كتابات من تحت القصف.. معطف أمي والهدنة
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
1- معطف أمي
عندما تم إخلاء حارتنا في بداية الحرب، نسيت أمي أن تأخذ معها معطفها المفضل الذي تدعي بأنه من ماركة عالمية مهمة وهو في الأصل مجرد معطف جميل وعادي من البازار. بعد مرور أيام بدأ القلق والأفكار غير المنطقية تطفو في رأسها وفي رأس أخي الذي يرافقها وأبي في الحرب والنزوح. كلهم قلقون على البيت وأمي قلقة على معطفها الثمين.
بعد مضي أسبوع، أصر أخي على الذهاب إلى البيت؛ ليطمئن بأنه لم يصب بالصواريخ وكي ينقذ معطف أمي أيضا. وبالفعل ذهب أخي كالمجنون، ولكنه لم يجد الحارة. اختفت الحارة وسكنها الركام والصمت. عاد إلى أمي بصورة للبيت على الهاتف وهو محطم، وكان أول ما صاحت به أمي «والبالطو الغالي (المعطف)؟». من يومها وهنَ صوت أمي على الهاتف وكل مرة تقول «شفتي يما الصورة.. دارنا بطلت واقفة وكل الحارة وقعت حتى البالطو اللي بحبو».
2- استراحة مؤقتة من الحرب
أعلنوا وقف النار،
أما الناس فيقولون «انتهت الحرب»
نعدّ الحروب واحدة وراء الأخرى
هي حروب طالما هنالك قتلى
بيولوجيا وفيزيائيا
يعطونا استراحة
لنلملم أشلاء أحبتنا
ونضمد جراح أجسادنا وعقولنا
نفكر باليوم فقط
استيقظنا من النوم
هل حقا مرّت ليلة بدون صواريخ؟
كأنَّه حلم أو كابوس
أن تستيقظ ويختلط الواقع بالخيال
هل أنت في غرفتك وعلى سريريك؟
هل صوت الطناجر التي تعد أمك فيها المقلوبة
هي صوت طناجر أم قنابل؟
غدا سوف نبدأ من جديد
رحلة علاج الذاكرة والصدمات
هنالك عشرات الكدمات الزرقاء في رؤوسنا
الدم محتبس عند أطراف الأكتاف
توجعنا الأكتاف كثيرا
حملناها رعبنا
وأغرقناها بدموع أطفالنا
وفوق ذلك أتعبناها بحقائب الهروب
في كل مرة هددوا بالإخلاء والقصف.
أنتم تأخذون جولة تفقّد الأماكن
كأنكم نزلتم من كوكب آخر
أليس هذا الركام بيت صديقنا؟
لا هذا ركام قلب صديقنا..
أما أنا
فأفتح جوجل مابس
أتجول في الخطوط المرسومة
إنها نفس الخطوط في الحرب والسلم
كأنها خريطة تجريدية
لعالم آخر
أتتبع الخطوط حتى أصل بيتي الذي ربما نجا..
كوثر أبو هاني شاعرة فلسطينية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
إطلاق الخط الأول والخط السعودي وتطوير تطبيقاتهما الرقمية
الرياض
أعلنت وزارة الثقافة اليوم، عن إطلاق الخط الأول، والخط السعودي اللذين يُعبّران عن الهوية الثقافية للمملكة، حيث استندت في تطويرهما، وترقيمهما إلى المصادر الأصيلة في الثقافة العربية والمتمثّلة في النقوش، والمصاحف، وصممتهما بفرادةٍ تعكس جماليات الخطوط العربية، التي تُعد المملكة حاضنةً تاريخيةً لها.
وأشار صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة إلى أن إطلاق الخط الأول، والخط السعودي يُعدّ تكريمًا للإرث الثقافي والفنيّ الغني الذي تزخر به المملكة، وقال سموه: “يُشكّل كل من هذين الخطين جسرًا يصل بين الماضي والحاضر من خلال دمج العناصر التقليدية مع مبادئ التصميم المعاصرة، ويجمع هذا المزيج المتناغم بين تكريم إرث المملكة، وإلهام روح الابتكار”.
وتبرز في التوجهات التصميمية للخط الأول روح الخط في النقوش القديمة بالجزيرة العربية في القرن الأول الهجري، وروعي فيها وضوح الخط، والعلامات الجمالية، كما اعتمد في بنائه على النمط اليابس، ومحاكاة الرسم الأصلي في النقوش، بينما استُلهم تصميم الخط السعودي من هوية وثقافة المملكة، مع مراعاة القواعد الكتابية والأصول الفنية المستخدمة في الخط الأول وتطبيقها بطريقةٍ معاصرةٍ تُترجم ما وصلت إليه المملكة من نهضةٍ ثقافيةٍ في ظلِ قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-.
وشارك في تنفيذ (الخط الأول) و(الخط السعودي) مجموعة من الخُبراء المحليين والدوليين ضمن فريق الباحثين المسهمين بالمشروع، بدعمٍ من الهيئة السعودية للملكية الفكرية، ودارة الملك عبدالعزيز، ومبادرة مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي، ونُفذت وفق منهجية علمية محكمة مكونة من خمس مراحل تضمّنت أدوارًا بحثية متعددة شملت البحث والتحليل من خلال الزيارات الميدانية، واستخلاص وتحليل النصوص، وتطوير النماذج الأولية، وإعادة رسم الخط، وتكوين القواعد الكتابية، وتطوير القواعد الجمالية، والنسب للحروف، إضافةً إلى تطوير التطبيقات وأساليب الخط، ثم المراجعة والتقييم النهائي، ليخرج المشروع بمجموعةٍ من المخرجات من أبرزها تطوير الخط العربي بهويته الأولى، وترقيمه عبر تطبيقات الخط المؤصل، ورسم هذا الخط، ووضع قواعد فنية وجمالية له، مع وضع أبجدية فنية تعليمية لأصول الخط، وقواعده البسيطة، ورقمنته، وتوفيره بناءً على أفضل الممارسات.
ونشأ الخط العربي في الجزيرة العربية، مهد الحضارات الإنسانية العريقة، وموطن الخطوط والنقوش التاريخية، وقد مرّ الخط بمراحل متعددة متأثرًا بالأوضاع الثقافية والسياسية في المنطقة العربية، وأخذ بالانتشار مع انتقال العرب أثناء التوسّع الإسلامي، مُتِّخذًا أساليبَ وطرقًا متنوعة في الكتابة، وهو ما جعل وزارة الثقافة تعمل على إطلاق نوعين جديدين من الخطوط باسم “الخط الأول” و”الخط السعودي” ليعكسا العمق التاريخي للمملكة العربية السعودية التي تُعدّ مهد الحضارات الإنسانية العريقة، وموطنًا للخطوط والنقوش المختلفة التي تنوعت ما بين المسند والنبطي والثمودي، وغيرها.
ويأتي إطلاق وزارة الثقافة للخط الأول والخط السعودي من منطلق إيمانها بأهمية الخط العربي، ودوره في تشكيل الهوية الثقافية الوطنية، بوصفه الوعاء الفني الإبداعي الذي احتوى الثقافة العربية عبر تاريخها الطويل، حيث يسعى المشروع إلى تعزيز حضور الخطوط العربية بهويتها الأولى في التطبيقات المعاصرة، تحقيقًا لمستهدفات الإستراتيجية الثقافية الوطنية، ومستهدفات رؤية السعودية 2030 في جوانبها الثقافية، خصوصًا ما يتعلق بالعناية باللغة العربية، وتنمية الإسهام السعودي في الثقافة والفنون.