هل تنفجر الجبهة الجنوبية بعد هدنة غزة؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
ما الذي ينتظره أهل غزة بعد هذه الهدنة الإنسانية الممدّدة، وكيف يمكن أن يكون عليه غدهم، وهم الذين يعيشون أصعب أيام حياتهم بعدما انجلى غبار الحرب، التي تركت وراءها الكثير من الخسائر، بشرًا وحجرًا، والكثير من الدموع، ولكن في الوقت نفسه الكثير من التصميم على الصمود والمقاومة؟ وما ينطبق على غزة ينطبق على جنوب لبنان انطلاقًا من وحدوية الساحات أو تكاملها، خصوصًا وأن قادة "حماس" يعترفون بأن ما يقوم به "حزب الله" ضد مواقع العدو على طول الشريط الأزرق يخفّف الضغط الذي تمارسه إسرائيل عن غزة، ويزيد بالتالي من قلق الإسرائيليين.
الجواب عن هذا السؤال البديهي والطبيعي جاء سريعًا من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، الذي أبلغ الأميركيين أن قصف القطاع سيعود أقوى من ذي قبل ما أن تنتهي الهدنة الإنسانية، وبعد الافراج عن عدد من الرهائن المحتجزين لدى كتائب "القسام"، وبعد إطلاق سراح عدد من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وبهذا يكون نتنياهو قد حسم الجدل حول "السيناريوهات"، التي كان يتم التداول بها لمرحلة ما بعد الهدنة. ومن بين هذه "السيناريوهات" واحد عن تكريس وقف إطلاق النار، وهو أمر طبيعي بعد كل جولة من جولات القتال المتعددة. وهذا ما قد يقود طبيعيًا إلى الشروع في البحث عن الحلول السياسية، وذلك استنادًا إلى عدد من المؤشرات والمعطيات، ومن بينها: أن إسرائيل في حروبها السابقة، سواء في فلسطين المحتلة أو في لبنان، كانت تعتمد مبدأ الحروب السريعة. أمّا في حربها اليوم فإنها تأخذ في الاعتبار ما تواجهه من ضغوط قد تجبرها على وقفها. ومن بين هذه الضغوط ما هو عسكري وما هو اقتصادي، فضلًا عمّا تواجهه من حملات شعبية في مختلف الدول العربية والغربية، ومن بينها الشارع الأميركي.
فبعد مضي شهرين تقريباً على هذه الحرب المدّمرة أيقنت إسرائيل أنها غير قادرة على القضاء على حركة "حماس" كحركة مقاومة ومنظمّة، خصوصًا أنها أثبتت بعد عملية "طوفان الأقصى" وصمودها المتواصل في القطاع أنها رقم صعب من غير المنطقي ألا تفكرّ إسرائيل في فتح حوار مع قادتها توصلًا إلى حل سياسي، ولو مؤقت، تمامًا كما فاوضتها في مسألة إطلاق الأسرى.
في المقابل فإن هذه الهدنة تأتي في وقت بدأت فيه الفصائل الفلسطينية تشعر بأن مساعيها لتوحيد الساحات لم تنجح، وأن امتداد الحرب وتوسعها بعد مضي شهرين من اندلاعها أصبح احتمالاً أقل من السابق، ما يعني أن استمرار الحرب سيؤدي إلى مزيد من الاستنزاف لمخزونات تلك الفصائل من السلاح والعتاد، وكذلك إلى المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين من سكان قطاع غزة. وهذا ما كشفته كاميرات التلفزة من داخل القطاع.
فاستمرار الحرب يعني تعاظم مخاطرها على إسرائيل، ومن أجل وضع حد لتلك المخاطر يتعزز خيار تكريس وقف إطلاق النار الذي يتضمن الاكتفاء بمنطقة عازلة داخل غزة بشكل مؤقت، وشن حملات أكثر تنظيماً وطويلة المدى لاحقاً، مع استمرار الصراعات المنخفضة الحدة كعمليات الالتحام والضرب من وراء المنطقة العازلة، والإبقاء على العمليات الجوية لكن في حدود منخفضة.
أمّا إذا لم تصمد الهدنة الممدّدة فإن استئناف الحرب من حيث توقفت تبقى خيارًا واردًا، خصوصًا على جبهة لبنان الجنوبي، حيث يُنقل عن "حزب الله" أنه سينقل المناوشات، التي كانت تدور على محاور التماس، إلى مرحلة جديدة، وهو يحضرّ للعدو مفاجآت من شأنها، كما يعتقد قادة "الحزب"، أن تغيّر الكثير من الوقائع، التي ستفرض على العدو التعاطي معها بطريقة مختلفة. وهذا يعني في موازين القوى أن هذه المناوشات ستكون أشمل، وقد يكون لها طابع آخر لا يستبعد كثير من المحللين أن تكون حربًا شاملة. ولا يزال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يقوم بما يلزم من اتصالات ومساعٍ في الخارج والداخل لتجنيب لبنان تجرّع هذه الكأس المرّة.
السيناريو الثاني: استئناف الحرب كما كانت
السيناريو الثالث: تغير طبيعة الحرب
وأخيراً؛ فإن سؤال مسار الحرب ما بعد الهدنة، لن يُصبح واقعاً إلا إذا صمدت الهدنة طوال أيامها الأربعة، وهي مسألة بالغة الصعوبة في ظل ميدان الحرب الذي يعتبر بيئة معقدة، وفي ضوء الانتشار العسكري الإسرائيلي داخل قطاع غزة، واستمرار عمليات الرصد الاستخباراتية، ومخاطر التصرفات الفردية والتحصينات المعقدة، وكذلك تداخل لبعض الجبهات بين قطاع غزة ولبنان، مع ذلك فإن موقف الأطراف وضمانات الوسطاء تبقي احتمال نجاح الهدنة قائماً، ومنه تأتي سيناريوهات ما بعدها.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إذاعة فرنسا: اتهامات بالفساد تطال مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لحزب الله كشفت إذاعة فرنسا الدولية عن فضائح مالية جديدة تطال حزب الله، في ظل الانهيار الاقتصادي الحاد الذي يشهده لبنان، لتضع مؤسسة "القرض
كشفت إذاعة فرنسا الدولية عن فضائح مالية جديدة تطال حزب الله، في ظل الانهيار الاقتصادي الحاد الذي يشهده لبنان، لتضع مؤسسة "القرض الحسن"، الذراع المالية الأبرز للحزب، تحت مجهر الاتهام مجددًا، فالمؤسسة التي لطالما وُصفت بـ "مصرف المقاومة"، باتت اليوم رمزًا للفشل وسوء الإدارة.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن المؤسسة علّقت عملياتها في مدينة صيدا جنوب البلاد، وأغلقت أبوابها أمام المواطنين، ما أثار حالة من القلق لدى مئات العائلات المستفيدة، ودفع الحكومة إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة تداعيات الخطوة.
وبحسب الإذاعة، يعيش مئات النازحين من مناطق الضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك والجنوب اللبناني، حالة ترقب لمستحقات مالية وشيكات تعويضات كانت وعدت بصرفها "القرض الحسن"، على خلفية الحرب الأخيرة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب الانهيارات المتكررة في الأبنية السكنية المهملة.
لكن حسب تسريبات إعلامية، أوقفت المؤسسة صرف هذه المستحقات منذ بداية العام الجاري، متذرعة بأزمة مالية "مفاجئة"، رغم أن حجم هذه التعويضات كان يفترض أن يتجاوز 95 مليون دولار مخصصة لإعادة الإعمار.
وأكدت مصادر قريبة من الحزب أن الدعم المالي الإيراني، الذي كان يتراوح سنويًا عند حدود 700 مليون دولار، بدأ يتقلص تدريجيًا خلال العامين الماضيين، إلى أن توقف بالكامل مطلع عام 2025، تحت وطأة العقوبات الدولية والتحديات الاقتصادية في الداخل الإيراني.
ونتيجة لذلك، فرض حزب الله إجراءات تقشفية صارمة شملت تقليص الرواتب، إلغاء برامج اجتماعية، وتجميد التعويضات، ما أثار استياءً كبيرًا داخل أوساط الحاضنة الشعبية للحزب. ووصف مراقبون هذا التوجه بـ "الخيانة الصامتة" تجاه القاعدة الشيعية التي شكلت عموده الفقري لعقود.
وفي تطور لافت، كشفت وثائق مسربة على يد موظفين سابقين في "القرض الحسن" عن تورط قيادات في المؤسسة في تحويل ملايين الدولارات إلى حسابات مصرفية في سوريا والعراق وأمريكا اللاتينية، ضمن شبكات يُزعم أنها تُدار من قبل مسؤولين بارزين في حزب الله، بغرض غسيل الأموال وتمويل أنشطة خارجية.
ووفق المعلومات، فإن هذه الأموال كانت مخصصة أصلًا لتعويضات المتضررين والبنية التحتية في مناطق نفوذ الحزب، إلا أنها استُخدمت لأغراض خاصة تخدم دائرة مغلقة من النخبة في "الحرس القديم".
وفي شهادات صادمة نقلتها إذاعة فرنسا، عبّر عدد من المتضررين عن شعورهم بالخذلان من قبل الحزب، وقال أحد النازحين من حي السلم: "قاتلنا معهم، ووقفنا بجانبهم لسنوات. الآن بعد أن دُمّر منزلنا، لا أحد يسأل عنا".
فيما أضافت سيدة من برج البراجنة: "نسمع عن صفقات مشبوهة، وسيارات فاخرة، وفيلات لقادة الحزب، بينما نعجز عن تأمين لقمة العيش لأطفالنا".
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل بداية تصدّع في العلاقة بين حزب الله وبيئته الحاضنة، في ظل غياب الشفافية، وانهيار مؤسسات كانت تشكل صمام أمان اجتماعي، ما يُنذر بمرحلة حرجة قد تهدد شرعية الحزب شعبيًا، حتى قبل أن تطال قدراته العسكرية.