RT Arabic:
2025-04-30@08:46:49 GMT

ليست أرواحا "بل بضاعة معرضة للتلف"!

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

ليست أرواحا 'بل بضاعة معرضة للتلف'!

مثل هذا الأمر كان يحدث في القرن الثامن عشر،  وكان يمكن لقباطنة السفن التجارية أن يتفادوا الخسارة المادية بالتخلص من "بضائعهم الحية" وإلقاء البشر الذين استعبدوا في البحر.

إقرأ المزيد وحدة صناعة الموت 731.. كم شخصا قتلت؟ ومن وفر لها الحماية؟

هذه القصة التي تعد الآن وصمة عار في التاريخ البريطاني، بدأت في نوفمبر وديسمبر من عام 1781، حين شقت سفينة تجارة العبيد "زونغ" طريقها منطلقة من غرب إفريقيا إلى جامايكا، وكانت تحمل "بضائع حية" هي عبارة عن 442 عبدا إفريقيا، وكان يأمل تجار الرقيق أن يحصلوا "مقابل كل رأس" من هذه "البضاعة" التي تم الحصول على تأمين لها، على 36 جنيها إسترلينيا.

كان يقود تلك السفينة التجارية البريطانية القبطان لوك كولينجوود ويساعده طاقم مكون من 17 بحارا بريطانيا. هذا العدد القليل في حد ذاته يشير إلى أنه لم يكن من الممكن الحفاظ على النظافة والنظام على متن السفينة خلال تلك الرحلة الطويلة، علاوة على ذلك كانت السفينة محشوة بأربعمئة وأربعين من الأفارقة المستعبدين، وهو رقم يزيد 2.8 مرة عما كان مقررا.

خلال رحلة السفينة "زونغ"، انتشر على ظهرها وباء الكوليرا وأمراض أخرى، ما أثار قلق القبطان ومساعديه، لأنه في حالة وفاة العبيد العادية، فإن شركة التأمين لن تدفع لهم أي تعويضات على الإطلاق، لأن "الموت الطبيعي للبضائع"، وفقًا للقواعد البحرية المعمول بها، لم يكن يسري عليه التامين. وذلك يعني أن العبد إذا مات بسبب المرض، فإن شركة التأمين لن تعوض العملاء المالكين للعبيد.

زاد انتشار الأمراض على ظهر السفينة، وبحلول نهاية نوفمبر، فقد الطاقم عددا من البحارة وحوالي 60 من العبيد الأفارقة، ولذلك قرر القبطان ومساعدوه في 29 نوفمبر مواجهة المشكلة واتخاذ إجراءات لمنع "الرقيق" من أن يموت حتف أنفه، وبالتالي  "حرمان" المالكين من الحصول على  تعويضات من شركة التأمين.

 خرج قادة السفينة التجارية البريطانية بحل "وحشي" يتمثل في ربط بعض العبيد المرضى وإلقائهم في البحر، وتبرير فعلتهم بالقول إنهم يريدون إنقاذ العبيد الأصحاء من وباء البرص، وبالتالي إنقاذ بضاعتهم الحية.

كان هذا الحل "الوحشي" قانونيا في ذلك الوقت، ولا شيء يستطيع أن يمنع التاجر من التخلص، كما يشاء، مما كان يعد "بضاعة" بما في ذلك البشر.

كان المنطق القانوني السائد حينها، أنك إذا رميت بعبيدك في البحر بقصد إنقاذ آخرين، فستحصل على تعويضات من شركة التأمين على كل شخص، في حين إذا مات الرقيق بسبب المرض أو تم إنزاله إلى جزيرة في الطريق مثلا وهو ما يزال حيا، فلن يكون هناك حق في التعويض.

في اليوم الأول من عملية "إعدام" العبيد، جرى تكبيل 54 إفريقيا بالسلاسل الثقيلة ورميهم في البحر وهم يصرخون ويتدافعون فيما القبطان وبحارته منهمكون في عملية "القتل" بلا رحمة، وهو أمر كانوا يعدونه تخلصا من بضائع تالفة، بقوة القانون!

 في اليوم التالي جرى التضحية 42 شخصا من الأفارقة المستعبدين، ورميهم إلى قاع البحر، وفي 1 ديسمبر تم رمي دفعة أخرى من العبيد المكبلين بالسلاسل إلى البحر.

في ذلك اليوم أقدم عشرة عبيد وهم في حالة من الرعب من وحشية البريطانيين على الانتحار والقفز إلى الماء قبل أن يتم فعل ذلك بهم، وهم بهذه الطريقة حرموا التجار البريطانيين من الحصول على التعويض الذي لا يسري على الانتحار!

بعد مرور 112 يوما وهو ما يعد ضعف المدة المعتادة، رست السفينة "زونغ" في جامايكا  في 28 ديسمبر، ومن بين حمولة من الرقيق ضمت 440 إفريقيا نجا 208، فيما بلغت الخسائر نسبة 53 بالمئة.

من يمكن وصفه بالقاضي والجلاد، قبطان السفينة كولينجوود، كان المرض قد أنهكه وتوفى بعد 3 أيام من رسو السفينة.

أصحاب السفينة بعد عودتها إلى ليفربول طالبوا شركة التامين بتعويضات عن 122 إفريقيا تم التضحية بهم وإلقائهم في البحر، وكان مبرر تلك المذبحة انتشار الأمراض، ونقص مياه الشرب.

نقابات شركات التأمين في ليفربول اشتبهت في عملية احتيال وقامت برفع دعوى قضائية في مارس 1783. المحكمة أيدت مطالب تجار الرقيق في البداية، واستأنفت شركة التأمين الحكم.

ثار جدل في المحكمة، إلا أن المدعي العام لإنجلترا وويلز رد بحدة قائلا: " أي نوع من التصريحات بأن الناس تم إلقاؤهم في البحر؟ نحن نتحدث عن الممتلكات والسلع. السود هم البضائع والممتلكات التي يملكها المتاجرون، ومن الحماقة اتهام هؤلاء النبلاء الذين فعلوا الشيء الصحيح بالقتل. تصرف الكابتن الراحل كولينجوود في مصلحة سفينته وحماية طاقمه. إن التشكيك في تجربة القبطان الذي أبحر لفترة طويلة ويحظى باحترام كبير هو الجنون بعينه، خاصة حين يتعلق الأمر بالعبيد. يمكن مقارنة هذه الحالة بما إذا تم إلقاء سجل في البحر".

في نهاية المطاف، رفض اللورد مانسفيلد، الذي ترأس المحكمة، التعويض، بدعوى أن نقص المياه على متن السفينة كان نتيجة للإدارة غير السليمة للسفينة من قبل القبطان. علاوة على ذلك، اتضح أنه كان لا يزال هناك 1900 لتر من المياه العذبة على ظهر السفينة "زونغ" عند وصولها إلى جامايكا.

وتم أيضا في المحكمة إلقاء اللوم على القبطان على حمولة السفينة الزائدة، وكان التركيز على قصة التعويض عن البضائع المفقودة فقط، ولم يتهم القبطان الراحل وبحارته لا من قريب ولا من بعيد بالقتل.. لم تكن أرواحا بريئة في نظرهم بل بضاعة معرضة للتلف!

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أرشيف إفريقيا شرکة التأمین فی البحر

إقرأ أيضاً:

«قيس سعيد» يرد بقوة على الانتقادات الدولية.. تونس ليست ضيعة ولا بستانا

في مواجهة موجة من الانتقادات الدولية، ندد الرئيس التونسي قيس سعيد بالأحكام القضائية الصادرة بحق معارضين ونشطاء في البلاد، واصفًا هذه الانتقادات بأنها “تدخل سافر في الشؤون الداخلية لتونس”.

وجاء ذلك في بيان رسمي أصدرته الرئاسة التونسية، حيث أكد سعيد، على استقلالية القضاء في بلاده ورفضه القاطع للتصريحات التي صدرت عن عدة دول ومنظمات دولية.

وقال الرئيس سعيد في بيان له: “تونس ليست ضيعة ولا بستانا، وإذا كان البعض يعبر عن أسفه لاستبعاد المراقبين الدوليين، فإن تونس يمكنها أيضا أن ترسل مراقبين إلى تلك الدول التي تعبر عن قلقها المزعوم”.

وأضاف أن تونس ترفض أي محاولات للمساس بسيادتها أو فرض إملاءات خارجية.

واكد الرئيس سعيد، الذي يواجه ضغوطًا متزايدة على الصعيدين المحلي والدولي، أن القضاء التونسي مستقل ولا يخضع لأي تأثيرات خارجية.

وأضاف أن تونس لن تقبل أي تدخل في شؤونها الداخلية، مكررًا موقفه الثابت ضد أي محاولات لفرض سياسات أو ضغوطات أجنبية.

وكانت فرنسا وألمانيا بالإضافة إلى الأمم المتحدة، أعربت عن قلقها إزاء مدى احترام المعايير الدولية للمحاكمة العادلة في القضايا الأخيرة التي شملت شخصيات من المعارضة والمحامون وحقوقيون.

وشملت هذه القضايا حوالي 40 شخصًا بينهم سياسيون معارضون بارزون ومحامون ومدافعون عن حقوق الإنسان، حيث صدرت بحقهم أحكام بالسجن تتراوح بين 13 عامًا و66 عامًا.

هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، حيث تشهد تونس توترًا سياسيًا متزايدًا ويواجه النظام السياسي في البلاد انتقادات واسعة حول مسار الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما يثير الكثير من المخاوف بشأن المستقبل السياسي في البلاد، ومع ذلك، فإن الرئيس سعيد يواصل التأكيد على أن قرارات بلاده سيادية ولن تخضع للنقاش أو التأثير الخارجي.

مقالات مشابهة

  • مختص تقني: أكثر فئة معرضة للاحتيال هم كبار السن ..فيديو
  • إيران اليوم ليست كما كانت
  • نتنياهو: مهمتنا ليست الانتصار في الحرب فقط بل إعادة المحتجزين
  • زد: قرار الإبقاء على لاعبينا كان خطأ.. وخزائننا ليست مفتوحة
  • «قيس سعيد» يرد بقوة على الانتقادات الدولية.. تونس ليست ضيعة ولا بستانا
  • شركة نجم لخدمات التأمين تطرح وظائف شاغرة
  • رسالة مؤلمة كتبها راكب تيتانيك قبل أيام من غرق السفينة تباع بمبلغ قياسي
  • البابا تواضروس: أزمة العالم ليست اقتصادية.. بل في نقص المحبة
  • قيادي بحزب المؤتمر: تصريحات ترامب مرفوضة.. وقناة السويس رمز وطني لا يقبل المساومة
  • غارات أمريكية تستهدف السفينة الإسرائيلية المحتجزة لدى الحوثيين