المعركة الدراماتيكية التي دارت رحاها داخل شركة “open AI”، جديرة بالاهتمام والتأمل خاصة إذا عرفنا الجدل الكبير الذي يحيط بمستقبل الذكاء الصناعي الذي يتحكّم به مجموعة من رجال أعمال بأدمغة رأسمالية شرسة لا همّ لها إلا الوصول السريع قبل الآخرين إلى أفضل منتجات تقنية تتحكّم بمصير الإنسان في المستقبل القريب، بنفس الطريقة المدمّرة التي وصل إليها “أوبنهايمر” وزملاؤه في منتصف القرن الماضي عندما جرّبوا استخدام سلاح جديد وقتها قضى على مئات الآلاف من البشر في ضغطة زرّ خالية من أي تأنيب ضمير أو قيمة أخلاقية.
شبح الشيطان الرقمي الجديد يحوم في أروقة هذه الشركة بعد أن تمّ طرد “سام ألتمان”، أو “أوبنهايمر” الجديد، من عمله، ثم تدخّلت “مايكروسوفت” وقدّمت له عرضاً سريعاً، لكن الموظفين (750 موظفاً من أصل 770) في شركة “open AI”، قادوا تمرّدا وهدّدوا بترك العمل إذا لم يقدم مجلس إدارة الشركة استقالته فوراً ويعيد “ألتمان” إلى عمله.
انتهت الأزمة بعودة هذا اليهودي “ألتمان” الذي لم يكمل تعليمه الجامعي في ستانفورد إلى عمله بسلطات أقوى وبشروطه الخاصة.
يجدر بالذكر أن “ألتمان” جعل برنامج الذكاء الصناعي “ChatGPT ” من أنجح المشاريع التي أنجزتها هذه الشركة بأعداد كبيرة وصلت إلى 100 مليون مستخدم في الأسبوع الواحد وباشتراكات سنوية وصلت إلى بليون دولار في أقل من سنة من طرحه في السوق.
كان هذا المنتج الجديد إعلانا بدخول عصر الذكاء الصناعي الذي أدّى برأسمالي عملاق آخر هو “إيلون ماسك ” إلى الخروج مبكراً والانسحاب عن هذا المشروع الذي يحمل في طياته الكثير من المخاطر المهددة للإنسان. ويبدو أن الشركة قد توصّلت إلى إنجاز تقني آخر يحمل اسم “كيو ستار Q*” سيسرّع من قدوم العصر الفائق الذكاء “superintelligence” الذي سيتجاوز فيه ذكاء الآلة ذكاء الإنسان.
لا يبدو أن الصراع الذي شهدته هذه الشركة عادي إذ وصف الموظفون أعضاء مجلس إدارتها بأنهم لا يدركون مستقبلها جيداً، كما أن العودة السريعة لرئيسها التنفيذي الذي يهتم بالجانب الربحي يفرض قراءة متشائمة للموقف إذ ربما يكون الإنسان في عصرنا المجنون هذا أمام طرح منتجات ذكاء صناعي تتمتع بذكاء يتفوق فيه على الإنسان. وقد عبّرت الشركة صراحة في موقعها الإلكتروني وذكرت أن هناك مخاطر عالية قد يتسبّب بها الذكاء الصناعي للإنسان وأن المشكلات التي تنشأ من هذا صعبة جداً وتتطلّب تضافر الجهود من الجميع لحلها.
لا نحتاج هنا إلى مهارات تنبؤ متقدّمة لمعرفة نوع المستقبل الذي ينتظرنا فنحن بالفعل نرى أن الذكاء الصناعي بدأ يسيطر على الوظائف تدريجياً ويكاد يلغي دور الإنسان في معظم المجالات.
لذا، لا تفرح كثيراً عندما يصل إلى هاتفك المحمول رسالة واتساب تحتفل بالتسوّق من بقالة لا يوجد فيها بائع من البشر وإنما كاميرا رقمية تصوّرك مع مشترياتك وهاتفك المزوّد بخدمة الدفع الإلكترونية. إذا فعلت فأنت في الواقع تحتفل بقدوم شيطان إلكتروني يأخذك إلى الهاوية.
khaledalawadh@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الذکاء الصناعی
إقرأ أيضاً:
القطاع الصناعي في العراق يواجه خطر الانهيار: أكثر من نصف المصانع متوقفة والتحديات تهدد المستقبل
الثلاثاء, 4 مارس 2025 12:48 ص
بغداد/المركز الخبري الوطني
يواجه القطاع الصناعي في العراق أزمة حادة تهدد استمراريته، حيث تشير التقارير إلى أن أكثر من 50% من المصانع متوقفة عن العمل بسبب تحديات متعددة. تشمل هذه التحديات ضعف البنية التحتية، نقص الدعم الحكومي، ارتفاع تكاليف الإنتاج، المنافسة غير العادلة من المنتجات المستوردة، والفساد الإداري.
ورغم المحاولات الحكومية لإنعاش الصناعة، إلا أن الخبراء يحذرون من أن استمرار هذا التراجع قد يؤدي إلى انهيار كامل للقطاع الصناعي، مما يفاقم معدلات البطالة ويزيد الاعتماد على الواردات، الأمر الذي يهدد الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.
ويطالب الصناعيون والمستثمرون الحكومة بتقديم حوافز حقيقية، تسهيل القروض، وتشديد الرقابة على الاستيراد لدعم المنتجات المحلية، مؤكدين أن الصناعة الوطنية قادرة على النهوض إذا توفرت لها الظروف المناسبة.