ربما بدت قمة بايدن-شي بمدينة سان فرانسيسكو في 15 و16 نوفمبر مخيبة للآمال لعدم صدور إعلانات ملموسة عنها، خصوصا بالنظر إلى القائمة الطويلة للقضايا العالقة بين الولايات المتحدة والصين والتي تراكمت منذ آخر لقاء للزعيمين على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي.

يتساوى الجانبان في الإحساس بمشاعر الإحباط. على الجانب الصيني كانت القضية الأكثر إلحاحا على الأرجح رفع قيود التصدير الأمريكية على أشباه الموصِّلات وبشكل أعمّ سياسة الاحتواء التكنولوجي (للصين) التي تعتمدها الولايات الأمريكية (كجزء من استراتيجية أمنها القومي).

لكن جو بايدن لم يتنازل في هذا الخصوص.

أما على جانب الولايات المتحدة فموقف الصين من الحرب في أوكرانيا ومؤخرا في غزة كان خطا أحمر لم يتعامل معه شي جينبينج بشكل مباشر.

مع ذلك توصل اجتماع بايدن-شي إلى أهداف مهمة لن تقتصر فقط على تشكيل العلاقات الثنائية بين القوتين المهيمنتين ولكنها أيضا تساعد الاتحاد الأوروبي على تأطير توقعاته من قمة الصين-الاتحاد الأوروبي في بكين التي ستنعقد في 5-6 ديسمبر.

أولا، تمكن الرئيس بايدن من ترجيح كفة الاجتماع لصالح الولايات المتحدة خلافا للقاءات السابقة. من جانبه، لم يحقق الرئيس شي تقدما في رفع القيود عن الصادرات الأمريكية إلى الصين. بالإضافة إلى ذلك قدم تنازلات خصوصا على الصعيد الأمني. فقد قبل باستئناف الحوار العسكري رفيع المستوى بين الولايات المتحدة والصين والذي توقف ردا على زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان في أغسطس 2022.

هذا الاتفاق (باستئناف الحوار العسكري) مهم على نحو خاص لبايدن في فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام القادم. لكن من الواضح أيضا أنه خبر جيد لكلا القوتين العظميين ولباقي العالم.

في هذا السياق يبدو أن دعوة بايدن للصين بضبط النفس فيما يتعلق بنشاطها العسكري في تايوان مع تأكيده في نفس الوقت على التزام الولايات المتحدة بسياسة «صين واحدة» قد آتت أُكُلها.

فالزعيم الصيني استبعد المواجهة العسكرية أثناء مأدبة العشاء التي أقيمت على شرفه مع قادة الأعمال الأمريكيين.

التعاون العسكري وتطمينات شي بشأن موقف الصين من تايوان يزيحان عقبة مهمة لمسؤولي الاتحاد الأوروبي في قمتهم القادمة ببكين مما سيمكنهم من التركيز على القضايا الاقتصادية مثل العجز التجاري الثنائي الذي يتزايد بسرعة بين الاتحاد الأوروبي والصين والمخاوف المتعلقة بالسياسة الصناعية الصينية واتساع نطاق استخدام الدعم الحكومي لعدد من الصادرات الرئيسية بما في ذلك (مؤخرا جدا) السيارات الكهربائية، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى فتح تحقيق ضد الدعم المالي.

النتيجة الثانية والإيجابية جدا من اجتماع بايدن-شي بالنسبة للاتحاد الأوروبي هي التزام الصين بتفعيل مجموعة العمل الخاصة بتعزيز جهود حماية المناخ من خلال تسريع اتخاذ إجراءات محسوسة في هذا الصدد.

من الواضح أن الاتحاد الأوروبي والعالم يمكنهما الاستفادة من تعاون بلدين هما الأكثر تلويثا للهواء حول قضايا المناخ. لكن لا يزال من المهم أن يظل الاتحاد الأوروبي لاعبا رئيسيا في محادثات التغير المناخي والتي يجب أن تكون من بين أهداف قمة ديسمبر القادمة في بكين.

على صعيد أقل إيجابية لم يردُّ شي جينبينج على مساعي جو بايدن لدفع الصين إلى المساهمة في إنهاء حربي أوكرانيا وغزة.

هذا يعني أن قيادة الاتحاد الأوروبي ستكون بحاجة لإنفاق بعض رأس المال السياسي لكي تجعل بكين أكثر تعاونا فيما يتعلق بأوكرانيا، حتى إذا اتضح فشل جهود بايدن.

مع ذلك صرح الرئيس شي أن علاقات الصين مع الولايات المتحدة هي الأكثر أهمية. وهو ما يمكن أن يُقرأ أيضا كإقرار من شي بأن روسيا من الممكن ألا تكون الشريك الأكثر أهمية للصين.

في هذا السياق يقع على عاتق وفد الاتحاد الأوروبي الزائر لبكين تذكير القيادة الصينية بأن الاتحاد هو أكبر شريك تجاري للصين حتى تضع ذلك في اعتبارها تماما عندما تقيِّم دعمَها لروسيا.

إجمالا، في حين لم تُحدِث قمة بايدن-شي تغييرا كبيرا في الوضع القائم (بمعنى عدم إعلانها عن إجراءات محسوسة) إلا أنها حققت هدفين. فهي أولا خففت من التوترات الأمنية الراهنة بين القوتين العظميين. وثانيا حقق بايدن بعض المكاسب مع إبداء شي قدرا أكبر من المرونة. وحقيقة أن لم يتراجع بايدن عن سياسة الاحتواء التكنولوجي للصين ستجعل من اليسير للاتحاد الأوروبي تجنب أية ضغوط من الصين لرفع قيود الصادرات المتعلقة بالتكنولوجيا.

بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يساعد الحوار العسكري الأمريكي-الصيني وأيضا المقاربة الأقل عداء تجاه تايوان قيادة الاتحاد الأوروبي على التركيز على قدراتها المركزية وهي التجارة والاستثمار.

على نحو أعم، موقف الرئيس شي الأكثر تعاونا تجاه الولايات المتحدة يتعلق على الأغلب بتزايد الضغوط الداخلية الناشئة عن الضعف الذي يواجه الاقتصاد. وهذا بدوره يجب أن يساعد الاتحاد الأوروبي في مفاوضاته خلال القمة الوشيكة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی بایدن شی فی هذا

إقرأ أيضاً:

رداً على ترامب.. الاتحاد الأوروبي: غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية

 

أكد متحدث مفوضية الاتحاد الأوروبي أنور العنوني، أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية.

جاء ذلك في تصريح صحافي الخميس، تعليقا على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه.

وأوضح العنوني أن الاتحاد الأوروبي مستمر في التزامه الكامل بحل الدولتين الذي يراه السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأضاف: “غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.

وشدد على أن موقف الاتحاد الأوروبي هو عدم السماح لمزيد من التهجير القسري للفلسطينيين.

ومساء الثلاثاء، كشف ترامب خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، عزمه الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين منه، ما أثار رفضا إقليميا ودوليا واسعا.

ومنذ 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، يروج ترامب لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

وفي 19 يناير الماضي، بدأ اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يومًا، ويتم خلال الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

 

المصدر: (الأناضول)

مقالات مشابهة

  • احتجاجات المزارعين البولنديين ضد رئيسة المفوضية الأوروبية
  • الاتحاد الأوروبي يدعو وزير الخارجية السوري لزيارة بروكسل
  • تراجع توريد الغاز المسال من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي بمقدار الربع في 2024
  • أوروبا تحقق مع منصة شي إن الصينية
  • موقف الاتحاد الأوروبي من خطط ترامب حول غزة.. حذر مبالغ فيه بسبب ترامب
  • تحقيق أوروبي مع منصة "شي إن" الصينية
  • رداً على ترامب.. الاتحاد الأوروبي: غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية
  • الاتحاد الأوروبي: أي استثناء لحظر السفر على الشرع تقرره الأمم المتحدة
  • الأمين: ليبيا تواجه تهديدات وجودية وحلها يتطلب حكومة موحدة وحوار وطني
  • الصين تأمل في اتفاق يجنبها حربا تجارية مع الولايات المتحدة