سوزان تفضح هوليوود.. عقاب لداعمي غزة ومحاباة لمؤيدي الاحتلال
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
في هوليوود إذا تحدثت علنا عن حقوق الفلسطينيين وانتقدت الحرب الإسرائيلية على غزة، فستواجه التشويه والترهيب والطرد من عملك، إما إذا دعمت عدوان الاحتلال، فيمكنك الدعوة علنا إلى تبرير جرائم الحرب وقتل الأطفال، ولن تواجه أي عواقب، بحسب برانكو ماركيتيك في تقرير بمجلة "جاكوبين" الأمريكية (Jacobin) ترجمه "الخليج الجديد".
وتعد الممثلة الأمريكية سوزان ساراندون، الحائزة على جائزة الأوسكار عام 1995، أحدث هدف لهجمات متزايدة في هوليوود تستهدف الشخصيات المؤيدة لفلسطين.
وقال ماركيتيك إن "العديد من الممثلين وغيرهم (في هوليوود) فقدوا أعمالهم مؤخرا أو ألغت وكالات التعاقد معهم؛ بسبب انتقادهم لحرب إسرائيل التي قتلت حتى الآن أكثر من 15 ألف فلسطيني خلال أقل من شهرين، بينهم عدد هائل من المدنيين بما في ذلك 6 آلاف طفل".
وأضاف أن وكالة المواهب "يو تي إيه" ألغت تعاقدها مع ساراندون، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بعد أن أدلت بتصريح، خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين، وُصف بأنه "معادٍ للسامية"، إذ قالت إن "الكثير من الناس يخشون أن يكونوا يهودا في هذا الوقت، بينما يتذوقون ما يشعر به كونك مسلما في هذا البلد".
وخلال الاحتجاج، شكرت ساراندون الجالية اليهودية لمشاركتها في هذه الفعالية، بحسب ماركيتيك الذي أشار إلى العديد من أبرز المحتجين ضد هذه الحرب ومن منتقدي الصهيونية هم من اليهود.
كما أنهت وكالة المواهب "سي إيه إيه" تعاقدها مع المؤثرتين سايرا راو وريجينا جاكسون، وقد غردت إحداهما بأن "الصهاينة بدأوا يشعرون بالذعر من أن المزيد والمزيد من العالم ينظر إليهم كغول إبادة جماعية متعطش للدماء".
وورد أن النجم توم كروز تدخل لمنع فصل مها دخيل (وكيلة فنانين) من وكالة "سي إيه إيه"، بعد أن كتبت على "إنستجرام" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن "ما هو الأكثر حزنا من مشاهدة الإبادة الجماعية؟.. إنه إنكار حدوثها".
اقرأ أيضاً
نجمة الأوسكار الأمريكية سوزان ساراندون تطالب بوقف العدوان على غزة (فيديو)
داعمون للحرب
ولا يبدو أن المعيار الذي عاقبت به وكالات في هوليوود ساراندون وآخرين ينطبق على العملاء الآخرين لهذه الوكالات، وخاصة أولئك الذين يدعمون علنا حرب إسرائيل، كما زاد ماركيتيك.
وقال إن إحدى عملاء وكالة "يو تي إيه"، وهي الممثلة باتريشيا هيتون لم تمض الشهرين الماضيين في التأييد العلني "للحملة الإسرائيلية الوحشية غير المسبوقة" فحسب، بل تكتب بانتظام منشورات "من شأنها أن تثير عاصفة نارية لو كانت مؤيدة للفلسطينيين".
والثلاثاء الماضي، أعادت تغريد منشور يشكك في عدد القتلى من الفلسطينيين، وهي تدعي أيضا أن صور القتلى الفلسطينيين مزيفة بمشاركة ممثلين.
كما انتقدت هيتون الرئيس الأمريكي جو بايدن لإصداره بيان يدين "الإسلاموفوبيا"، وهو ما فعله كرد فعل متأخر على مقتل طفل مسلم (6 سنوات) طعنا على يد عجوز في الولايات المتحدة في جريمة ذات صلبة الحرب على غزة.
ويوجد في القائمة أيضا، بحسب ماركيتيك، مضيف قناة "فوكس نيوز"، بريان كيلميد، الذي قال ذات مرة: "ليس كل المسلمين إرهابيين، لكن كل الإرهابيين مسلمون".
وأردف: "وعلى مدار الحرب، دافع كيلميد عن قصف المباني السكنية والمستشفىات، واقترح عدم السماح للمدنيين بالخروج من غزة؛ لعدم السماح للإرهابيين بالفرار"، ودعا إلى السماح لإسرائيل "بالانتهاء من غزة".
كما أيد إعادة فرض الحظر الذي فرضه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (2017-2021) على دخول مسلمي عدد من الدول إلى الولايات المتحدة، وزعم أن "ما يسمى بكراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا) غير موجود"، وانتقد بايدن لإطلاقه استراتيجية لمكافحة التعصب في وقت تتزايد فيه جرائم الكراهية ضد المسلمين.
وبالمثل، انتقدت ميجان ماكين، وهي عميلة أخرى لوكالة "يو تي إيه" مبادرة بايدن المناهضة للإسلاموفوبيا، وشاركت مقاطع فيديو للكاره للإسلام دوجلاس موراي، وهو يسخر من مفهوم التناسب العسكري باعتباره "صنما وهوسا".
اقرأ أيضاً
التاريخ يراقب.. نجوم هوليوود يطالبون بايدن بالضغط لوقف إطلاق النار في غزة
المصدر | برانكو ماركيتيك /جاكوبينر- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: سوزان ساراندون هوليوود فلسطين غزة إسرائيل حرب فی هولیوود
إقرأ أيضاً:
ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
ما دمنا لم نفارق بعد نظام القطب الواحد المهيمن على العالم تظل النظرية القديمة التي نقول إن الشعب الأمريكي عندما يختار رئيسه فهو يختار أيضا رئيسا للعالم نظرية صحيحة. ويصبح لتوجه هذا الرئيس في فترة حكمه تأثير حاسم على نظام العلاقات الدولية وحالة الحرب والسلم في العالم كله.
ولهذا فإن فوز دونالد ترامب اليميني الإنجيلي القومي المتشدد يتجاوز مغزاه الساحة الداخلية الأمريكي وحصره في أنه يمثل هزيمة تاريخية للحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري تجعله عاجزا تقريبا لمدة ٤ أعوام قادمة عن منع ترامب من تمرير أي سياسة في كونجرس يسيطر تماما على مجلسيه.
هذا المقال يتفق بالتالي مع وجهة النظر التي تقول إن اختيار الشعب الأمريكي لدونالد ترامب رئيسا للمرة الثانية ـ رغم خطابه السياسي المتطرف ـ هو دليل على أن التيار الذي يعبر عنه هو تيار رئيسي متجذر متنامٍ في المجتمع الأمريكي وليس تيارا هامشيا.
فكرة الصدفة أو الخروج عن المألوف التي روج لها الديمقراطيون عن فوز ترامب في المرة الأولى ٢٠١٦ ثبت خطأها الفادح بعد أن حصل في ٢٠٢٤ على تفويض سلطة شبه مطلق واستثنائي في الانتخابات الأخيرة بعد فوزه بالتصويت الشعبي وتصويت المجمع الانتخابي وبفارق مخيف.
لكن الذي يطرح الأسئلة الكبرى عن أمريكا والعالم هو ليس بأي فارق من الأصوات فاز ترامب ولكن كيف فاز ترامب؟ بعبارة أوضح أن الأهم من الـ٧٥ مليون صوت الشعبية والـ٣١٢ التي حصل عليها في المجمع الانتخابي هو السياق الاجتماعي الثقافي الذي أعاد ترامب إلى البيت الأبيض في واقعة لم تتكرر كثيرا في التاريخ الأمريكي.
أهم شيء في هذا السياق هو أن ترامب لم يخض الانتخابات ضد هاريس والحزب الديمقراطي فقط بل خاضه ضد قوة أمريكا الناعمة بأكملها.. فلقد وقفت ضد ترامب أهم مؤسستين للقوة الناعمة في أمريكا بل وفي العالم كله وهما مؤسستا الإعلام ومؤسسة هوليوود لصناعة السينما. كل نجوم هوليوود الكبار، تقريبا، من الممثلين الحائزين على الأوسكار وكبار مخرجيها ومنتجيها العظام، وأساطير الغناء والحاصلين على جوائز جرامي وبروداوي وأغلبية الفائزين ببوليتزر ومعظم الأمريكيين الحائزين على نوبل كل هؤلاء كانوا ضده ومع منافسته هاريس... يمكن القول باختصار إن نحو ٩٠٪ من النخبة الأمريكية وقفت ضد ترامب واعتبرته خطرا على الديمقراطية وعنصريا وفاشيا ومستبدا سيعصف بمنجز النظام السياسي الأمريكي منذ جورج واشنطن. الأغلبية الساحقة من وسائل الإعلام الرئيسية التي شكلت عقل الأمريكيين من محطات التلفزة الكبرى إلي الصحف والمجلات والدوريات الرصينة كلها وقفت ضد ترامب وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم ينحز منها صراحة لترامب غير موقع إكس «تويتر سابقا». هذه القوة الناعمة ذات السحر الأسطوري عجزت عن أن تقنع الشعب الأمريكي بإسقاط ترامب. صحيح أن ترامب فاز ولكن من انهزم ليس هاريس. أتذكر إن أول تعبير قفز إلى ذهني بعد إعلان نتائج الانتخابات هو أن ترامب انتصر على هوليوود. من انهزم هم هوليوود والثقافة وصناعة الإعلام في الولايات المتحدة. لم يكن البروفيسور جوزيف ناي أحد أهم منظري القوة الناعمة في العلوم السياسية مخطئا منذ أن دق أجراس الخطر منذ ٢٠١٦ بأن نجاح ترامب في الولاية الأولى هو مؤشر خطير على تآكل حاد في القوة الناعمة الأمريكية. وعاد بعد فوزه هذا الشهر ليؤكد أنه تآكل مرشح للاستمرار بسرعة في ولايته الثانية التي تبدأ بعد سبعة أسابيع تقريبا وتستمر تقريبا حتى نهاية العقد الحالي.
وهذا هو مربط الفرس في السؤال الكبير الأول هل يدعم هذا المؤشر الخطير التيار المتزايد حتى داخل بعض دوائر الفكر والأكاديميا الأمريكية نفسها الذي يرى أن الإمبراطورية ومعها الغرب كله هو في حالة أفول تدريجي؟
في أي تقدير منصف فإن هذا التآكل في قوة أمريكا الناعمة يدعم التيار الذي يؤكد أن الامبراطورية الأمريكية وربما معها الحضارة الغربية المهيمنة منذ نحو٤ قرون على البشرية هي في حالة انحدار نحو الأفول. الإمبراطورية الأمريكية تختلف عن إمبراطوريات الاستعمار القديم الأوروبية فبينما كان نفوذ الأولى (خاصة الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية) على العالم يبدأ بالقوة الخشنة وبالتحديد الغزو والاحتلال العسكري وبعدها يأتي وعلى المدى الطويل تأثير قوتها الناعمة ولغتها وثقافتها ونظمها الإدارية والتعليمية على شعوب المستعمرات فإن أمريكا كاستعمار إمبريالي جديد بدأ وتسلل أولا بالقوة الناعمة عبر تقدم علمي وتكنولوجي انتزع من أوروبا سبق الاختراعات الكبرى التي أفادت البشرية ومن أفلام هوليوود عرف العالم أمريكا في البداية بحريات ويلسون الأربع الديمقراطية وأفلام هوليوود وجامعات هارفارد و برينستون ومؤسسات فولبرايت وفورد التي تطبع الكتب الرخيصة وتقدم المنح وعلى عكس صورة المستعمر القبيح الأوروبي في أفريقيا وآسيا ظلت نخب وشعوب العالم الثالث حتى أوائل الخمسينات تعتقد أن أمريكا بلد تقدمي يدعم التحرر والاستقلال وتبارى بعض نخبها في تسويق الحلم الأمريكي منذ الأربعينيات مثل كتاب مصطفى أمين الشهير «أمريكا الضاحكة». وهناك اتفاق شبه عام على أن نمط الحياة الأمريكي والصورة الذهنية عن أمريكا أرض الأحلام وما تقدمه من فنون في هوليوود وبروداوي وغيرها هي شاركت في سقوط الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي بنفس القدر الذي ساهمت به القوة العسكرية الأمريكية. إذا وضعنا الانهيار الأخلاقي والمستوى المخجل من المعايير المزدوجة في دعم حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية للفلسطينيين واللبنانيين والاستخدام المفرط للقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية كأدوات قوة خشنة للإمبراطورية الأمريكية فإن واشنطن تدمر القوة الناعمة وجاذبية الحياة والنظام الأمريكيين للشعوب الأخرى وهي واحدة من أهم القواعد الأساسية التي قامت عليها إمبراطورتيها.
إضافة إلى دعم مسار الأفول للإمبراطورية وبالتالي تأكيد أن العالم آجلا أو عاجلا متجه نحو نظام متعدد الأقطاب مهما بلغت وحشية القوة العسكرية الأمريكية الساعية لمنع حدوثه.. فإن تطورا دوليا خطيرا يحمله في ثناياه فوز ترامب وتياره. خاصة عندما تلقفه الغرب ودول غنية في المنطقة. يمكن معرفة حجم خطر انتشار اليمين المتطرف ذي الجذر الديني إذا كان المجتمع الذي يصدره هو المجتمع الذي تقود دولته العالم. المسألة ليست تقديرات وتخمينات يري الجميع بأم أعينهم كيف أدي وصول ترامب في ولايته الأولى إلى صعود اليمين المتطرف في أوروبا وتمكنه في الوقت الراهن من السيطرة على حكومات العديد من الدول الأوروبية بعضها دول كبيرة مثل إيطاليا.
لهذا الصعود المحتمل لتيارات اليمين المسيحي المرتبط بالصهيونية العالمية مخاطر على السلم الدولي منها عودة سيناريوهات صراع الحضارات وتذكية نيران الحروب والصراعات الثقافية وربما العسكرية بين الحضارة الغربية وحضارات أخرى مثل الحضارة الإسلامية والصينية والروسية.. إلخ كل أطرافها تقريبا يمتلكون الأسلحة النووية!!
حسين عبد الغني كاتب وإعلامي مصري