الفلسطينيون يستغلون الهدنة للم الشمل مع أحبائهم
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
بالدموع والأحضان، كان هذا هو المشهد عندما تمكنت إيمان أبو حصيرة أخيرا من رؤية عائلتها لأول مرة منذ قرابة شهر، مع التوقف المؤقت للقتال السائد في قطاع غزة.
بهذه الصورة بدأت مها الحسيني -صحفية وناشطة حقوقية مقيمة في غزة- مقالها في موقع "ميدل إيست آي" حول استغلال الفلسطينيين المفرقين الهدنة للمّ الشمل مع أحبائهم بعد أسابيع من الانفصال.
وقالت إيمان أبو حصيرة "لم أعتقد أني سأراهم مجددا"، في إشارة إلى أبيها وأمها وإخوتها الأربعة.
ولفتت الكاتبة إلى أن إيمان تعيش في حي النصر بمدينة غزة على بعد دقائق من منزل والديها في حي الشيخ رضوان. لكن بعد القصف الإسرائيلي المستمر وانقطاع الاتصالات المتكرر، انفصلت عنهم في الأسبوع الثالث من الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ولذلك عندما دخلت الهدنة المؤقتة حيز التنفيذ صباح يوم الجمعة الماضي، لم يكن لدى إيمان (28 عاما) سوى وجهة واحدة في ذهنها.
وقالت إيمان للموقع البريطاني "أخذت أطفالي وذهبت للنوم في منزل عائلتي. وذهب زوجي لزيارة عائلته أيضا للمرة الأولى منذ نحو شهر. ونمت في منزلهم ليومين، ثم لحقت بزوجي".
وأشارت الكاتبة إلى أنه في الأيام الأولى لحملة القصف الإسرائيلي، كان لا يزال بإمكان إيمان زيارة عائلتها، على الرغم من كل المخاطر المتضمنة.
مخاطرة كبيرة جداوقالت إيمان للموقع "تركت أطفالي مع أبيهم في المنزل لأني كنت مدركة أني قد أستشهد في أي لحظة وأنا في طريقي إليهم"، مضيفة أنها كانت قادرة على القيام بهذه الرحلة ثلاث مرات في الأسابيع الثلاثة الأولى. لكنها قالت إنه بعد الأسبوع الرابع كانت المخاطرة كبيرة جدا.
وتفاقمت مخاوف إيمان على والدها المريض بالسرطان والذي يعتمد على دعمها. وقد أدى انقطاع الاتصالات الذي فرضته إسرائيل يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في بداية العمليات البرية لجيش الاحتلال، إلى تفاقم الأمور. وعلقت "كانت هذه هي أكثر الساعات رعبا. ولم أعرف إذا كان والداي وإخوتي ما زالوا أحياء أم شهداء".
فلسطينياتان تخبزان على نار خشب خارج منازليهما المدمرين بقضاء الخزاعة على مشارف خان يونس جنوبي قطاع غزة بعد أسابيع من القصف الإسرائيلي (الفرنسية)وألمحت الكاتبة إلى إجبار جيش الاحتلال الإسرائيلي أهل غزة على مغادرة شمال القطاع إلى جنوبه، وفي الوقت نفسه يقصف الناس في تلك المناطق المصنفة بأنها "آمنة".
ومع ذلك اعتقدت هدى غلاييني أن هذا التصنيف قد يعني أمانا نسبيا على الأقل مقارنة بالشمال، فغادرت منزلها يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع زوجها وأطفالها الأربعة، ووجدت مأوى بمنطقة الزوايدة وسط القطاع. ولجأ والداها وإخوتها إلى منزل أحد الأقارب في خان يونس جنوبي القطاع على بعد حوالي 13 كيلومترا. وعلى الرغم من قربهم ووجودهم في الجنوب "الآمن"، فإن هدى أبلغت "ميدل إيست آي" أنها لم تتمكن ولا مرة من زيارة والديها.
لم أر أمي ولا مرةوقالت "عندما جئنا إلى هنا، اعتقدنا أن الاحتلال لن يستهدف سوى أماكن في مدينة غزة، ولهذا طلبوا منا الإخلاء إلى هنا. لكن هذا ليس صحيحا، فقد استهدفت معظم الأحياء هنا ولا نشعر بالأمان مطلقا. وهذا هو السبب في أني لم أستطع زيارة عائلتي كل هذه الأيام".
وأضافت "جاء أبي لرؤيتي نحو ثلاث مرات، لكنه كان مارا فقط ولم يخرج من السيارة التي وقفت أمام المنزل. ومكث دقيقتين فقط ثم عاد لأنه كان يخشى ألا يتمكن من العودة إلى أمي وإخوتي".
وتابعت الكاتبة أنه في اليوم الثاني للهدنة، شعرت هدى أخيرا بالأمان لزيارة عائلتها، لكنها لم "تشبع من صحبتهم"، لأن الزيارة كانت قصيرة، واحتمال القيام بزيارة أخرى غير مؤكد.
وتساءلت هدى "طوال تلك الأيام، لم أر أمي مرة واحدة. من يصدق أنني من تزور والديها كل يومين، لن أتمكن من رويتهما 50 يوما تقريبا؟".
وأضافت "لا أعرف ماذا سأفعل الآن بعد انتهاء الهدنة؟ إذا قضيت 50 يوما أخرى دون رؤيتهم، سأجن".
وختمت الكاتبة بأنه مثل مئات الآلاف من أهل غزة، رفض أخو هدى، الذي لم تره حتى الآن، الإذعان لأوامر الاحتلال بمغادرة الشمال. وذكرت تعليق هدى "لذلك أعتقد أنني لن أتمكن من رؤيته حتى تنتهي الحرب ويسمح لنا بالعودة إلى منازلنا".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أكثر من 500 مدرسة تحولت إلى ملاجئ
بيروت"رويترز" في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيرا مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتا.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله في سبتمبر أيلول لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.
وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.
وبدأت الوزارة الشهر الماضي إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدة عن وضعها الطبيعي.
وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية التي تضم الآن 300 طالب مسجل وتتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.
وقال مدير المدرسة أنطوان عبد الله زخيا إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.
واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقة صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحة للعائلات التي تبحث عن ملجأ.
وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتا في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت "بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل".
كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.
وقالت "كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي".
و قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي لرويترز "العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان". وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعبا لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسيا للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته ثلاثة أيام ويشمل كل يوم سبع حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.
ولا تزال نور قزحيا (16 عاما)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت "لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا". ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاما) "الجميع مرهقون ذهنيا... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطالنا جميعا". وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاما) النازح من منطقة البقاع يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم ثلاثة أيام تحديا لكنه ليس عائقا. وقال "هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها".