من أزمة نقص السكر الى اختفائه من الأسواق بمصر.. من المسؤول الحكومة أم التجار؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
تفاقمت أزمة نقص السكر في الأسواق المصرية، على الرغم من تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاجه، وأخذت شكلا جديدا من نقص المعروض وتحديد كمية الشراء إلى اختفاء السلعة من المحلات والسلاسل التجارية بالكامل وعرضه بضعف ثمنه.
وأصبحت أزمة اختفاء السكر من الأسواق حديث الشارع المصري، الذي يبحث عن إجابات واضحة للأزمة، وقفز سعر كيلو السكر من مستوى 17 جنيها للكيلو مطلع العام الجاري إلى 50 جنيها (1 دولار أمريكي)، ورغم بدء الأزمة منذ أكثر من 6 شهور لم تتمكن الحكومة من وضع حد لها.
بوابة الأسعار المحلية والعالمية
اللافت في الأمر أن مصر تحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج السكر بنسبة تتراوح بين 85 و90 بالمئة حيث تنتج ما يقرب من 2.8 مليون طن سنويا وتستهلك 3.2 مليون طن، يبلغ العجز 400 ألف طن، يتم استيراده من الخارج لتغطية الاحتياجات المحلية.
تنتج مصر حوالي 1.6 إلى 1.7 مليون طن من البنجر و900 ألف طن من قصب السكر حيث تنتشر زراعة المحصولين في دلتا وصعيد مصر لتأمين إنتاج السكر .
وبدوره نفى وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، وجود أزمة في إنتاج السكر مرجعاً الأزمة إلى بعض الممارسات في التوزيع و التداول، على حد قوله.
وهدد الوزير باللجوء إلى فرض أسعار جبرية، وأمهل الأسواق مدة 10 أيام من أجل عودة استقرار أسعار السكر، مشيرا إلى أن الاحتياطي الاستراتيجي من السكر يكفي لمدة 3 أشهر.
ممارسات الدولة أم التجار
تحتكر الدولة صناعة السكر واستيراده أيضا، وتوجد العديد من المصانع على مستوى الجمهورية تتركز معظمها في صعيد مصر حيث إنتاج القصب والبنجر، وهي التي تقوم بتوزيعه على التجار.
آخر هذه المصانع، كان افتتاح أكبر مصنع لإنتاج السكر في منطقة الشرق الأوسط بمحافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة)في أيار/ مايو الماضي لإنتاج 220 ألف طن سكر أبيض من البنجر.
رغم الأزمة، صدرت مصر سكر وجلوكوز ولاكتوز بقيمة 320 مليون دولار خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير- آب/ أغسطس 2023 الماضي، وفقا للمجلس التصديري للصناعات الغذائية.
وهو ما اعتبره عضو مجلس غرفة الصناعات الغذائية، باتحاد الصناعات، محمد أبو رزيقة، "السبب في نقص المعروض في السوق المحلي ومن ثم ارتفاع أسعار السكر لهذه المستويات، رغم أن السكر من السلع الاستراتيجية الممنوع تصديرها"، مؤكدا أن "الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك لا تبرر الانفلات في الأسعار الذي تشهده الأسواق".
وبشأن جدوى فرض تسعيرة جبرية على السكر والتي أعلن عنها وزير التموين، استبعد أبو رزيقة في حديثه لـ"عربي21" من أن تكون حلا مثاليا، قائلا: "على الدولة أن تمنع تصدير السكر أولا، وتشدد الرقابة على الأسواق"، مشيرا إلى أن للسكر 3 أسعار (المدعم، المجمعات الاستهلاكية الحكومية، الأسواق الحرة) وأي منتج تتعدد أسعاره يتسبب في أزمة".
ويعد السكر، بحسب أبو رزيقة، أحد أهم السلع الغذائية الاستراتيجية في مصر "وتدخل في صناعات غذائية كثيرة؛ مثل المعجنات والمخبوزات والحلوى والعصائر وجميع أنواع البسكويت والكيك والمشروبات الغازية وحتى الأدوية والحلاوة الطحينية وغيرها من المنتجات.
وهو أحد مكونات البطاقة التموينية يستفيد منها (60% من المواطنين) حيث يتم صرف كيلو احد لكل فرد شهريا بسعر 12.6 جنيها ولكنه لا يكفي، كما يتم توفيره بسعر 27 جنيها بمنافذ المجمعات الاستهلاكية، ولكنه يباع بـ 50 جنيها في الأسواق.
مع تفاقم الأزمة استقبلت مصر 170 ألف طن سكر خام مستورد تعاقدت عليها مؤخرا، وتوعدت بأنه ستكون هناك رقابة صارمة على الأسواق لضبط الأسعار.
وأعلن جهاز حماية المستهلك أنه يضرب بيد من حديد ضد مُحتكري السلع مضيفا أنه ضبط عشرات الأطنان من السكر تم حجبهم عن التداول وأحال المحتكرين للنيابة العامة، خلال ال 24 ساعة الماضية
رئيس شعبة البقالة التموينية باتحاد الغرف التجارية، هشام الدجوي، اتهم شركات السكر في التسبب في الأزمة، وقال في تصريحات صحفية، إن "شركات التعبئة هي من تقف وراء ارتفاع سعر السكر داخل السوق المحلية، يرجع ذلك لتلاعب بعض الشركات التي تسيطر على أطنان من السكر".
ثلاثة أسباب لأزمة نقص السكر
في تقديره أرجع عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، الدكتور أشرف حسنين، إلى عدة عوامل "منها نقص العملة الصعبة والذي أثر على الجزء المستورد من السلعة، تراجع مساحة الرقعة الزراعية لمحصول قصب السكر، إضافة إلى عنصر ندرة المياه، كل ذلك أدى إلى تراجع الإنتاج المحلي من جهة تراجع الاستيراد للجزء المستورد من جهة أخرى".
واستبعد في حديثه لـ"عربي21": أن "يكون للاحتكار دورا في أزمة نقص السكر؛ لأنه سلعة يصعب تخزينها لعدة أسباب أنه يتأثر بالسلب نتيجة التخزين بسبب عوامل التهوية والرطوبة، وارتفاع تكلفة تخزينه على التاجر بسبب ارتفاع أسعار الإيجار والطاقة خاصة أن عدد التجار في سلعة السكر أكبر من عدد التجار في أي سلعة أخرى وبالتالي يصعب أن يتفقوا جميعا لأن العلاقة التي تحكمهم هي علاقة تنافسية وليست توافقية".
واعتبر أن الإجراء الذي هدد وزير التموين باللجوء إليه وهو فرض تسعيرة جبرية "غير مجد، وهو حل مؤقت أو مسكن وليس علاج للأزمة، وحل الأزمة على المدى القصير هو توفير الدولار لاستيراد المزيد من السكر، وعلى المدى الطويل حتى لا تتكرر الأزمة ينبغي زيادة المساحات المزروعة من البنجر وقصب السكر من أجل زيادة الإنتاج".
شكاوى المواطنين وجدوى المبادرة الحكومية
ويشتكي مواطنون من نقص السكر في الأسواق، ولا تتيح المتاجر والسلاسل التجارية الشهيرة إلا كيلو واحد من السكر بسعر 27 جنيها، فيما يتم بيعه في المحلات الأخرى بسعر 50 جنيها.
أظهر تقرير صادر عن البنك الدولي، تصدر مصر قائمة أكثر عشرة دول تعاني من التضخم في أسعار المواد الغذائية، بنسبة بلغت 36%، في الفترة بين نهاية تموز/ يوليو وتشرين أول/ أكتوبر الماضي.
وأخفقت المبادرة الحكومية لتخفيض أسعار السلع الغذائية الأساسية في احتواء الأزمة وتضمنت المبادرة تخفيض أسعار 7 سلع أساسية بنسب تتراوح بين 15% و25%، من بينها السكر لمدة 6 أشهر، وإعفاء نحو 12 سلعة غذائية من الضريبة الجمركية لمدة 6 أشهر.
وبلغ معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي 38.5%، مقابل 40.3% في أيلول/ سبتمبر السابق، وفقا للبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السكر المصرية السلعة التجارية الحكومة مصر حكومة سلع سكر تجار سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أزمة نقص السکر إنتاج السکر السکر فی من السکر ألف طن
إقرأ أيضاً:
مع استمرار الاحتجاجات في تركيا.. انهيار الأسواق المالية بشكل «غير مسبوق»
مع استمرار الاحتجاجات في تركيا بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، حدثت موجات من التوتر السياسي والاقتصادي، ما أدى إلى انهيار الأسواق المالية التركية بشكل غير مسبوق منذ أكثر من عقد.
وبحسب المعلومات، “فقدت البورصة التركية 67 مليار دولار خلال ثلاثة أيام فقط، متأثرة بانخفاض مؤشرها العام بأكثر من 15 بالمئة، وهي أكبر خسارة تتعرض لها منذ أزمة انهيار بنك “ليمان براذرز” في 2008″.
ووفق المعلومات، “سجلت الليرة التركية أسوأ أداء أسبوعي لها في عامين، وهبطت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، ما دفع البنك المركزي التركي إلى التدخل بضخ 26 مليار دولار لمحاولة وقف النزيف المستمر”.
وقال أستاذ العلاقات الدولية، سمير صالحة، لقناة “سكاي نيوز”: “إن ما يحدث في تركيا اليوم ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هو انعكاس مباشر لحالة الاستقطاب السياسي الحاد بين الحكومة والمعارضة”.
وأضاف: “لا يمكن الفصل بين ما يجري سياسيًا في الداخل التركي وبين التداعيات الاقتصادية لهذه الأزمة. الأوضاع الحالية تُظهر بوضوح أن الاستمرار في التصعيد سيؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والمالي”.
وأكد صالحة، “أن التدخلات الحكومية لوقف تدهور الليرة والأسهم، رغم ضخامتها، ليست حلًا طويل الأمد”، موضحًا أن: “الحكومة والبنك المركزي يحاولان احتواء الأزمة بضخ سيولة مالية وإجراءات بنكية، لكن هذه الخطوات تظل مسكنات مؤقتة، ما لم يكن هناك استقرار سياسي وحوار جاد بين الحكم والمعارضة، فإن الأسواق ستبقى عرضة للمزيد من التقلبات الخطيرة”.
وأوضح سمير صالحة، أن “إقناع المستثمر الأجنبي بالبقاء في السوق التركي ليس أمرًا سهلًا في ظل هذه الظروف، المستثمر يبحث عن بيئة مستقرة، وإذا استمر التوتر السياسي، فمن الطبيعي أن نرى المزيد من الانسحابات من الأسواق، وهذا سيؤثر بشدة على الاقتصاد العام”.
وقال: “الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل تركيا، اقتصاديًا وسياسيًا، في ظل استمرار المخاوف من أن يتحول هذا الزلزال السياسي إلى أزمة طويلة الأمد قد تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد”.