مؤتمر المناخ (كوب 28) يمثل فرصة تاريخية لا تعوض
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
استطرادًا لما نشرناه خلال الايام القليلة الماضية حول مؤتمر المناخ كوب 28، نود فى هذا المقال متابعة هذا الموضوع مع التركيز بشكل أخص على بعض القضايا التي يثار مؤخرًا حولها الجدل والتي نعتقد بأنها لا يجب أن تثني من جهود القائمين على هذا المؤتمر فى تحقيق النجاح المأمول لهذا الحدث.
ولابد فى هذه المناسبة من التذكير بأن كوارث المناخ الأخيرة والمتتالية من زلازل وفيضانات وعواصف وارتفاعات غير مسبوقة فى درجات الحرارة تمثل مبررات غير قابلة للجدل حول ضرورة التحرك الجماعي والسريع للعمل على تجنب مزيد من هذه الكوارث التي قد تكون أكثر شراسة وأوسع تدميرًا.صحيح أن مؤتمر المناخ القادم كوب 28 ليس هو الاول حول هذا الموضوع لكن وكما نعلم فأن المؤتمرات السابقة وحتى الآن لم يكن لها حسبما يبدو وقع مؤثر على حجم التحديات التي يفرضها موضوع المناخ. من هذا المنطلق نعتقد بأن مؤتمر المناخ (كوب 28)، والذي سيعقد فى دولة الإمارات يمثل فرصة لا تعوض لتحقيق نتائج عملية وفعالة وملموسة فى مواجهة ما يفرضه المناخ من تحديات.
وحتى يتمكن المجتمع الدولي من تحقيق مثل هذه النتائج ينبغي أولاً تجنب الانخراط فى مجادلات عقيمة من شأنها أن تضعف من العمل المشترك ولا تحقق الهدف المنشود. ونود فى هذا المجال أن نتطرق إلى بعض هذه القضايا الجدلية التي كثر الحديث عنها مؤخرًا، والتي حسبما نعتقد لا تخدم هدف التصدي المشترك لمشاكل المناخ بقدر ما قد تضعف من اى تكتل دولي مطلوب من شأنه أن يشكل جبهة موحدة قادرة على تحقيق نتائج مرغوبة فى هذا المجال.
أول هذه القضايا الجدلية التي لا ينبغي أن تعرقل جهود هذا المؤتمر هو المنادة بالاستغناء عن مصادر الطاقة الاحفورية مثل النفط والغاز بدلاً من الاتفاق على تخفيض الاعتماد على هذه المصادر بشكل تدريجي. عمليًا فإن الاستغناء عن مصادر الطاقة الاحفورية فى المدى المنظور هو أمر غير واقعي حيث ستظل هذه المصادر تشكل أهم مصادر الطاقة للعالم لفترة طويلة من الزمن. خاصة وأن بدائل الطاقة الآخرى من طاقة شمسية وطاقة نووية والطاقة المستمدة من الرياح لا تشكل حتى الآن الا نسبة قليلة من احتياجات العالم من مصادر الطاقة مقارنة بمصادر الطاقة الرئيسية المشتقة من البترول والغاز الطبيعي.
هناك بدون شك جهود واستثمارات كبيرة تبذل فى مجال الطاقة المتجددة مثل الشمسية والرياح إلا أنه وإلى أن تصبح مثل هذه المصادر كافية لحاجة البشرية فإن الاستغناء نهائيًا عن مصادر الطاقة الاحفورية فى المدى القصير والمتوسط لا يبدو ممكنًا ان لم يكن مستحيلاً.
من القضايا الآخرى التي يثار الجدل حولها والتي هي أيضًا لا تمثل حجة يعتد بها ترتبط بالتسأول كيف لدولة نفطية أن تترأس مؤتمر المناخ بحجة ان النفط هو المصدر الرئيسي لتلوث المناخ؟ فى الواقع ولذا السبب بالذات فأن استعداد دولة نفطية للمشاركة واستضافة هذا المؤتمر يمثل موقفًا إيجابيًا من هذه الدولة، حيث من ناحية يعبر عن اهتمامها وحرصها بكل ما يؤثر على المناخ كما يعبر من ناحية آخرى وبشكل صريح عن استعدادها لاتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة للمشاركة فى معالجة مشاكل المناخ بما فيها الموافقة على تخفيض الا عتماد التدريجي على مصادر الطاقة الاحفورية مثل النفط والغاز وأن كان يمثل بالنسبة لهذه الدولة أهم مصادر الدخل والنمو والتنمية. وتمتد هذه الحجة إلى أن هذه الدولة تخطط للتوسع فى انتاج البترول والغاز، حيث رصدت لهذا الغرض حوالى 1.5 مليار دولار.
أولاً ينبغي أن نتفهم بأن الاستثمارات فى قطاع النفط والغاز هي حتى الآن أقل بكثير من المطلوب؛ لضمان توفر كميات كافية من النفط والغاز تتناسب مع حجم الطلب المتوقع. والاتجاه الحالي لاسعار النفط تؤكد بأنه إذا لم يتم ضمان زيادة المعروض من النفط والغاز فإن الاتجاه التصاعدي لأسعار النفط من شأنه التأثير سلبيًا على وضع الاقتصاد العالمي وعلى وضع المستهلك فى جميع دول العالم.
وتجدر الاشارة كذلك بأن ما رصدته دولة الإمارات؛ لضمان توفير كميات كافية من النفط والغاز لا يمثل أكثر من نصف استثماراتها تقريبا فى مجال مصادر الطاقة المتجددة والمقر بحوالي 300 بليون دولار.
لهذه الأسباب نعتقد بانه من غير المجدي إضاعة الوقت فى مجادلات بيزنطية من شأنها شق الصف وإضعاف الجهود المطلوبة أصلاً لضمان الوصول لنتائج يتطلع اليها العالم على صعيد هذا المؤتمر. إن دولة الإمارات قد سعت وقامت بدور مهم وكبير فى الإعداد الجيد لهذا المؤتمر، كما حرصت على تهيئة الأرضية المناسبة لنجاح أعمال هذا الحدث. يبقى على الاطراف الآخرى أن تقوم بدور ايجابي مماثل إذا أردنا أن نجعل من هذه المناسبة فرصة تاريخية مميزة لتكتل دول العالم فى مواجهة التغيرات المناخية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة النفط والغاز مؤتمر المناخ هذا المؤتمر
إقرأ أيضاً:
بغداد تترقب قرارات ترامب.. هل سينجو الاقتصاد العراقي من عنق الزجاجة؟ - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكد المختص في الشؤون الاقتصادية احمد التميمي، اليوم السبت (25 كانون الثاني 2025)، أن قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب سوف تؤثر بشكل خطير على اقتصاد العراق.
وقال التميمي لـ"بغداد اليوم" ان "قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب بشأن خفض اسعار النفط خلال الفترة المقبلة سيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل الاقتصاد العراقي، خاصة وان العراق يعتمد بشكل كلي بالنفط بتمويل موازنته".
وأضاف ان "العراق في حال خفض سعر النفط سيواجه صعوبة في تمويل موازنته وهذا مما سيزيد العجز في الموازنة وكذلك سيقلل من الموازنة الاستثمارية كما الحكومة سوف تواجه صعوبة في توفير الاموال للموازنة التشغيلية الخاصة بدفع الرواتب وغيرها".
وفي وقت سابق، كشف موقع "اويل برايس" المختص ببيانات النفط والطاقة العالمية، ان فريق ترامب يفكر بفرض عقوبات مباشرة على العراق مع بدء حكومة ترامب مهامها، وذلك ردًا على مساعدة ايران في تهريب نفطها من خلال موانئه، فضلا عن وجود كيانات تعمل على غسيل الأموال وتمويل نشاطات مختلفة.
ونقل الموقع عن مصدر وصفته بـ"الكبير" ويعمل عن كثب مع الفريق الرئاسي الجديد، إن فكرة إضعاف استخدام "الدول الحمقاء المفيدة" لتجنب العقوبات قيد الدراسة فيما يتعلق بالعراق.
وأضاف المصدر ان فريق ترامب يفكر في فرض عقوبات مماثلة على العراق كما هو الحال بالنسبة لإيران، بما في ذلك على الأفراد والكيانات المرتبطة بالتمويل والحركة والخدمات اللوجستية المتعلقة بنقل النفط والغاز الإيرانيين، والأموال المتعلقة بذلك.
وأوضح انه "تم وضع سابقة لهذا في رئاسة ترامب الأولى بعد أن وقع العراق على صفقة استيراد الغاز والكهرباء لمدة عامين مع إيران على الرغم من تعهده بتقليص مدة هذه الصفقات، حيث ردت واشنطن حينها بعقوبات مستهدفة صارمة على 20 كيانًا مقرها إيران والعراق".
واستشهدت وزارة الخارجية بهم باعتبارهم أدوات في توجيه الأموال إلى فيلق القدس، معتبرة ان الكيانات العشرين تواصل استغلال اعتماد العراق على إيران كمصدر للكهرباء والغاز من خلال تهريب النفط الإيراني عبر ميناء أم قصر العراقي وغسل الأموال من خلال شركات واجهة عراقية، حيث يواصل العراق العمل كقناة لإمدادات النفط والغاز الإيرانية لتشق طريقها إلى أسواق التصدير الرئيسية في العالم".
وقال المصدر، انه "بما أن شيئًا لم يتغير على الإطلاق في هذا التواطؤ، فهناك كل الأسباب لتوقع التهديد بفرض مثل هذه العقوبات على العراق في وقت مبكر من ولاية ترامب الثانية، يليه فرض المزيد من العقوبات إذا لم يتم الالتفات إلى التهديدات".