الأعاصير.. ثورة المحيطات
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
أحمد شعبان (القاهرة)
الأعاصير من الظواهر الطبيعية التي تجتاح مناطق محددة في العالم، وفي أوقات معينة من العام، وتؤثر على المناطق التي تقع بالقرب من المحيطات وخطوط العرض المنخفضة وشبه الاستوائية، ويعد الإعصار المداري عاصفة سريعة الدوران، تدور عكس اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وفي اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي، وتتسم بمركز ضغط منخفض عادة ما تكون بطيئة الحركة ولكنها عنيفة جداً، مع سرعة رياح تتراوح بين 120 و320 كيلو مترا في الساعة.
تتكون الأعاصير في المحيطات الواقعة في المناطق المدارية، ويقدر قطر مركز الإعصار بعدة كيلومترات تحيط بها دائرة نشاط الإعصار، وهي منطقة تمتد عشرات الكيلومترات للخارج تتلبد في سمائها غيوم كثيفة وسميكة مشبعة ببخار الماء، وتهطل منها أمطار غزيرة متواصلة قد تزيد عن 500 مليمتر وتصاحبها رياح عاتية.
رياح عاتية
تؤدي الرياح القوية إلى هيجان البحر وتلاطم الأمواج العالية، التي قد يصل ارتفاعها إلى 6 أمتار فتهدم المنازل وتدمر المنشآت وتقتلع الأشجار وأعمدة الهاتف والكهرباء وتتسبب في وفاة الأشخاص وتعطل أنشطة الحياة، وتضعف قوة التدمير للإعصار كلما ابتعدنا عن مركزه.
ويستمد الإعصار طاقته من الشمس حيث تسقط أشعتها القصيرة على سطح البحر فتسخن الماء ويتحول إلى بخار، ويرتفع إلى الأعلى فيبرد ويتكاثف محرراً الطاقة الحرارية الكامنة التي تتحول إلى طاقة حركية تدير الإعصار.
العاصفة والإعصار
يعد الإعصار والعاصفة المدارية والتيفون، ظاهرة طقس واحدة، لكن ما يضع فوارق بينها هو موقع تواجدها، حيث تسمى العواصف القوية الناشئة في المحيط الأطلسي أو شرق المحيط الهادئ بالعواصف المدارية، بينما تتشكل الأعاصير فوق جنوب المحيطين الهادئ والهندي، فيما يولد التيفون فوق شمال غرب المحيط الهادئ. العاصفة تبدأ سرعتها من 65 كيلومتراً في الساعة، وتسمى استوائية أو مدارية، فإذا تجاوزت سرعات الرياح 115 كيلومتراً، أصبحت إعصارا، والأعاصير تتكون على المسطحات المائية الواسعة وتنقسم إلى فئات من الأولى وهي أضعفها حتى الخامسة أشدها.
أسماء الأعاصير
تختلف أسماء الأعاصير حسب مكان حدوثها، في جنوب شرق آسيا والمحيط الهندي اسمها «سايكلون»، وفي شرق آسيا والمحيط الهادئ يطلق عليها «تايفون»، وفي المحيط الأطلسي، وخليج المكسيك أو البحر الكاريبي تسمى «هاريكاين».
وكانت الأعاصير سابقاً تسمى بأسماء بعض القديسين مثل إعصار «سانتا ماريا» وبأسماء السنوات التي حدثت فيها مثل إعصار 1898 الذي ضرب ولاية جورجيا، وأثناء الحرب العالمية الثانية بدأ خبراء الأرصاد يطلقون على الأعاصير أسماء زوجاتهم وبناتهم ومن هنا جاء هذا التقليد.
وفي 1950 بدأ المركز الوطني للأعاصير بإنشاء قوائم لأسماء العواصف والأعاصير، وكان إطلاق الأسماء على الأعاصير في البداية بشكل عشوائي، ولكن خبراء الأرصاد الجوية بدأوا باستخدام نظام الحروف الأبجدية مع قائمة من الأسماء المؤنثة فقط.
التغيرات المناخية
قدم بعض العلماء والباحثين المعنيين بدراسة المناخ، منذ سنوات أمثلة كثيرة أكدوا عبرها أن ارتفاع مستوى درجات حرارة سطح مياه البحار والمحيطات ساهم في رفع حدة الأعاصير التي تنشأ في بعض المناطق منها تلك التي تنشأ في المحيطين الهندي والهادئ.
واستدل العلماء على أن ارتفاع سطح المحيطات والبحار في العقود الأخيرة بشكل أكبر مما كان عليه من قبل، أصبح يوفر للأعاصير مصدر طاقة يجعلها أكثر عنفاً مما كانت عليه، مما يفسر الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي أصبح يلحقها بالمناطق التي يجتاحها.
أقوى الأعاصير
يصنف خبراء المناخ إعصار «ماثيو»، الذي ضرب جزر الكاريبي العام 2016، بأنه أكثر إعصار مثل تهديداً مباشراً لأميركا، حيث حملت العاصفة رياحاً شديدة الخطورة بسرعة 220 كيلومتراً في الساعة، وفي سبتمبر 2023 ضرب إعصار دانيال مدينة درنة في ليبيا مخلفاً خسائر كبيرة في الأرواح والبنية الأساسية. وفي أكتوبر 2015، ضرب المكسيك إعصار بتريشيا، بلغت سرعة الرياح المصاحبة له 325 كلم في الساعة، وفي العام 2013 اجتاح الفلبين والصين وفيتنام إعصار هايان، وبلغت سرعته نحو 314 كيلومتراً، وتسبب في مقتل نحو 12 ألف شخص وخسائر مالية قدرت بـ 686 مليون دولار، وفي العام 2005، ضرب إعصار ويلما كوبا وأجزاء من شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية وولاية فلورديا الأميركية، وبلغت سرعته 295 كليو متراً في الساعة. وفي العام 2005 ضرب إعصار كاترينا ولاية فلوريدا الأميركية، وكان من الدرجة الأولى قبل أن يشتد ويصبح من الدرجة الخامسة، ويعد الإعصار ميتش الأضخم في العام 1998، وبلغت سرعة الرياح فيه 290 كيلومترا في الساعة، ونشأ في البحر الكاريبي قبل أن يعصف بدول هندوراس وغواتيمالا ونيكاراغوا.
أخبار ذات صلة مسؤول بوزارة البيئة التونسية لـ«الاتحاد»: COP28 يسعى لتسريع آليات مساعدة الدول النامية «الشارقة للاستدامة الرياضية».. جائزة مجتمعية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة
مقياس فوجيتا
يستخدم مقياس فوجيتا لتقدير شدة الإعصار، وهو مسؤول عن تصنيف الأعاصير، وفقاً لشدتها بناءً على الضرر الذي يمكن أن تسببه، وتم إنشاء هذا المقياس في العام 1971 من قبل عالم الأرصاد الجوية الأميركي تيتسويا تيودور فوجيتا، بالتعاون مع ألان بيرسون، ويبدأ المقياس من F0 وهو أضعفها بسرعة رياح بين 60-120 كلم، وحتى F5 وهو أقواها تدميراً بسرعة رياح من 420-510 كلم في الساعة.
فوائد الأعاصير
رغم أخطارها وخسائرها الكثيرة والواسعة والدمار الهائل الذي تسببه في الأرواح والممتلكات، فإن الأعاصير لها فوائد، وتلعب دوراً مهماً في حفظ كوكب الأرض وخلق التوازن على كوكبنا من خلال نقل الحرارة، كما تعيد توزيع الحرارة من خلال هطول الأمطار، وتترك الأعاصير القوية وراءها أثراً بارداً، إذ تكون درجات حرارة سطح البحر أكثر برودة بكثير من المياه المحيطة.
وتعزز الأعاصير أيضاً من بقاء الكائنات الحية إذ تحمل الرياح البذور التي بعيداً عن مصادرها الأصلية، مما يسهل انتشار العديد من الأنواع النباتية ونشرها حول العالم.
وتعتبر الأعاصير المدارية فعالة للغاية في إنتاج الأمطار، وبالتالي يمكن أن تكون فعالة في التغلب على الجفاف في بعض المناطق حول العالم التي تعاني شح المياه، كما تتسبب في ترسيب كميات كبيرة من قاع البحر والرواسب فيه نحو الشواطئ والمناطق الساحلية، مما يوفر بيئة للمجتمعات النباتات الساحلية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأعاصير الاستدامة كوب 28 مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ فی الساعة فی المحیط فی العام
إقرأ أيضاً:
نزوح مئات الأشخاص جراء إعصار "شيدو" في جزر القمر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نزح مئات الأشخاص من جزيرة (مايوت) في جزر القمر، إلى جزيرة (أنجوان) المجاورة؛ جراء إعصار "شيدو" الذي ضرب البلاد في 14 ديسمبر الجاري.
وذكر (راديو فرنسا الدولي) اليوم السبت، أن 681 لاجئا من جنسيات مختلفة وصلوا إلى جزيرة أنجوان - وهي جزيرة في أرخبيل جزر القمر - بعد الدمار الذي خلفه الإعصار.
وأعرب مدير الصحة الإقليمي في أنجوان الدكتور أنسوف الدين محمد، عن قلقه نتيجة المخاوف الصحية الكبيرة المتوقعة في الجزيرة؛ نتيجة لركود المياه وتعذر الحصول على مياه الشرب وصعوبة انتقال السكان.. قائلا:" اعتقد أن لدينا جميع المكونات التي تجعلنا نتوقع حدوث أزمة صحية كبيرة، سيخبرك أي متخصص في علم الأوبئة أن الوضع في جزيرة مايوت ينذر بوجود احتمالات كبيرة لانتشار أوبئة، بما في ذلك الكوليرا، والملاريا وربما حتى الحصبة".
ولفت الراديو إلى أنه تم نشر نظام وقائي معزز، حيث يتم تطعيم جميع الوافدين من جزيرة (مايوت) ضد الكوليرا، باستثناء الذين يحملون دليلا على حصولهم على التطعيم. من جانبه، قال المسؤول عن المراقبة الصحية في أنجوان الدكتور أوتياتي أحمد سليمان "إن هناك خطرا صحيا.. الوقاية هي سلاحنا.. لدينا عاملون في مجال الصحة المجتمعية في كل بلدة، كما أن هناك فريق تدخل سريع في كل منطقة يعمل بالتعاون مع العاملين في مجال الصحة المجتمعية في حالة وجود تنبيه".