف متحفظ للتعزيز المالي طويل الأجل يصل إلى 2.0 ضعف صافي الدين/الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والاستهلاك والإطفاء.
وتستهدف الشركة على المدى المتوسط رفع إيرادات السنة المالية 2026 لتصل إلى حوالي 5 مليارات دولار، إضافة إلى الحفاظ على هامش الربح التقليدي قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والاطفاء عند نسبة 50% مع تجاوز هامش الحفر التقليدي لنسبة 50%، والحفاظ على هامش خدمات حقول النفط ضمن نطاق 22% - 26% على المدى المتوسط، وأن تكون نسبة صافي رأس المال العامل من الإيرادات المستهدفة 12% تقريباً. 

 

 

 

أخبار ذات صلة 152 مليار درهم أرباح الشركات المدرجة بسوق أبوظبي المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • البدء في تنفيذ حزمة الحماية الاجتماعية قبل بداية العام المالي.. ورئيس الوزراء يكشف حقيقة بيع بنك القاهرة
  • 81.49 مليار درهم صافي دخل بنوك الإمارات
  • “الاتحاد لحقوق الإنسان”: 90.5 مليار درهم استفادت منها 117 دولة خلال فترة حُكم زايد
  • والي بنك المغرب عن المصالحة الضريبية: تم التصريح بـ35 مليار درهم خلال أسبوع واحد
  • «أدنوك للحفر» تعتمد توزيعات أرباح بـ2.9 مليار درهم
  • «الاتحاد لحقوق الإنسان»: 90.5 مليار درهم استفادت منها 117 دولة خلال فترة حُكم زايد
  • 2.9 مليار درهم توزيعات أرباح أدنوك للحفر لعام 2024 بزيادة 10%
  • 2.9 مليار درهم توزيعات أرباح "أدنوك للحفر" 2024
  • 535 مليار درهم رأسمال واحتياطيات بنوك الإمارات
  • "الصكوك الوطنية": 15.8 مليار درهم استثمارات حملة الصكوك نهاية 2024