تغيير طفيف في الإعلام الإسرائيلي لكنه هام
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
تغيير طفيف في الإعلام الإسرائيلي… لكنه هام
هل تنتقل عدوى التغيير في الخطاب الإعلامي، وإن كان محدودا، إلى أصحاب القرار بإسرائيل الذين ما زالوا على لهجة التهديد بالعودة إلى الحرب بعد الهدنة؟
بدأ الإعلام الغربي على خجل النزول من شجرة الانحياز لإسرائيل فشرعت بعض الصحف وقنوات التلفزة الأمريكية والغربية في بث روايات أخرى عما جرى في غزة.
ما كان لهذا التحوّل التدريجي المحدود إعلاميا أن يتبدى دون: الصمود الأسطوري لأهالي غزة رغم كل الدمار الهائل وقدرة المقاومة على إلحاق الأذى بقوات الاحتلال.
«الصحافيون الأجانب يأتون إلى هنا فلا يصدّقون أعينهم: (..) لا توجد أبدا ضحية اسمها غزة، وهي غائبة، ليس فقط في الخطاب الإسرائيلي العام، بل عن النشرات العامة للأخبار».
«نشرات الأخبار في التلفزيون الإسرائيلي هي الوحيدة في العالم التي لا تعرف أننا قتلنا أطفالا والإعلام الإسرائيلي هو الوحيد في العالم الذي لا يعرف أن الجيش الإسرائيلي ارتكب في هذه الحرب جريمة حرب صغيرة واحدة»!
* * *
ظل المشهد الإسرائيلي الداخلي كتلة صمّاء، لأكثر من شهر، لا أحد خلاله تجرّأ على أن يفعل غير أن يطلق العنان للرغبة الجامحة في مزيد الانتقام من الفلسطينيين جراء ما حصل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
لا يهم في ذلك لا المباني المدنية ولا المستشفيات ولا المدارس، ولا يهم كذلك أن يكون الضحايا من النساء والأطفال، بل ولا أحد يرغب حتى في معرفة ما يجري أصلا في غزة.
في مقال تحت عنوان «الوحشية تحوّلت إلى نمط سائد في وسط الخريطة السياسية وإلى يسارها أيضا» كتب الصحافي الإسرائيلي البارز «جدعون ليفي» المعروف بآرائه الجريئة والمختلفة دائما، أن «الصحافيين الأجانب الذين يأتون إلى هنا لا يصدّقون أعينهم: (..) لا توجد أبدا ضحية اسمها غزة، وهي غائبة، ليس فقط في الخطاب الإسرائيلي العام، بل أيضا عن النشرات العامة للأخبار».
ويضيف في مقالة في «هآرتس» الخميس الماضي أن «النشرات الإخبارية في التلفزيون الإسرائيلي هي الوحيدة في العالم التي لا تعرف أننا قتلنا أطفالا والإعلام الإسرائيلي هو الوحيد في العالم الذي لا يعرف أن الجيش الإسرائيلي ارتكب في هذه الحرب جريمة حرب صغيرة واحدة».
هذه الكتلة الصمّاء، التي تجمع بين الإنكار وشهوة الانتقام الأعمى، بدأت في الأيام القليلة الماضية في التصدّع قليلا، قليلا ليس إلا، لكنه تصدّع جدير بالرصد والمتابعة مع أنه غير موجود حاليا سوى في بعض المقالات الصحافية المتناثرة وبعض البرامج التلفزيونية، وليس في الطبقة السياسية أو القيادات العسكرية.
أما نقطة التحوّل في هذا الاتجاه فكانت بالدرجة الأولى اتفاق الهدنة المؤقتة أكثر من أي اعتبار آخر، له علاقة بالدمار الذي أصاب غزة ولا سمعة إسرائيل في أوساط غربية عديدة عدّلت تدريجيا لهجة التأييد الأعمى الأول.
«هآرتس» التي تكاد الجريدة الوحيدة التي يمكن أن تقرأ على صفحاتها مقالات مختلفة عن السائد – ما دعا بعض الغلاة إلى طلب وقف أي دعم حكومي لها عبر الإعلانات أو الاشتراكات- نشرت الأحد الماضي مقالا للصحافية إيريس لعال تقول فيه إن المحتجزين لدى حركة «حماس» كان «بالإمكان تحريرهم قبل شهر لكن الجمهور لم يكن مستعدا لسماع ذلك» وإن الفارق الذي جعل عرض اليوم يبدو قابلا للتحقيق هو «نضج الجمهور الإسرائيلي» ليس إلا.
وتخلص الكاتبة في النهاية إلى القول إنه «يتعيّن على الجمهور أن يدرك بسرعة أننا لن نخرج منتصرين من هذه الكارثة، وإن السبيل الوحيد أمامنا هو استعادة جميع المخطوفين، حتى آخر واحد بينهم، وهذا لن يكون انتصارا، لكنه سيريح النفوس قليلا».
ما كان لهذا التحوّل التدريجي، والمحدود حاليا على الصعيد الإعلامي، أن يتبدى شيئا فشيئا دون أمرين أساسيين:
- الأول الصمود الأسطوري لأهالي غزة رغم كل الدمار الهائل،
- الثاني قدرة المقاومة على إلحاق الأذى بقوات الاحتلال، حتى وإن لم يجر الاعتراف الرسمي بذلك، وكلاهما هو من فتح الطريق لإنضاج فترة الهدنة المؤقتة وعملية تبادل الأسرى والمحتجزين.
هذه الهدنة التي كان الفضل فيها لما طرأ من تعديل على الكثير من المواقف الدولية بدءا من واشنطن وعديد العواصم الأوروبية التي باتت محرجة لأقصى حد وهي ترى استمرار القتل المجنون ضد النساء والأطفال العزل، قتل فضحته عدسات كاميرات التلفزيونات ونشطاء مواقع التواصل رغم أنف الإعلام الغربي المتحامل والمتعامي على كل ذلك.
حتى هذا الإعلام الغربي بدأ على خجل في النزول من شجرة الانحياز غير المعقول لإسرائيل فقد شرعت بعض الصحف وقنوات التلفزيون الأمريكية، وكذلك الغربية، في نشر روايات أخرى عما جرى حقيقة في غزة، بعيدا عن السردية السابقة التي اكتفت بإدانة ما جرى في السابع من أكتوبر وإغماض العينين وسد الأذنين عما حدث قبل ذلك من عذابات فلسطينية، وعما يحدث بعده.
وما قد يزيد في اتضاح هذا المنحنى هو تلك اللقطات المصوّرة المعبّرة للغاية التي ظهرت خلال عملية تبادل الأسرى والمحتجزين في الأيام الماضية فقد أبانت على مفارقات صارخة في كيفية تعامل كل من سلطات الاحتلال وحركة «حماس» مع من كان بحوزتهم.
وكيف كانت ملامح هؤلاء وهم يودّعون مسلحي «كتائب القسّام» وما الذي قالوه بعد إطلاق سراحهم، حتى أن برامج حوارية في محطات تلفزيون إسرائيلية لم تجد مفرا من الإشادة بما سمعوه من هؤلاء عن حسن معاملة خلال الحجز من غذاء ودواء وحتى أنشطة مختلفة.
ويبقى التحدّي الأكبر أن تنتقل «عدوى» هذا التعديل في الخطاب الإعلامي، وإن كان محدودا، إلى أصحاب القرار الإسرائيليين الذين ما زالوا على لهجة التهديد بالعودة إلى الحرب بعد الهدنة.
هذه العدوى قد تكون بدأت بتصريحات رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت التي قال إن إعلان الحكومة القضاء على «حماس» «أعطى توقعات غير واقعية» وأنه «بعد انتهاء العملية العسكرية يجب أن تعلن إسرائيل استعدادها البدء بمفاوضات حل الدولتين»… وتلك جولة أخرى لا تقل تعقيدا.
*محمد كريشان كاتب وإعلامي تونسي
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل حماس الخطاب الإعلامي الإعلام الإسرائيلي الإعلام الغربي إيهود أولمرت جدعون ليفي كتائب القسام الانحياز لإسرائيل الإعلام الإسرائیلی فی العالم فی الخطاب
إقرأ أيضاً:
إعلام الاحتلال: سموتريتش سيصوت ضد اتفاق غزة لكنه سيبقى في الحكومة
أعلنت هيئة البث الإسرائيلية، أن رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو يعقد بعد قليل مشاورات مع وفد مفاوضات غزة قبل اجتماع المجلس الوزاري المصغر، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.
حماس: الاحتلال يتعمد ارتكاب المجازر لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار الاحتلال الإسرائيلي يكثف هجماته في غزة مع اقتراب تنفيذ وقف إطلاق النار نتنياهو وسموتريتشوذكرت وسائل إعلام إسرائيلية نقلا عن مصادر حكومية، أنّ تم التوصل إلى تفاهمات بين نتنياهو وسموتريتش والأزمة بينهما بشأن الصفقة في طريقها نحو الحل.
وأفاد إعلام إسرائيلي، بأن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش سيصوت ضد اتفاق غزة لكنه سيبقى خلال المرحلة الأولى في الحكومة.
المحكمة العلياوذكر إعلام إسرائيلي، أنّ الفترة الممنوحة للاعتراضات في المحكمة العليا على اتفاق غزة ستقلص إلى 6 ساعات ما يفتح المجال أمام تطبيق صفقة التبادل يوم الأحد.
أعلنت حركة حماس في بيان لها، الجمعة، أن الاحتلال الإسرائيلي، يتعمد ارتكاب المجازر في سعيه لإفشال اتفاق وقف إطلاق النار، ما يضع الوسطاء عند مسؤولياتهم بالضغط لوقف هذه المجازر ".
وتابعت: "نطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة الأطراف المعنية بضرورة التحرك العاجل والفوري، ندعو المؤسسات الحقوقية الدولية إلى توثيق تلك المجازر غير المسبوقة في تاريخنا المعاصر، تمهيداً لمحاسبة هذا الكيان أمام المحاكم الدولية المختصة".
وأدى القصف الإسرائيلي المتواصل عقب الإعلان عن اتفاق غزة إلى سقوط أكثر من 100 قتيل فلسطيني.
ورجحت صحيفة "يديعوت أحرنوت" نقلا عن مصادر إسرائيلية إرجاء جلسة الحكومة للتصويت على اتفاق غزة إلى مساء السبت، مضيفة أن إطلاق سراح الرهائن سيتم يوم الإثنين موعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بدلا من يوم الأحد الموعد المقرر لسريان الاتفاق.
ونقلت قناة القاهرة الاخبارية اليوم في نبأ عاجل منذ قليل أن مكتب نتنياهو ذكر أن الإفراج عن المحتجزين سيبدء يوم الأحد بعد مصادقة الحكومة والكابينت على الاتفاق.
وأعلنت حركة حماس أنه بفضل المساعي الكريمة من الوسطاء، تم صباح اليوم حل العقبات التي نشأت بسبب عدم التزام الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار. وأوضحت الحركة أنها سعت إلى صفقة تبادل وطنية تشمل كافة فصائل وأبناء الشعب الفلسطيني.
وأكدت الحركة أن قوائم الأسرى المفرج عنهم في المرحلة الأولى من صفقة التبادل سيتم نشرها عبر مكتب الأسرى وفقًا للمراحل والإجراءات المتفق عليها.