في الجزء الثامن عشر من «موسوعة مصر القديمة»، والذي تناول الأدب المصري القديم في الشعر وفنونه والمسرح، يروي الأثري الراحل سليم حسن تمثيلية حفظت منقوشة على جدران معبد «إدفو» الذي أقيم للإله «حور»، ووصفها بأنها «تُعدُّ أحسن دراما حفظت لنا بحالة سليمة»، وفق تعبيره «حيث يوضح متنها رسوم لمناظرها؛ مما يساعد على فهم هذه الدراما».

 

حملت هذه الدراما عنوان «انتصار حور على أعدائه»، حيث تقص حرب الانتقام التي شنها «حور» على قاتل والده «أوزير»، ثم انتصاره والحكم له أمام القضاة المقدسيين، ثم اعتلائه عرش والده «أوزير» بوصفه الوارث القانوني له. لتنتمي هذه الحكاية إلى «الدراما المنفيَّة» أو «تمثيلية خلق الدنيا» و«دراما التتويج»، التي يرجع عهدها إلى أوائل الأسرة الثانية عشرة. 

وتشير الموسوعة إلى أن إله «إدفو» الأكبر هو «حوربحدت» أو «حور إدفو»، الذي نعرف أن حروبه الخرافية مع أعدائه ومع أعداء إله الشمس ترجع إلى أصل تاريخي -وهو الإله الذي نراه في الرسوم التي توضح الدراما- غير أنه في متن الدراما، وأحيانًا في التعابير المختصرة التي نجدها مكتوبة أمام بعض الآلهة الأخرى في الرسوم، أن «حور الصغير» بن «أوزير» و«إزيس» هو الذي يشار إليه دائمًا. 

وتحتوي «تمثيلية إدفو» على خمسة أقسام: مقدمة، وثلاثة فصول مقسمة إلى مناظر وخاتمة. تضم متونًا قصيرة قليلة العدد، يحتمل أنها اقتباسات من حديث، وليس فيها إلا عدد قليل جدًّا من العناوين المفسرة للمناظر.

يقول سليم حسن: التعليمات المسرحية فلا نجدها إلا في الفصل الأول في المنظر الرابع والفصل الثالث في المنظر الثالث، والتعليل المحتمل لهذه النقائص هو أن الرواية التي وصلت إلينا عن الدراما التي نتناولها الآن هي رواية مختصرة؛ بسبب أن الرقعة التي كانت تحت تصرف النحَّات على جدار المعبد كانت محدودة، وأنه كان لا بد له من أن يترك مسافة للأحد عشر رسمًا التي كانت لازمة لإيضاحها. 

وجاءت الرسوم الخاصة بـ «دراما التتويج» هذه تتضمن التعليمات المسرحية -أو قائمة المتاع- موضحة برسوم خشنة في أسفل الصحيفة؛ وفيما يختص بالممثلين، يظهر أنه كان يوجد في «تمثيلية إدفو» شخصيات ثانوية لا تشترك في التمثيلية بالكلام؛ بل كانوا يقومون بأدوارهم في مناظر صامتة.
وتوضح الموسوعة: لذلك لم تذكر التعاليم المسرحية في المتن الذي اختصر عن قصد، ومن جهة أخرى قد وجدنا أحاديث ذكرت في المتن، وفي الوقت نفسه لم نجدها في الرسوم الإيضاحية، وهذا الحذف يمكن أن يعزى إلى الاقتصاد في الرقعة التي تحت تصرف الكاتب، وأن مجرد وجود الممثلين والكلام الذي تفوَّهوا به في المتن كان يعتبر كافيًا.

 

جدل حول أصلها

هناك أدلة تُبرهن على أن التمثيلية أقدم بكثير من العصر الذي كتب فيه متنها على جدران المعبد. والواقع أن المتن نفسه يزخر بتعابير من اللغة المصرية الحديثة، ويوحي بأنه قد نسخ من بردية كتبت في أواخر الدولة الحديثة.

وقد ذكر في الرسوم أن رئيس مرتلي المعبد هو «إمحوتب» -المعروف بالحكيم والمعماري للملك «زوسر» من الأسرة الثالثة- مما يُشعر بأن القصة يرجع عهد تأليفها إلى زمن أبعد بكثير من نهاية الدولة الحديثة، يضاف إلى ذلك أن الجدار الذي كتب عليه متن الدراما ونقشت عليه رسومها، ويقال إنه أقيم حسب التصميم الذي وجد في كتاب «في تصميم معبد»، وتأليف هذا الكتاب يعزى إلى «إمحوتب» هذا.

وهناك رواية أخرى تقول إن هذا الجدار قد بني على غرار التصميم العظيم الذي في الكتاب الذي نزل من السماء شمالي «منف»، لتكون هناك رواية تربط المبنى الأصلي ببلدة «منف»، وبعبارة أخرى بعهد الدولة القديمة. هكذا ليس من المستحيل أن يرجع تاريخ «تمثيلية إدفو» إلى عهد الأسرة الثالثة، وأن يكون نفس كاتبها هو «إمحوتب» أو على الأقل كتبت تحت إشرافه.

 

ما السبب الذي من أجله نقشت هذه الدراما على جدران المعبد؟

تقول الموسوعة: كان المصري القديم يعتقد أن لوجود الكتابة والرسم معًا أثرًا سحريًّا واقيًا كالأثر السحري المفيد الذي يحصل عليه الإنسان من تمثيل الرواية المقدسة نفسها. فضلًا على أن فائدته هناك ستكون باقية إذا حدث أن «الدراما» قد أهمل تمثيلها السنوي. 

وتضيف: ولا جدال في أن الممثلين والممثلات، سواء أكانوا يمثلون دورهم بالحديث أم يمثلون دورهم صامتًا، كانوا ينتخبون من كهنة المعبد وأسرهم. وقد دلتنا إحدى التعليمات المسرحية التي بقيت على أن الكاهن رئيس مرتلي المعبد كان هو الذي يقوم بإلقاء الأحاديث، وكان مفروضًا أن الملك كذلك يلعب دورًا في المسرحية، ولكن بطبيعة الحال كان يقوم بإلقائه نائب عنه.

ومن المحتمل جدًّا أنه كان يوجد في المسرحية فرقة مغنين يجوز أنها كانت مكونة من مغني المعبد وموسيقييه، وكانوا يحتلون أماكنهم على المسرح بوصفهم أصحابًا ومعاضدين للإله «حور». 

وتدل الرسوم بوضوح على أن الدراما كان يمثل بعضها على الماء وبعضها بجانب مجرى ماء. ومن المحتمل أنها بركة حور، وهي بحيرة مقدسة تقع في الجهة الشرقية من المعبد، ولكنها في داخل السور المحيط به، والظاهر أن الممثلين الذين كانوا يمثلون حور والآلهة والعفاريت الذين كانوا يتبعونه، كانوا يلعبون دورهم على وجه عام في قوارب تسبح في البركة. 

وفي حين أن المرتل كان من المحتمل أن يقف على الأرض في الأمام بين المتفرجين والممثِّلين؛ أما «خاتمة التمثيلية» فيظهر أنها كانت تمثل على اليابسة.


كم مرة عُرضت «تمثيلية إدفو»؟

تشير الموسوعة أن هذه الدراما كانت تمثل سنويًّا، وقد أشير إلى تاريخ اليوم الذي كانت تمثل فيه، وذلك بوساطة تعليم مسرحي في الفصل الثالث؛ حيث يقول: إن تقطيع أوصال «ست»، وهو حادث جاء في آخر الدراما، كان ينفذ في اليوم الواحد والعشرين من الشهر الثاني من فصل الربيع؛ أي في الواحد والعشرين من شهر أمشير.

ويؤكد سليم حسن: وإن كانت هذه «الدراما» تمثل تذكارًا لانتصار «حور» على أعدائه، وأن تمثيلها السنوي كان يُظَنُّ أنه يخلد سحريًّا هذه الحوادث الجسام وما ينشأ عنها من فائدة، فإنه كان يُعتقد في الوقت نفسه أنها تمنح الملك الذي يمثل دورًا فيها نفس هذه الفوائد السحرية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: انتصار حور إدفو مصر القديمة هذه الدراما فی الرسوم على جدران على أن

إقرأ أيضاً:

«نقطة سوداء» أولى خطوات فاتي جمالي إلى الدراما المصرية

لفتت الفنانة المغربية فاتي جمالي، الأنظار في مسلسل «نقطة سوداء» بطولة أحمد فهمي ووفاء عامر، والذي يعد أولى خطواتها في عالم الدراما المصرية.

وتجسد في العمل دور شابة كانت مستقرة في الولايات المتحدة الأمريكية وتتقن اللهجة المصرية بسبب تعاملها مع الجالية المصرية بأمريكا، تتقاطع شخصيتها مع رضوى وشقيقها صلاح اللذين يقومان بخطة للانتقام من عائلة السويفي، لكن تقع رضوى في حب أحد أبناء عائلة السويفي رغم العداوة بين الأسرتين وتتوالى الأحداث في قالب اجتماعي تشويقي رومانسي.

فاتن جمالي

ورغم وجود فاتي جمالي وسط مجموعة من كبار من النجوم في المسلسل مثل الراحل أشرف عبد الغفور والراحلة ناهد رشدي، إلا أنها جذبت الأنظار بموهبتها الخصبة وحضورها على الشاشة فمن تكون فاتي جمالي.

من هي فاتن جمالي؟

فاطمة الزهراء، هو اسمها الحقيقي وشهرتها في الوسط الفني "فاتي جمالي" ولدت عام 1988، وتنحدر من مدينة الدار البيضاء المغربية، ولديها أصول أمازيغية.

وتوصف بأنها ممثلة وعارضة أزياء ومقدمة برامج، إذ اقتحمت عالم الأزياء وعمرها 16 عاما، وشاركت في مسابقات ملكات الجمال، وفي عام 2015، وكانت البداية من خلال مشاركتها في برنامج "رامز بيلعب بالنار" وتوالت بعد ذلك أعمالها في النلفزيون والسينما ومن أهم أعمالها في الدراما المغربية "أولاد الدرب، البيوت أسرار" ويعد مسلسل "نقطة سوداء" أول ظهور لها بالدراما المصرية.

اقرأ أيضاًمواعد عرض مسلسل نقطة سوداء والقنوات الناقلة

«شوف».. mbc تكشف عن الأغنية الدعائية لمسلسل نقطة سوداء بطولة أحمد فهمي (فيديو)

بطولة أحمد فهمي.. موعد عرض مسلسل «نقطة سوداء»

مقالات مشابهة

  • نجم Squid Game بطل الدراما الرومانسية Annoying Love.. والبطلة تصغره بـ18 عامًا
  • «تعليم أسوان» تنظم فعاليات لمهرجان أعياد الطفولة ومسابقة الإلقاء
  • في عيد ميلاده.. تعرف على أبرز المحطات الفنية في حياة الفنان أحمد صيام
  • مدرب اليابان: طموحنا التتويج بكأس العالم
  • مدرب اليابان يطمح إلى التتويج بكأس العالم
  • إدارة إدفو التعليمية بأسوان تنظم تصفيات مسابقة القرآن الكريم وتشارك بمعرض العلوم والهندسة
  • محمد الشيخي: التشكيلة التي بدأ بها هيرفي رينارد اليوم كانت خاطئة
  • طلب البعثة الاممية التي قدمه حمدوك كانت تصاغ وتُكتب من داخل منزل السفير الانجليزي في الخرطوم!!!
  • علاقات غير شرعية وفساد أخلاقي تتابع مريب لعرض 3 أعمال فنية مصرية
  • «نقطة سوداء» أولى خطوات فاتي جمالي إلى الدراما المصرية