القضية الفلسطينية والرأي العام العالمي
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
كشفت الحرب البشعة والعدوانية التي يشنها الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من خمسين يوما عددا من الظواهر الأساسية والتي تجعل من هزيمة إسرائيل حقيقة مؤكدة، حيث إن الهزيمة الكبرى للجيش الإسرائيلي وأجهزته الاستخباراتية حدثت يوم السابع من أكتوبر فقد شهد الكيان الإسرائيلي ما يشبه الانهيار. ومن هنا فإن ردة الفعل جاءت انتقامية ضد المدنيين في قطاع غزة من الأطفال والنساء والشيوخ والقصف العشوائي على المؤسسات الصحية ومنع المساعدات الإنسانية لأكثر من مليوني إنسان.
وفي تصوري أن الرأي العام في الغرب قد هاله تلك المناظر البشعة حيث وسائل الإعلام الأمريكية والغربية دوما تتعاطف مع الكيان الإسرائيلي من خلال إظهاره دوما بالضحية، وأن العرب ومنهم الشعب الفلسطيني يريدون تدمير إسرائيل. ومن هنا لعب الهاتف الذكي الذي يملكه كل إنسان على هذا الكوكب دورا كبيرا حيث شاهد العالم تلك الجرائم الإنسانية وتلك المناظر المروعة التي ارتكبها سلاح الجو الإسرائيلي على مدى أسابيع ضد الأبرياء المدنيين في قطاع غزة، وخرجت المظاهرات الكبيرة في العواصم الغربية كواشنطن ولندن وبرلين وباريس ومدريد علاوة على الدول العربية والإسلامية.
وفي تصوري أن الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا كشفت فيه زيف الإعلام الغربي التقليدي الذي كان يحجب الصورة البشعة للكيان الإسرائيلي على مدى أكثر من سبعة عقود، ومن هنا ثار الرأي العام العالمي منددا بسلوك نتانياهو والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بل وطالب القادة في الغرب بضرورة وقف إطلاق النار، وإنقاذ المدنيين من المحرقة الإسرائيلية. ومن هنا فان ظاهرة الإعلام الرقمي تعد إحدى الظواهر الإيجابية التي وثقت تلك الجريمة وكشفت قبح وسلوك الكيان الإسرائيلي على حقيقته. كما أن عددا من القنوات العربية التقليدية لعبت دورا مهنيا في كشف سلوك الكيان الإسرائيلي ومنها قناة الجزيرة الإخبارية والتي تعرض بعض مراسليها في قطاع غزة لاستشهاد عدد من أفراد اسرهم، وأيضا كشف جريمة الكيان الإسرائيلي المدوية والتي جعلت الرأي العام العالمي وحتى عدد من اليهود في العالم يدينون تلك الجريمة الشنعاء التي أثارت العالم شرقه وغربه.
ولا شك أن بلادنا سلطنة عمان هي في مقدمة الدول العربية في موقفها النبيل والمشرف ضد العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة حيث انسجم الموقف الرسمي والديني والشعبي في موقف جدير بالاحترام والإنصاف وهو ليس بالغريب على بلادنا وتاريخها المتجذر الذي ينحاز دوما للحق والعدل والإنصاف.
إن ظاهرة الإعلام الرقمي قد جعل إسرائيل في حالة ذهول حتى من مواقف الدول الغربية كأسبانيا وبلجيكا علاوة على دول أمريكا اللاتينية، كما أن الدور القطري كان كبيرا ومشرفا في الوصول إلى هدنة إنسانية لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزه علاوة على تبادل المحتجزين والأسرى من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
ولعل السؤال الأهم هو حول تأثير ظاهرة الرأي العام في الغرب بشكل خاص على مستقبل القيادات الغربية خلال الانتخابات القادمة خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تشير استطلاعات الرأي بان الرئيس الأمريكي بايدن سوف يدفع الثمن وقد تتوقف مسيرته السياسية نظرا للانحياز الأمريكي الواضح للكيان الإسرائيلي. كما أن نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية سوف ينتهي سياسيا وسوف يحاكم بعد انتهاء الحرب، والتي تقترب نهايتها بعد فشل الحرب البرية وصمود المقاومة الفلسطينية وتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة. كما أن بقية القيادات الغربية في فرنسا وبريطانيا قد تخسر الانتخابات نظرا لتحيزها غير الأخلاقي. وعلى ضوء ذلك فان سقوط الأنظمة الغربية خلال الانتخابات القادمة سيكون مرده إلى فضح الإعلام الرقمي وشبكات التواصل الاجتماعي جريمة الكيان الإسرائيلي وإظهار تلك الجريمة الإنسانية البشعة لملايين من الشعوب مما أوجد سخطا غير مسبوق من تلك الشعوب ضد الأنظمة الغربية. إن الإعلام الرقمي والهواتف الذكية هي اللاعب الأساسي في كشف جريمة الكيان الإسرائيلي المروعة ضد أطفال غزة والذي تجاوز ١٥ ألف إنسان وهي جريمة موثقة لابد أن يحاكم مرتكبوها المباشرين وغير المباشرين. ومن هنا فإن المشهد السياسي في المنطقة والعالم شهد تحولا دراماتيكيا نحو إحياء القضية الفلسطينية، وفي تصوري أن من أهم نتائج المشهد بعد الحرب هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وهذا بفضل صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة الباسلة والتي سجلت انتصارا عسكريا وإنسانيا في التعامل مع الأسرى.
إن السابع من أكتوبر يظل يوما فارقا في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وسوف تخضع إسرائيل في نهاية المطاف لإقامة الدولة الفلسطينية والتي تستعد عدد من الدول الغربية للاعتراف بها لان ذلك هو النتيجة المنطقية لإحلال السلام الشامل والعادل في المنطقة وأن الكيان الإسرائيلي أدرك أخيرا أن الأمن لن يتحقق إلا بوجود حل الدولتين وإرجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي قدم التضحيات الكبيرة على مدى سبعة عقود ونصف تحية وطنية للشعب الفلسطيني وللمقاومة ولكل شعوب وأحرار العالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکیان الإسرائیلی الإعلام الرقمی الإسرائیلی على العام العالمی الرأی العام فی قطاع غزة ومن هنا کما أن
إقرأ أيضاً:
نميرة نجم توضح تفاصيل جلسات الاستماع أمام المحكمة بشأن القضية الفلسطينية
تحدثت السفيرة نميرة نجم، عضو الفريق القانوني الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية، عن تفاصيل جلسات الاستماع أمام المحكمة بشأن القضية الفلسطينية، حيث تتصدر قضية نفاذ المساعدات الإنسانية المشهد، وسط الجدل الدائر حول القانون الإسرائيلي الذي يفرض قيودًا على وصول وكالة "الأونروا" إلى المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأكدت ، خلال حديثها ببرنامج "الحياة اليوم" المذاع على قناة "الحياة" أن الجلسات استهلتها الأمم المتحدة ووكالة الأونروا، تلتها مداخلة الجانب الفلسطيني، قبل أن تأتي المداخلة المصرية لتشكل نقطة تحول بارزة في النقاش القانوني.
وأشارت إلى أن المداخلات شددت على التزامات إسرائيل القانونية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة فيما يتعلق بتسهيل وصول المساعدات.
وأكدت أن المداخلة المصرية أبرزت ضرورة التزام إسرائيل بصفتها دولة احتلال بتأمين المعابر، وعدم استخدام سياسة التجويع كأداة حرب، مشددة في الوقت ذاته على موقف مصر الثابت في دعم القانون الدولي ورفض تهجير الفلسطينيين.
كما سلطت المداخلة المصرية الضوء على استحالة الحياة الطبيعية للفلسطينيين في أراضيهم، وهو أمر يتنافى مع أبسط المبادئ الإنسانية، مؤكدة أن الالتزامات الدولية تفرض على إسرائيل، بصفتها عضوًا في الأمم المتحدة، ضمان حقوق المدنيين، خاصة في ظل الوساطة الثلاثية المصرية القطرية الأمريكية.