الخليج الجديد:
2025-03-04@06:15:41 GMT

حرب الإبادة الصهيونية والمتواطئون معها

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

حرب الإبادة الصهيونية والمتواطئون معها

حرب الإبادة الصهيونية والمتواطئون معها

الجريمة والعدوان ركنان أساسيان من أركان الدولة الصهيونية بوصفها دولة استعمار استيطاني قائمة على الحرب وعلى «التطهير العرقي».

العدوان على غزة يشكّل بأجلى الصور حرب إبادة جماعية والقتل الجماعي و«التطهير العرقي» وهما جريمتان ضد الإنسانية في تصنيف القانون الدولي.

الأخطر تواطؤ حكومات الدول العربية التي رفضت إلى الآن إشهار سلاح النفط رغم إدراكها أنه يشكّل أقوى وسيلة ضغط لدى الدول العربية لنجدة شعب فلسطين.

تفاقمت خطورة تأييد الحكومات الغربية للعدوان الصهيوني بحجة حق إسرائيل المزعوم في «الدفاع عن النفس» وخطورة ذهابهم إلى حدّ رفض وقف إطلاق النار.

* * *

نسمع أحياناً من الذين يودّون تخفيف وقع ما تقوم به دولة إسرائيل منذ عملية «طوفان الأقصى» أنها كانت في جميع الأحوال ترتكب جرائم يومية وتشنّ حروباً دورية، وأن عدوانها الجديد على غزة ليس سوى مواصلة لهذا النمط القديم المستديم.

لا شكّ بالطبع في أن الجريمة والعدوان ركنان أساسيان من أركان الدولة الصهيونية بوصفها دولة استعمار استيطاني قائمة على الحرب وعلى «التطهير العرقي».

بيد أن التقليل من شأن العدوان الحالي على غزة وإنكار امتيازه النوعي عن كل ما عاناه شعب فلسطين من مآس منذ النكبة حتى اليوم، إنما يلتقي مع ما يحاول الصهاينة وأنصارهم ترويجه من أكاذيب تقول إن أرقام القتلى الآتية من غزة مبالَغ فيها لغرض الدعاية.

والحقيقة أن العدوان الحالي على غزة يشكّل بأجلى الصور حرب إبادة جماعية genocide تشتمل على القتل الجماعي و«التطهير العرقي» وهما جريمتان ضد الإنسانية في تصنيف القانون الدولي، تتخطيان نوعياً كل ما ارتكبته القوات المسلحة الصهيونية منذ عام 1949 حتى اليوم وتضاهيان مجريات النكبة، بل تتعداها من حيث كثافة القتل والتدمير والتهجير.

كانت نكبة 1947 ـ 1949 حرب استيلاء على أرض فلسطين وممارسة «التطهير العرقي» عليها بحيث تحولت الغالبية الساحقة من سكان الأراضي التي جرى احتلالها إلى لاجئين وجرى قتل عدد منهم يُقدّر بما يزيد عن أحد عشر ألفا من أصل ما يناهز مليون وثلث المليون من سكان فلسطين العرب في ذلك الحين.

أما العدوان الراهن على غزة فقد تسبب حتى الآن، خلال أقل من سبعة أسابيع، بما يناهز 15 ألف قتيل، في أقل تقدير، من أصل ما يناهز المليونين وأربعمائة ألف من أهل القطاع، مع تهجير ما يزيد عن نصفهم من شمال القطاع إلى جنوبه تمهيداً لتهجيرهم إلى خارج فلسطين كما تتمنى دوائر أقصى اليمين الصهيوني، أو حشدهم على الأقل في مخيمات لاجئين على الحدود المصرية تكون بمثابة معسكرات اعتقال تحت رقابة الجيش الإسرائيلي.

وهذه ليست سوى نتائج المرحلة الأول من العدوان الصهيوني، التي استهدفت الشطر الشمالي من القطاع، وسوف تليها مرحلة ثانية تتركز على شطره الجنوبي، من شأنها أن تفاقم الأرقام المذكورة بنسبة هائلة.

هذا يحصل من خلال جنون في القتل والتدمير فاق كل ما شهدته حروب العالم منذ إلقاء القنبلتين الذرّيتين على اليابان في عام 1945. وقد بلغ الأمر حداً جعل صحيفة «نيو يورك تايمز» وبالرغم من أن حكومة الولايات المتحدة متواطئة مباشرة مع العدوان، تكشف هول ما يجري.

تمّ ذلك في مقال بقلم لورين ليذرباي صدر بتاريخ 25 الشهر الجاري تحت عنوان يقول «إن سكان غزة المدنيين، تحت وابل إسرائيلي من النيران، يجري قتلهم بوتيرة تاريخية».

وقد شرحت كاتبة التقرير أن الأمر لا يتعلق فقط بوتيرة القصف، التي بلغت خمسة عشر ألف ضربة حتى حلول الهدنة، بل بنوعيته أيضاً إذ تستخدم إسرائيل بكثافة قنابل الألفي رطل، أي 900 كيلوغرام، التي قلما استُعمِلت منذ الحرب العالمية الثانية وحربي كوريا وفيتنام.

وينقل التقرير عن مسؤولين عسكريين أمريكيين أنهم كادوا لا يستخدمون مثل هذا العيار في القرن الراهن، وأنهم تفادوا استخدام حتى القنابل من عيار 500 رطل لأنها أضخم بعد مما يجوز إلقاؤه على مناطق مدينية مأهولة، مثل الموصل في العراق أو الرقّة في سوريا خلال الحرب على داعش.

فخلال معركة الموصل التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2016 ودامت تسعة أشهر، سقط حوالي عشرة آلاف من القتلى بين ضحايا داعش وضحايا التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أي ثلثا عدد من قتلتهم الحملة الإسرائيلية على غزة في أقل من سبعة أسابيع.

ومما يزيد في خطورة وفظاعة هذه الأرقام أن حوالي سبعين في المئة ممن تحصدهم آلة الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة هم من النساء والأطفال، وهي نسبة هائلة لا مثيل لها في أي من الحروب المعاصرة.

ويفيد تقرير الصحيفة الأمريكية بأن عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم تحت وابل القنابل الإسرائيلية في غزة خلال الأسابيع السبعة المنصرمة، إنما يفوق مجموع عدد الأطفال الذين قُتلوا في العام الماضي في كافة الحروب الدائرة على شتى الساحات العالمية، بما فيها حرب أوكرانيا التي بدأت في ثاني شهور العام 2022.

هذا وقد أفاد تقرير آخر نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في 13 الشهر الجاري أن عدد الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في غزة خلال الشهر الأول من قصفها الجنوني فاق عدد الأطفال القتلى في حربي اليمن والعراق، وبلغ ثلث عدد الأطفال القتلى خلال عشر سنوات من الحرب في سوريا.

وللمقارنة، بيّنت الصحيفة أنه سقط في غزة في شهر واحد 4،125 طفل مقابل الأعداد التالية المتوسطة لشهر واحد من القتال في كل من العراق (19) واليمن (41) وأفغانستان (56) وسوريا (100). ولا يُخفى على أحد أن قتل الأطفال، على الأخص، هو سمة صارخة من سمات الإبادة إذ يعبّر عن إرادة إفناء الشعب المستهدَف.

كل هذه المعطيات تبيّن الخطورة العظمى لحرب الإبادة الجماعية التي تخوضها الدولة الصهيونية على أهل غزة منذ عملية «طوفان الأقصى». وهو أمرٌ ليس بالمستغرَب حيث تضافرت النقمة الثأرية القصوى التي تولّدت لدى اليهود الإسرائيليين مع وجود أقصى اليمين الصهيوني في الحكم، بما حتّم مثل هذا العنف الجنوني.

وكان الأمر يسهل توقّعه بحيث تَعظُم خطورة تأييد الحكومات الغربية للعدوان الصهيوني بحجة حق إسرائيل المزعوم في «الدفاع عن النفس» (وقد فاق عدد من قتلتهم حتى الآن عشرة أضعاف من فقدتهم في «طوفان الأقصى») وخطورة ذهابهم إلى حدّ رفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار حتى هذا اليوم، فضلاً عن إرسال الولايات المتحدة وألمانيا وسواهما تعزيزات عسكرية إلى إسرائيل وإلى شرق البحر المتوسط مساندةً لها.

وهي المرة الأولى منذ منتصف القرن الماضي التي تساند فيها هذه الحكومات جهاراً حرب إبادة جماعية. أما الأخطر بعد من تواطؤها، فهو تواطؤ حكومات الدول العربية التي رفضت إلى الآن إشهار سلاح النفط رغم إدراكها أنه يشكّل أقوى وسيلة ضغط لدى الدول العربية لنجدة شعب فلسطين.

ذلك أن الدول الغربية تخشى اليوم عودة أسعار النفط إلى الارتفاع ليس لأسباب اقتصادية خاصة بها وحسب، بل في المقام الأول لأن هذا الارتفاع من شأنه أن يخدم مصلحة روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا، وهو ما باتت تواجه صعوبات إزائه.

*د. جلبير الأشقر كاتب وأكاديمي من لبنان

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب إسرائيل حرب الإبادة الصهيونية الحكومات الغربية التطهير العرقي القانون الدولي القتل الجماعي سلاح النفط القانون الدولي إبادة جماعية التطهير العرقي التطهیر العرقی الدول العربیة عدد الأطفال على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

استمرار الخروقات الصهيونية لوقف إطلاق النار بعد 43 يومًا: استشهاد 6 فلسطينيين وإغلاق معبر كرم أبو سالم

يمانيون../
تواصل قوات الاحتلال الصهيوني خروقاتها لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد مرور 43 يومًا، حيث أسفرت الخروقات الأخيرة عن استشهاد ستة فلسطينيين وإصابة ستة آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.

وأفادت وسائل إعلام فلسطينية، أن شقيقين من عائلة المصري استشهدا جراء قصف طائرة مسيرة صهيونية شرقي بلدة بيت حانون شمال القطاع، تزامنًا مع إطلاق مكثف للقصف من الدبابات الصهيونية.

كما استشهدت امرأة فلسطينية وأُصيب اثنان آخران في قصف من مسيّرات صهيونية استهدفت بلدة عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس جنوب القطاع. كما سقط ثلاثة شهداء في مدينة رفح جنوب القطاع، حيث استشهد أحدهم برصاص قناص صهيوني وسط المدينة، بينما استشهد الاثنان الآخران في غارة جوية شرقها.

وفي خرق آخر، أطلق جنود الاحتلال الصهيوني النار بشكل مكثف من الدبابات شرق حي الشجاعية وبلدة جحر الديك وسط القطاع، بالإضافة إلى إطلاق نار من زوارق حربية صهيونية في بحر مدينة غزة. كما جدد جيش الاحتلال صباح اليوم إطلاق النار شرق خان يونس وجنوب رفح.

في نفس السياق، يواصل الاحتلال الصهيوني إغلاق معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي، مما يمنع دخول المساعدات الإنسانية الدولية، فيما يواصل الوسطاء جهودهم لمنع انهيار وقف إطلاق النار بشكل كامل.

مقالات مشابهة

  • الأوهام الصهيونية بين التضليل والواقع: كيف يحول الإعلام هرطقات الاحتلال إلى مسلّمات؟
  • “حماس” تنشر قائمة بأبرز الانتهاكات الصهيونية لوقف إطلاق النار في غزة
  • واشنطن تغذّي آلة الحرب الصهيونية لقتل الفلسطينيين
  • استمرار الخروقات الصهيونية لوقف إطلاق النار بعد 43 يومًا: استشهاد 6 فلسطينيين وإغلاق معبر كرم أبو سالم
  • حصيلة المجازر الصهيونية في غزة تتجاوز 48 ألف شهيد وسط استمرار الجرائم بحق المدنيين
  • بين السرقة والتدمير.. مواقع أثرية من ضحايا إبادة إسرائيل لغزة
  • حمادة هلال يرد على الجدل حول الطلاسم في المداح
  • زعيم الحوثيين: استئناف العدوان على غزة سيؤدي إلى تصعيد عسكري ضد إسرائيل
  • حصيلة جديدة لضحايا العدوان على غزة وربع الشهداء لم يتجاوزوا 12 عاما
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 48 ألفا و388 شهيدا