حوار بايدن - شي مُهم لنجاح القمة الأوروبية الصينية
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
ربما بدت قمة بايدن-شي بمدينة سان فرانسيسكو في 15 و16 نوفمبر مخيبة للآمال لعدم صدور إعلانات ملموسة عنها، خصوصا بالنظر إلى القائمة الطويلة للقضايا العالقة بين الولايات المتحدة والصين والتي تراكمت منذ آخر لقاء للزعيمين على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي.
يتساوى الجانبان في الإحساس بمشاعر الإحباط. على الجانب الصيني كانت القضية الأكثر إلحاحا على الأرجح رفع قيود التصدير الأمريكية على أشباه الموصِّلات وبشكل أعمّ سياسة الاحتواء التكنولوجي (للصين) التي تعتمدها الولايات الأمريكية (كجزء من استراتيجية أمنها القومي).
أما على جانب الولايات المتحدة فموقف الصين من الحرب في أوكرانيا ومؤخرا في غزة كان خطا أحمر لم يتعامل معه شي جينبينج بشكل مباشر.
مع ذلك توصل اجتماع بايدن-شي إلى أهداف مهمة لن تقتصر فقط على تشكيل العلاقات الثنائية بين القوتين المهيمنتين ولكنها أيضا تساعد الاتحاد الأوروبي على تأطير توقعاته من قمة الصين-الاتحاد الأوروبي في بكين التي ستنعقد في 5-6 ديسمبر.
أولا، تمكن الرئيس بايدن من ترجيح كفة الاجتماع لصالح الولايات المتحدة خلافا للقاءات السابقة. من جانبه، لم يحقق الرئيس شي تقدما في رفع القيود عن الصادرات الأمريكية إلى الصين. بالإضافة إلى ذلك قدم تنازلات خصوصا على الصعيد الأمني. فقد قبل باستئناف الحوار العسكري رفيع المستوى بين الولايات المتحدة والصين والذي توقف ردا على زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان في أغسطس 2022.
هذا الاتفاق (باستئناف الحوار العسكري) مهم على نحو خاص لبايدن في فترة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام القادم. لكن من الواضح أيضا أنه خبر جيد لكلا القوتين العظميين ولباقي العالم.
في هذا السياق يبدو أن دعوة بايدن للصين بضبط النفس فيما يتعلق بنشاطها العسكري في تايوان مع تأكيده في نفس الوقت على التزام الولايات المتحدة بسياسة «صين واحدة» قد آتت أُكُلها.
فالزعيم الصيني استبعد المواجهة العسكرية أثناء مأدبة العشاء التي أقيمت على شرفه مع قادة الأعمال الأمريكيين.
التعاون العسكري وتطمينات شي بشأن موقف الصين من تايوان يزيحان عقبة مهمة لمسؤولي الاتحاد الأوروبي في قمتهم القادمة ببكين مما سيمكنهم من التركيز على القضايا الاقتصادية مثل العجز التجاري الثنائي الذي يتزايد بسرعة بين الاتحاد الأوروبي والصين والمخاوف المتعلقة بالسياسة الصناعية الصينية واتساع نطاق استخدام الدعم الحكومي لعدد من الصادرات الرئيسية بما في ذلك (مؤخرا جدا) السيارات الكهربائية، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى فتح تحقيق ضد الدعم المالي.
النتيجة الثانية والإيجابية جدا من اجتماع بايدن-شي بالنسبة للاتحاد الأوروبي هي التزام الصين بتفعيل مجموعة العمل الخاصة بتعزيز جهود حماية المناخ من خلال تسريع اتخاذ إجراءات محسوسة في هذا الصدد.
من الواضح أن الاتحاد الأوروبي والعالم يمكنهما الاستفادة من تعاون بلدين هما الأكثر تلويثا للهواء حول قضايا المناخ. لكن لا يزال من المهم أن يظل الاتحاد الأوروبي لاعبا رئيسيا في محادثات التغير المناخي والتي يجب أن تكون من بين أهداف قمة ديسمبر القادمة في بكين.
على صعيد أقل إيجابية لم يردُّ شي جينبينج على مساعي جو بايدن لدفع الصين إلى المساهمة في إنهاء حربي أوكرانيا وغزة.
هذا يعني أن قيادة الاتحاد الأوروبي ستكون بحاجة لإنفاق بعض رأس المال السياسي لكي تجعل بكين أكثر تعاونا فيما يتعلق بأوكرانيا، حتى إذا اتضح فشل جهود بايدن.
مع ذلك صرح الرئيس شي أن علاقات الصين مع الولايات المتحدة هي الأكثر أهمية. وهو ما يمكن أن يُقرأ أيضا كإقرار من شي بأن روسيا من الممكن ألا تكون الشريك الأكثر أهمية للصين.
في هذا السياق يقع على عاتق وفد الاتحاد الأوروبي الزائر لبكين تذكير القيادة الصينية بأن الاتحاد هو أكبر شريك تجاري للصين حتى تضع ذلك في اعتبارها تماما عندما تقيِّم دعمَها لروسيا.
إجمالا، في حين لم تُحدِث قمة بايدن-شي تغييرا كبيرا في الوضع القائم (بمعنى عدم إعلانها عن إجراءات محسوسة) إلا أنها حققت هدفين. فهي أولا خففت من التوترات الأمنية الراهنة بين القوتين العظميين. وثانيا حقق بايدن بعض المكاسب مع إبداء شي قدرا أكبر من المرونة. وحقيقة أن لم يتراجع بايدن عن سياسة الاحتواء التكنولوجي للصين ستجعل من اليسير للاتحاد الأوروبي تجنب أية ضغوط من الصين لرفع قيود الصادرات المتعلقة بالتكنولوجيا.
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يساعد الحوار العسكري الأمريكي-الصيني وأيضا المقاربة الأقل عداء تجاه تايوان قيادة الاتحاد الأوروبي على التركيز على قدراتها المركزية وهي التجارة والاستثمار.
على نحو أعم، موقف الرئيس شي الأكثر تعاونا تجاه الولايات المتحدة يتعلق على الأغلب بتزايد الضغوط الداخلية الناشئة عن الضعف الذي يواجه الاقتصاد. وهذا بدوره يجب أن يساعد الاتحاد الأوروبي في مفاوضاته خلال القمة الوشيكة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبی بایدن شی فی هذا
إقرأ أيضاً:
تراجع نمو اقتصادات أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي
يمانيون../
أظهرت بيانات “يوروستات” انخفاضا كبيرا في نمو اقتصادات أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي أو تسجيلها ديناميكية سلبية خلال الربع الثالث من العام 2024.
أظهرت بيانات “يوروستات” انخفاضا كبيرا في نمو اقتصادات أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي أو تسجيلها ديناميكية سلبية خلال الربع الثالث من العام 2024.
وبحسب تحليلات وكالة “نوفوستي” الروسية لبيانات “يوروستات” تمثل هذه الظاهرة أول حالة من نوعها منذ الربع الثاني من عام 2022، في ذروة أزمة الطاقة.
وفقا لما أعلنته هيئة “يوروستات”فقد سجل اقتصاد الاتحاد الأوروبي نموا بنسبة 0.4% خلال الفترة المشمولة بالتقرير على أساس ربع سنوي، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي لأكثر من نصف الدول الأعضاء كان أقل من هذا المعدل.
من بين هذه الدول، حافظت 9 دول على معدلات نمو إيجابية، حيث سجلت اقتصادات كل من بلجيكا واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا وفنلندا والسويد نموا بنسبة 0.3%، ولوكسمبورغ والبرتغال بنسبة 0.2%، وألمانيا بنسبة 0.1%.
أما إستونيا وإيطاليا فقد بقيت معدلات نموهما عند نفس مستوى الربع الثاني، في حين أنهت 5 دول الفترة بمعدلات نمو سلبية، منها النمسا وبولندا ورومانيا بنسبة -0.1%، ولاتفيا -0.2%، وهنغاريا -0.7%.
وتشير البيانات إلى أنه في الربع الثاني، كانت حالة الاقتصاد الأوروبي أفضل بشكل ملحوظ، حيث انضمت 11 دولة فقط إلى قائمة الدول ذات الأداء الضعيف وفقا للمؤشر الاقتصادي الرئيسي، وكان من بينها 5 دول فقط سجلت معدلات نمو سلبية.
وكان من المتوتقع أن يصاحب تدهور الأوضاع المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي انخفاض في مؤشر الإنتاج الصناعي على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل، حيث تراجع من 102.5 نقطة في الربع الثاني من عام 2022 إلى 98.3 نقطة في الربع الثالث من العام الماضي،
وبحسب أحدث البيانات فقد سجلت ديناميكية المؤشر معدلات سلبية طوال الأرباع الثلاثة الماضية.
هذ وانتهى الاتفاق المبرم عام 2019 بشأن نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا في 31 ديسمبر، وقد ذكرت كييف أنها لا تخطط لتجديده.
ويتوقع خبراء أن يؤدي وقف تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية، فيما طالبت شركات أوروبية المفوضية الأوروبية بإيجاد حل لاستمرار تدفق الغاز الروسي عبر أوكرانيا.