جرح فلسطين الغائر.. القصة الكاملة لـ "يوم النكبة"
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
عواصم - الوكالات
10 مايو 1948، والذي يعرف باسم يوم "النكبة" لدى الفلسطينيين، هو ثمرة التخطيط "الصهيوني" والبريطاني، لطرد الفلسطينيين من أرضهم، وإقامة الدولة اليهودية عليها، في اليوم الأكثر دموية في تاريخ الفلسطينيين، حيث تم طردهم من أرضهم، وتوزيعهم على مخيمات اللجوء حول العالم، ومع ذلك اليوم بدأت "القضية الفلسطينية".
وقد تعرض الفلسطينيون على مدار سنوات طويلة تسبق يوم "النكبة"، للاضطهاد والتعذيب والتهجير، ونهب أراضيهم، والهجرة اليهودية إلى أرضهم، بتخطيط من الحركة الصهيونية العالمية، وبمساعدة بريطانيا، التي كانت تسعى لإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين.
ووفقا للمؤرخين فإن تخطيط الدول الاستعمارية وبخاصة بريطانيا، لإنشاء دولة إسرائيل يرجع لعدة أسباب، أهمها تبنيها لفكرة "الدولة الحاجزة"، التي نادى بها "الصهاينة"، والقائمة على "شطر" جناحي العالم الإسلامي في آسيا وإفريقيا، مما يؤدي إلى إضعافه، وإبقائه مفككًا، ومنع ظهور قوة إسلامية كبرى، تحل مكان الدولة العثمانية التي كانت في طور الانهيار.
ومن الأسباب الأخرى "فشل اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها"، كما أن اليهود كانوا يرغبون في امتلاكهم أرض يحكمونها، ويعيشون فيها قوميتهم، بالإضافة إلى نشوء المشكلة اليهودية خاصة في أوروبا الشرقية، حيث تعرضوا للاضطهاد على يد الروس، مما دفعهم للمطالبة بتوفير ملاذ آمن لهم، وبدولة خاصة باليهود".
والمعروف تاريخيا أن بناء فلسطين عمّروا هذه الأرض قبل نحو 1500 عام من إنشاء إسرائيل دولتهم القديمة والتي عرفت باسم، مملكة داود، واستمروا في تعميرها حتى أثناء حكم إسرائيل"، و كان الحكم الإسلامي فيما بعد هو الأطول لأرض فلسطين حيث استمر ألف ومئتي عام، أي إلى عام 1917، وانقطعت قدرة اليهود على التأثير عمليًا في حركة الأحداث في فلسطين نحو ألف و800 سنة، أي منذ عام 135م وحتى القرن العشرين، ولم يكن لهم أي تواجد سياسي أو حضاري فيها".
كما إن أكثر من 80% من اليهود المعاصرين، وفق دراسات أعدها يهود مثل آرثر كوستلر، لا يمتّون تاريخيًا بأي صلة لفلسطين، ولا يمتّون قوميًا لبني إسرائيل، والأغلبية الساحقة ليهود اليوم، تعود ليهود الخزر أو الأشكناز، وهي قبائل تترية تركية قديمة، وكانت تقيم في شمالي القوقاز، وتهوّدت في القرن الثامن الميلادي".
بداية التخطيط للنكبة:
حلّت أحداث النكبة الفلسطينية على يد المنظمة الصهيونية العالمية وبريطانيا، التي تبنت مشروع المنظمة القائم على إلغاء حقوق الفلسطينيين العرب في فلسطين، وإحلال القومية اليهودية مكانهم.
وقد تأسست المنظّمة الصهيونية عام 1897، على يد اليهودي ثيودور هرتزل، وكانت قائمة على ديباجات وخلفيات دينية وتراثية وقومية يهودية، وشرط نجاحها مرتبط في إلغاء حقوق أهل فلسطين في أرضهم".
وكان تأسيس المنظمة وعقد مؤتمرها الأول، هو فاتحة العمل "الصهيوني" السياسي المنظّم لتأسيس الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
وسبق اهتمام بريطانيا، اليهود أنفسهم، بتوفير الحماية لهم، حيث افتتحت لندن لها قنصلية في القدس عام 1838، وأول رسالة من الخارجية البريطانية لنائب القنصل، طلبت فيها "بتوفير الحماية لليهود وإن كانوا غير بريطانيين".
ومنذ ذلك الوقت أخذت الهجرة اليهودية إلى فلسطين طابعًا أكثر تنظيما وكثافة منذ عام 1882، إثر تصاعد المشكلة اليهودية، في روسيا.
وحاولت حينذاك السلطات العثمانية التي كانت تحكم فلسطين، بمنع الاستيطان اليهودي لفلسطين، ففي عام 1887، فصلت القدس عن ولاية سوريا، ووضعته مباشرة تحت إشراف الحكومة المركزية، لإعطاء رعاية أكبر واهتمام لهذه المنطقة.
وفي 2 نوفمبر 1917 تبنت بريطانيًا بشكل جدي المشروع الصهيوني، وأصدرت وعد بلفور، الذي من خلاله أعلنت إنشاء وطن قومي لليهود في أرض فلسطين".
وفي العام الذي يليه تمكنت بريطانيا من إحكام وإتمام احتلالها لفلسطين -بعد أن كانت أرضًا دولية كما أرادت بريطانيا، ووفقًا لاتفاقية "سايكس بيكو" عام 1916، تمهيدًا لتنفيذ وعدها للإسرائيليين، وتسهيل هجرتهم لفلسطين، وطرد أهلها الأصليين منها.
وفي عام 1920، وفق اتفاقية "سان ريمو"، تمكنت بريطانيا من دمج وعد بلفور في صك انتدابها على أرض فلسطين، والذي أقرته لها عصبة الأمم في يوليو 1922.
وبدأ تنفيذ بريطانيا لمخططها بجعل فلسطين وطنًا لليهود منذ عام 1918، وحتى عام 1948، حيث فتحت الباب على مصرعيه أمام اليهود للهجرة إلى فلسطين، فتضاعف عددهم من 55 ألف يهودي عام 1918، إلى 646 ألفًا عام 1948، أي من 8% إلى 31.7% من السكان.
وبلغ عدد اليهود الذين تركوا بلداتهم الأصلية، خصوصًا في روسيا وشرقي أوروبا 2 مليون، و366 ألف و941 شخصًا، خلال الفترة 1881-1914، وهاجرت غالبيتهم الساحقة إلى الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية وأوروبا الغربية، وعندما فشلوا في الاندماج بالمجتمعات، ازدادت الرغبة في الهجرة إلى فلسطين.
وكانت بريطانيا في ذلك الوقت تُملّك اليهود للأراضي، فزادت ملكيتهم من نصف مليون دونم، (الدونم= ألف كيلو متر مربع)، أي 2% من مساحة أرض فلسطين، إلى نصف مليون دونم و700 ألف، أي 6.3% من أرض فلسطين.
وحصل اليهود على هذه الأراضي في الغالب من الحكم البريطاني، أو من اقطاعيين غير فلسطينيين.
وخلال تلك الحقبة، تمكّن اليهود بمساعدة الحكم البريطاني، من بناء مؤسساتهم الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية والعسكرية.
ورغم تلك المحاولات الاستعمارية والصهيونية في تهجير الفلسطينيين، إلا أن الفلسطينيين صمدوا على مدار ثلاثين عامًا أمامها، واحتفظوا بغالبية السكان، 68.3%، ومعظم الأرض 93.7%.
وكانت المؤامرة أكبر بكثير من إمكانات الشعب الفلسطيني، إلا أن الفلسطينيين، رفضوا الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني، وطالبوا بالاستقلال، وقامت الحركات الوطنية والإسلامية التي تنادي بذلك.
ونفذت تلك الحركات، "ثورات القدس" عام 1920، و"ثورة يافا"، عام 1921، و"ثورة البراق" عام 1929.
وشكل الشيخ عز الدين القسام، حركته الجهادية عام 1933، لمواجهة الاستعمار والمشروع الصهيوني، وشكّل عبد القادر الحسيني، منظمة الجهاد المقدس.
وتحت ضغط تلك الثورات، وأبرزهم "الثورة الكبرى"، ما بين عامي 1936-1939، اضطرت بريطانيا في مايو 1939، أن تتعهد بإقامة دولة فلسطين خلال عشرة أعوام، وأن تتوقف عن بيع الأراضي لليهود إلا في حدود ضيقة، وأن توقف الهجرة اليهودية بعد خمس سنوات.
لكن بريطانيا تنكرت بالتزاماتها في نوفمبر عام 1945، وعادت الحياة للمشروع الصهيوني من جديد برعاية أمريكية.
وبعد ذلك بعامين وتحديدًا في 29 نوفمبر 1947، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها رقم 181 بتقسيم فلسطين، إلى دولة عربية بنسبة 45%، وأخرى يهودية بنسبة 54%، و1% منطقة دولية، متمثلة في القدس".
**أبرز أحداث النكبة عام 1948:
وعند حلول عام 1948، كان اليهود قد أسسوا على أرض فلسطين 292 مستعمرة، وكوّنوا قوات عسكرية من منظمات الهاغاناه، والأرغون، وشتيرن، يزيد عددها عن 70 ألف مقاتل واستعدوا لإعلان دولتهم.
وفي مساء الـ 14 من مايو عام 1948، أعلنت إسرائيل قيام دولتها على أرض فلسطين، وتمكّنت من هزيمة الجيوش العربية، واستولت على نحو 77% من فلسطين، أي نحو 20 ألف كيلو متر مربع و 770 ألف، من مساحتها الكلية البالغة 27 ألف كيلو متر مربع.
وشرّدت إسرائيل بالقوة 800 ألف فلسطيني، من أصل 925 ألف فلسطيني، كانوا يقطنوا هذه المساحة التي أعلنت عليها قيام دولتها.
وحتى عام 1948 بلغ عدد الفلسطينيين على كامل أرض فلسطين، مليون و400 ألف نسمة.
ودمّر "الصهاينة" حينها 478 قرية فلسطينية، من أصل 585 قرية كانت قائمة في المنطقة المحتلة، وارتكبوا 34 "مجزرة".
وحول ما تبقى من مساحة فلسطين، تم ضم 5876 كيلو مترا، والمتمثلة بالضفة الغربية، إلى الإدارة الأردنية، أما قطاع غزة، البالغ مساحته 363 كيلو مترا مربع، فتم ضمها إلى الإدارة المصرية".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: على أرض فلسطین عام 1948
إقرأ أيضاً:
سورة البقرة.. المرأة في الإسلام بعد سجن الجاهلية وتطرف اليهود
تناول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، تفسير الآية 222 من سورة البقرة، موضحًا أن الإسلام جاء ليصحح المفاهيم المغلوطة التي ارتبطت بالمرأة في بعض الثقافات السابقة، وأبرز أن هذه الآية الكريمة نزلت في سياق تحرير المرأة من قيود الجاهلية التي كانت تعزلها وتعتبرها ناقصة أو نجسة بسبب طبيعتها البشرية.
المرأة في الفكر اليهودي القديمأوضح جمعة أن اليهود كانوا ينظرون إلى المرأة خلال فترة الحيض على أنها نجسة في ذاتها، كانوا يعتزلونها تمامًا، ولا يأكلون من يدها، معتقدين أن مجرد الاتصال بها يؤثر سلبيًا على عبادتهم، كما وصفوا المرأة بأنها السبب وراء خروج آدم من الجنة، وهو تصور رسخته ثقافة تنتقص من قيمتها الإنسانية.
رؤية الإسلام لتكامل الأدواروأكد جمعة أن الإسلام أقرّ مبدأ التكامل بين الرجل والمرأة بدلاً من التساوي المطلق. أوضح أن الله تعالى خلق لكل منهما خصائص ووظائف تتكامل ولا تتناقض، وهو ما يُبرز الحكمة الإلهية في توزيع الأدوار بما يحقق العدالة ويضمن الاستقرار.
تيسير الإسلام على المرأةوفي تفسير الآية الكريمة: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِى ٱلْمَحِيضِ)، أشار جمعة إلى أن الإسلام حدد العلاقة بين الزوجين أثناء الحيض وفقًا لمقتضيات الصحة الجسدية والنفسية، مع تخفيف التكاليف الشرعية عن المرأة خلال هذه الفترة. فالله أسقط عنها الصلاة وألزمها بقضاء الصوم فقط، مكافئًا إياها على صبرها وعبادتها رغم التخفيف.
الإسلام ومنظومة القيماختتم جمعة حديثه بالتأكيد على أن الإسلام أنصف المرأة من خلال منهج قويم يجعلها شريكًا للرجل في بناء الحضارة، ويرفع عنها القيود الظالمة التي فرضتها بعض الثقافات السابقة، ليكون منهجًا يجمع بين الرحمة والعدالة.