مكي المغربي: الكوزوفوبيا والكوزومينيا!
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
الفرق بين الفوبيا والمينيا أن الفوبيا خوف مرضي أو رهاب يحدث عند رؤية الشيء أو الدخول في ظروف محددة، بينما المينيا -وهي أخطر- إضطراب عقلي أو هوس نفسي ملازم ومقيم ضد الشيء أو الظروف المحددة. حالات الفوبيا والمينيا قد تكون تجاه ذات الأمر، ولكن الفوبيا مؤقتة أما المينيا فهي ملازمة ومنهكة للمصاب ومتلفة للعقل، وتفقد الشخص ملكة التفكير السليم أو التقدير الصحيح لكل الأمور، بما في ذلك مصلحته.
أجمل شرح قرأته أن (حالة المينيا) كأنها ترتدي نظارة فيها صورة الشيء ثابتة وكلما نظر وجد الشيء أمامه وهو غير موجود ألا في نظارته، بينما (حالة الفوبيا) تكون طبيعية طالما لم ترى سبب الفوبيا أو تدخل في الظروف المرتبطة به حقيقة وليس توهما، ولكن في حالة عدم العلاج ربما تدخل في طور أسوأ، وهي الفوبيا بالتفكير في الشيء.
حالات الكوزوفوبيا في السودان كانت جماعية وعارضة وتلاشت حاليا، بل صار العكس هو الصحيح، هنالك مطالب شعبية بوجود الكيزان كلما نزلت للقاعدة وهنالك إحساس بالأمان معهم في (المصاطب الشعبية)، ونشأت حالة مضادة من الفوبيا من ظهور قحت والناشطين، (الشعر الهائج والبناطيل الناصلة) وهي أصلا بدأت منذ فترة اغلاق الشوارع وتعطيل المصالح بالنسبة للمواطن العادي على مدى أربع سنوات، لذلك ما يوجد حاليا على المستوى الشعبي هو القحتوفوبيا وهي حقيقية وتراكمية وليست صناعة سياسية، ولا يمكن تفكيكها بمفاوضات أو دعم خارجي، أو بمحاولات الصفوة والنخب لإعادة إنتاج قحت.
على عقلاء قحت عدم المكابرة والاقرار بالاخطاء بدلا من التعويل على الكوزوفوبيا لانها انتهت.
بالمقابل، على مستوى النخب توجد حالات كوزومينيا مستعصية لن ينجح التفاهم معها، وتعتبر أن من يخلع نظارتها بالقوة يعتدي عليها.
كل ما يفعله اللوبي الخارجي الراغب في السيطرة على أرض وذهب وموانيء السودان وانشاء سلطة عميلة له هو أنه يصنع هذه النظارات ويغمر بها السودان بالمجان، وهي فاخرة وجميلة ومذهبة. دور الاعلاميين والسياسيين والعملاء هو توزيع هذا المنتج، وتسويقه باعتباره هدايا، اشتري واحدة بالأجل وخذ عشرة مجانا.
العقلاء لا يرتدونها، وخلعوها من زمان، وحطموها بأقدامهم، العدد الأكبر من الوطنيين والغيورين على أعراضهم وبلادهم من الاعلاميين توقفوا عن التسويق لهذه النظارة المشئومة، ولكن الرخيصين مستمرين في التسويق لنشر الكوزومينيا في السودان، ويعتبرون وكلاء للشركة المنتجة مقابل حشو أفواههم بالمال.
عدد من السياسيين من قحت وما شابهها يحتفظون بعدد من مصابي الكوزومينيا حولهم بغرض الاستغلال، لأنهم يعملون لهم بالمجان، ويتبرعون لهم من المهاجر، وهنالك بكل أسف -عدد من صناع القرار وحاشيتهم في السلطة- من يرغب في وجود المرض وانتشاره حتى لو أدى إلى بلبلة وفوضى، لأن حساباته الشخصية في البقاء في الموقع وتقليل المنافسة حوله مرتبطة بانتشار الكوزومينيا والتواصل مع “مصنع النظارات”.
مصاب الكوزومينيا ليس بالضرورة أن يكون جاهلا أو فاشلا، أساسا الأمراض النفسية تصيب الأغنياء والناجحين أكثر من الفقراء الذين يشغلهم رغيف الخبز الحاف عن أي هوس نفسي أو وهم كاذب، أما الناجحين مهنيا والمهزوزين اجتماعيا وأسريا هم الأكثر عرضة للإصابة للأمراض النفسية.
مصاب الكوزومينيا ينظر إلى أي شيء فيرى الكيزان ويتهمهم ولا يتهم غيرهم، ينظر إلى المرآة يرى “كوز” يقهقه أمامه، ويتحرك فوقه كلما رفع رأسه، وهو مجرد وهم ثابت في نظارته.
العلاج:
1- أولا، لا تمد يدك لخلع النظارة من المريض لأنه في هذه الحالة سيعتبر هذا اعتداء عليه.
2- تواصل معه، لكن تفادى الاقتراب منه كثيرا، كلما تقترب يراك أنت الكوز، حتى لو جاءه من يلبس “الكدمول” ليغتصبه سيراه كوز، لأن الصورة في النظارة.
3- لا تغالطه في وجود صورة الكوز أمامه لأنه يراها وسيعتقد أنك تظن أنه مجنون، ويشعر بالاهانة، ويقطع التعامل معك.
4- الأفضل له من ناحية علاجية، هون عليه تأثير الكيزان ولا تنكر وجودهم، قل له نعم صحيح، هم أمامك ومنتشرون لكنهم فاشلون، وهو مثل انتشار الذباب، كتاحة مرت على السودان وهي في آخرها.
5- الأفضل للسودان، في العمل العام، عدم اضاعة الجهد في إقناع مصابي الكوزومينيا، يجب أن يعاد تأسيس العمل العام على مجموعة معافاة نفسيا وغير مصابة، لكن يجب التعامل مع المصابين برفق وعدم الاسائة اليهم، والصبر عليهم حتى يكتمل الشفاء، باختصار المطلوب هو ليس العزل ولا الاقصاء إنما التجاوز المؤقت، لأن دمجهم تدريجيا جزء من علاجهم.
6- بالنسبة لصناع القرار والحاشية والسياسيين الذين يستغلون مصابي الكوزومينيا ويتلاعبون بالأمر بغرض البقاء في المواقع أو الواجهة السياسية، الأمر هنا مختلف، لأنهم أخطر منهم حتما، وما يقومون به جريمة إنسانية وسياسية مكتملة الأركان، هؤلاء يجب أن يعزلوا ويمنعوا من السياسة والسلطة، لأنهم يستغلون المرض والمصابين بلا شفقة عليهم، وبلا خوف على مصير الوطن.
التصنيف كالآتي:
1- مصاب كوزومينيا (التجاوز والتعامل العلاجي)
2- مستفيد كوزومينيا (الفضح والعزل)
3- أخرى وهي حالات الكوزوفوبيا التي تلاشت ولكن بعض الأشخاص في طور اثارة الاهتمام
في المحافل العامة، و(بيوت البكا) بسبب إدمان الظهور في الفترة السابقة، التعامل هو (الإهمال).
بقلم مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
سعداء ولكن.. فرحة الهدنة تعكرها غصة النزوح في لبنان
"سعيدة لكن أين سأسكن؟".. حنان ليست جديدة على تجربة فقدان المنزل، فقد سبق أن خسرت بيتها في حرب عام 2006، وفي التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل، وجدت نفسها أيضا بلا مأوى بعد تعرض منزلها للدمار عقب أن غادرته بيوم واحد فقط.
حال حنان كغيرها الكثير من اللبنانيين، الذين تحدث بعضهم لموقع "الحرة"، للتعبير عن سعادتهم بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء.
ورغم سعادة الأم لولدين من مدينة صور، بعودة النازحين إلى منازلهم، فإن "غصة كبيرة" تخيم على فرحتها، إذ كما تقول "فقد الكثيرون منازلهم خلال التصعيد الأخير، وأنا واحدة منهم، حيث لا أعلم حتى الآن أين سأسكن".
وكانت قصة نزوح حنان قد بدأت بعد أن غادرت منزلها متوجهة إلى منزل أقاربها بحثاً عن الأمان، واليوم، تنتظر كما تقول "ما إذا كانت ستُمنح تعويضات تمكّنها من استئجار منزل جديد وشراء أثاث، لتأمين مأوى لها ولأسرتها".
رغم التحذيرات الإسرائيلية من عدم العودة إلى المناطق الجنوبية.. نازحون لبنانيون في اتجاه جنوبي #لبنان للعودة إلى قراهم وبلداتهم فور دخول #وقف_إطلاق_النار حيز التنفيذ.#الحرة #الحقيقة_أولا #شاهد_الحرة pic.twitter.com/AyrlTQ5bpR
— قناة الحرة (@alhurranews) November 27, 2024وينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الثلاثاء برعاية أميركية فرنسية، ودخل حيز التنفيذ الأربعاء، على انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوبي لبنان خلال 60 يوما، مقابل الانسحاب الكامل لحزب الله إلى شمال نهر الليطاني (نحو 30 كم عن الحدود مع إسرائيل)، وفقا لما لتقارير إعلامية.
ومع انسحاب حزب الله والجيش الإسرائيلي بشكل تدريجي، سيبدأ الجيش اللبناني انتشارا تدريجيا أيضا في جنوب لبنان، وفقا لبنود الاتفاق.
وسيخضع الاتفاق إلى إشراف دولي بقيادة الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يصبح اتفاقا دائما بعد فترة الـ60 يوما.
تشتت بلا عائلة أو أصدقاءكذلك يعبّر علي الحسيني، وهو من سكان الضاحية الجنوبية، عن سعادته الكبيرة بوقف إطلاق النار بعد معاناة النزوح التي عاشها مع عائلته وأشقائه.
"سكنت شقيقاتي مع أزواجهن وأولادهن في مناطق متفرقة، فيما عاد الجميع الآن إلى الضاحية مع انتهاء الحرب"، بهذه الكلمات شرح الحسيني وضع أسرته التي تشتت.
اتفاق وقف إطلاق النار.. لبنان ينفي بند "حرية الحركة" وإسرائيل تهدد توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، الأربعاء، باستهداف "أي شخص" مرتبط بحزب الله يقترب من المناطق "المحظورة" جنوبي لبنان، في وقت أكد فيه وزير الدفاع اللبناني أن الحديث عن "حرية الحركة" للجيش الإسرائيلي في لبنان يناقض مضمون اتفاق وقف إطلاق النار.ورغم الفرحة، لا يخفي الرجل حزنه على الدمار الذي طال الضاحية، مشيراً إلى "التحدي الكبير" أمام إعادة إعمار ما تهدم، ويوضح أنه "منذ بداية الحرب لم يرَ بعضاً من أصدقائه، وهو أمر يزيد من وطأة التجربة".
الحسيني يحمد الله على أن منزله تضرر جزئياً فقط، حيث تهدمت شرفاته، مما يتيح له السكن فيه إلى حين الانتهاء من ترميمه. ورغم كل ذلك، يشدد قائلاً "الفرحة لا تسعنا بعودة الاستقرار."
"عودة إلى الحياة الطبيعية""عدنا إلى منزلنا واستأنفنا حياتنا".. جملة تعكس واقع حسين، وهو أب لولدين من سكان الغبيري، وقد أعرب عن فرحته الكبيرة بعودة الحياة إلى "طبيعتها" بعد وقف إطلاق النار.
ويقول: "عدنا إلى منزلنا واستأنفنا حياتنا، وعدنا لرؤية أصدقائنا. نحمد الله على كل شيء. أبناء الضاحية جميعهم سعداء بعودتهم".
وفي الوقت نفسه، يشير حسين إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بمنزله في الغبيري، بالإضافة إلى المحل الذي يعمل فيه لتصليح السيارات.
"البيجر" ومقتل نصر الله ومنزل نتانياهو.. ملامح حرب الـ14 شهرا بين إسرائيل وحزب الله قبل ساعات قليلة من إعلان وقف إطلاق النار، أعلن الجيش الإسرائيلي وصوله إلى نهر الليطاني جنوبي لبنان، وهي النقطة التي لم يصل إليها منذ عام 2000 حينما انسحبت القوات الإسرائيلية من لبنان حينها.ونسلط الضوء في السطور التالية على أبرز الأحداث خلال 14 شهرا من القتال: "الروح عادت لنا"
تروي صباح، وهي أم لطفلين من سكان الشويفات، معاناتها مع النزوح خلال الحرب، حيث اضطرت إلى التنقل بين عدة منازل بحثاً عن الأمان.
ومع وقف إطلاق النار، عادت إلى منزلها أخيراً، واصفة تلك اللحظة بقولها: "كأن الروح عادت لنا".
وتضيف: "نحمد الله أننا عدنا بخير وسلامة بعد أيام كانت من أصعب ما مررنا به. كل ما نريده الآن هو العيش بسلام واستقرار، ونتمنى أن تكون هذه الحرب الأخيرة".