خبراء يفندون تقريرا أشعل جدلا كبيرا حول عنكبوت وضع بيوضه في إصبع رجل!
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
انتشر يوم الاثنين تقرير لـ"بي بي سي" عن أحد ركاب رحلة بحرية تعرّض للدغة عنكبوت، ما أدى إلى وضع بيوضه داخل إصبع قدمه.
لكن القصة أثارت انتقادات من الخبراء الذين يقولون إنها غير منطقية.
وأفادت "بي بي سي" أن أحد ركاب سفينة سياحية، يدعى كولين بليك، تلقى رعاية طبية من الطاقم الطبي على متن السفينة عندما أصبح إصبع قدمه منتفخا، بعد زيارة إلى مرسيليا بفرنسا.
وتم علاج إصبع القدم بالمضادات الحيوية، وخرج بعض القيح عند ثقبه، بحسب "بي بي سي".
وقال بليك إن الطاقم الطبي أخبره أن الشوائب التي تشبه أوراق الشاي في القيح من المحتمل أن تكون بيوض عنكبوت.
وبعد أربعة أسابيع من اللدغة، قال بليك إن الأطباء اكتشفوا "جسما غريبا" في قدمه، والذي قال إنه تم التعرف عليه لاحقا على أنه عنكبوت "كان يشق طريقه للخروج".
وتابع بليك، لـ"بي بي سي": "إن إحدى بيوض العنكبوت فقست"، وحُدد على أنه "عنكبوت ذئب" من بيرو.
وعرضت "بي بي سي" أيضا صورا لإصبع قدم الراكب، متورما ومتغير اللون، وذكرت أنه ناجم عن لدغة العنكبوت. ولم يتم تحديد شركة الرحلات البحرية في التقرير.
إقرأ المزيدلكن عند سؤالهما عن التقرير، قال خبيران لموقع "بيزنس إنسايدر"، إنه من غير المرجح أن يكون عنكبوت متورطا في الأمر.
وقالت لينا غرينستيد، عالمة الأحياء التطورية التي تدرس سلوك العناكب في جامعة بورتسموث: "العناكب لا تضع بيضها في كائنات حية أخرى. لا البشر ولا أي كائنات أخرى".
وأضافت: "القصة أثارت غضبي كثيرا. لذلك، فهي غير دقيقة إلى حد شنيع".
وتوافق على ذلك سارة جودكر، أستاذة علم الأحياء التطوري ومبتكرة تطبيق تعريف العنكبوت Spider in da House. وقالت: "لا تقلق على الإطلاق بشأن ما إذا كان العنكبوت قد يأتي ويضع بيضه داخلك. القصة بأكملها ليس لها أي معنى بيولوجي".
وكشفتا أن الأطباء غالبا ما يخطئون في تشخيص الخدوش والجروح على أنها لدغات العنكبوت. كما أنه من المرجح أن تكون حالة الطوارئ الطبية التي يعاني منها بليك ناجمة عن عدوى في جرح لا علاقة له بالعنكبوت.
وشككتا أيضا في تحديد نوع العنكبوت، حيث قد يكون صعبا للغاية حتى بالنسبة للخبراء.
وفي بيان أُرسل إلى موقع "بيزنس إنسايدر"، قالت "بي بي سي" إن المقال كان أقل من المعايير التحريرية المتوقعة.
وأضافت: "لقد عدلنا الآن التقرير لتوضيح أن هذه ادعاءات قدمها المريض. لقد اتصلنا أيضا بخبير لإبداء وجهة نظره وأضفنا ذلك إلى المقال".
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: عالم الحيوانات غرائب بی بی سی
إقرأ أيضاً:
حين أشعل أعداء الحياة فتيل الخراب… وصفّق لهم المغيبون في حضرة الحريق
2025 أبريل
O.sidahmed08@ gmail.com
في بلادٍ اعتادت المقاومة، لم تكن النار غريبة.
جيلٌ وراء جيل، والشعبُ ينهض كلما ظنّ الطغاة أنهم أنهكوه.
لكن بين صفوف المقاومين، تسلّل المغيبون، وردّدوا شعارات الذبح كأنها نجاة.
لم يكن الخوف عامًّا، بل صُنِعَ ليخدم الذئب، وسُوّق ليصمَت الأحرار.
وما سكتت الجموع، بل قاومت، إلا أن بين كل ألف، كان هناك من صفق للجلاد، وظنّه مُخلِّصًا.
لم يكن الذئب وحده من افترس القطيع، بل بعض الخراف أيضًا—تلك التي حفظت دروس الطاعة حتى صارت سياطًا بأيدي الجلادين.
حين سقط قناع الراعي، وظهر الذئب بردائه المقدّس، لم يصرخ أحد. كان الخوف قد شرب من عروق الناس حتى جفّت صرخاتهم.
الاضطهاد لم يأتِ من الخارج، بل من جوفنا، ممن تشربوا الطاعة حتى صارت عندهم دينًا، وتزيّنوا بآيات الرحمة ليذبحوا بها الحياة.
في الخرطوم، لم تسقط المباني فقط. سقطت أقنعة كانت تتحدث باسم الله، وتنهب باسم الأمة، وتحرق باسم النجاة. أولئك الذين عبدوا السلطة بأسمائنا، ورفعوا المصاحف فوق البنادق، لم يريدوا وطناً، بل مزرعة للنهب، وساحات للمبايعة في حضرة الفساد.
لم تكن الحرب صدفة، ولا دمار المدن خبط عشواء. كانت معركة ضد الثورة، ضد الحلم المدني، ضد الأمل الذي خرج به الناس إلى الشوارع هاتفين "حرية، سلام، وعدالة". أشعلوا الفتنة ليوقفوا المسار، فكل ما أرادوه أن يعودوا من بوابة النار إلى مقاعد السلطة القديمة، تلك التي نهبوا من فوقها وطنًا، ومرروا تحته عهراً سياسياً باسم الدين.
وما الحربُ إلا صراع بين مغتصبين، جنرالاتٍ من بقايا الدولة الفاشية، وأمراء مليشيات خرجوا من رحمها، لا يختلفون عنها في شيء سوى الشعار. كلاهما ينهش جسد الوطن ليفوز بالعرش، ويتصارعان على المال والقوة كما تتصارع الضباع على جثة. الناس لم يكونوا طرفًا في القرار، بل وقودًا في معركةٍ لا تُشبههم، ولا تمثلهم، ولا تهمهم. والدماء التي سالت، سالت فقط ليبقى مقعد الحكم دافئًا تحت أقدام القتلة.
هرب اللصوص إلى مدن من رخام، يسكنون منازلهم الفاخرة التي اشتروها من دم هذا الشعب. يعيشون الآن في منافيهم المختارة، يأكلون من قوت النازحين، ويتنفسون هواءً بارداً في عواصم بعيدة، بينما أطفالنا يسكنون المدارس، وتحت ظلال الأشجار، وفي طرقات المدن التي أجبروا على النزوح إليها، حفاة بين الركام، جوعى في وطنهم، غرباء في أرضهم.
شعبٌ بأكمله صار بين الشتات في المنافي، أو التشرد في أرضه. من تشبث بالأمل، فقد سقفه. ومن تمسك بالكرامة، فقد خبزه. الذين نهبونا لعقود، لا يزالون يحاضرون عن الوطن، ويتباكون على السيادة، بينما جيوبهم ممتلئة بأموال البنوك المنهوبة، وسجلاتهم مكتنزة بأرواح الضحايا.
ولم تكن النار وحدها من التهمت الخرطوم، بل الأصوات التي كانت تصب الزيت على اللهيب، تصرخ: "بل بس!"، وكأنّ الحرب طقس خلاص. أولئك الذين اعتنقوا الخراب، وصاروا دعاة حربٍ بالوكالة، أطلق عليهم الناس اسم "البلابسة" — يرددون دماراً، ويهتفون للدماء كأنها نشيد ولاء.
ناصروا اللصوص من عبدة السلطة والمال، وتحولوا إلى أبواق في فضاءات مُعفّرة بالكذب. صفّق لهم أنصاف الإعلاميين والإعلاميات، واللاهثون خلف الشهرة على أشلاء الناس، حتى صار لقب "القونات" تعبيراً عن زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وصار لعق البوت أعلى من قول الحقيقة.
هؤلاء لم يكونوا في الصفوف الأمامية للقتال، بل في الصفوف الخلفية لتبرير القتل. ولأنهم لم يروا النار، ظنوا أنها مجاز، لا جحيم يسكن بين أعين الأطفال ودموع الأمهات.
وكأن الذئب وحده لا يكفي، أطلّت علينا جارة الشر، بطيرانها، ونارها، وأطماعها التي لا تشبع. قالوا لنا إنها أختٌ في الدم والدين، لكنها لم تجلب سوى الصواريخ والنهب ومجالس الطغيان. ليست أخت بلادي، بل ناهبة بلادي الشقيّة. جاءت لا تمسح دموعنا، بل لتحفر بئراً لدمنا، وتفاوض فوق جثثنا على حصتها من الذهب والنيل والميناء.
في سماء الخرطوم، ما عاد الطيران غريباً، بل صارت الغارة لغة سياسة، والمحرقة أداة تفاوض.
كل شيء كان مُعدًا: الخطاب، والنار، والخوف الموروث. كل شيء... عدا كسر الصمت. فحين قرر البعض أن لا يكونوا وقودًا جديدًا، احترق القطيع كله، حتى ينجو الذئب من جوعه.
الطاعة حين تُورّث، لا تحتاج إلى سلاسل. يكفي أن تُطفئ النور، وتترك الناس يتلمّسون طريقهم في ظلمةٍ يسمّونها "أملاً".
لكن حتى الظلام، لا يدوم. وفي الخراب، تولد الكلمات من رمادها. والذين نجوا من النار، سيكتبون بدمهم دستور الحياة القادمة، لا ليعود الذئب من جديد، ولا ليُفتح الباب لجارةٍ غادرة، بل لتنهض الأرض من تحت أقدامهم، وتعلّمهم كيف لا يُذبح الأمل مرتين.
بقلم: عمر سيد أحمد
Omer Sidahmed