حرب غزة مهدت لها مقاومة الضفة الغربية
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
آخر تحديث: 29 نونبر 2023 - 9:51 صبقلم:خيرالله خيرالله كشفت حرب غزّة إسرائيل، بل وضعتها في حجمها الطبيعي. ليس في استطاعة إسرائيل لعب دور على الصعيد الإقليمي ما دامت عاجزة عن فهم ما يدور في الجوار المباشر، في غزّة والضفّة الغربية المحتلة.لم تكن بداية حرب غزّة في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر الماضي عندما شنت “حماس” هجومها على مستوطنات تقع في ما يسمّى غلاف غزّة.
الحرب بدأت مع انتهاج سياسة تقوم على التواطؤ الضمني مع “حماس” واستخدام رفضها المشروع الوطني الفلسطيني. كانت صواريخ “حماس” من غزّة وشعاراتها من نوع “فلسطين وقف إسلامي” مبررا لبقاء الاحتلال واستمرار الاستيطان في الضفة الغربيّة. أوصلت هذه السياسة العمياء إلى حرب غزّة التي سبقها رفض اليمين الإسرائيلي أي وقف للاستيطان من جهة ورفض لاستيعاب معنى الانفتاح العربي على الدولة العبرية من جهة أخرى. قبل حرب غزّة، كانت مجموعات مسلّحة في الضفة الغربيّة تقاوم الاحتلال. كانت تقاوم في ضوء غياب أي أفق سياسي أمام فلسطينيي الضفّة الغربيّة. لم تترك إسرائيل أمام هؤلاء من خيار غير الاستسلام للاحتلال المستمر منذ العام 1967. جعلتهم من الناس الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه. يعني ذلك أن إسرائيل لا يمكن إلّا أن تخرج خاسرة من المواجهة. يعود الأمر إلى أن أسوأ ما يمكن أن يحدث لشخص أو لمجموعة، وحتّى لدولة قويّة، يتمثّل في التعاطي مع طرف ليس لديه ما يخسره. نزعت إسرائيل كلّ أمل بمستقبل أفضل أمام الشباب الفلسطينيين في الضفة الغربيّة. لم تترك أمامهم سوى خيار واحد، هو خيار حمل السلاح. منذ الأحداث الدموية التي شهدتها الضفّة الغربيّة الصيف الماضي، لم يعد مستبعدا توسّع المواجهات إلى غزّة. يعود الأمر إلى أن المعادلة في غاية البساطة، وهي معادلة يعجز العقل اليميني الإسرائيلي الذي يتحكّم بحكومة بنيامين نتنياهو عن استيعابها. يختزل المعادلة وجود ما بين سبعة وثمانية ملايين فلسطيني بين البحر المتوسط ونهر الأردن.ليس طبيعيا، في مواجهة هذا العدد الكبير من الفلسطينيين على أرض فلسطين، استبعاد الحل السياسي والاستعاضة عنه بعقل بنيامين نتنياهو (بيبي) الذي لا يفكّر سوى بكيفية إنقاذ مستقبله السياسي وتفادي دخول السجن كما حصل مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت. لم يكن طبيعيا ما يحدث في الضفّة الغربيّة مثلما أن ما يحدث من تدمير لغزّة في الوقت الحاضر يخرج عن نطاق الإنسانيّة. حسنا، لنفترض أن الجيش الإسرائيلي استطاع السيطرة كلّيا على غزّة المدمّرة وعلى مخيّم جنين في الضفة الغربيّة غدا أو بعد غد؟ ما الذي سيفعله في اليوم التالي؟ خلاصة الأمر أنّ إسرائيل تبدو أكثر من أي وقت دولة مريضة فقدت كلّ قدرة على التعاطي السياسي مع مشاكل المنطقة. باختصار، باتت إسرائيل أسيرة عقل مريض يمثله يمين متعصب لا يشبه سوى العقل “الداعشي” الذي يتحكّم بتنظيمات مثل “حماس” أو “الجهاد الإسلامي” على علاقة قويّة وعميقة مع “الحرس الثوري” الإيراني. كلّ ما تفعله إسرائيل في الوقت الحاضر، في غزة وما فعلته في مرحلة ما قبل حرب غزّة، أنّها وضعت نفسها في خدمة المشروع التوسّعي الإيراني الذي يستفيد إلى أبعد الحدود من استمرار التوتر والحروب حيث الحاجة أكثر من أي وقت إلى السياسة. لا مفرّ من العودة إلى السياسة على الرغم من غياب السلطة الوطنيّة الفلسطينية التي ليس لديها ما تقوم به غير التهديد والوعيد، علما أنّ رئيسها يعرف قبل غيره أنّه لا يستطيع الخروج من بيته من دون إذن إسرائيلي. وضعت إسرائيل نفسها في خدمة المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة. عندما سدّت كلّ أبواب الحل السياسي مع الفلسطينيين. سدّت في الوقت ذاته كلّ الأبواب أمام التعاون على الصعيد الإقليمي لمواجهة التوسّع الإيراني الذي قضى على سوريا والعراق ولبنان والذي ليس مستبعدا أن يقضي أيضا على اليمن.تكشف حرب غزّة أن القضيّة الفلسطينيّة ما زالت حيّة ترزق. أكثر من ذلك، تكشف أنّ حل الدولتين لا يزال الخيار الوحيد من أجل ضمان الاستقرار في المنطقة وذلك على الرغم من حال الإفلاس التي تعاني منها السلطة الوطنيّة… وعلى الرغم من انكشاف لعبة “حماس” التي ستكون مع “بيبي” نتنياهو من ضحايا حرب غزّة. يظلّ أخطر ما في الأمر ذلك الغياب الأميركي عن الحدث الفلسطيني، وهو غياب لا مبرّر له. ما زالت الإدارات الأميركيّة، على الرغم من كلام الرئيس جو بايدن عن خيار الدولتين، تتجاهل القضيّة الفلسطينيّة منذ صيف العام 2000 بعد فشل قمة كامب ديفيد بين الرئيس كلينتون وياسر عرفات وإيهود باراك (رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك). ما زال الفلسطينيون يدفعون ثمن فشل تلك القمة التي تلتها عسكرة للانتفاضة التي تسبب بها ذهاب أرييل شارون إلى حرم المسجد الأقصى. ينسف ما يحصل هذه الأيّام كلّ الجهود التي بذلتها أطراف عربيّة من أجل إيجاد وضع طبيعي في المنطقة يزول فيه الاحتلال الإسرائيلي ويحصل نوع من التعاون يخدم الاستقرار. تطرح حرب غزّة أسئلة، بل تساؤلات كثيرة. في مقدم التساؤلات ما الذي تريده إسرائيل؟ وهل في الإمكان إعادة لغة المنطق إلى المجتمع الإسرائيلي الذي يعاني من أمراض يبدو أن لا شفاء له منها؟ يكفي النظر في تركيبة الحكومة الإسرائيلية الحالية للتأكد من أنّها حكومة تؤمن بالاحتلال وترفض الاعتراف بوجود شعب فلسطيني موجود على الخريطة السياسيّة للمنطقة أكثر من أي وقت.ما الذي يفترض حدوثه كي تتأكّد الحكومة الإسرائيليّة من أنّ الشعب الفلسطيني موجود أكثر من أي وقت وأنّ التنكر لوجود هذا الشعب لن يقود سوى إلى المزيد من الكوارث على الصعيد الإقليمي…أنقذ “بيبي” مستقبله السياسي أم لم ينقذه. أزال غزّة من الوجود أم لم يزلها… هل المستقبل السياسي لـ”بيبي” أهمّ من مستقبل المنطقة؟
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: أکثر من أی وقت على الرغم من ة الغربی ة ة التی
إقرأ أيضاً:
كاتس: نعتزم السيطرة الأمنية على غزة كما هو الحال في الضفة الغربية
أكد وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الثلاثاء، أن حكومته تعتزم السيطرة الأمنية على قطاع غزة، والاحتفاظ بحق العمل فيه بعد الحرب، كما هو الحال في الضفة الغربية.
وذكر كاتس في منشور على منصة إكس: "موقفي تجاه غزة واضح، فبعد القضاء على القوة العسكرية والحكومية لحماس في غزة، ستسيطر إسرائيل على الأمن في غزة مع حرية العمل الكاملة، كما هو الحال في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".
وتابع: "لن نسمح بالعودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023"، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي نفذت خلالها حماس هجوما مفاجئا على قواعد عسكرية ومستوطنات بمحيط قطاع غزة.
ويقتحم الاحتلال الإسرائيلي مدنا وبلدات في الضفة الغربية بشكل متواصل لتنفيذ عمليات اعتقال واغتيال، تزايدت وتيرتها بعد حرب الإبادة المستمرة في غزة منذ 438 يوما.
والاثنين، تحدث كاتس عن قرب التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن كاتس قوله في اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن البرلمانية: "نحن الأقرب إلى صفقة مهمة منذ الصفقة السابقة"، في إشارة إلى هدنة بدأت في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 واستمرت 7 أيام.
وتابع كاتس: "المختطفون هم الهدف الأول للحرب بالنسبة إلينا، سنفعل كل شيء من أجل إعادتهم، نحن نؤيد التوصل إلى اتفاق حتى لو كان جزئيا".
وفي الأيام الماضية أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى "تقدم" في محادثات غير مباشرة مع حماس من أجل التوصل إلى اتفاق.
كما ادعى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الاثنين، تأييده إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس. وقال خلال ترؤسه اجتماعا لحزب "اليمين الوطني": "أؤيد الدفع نحو صفقة لإعادة المختطفين (المحتجزين بغزة)، وأعتقد أن هذه هي رغبة غالبية الشعب في إسرائيل"، وفق القناة "12" الخاصة.
وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، وتقدر وجود 100 أسير إسرائيلي بقطاع غزة، فيما أعلنت حماس مقتل عشرات منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
وحتى صباح الثلاثاء، لم تعقب حماس على ادعاءات الإعلام العبري، لكن الحركة أكدت مرارا استعدادها لإبرام اتفاق، بل أعلنت موافقتها في مايو/ أيار الماضي على مقترح قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن.
غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تراجع عن هذا المقترح، بإصراره على استمرار حرب الإبادة الجماعية وعدم سحب الجيش من غزة، بينما تتمسك "حماس" بوقف تام للحرب وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي.
وتتهم المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق، للحفاظ على منصبه وحكومته، إذ يهدد وزراء متطرفون بينهم وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها في حال القبول بإنهاء الحرب.