إسرائيل تقصف جنوب غزة أيضا.. فأين نذهب؟
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
عندما بدأت كتابة هذا المقال، هنا في خان يونس، جنوب غزة، كانت الصواريخ الإسرائيلية تقع في مكان قريب منا، وبمجرد أن نتجاوز الصدمة الأولى للانفجارات المدوية، واهتزاز المنزل وارتجاف ركبنا، فإن الغريزة الأولى هي الإسراع فورًا لتهدئة الأطفال الذين تبدو صرخاتهم بطريقة ما أعلى وأكثر إيلامًا من الضربات نفسها.
طوال الغزو الإسرائيلي، طُلب من سكان شمال غزة أن ينتقلوا إلى الجنوب «الآمن»، إلا أنّ حياتنا اليومية هنا تشهد على حقيقة أنه لا يوجد مكان آمن في غزة، فمع سقوط الصواريخ، يمتلئ منزلنا بالأقربين، بما في ذلك الكثير من الأطفال، بعضهم فقدوا منازلهم القريبة بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، وآخرون فروا من القصف في شمال غزة بحثًا عن «الأمان» في الجنوب. وهنا في الجنوب فقدت أقرب أقاربي من جهة والدي، وأصيب ثلاثة أشقاء وزوجاتهم وأطفالهم بالصواريخ الإسرائيلية، وتحول المبنى بأكمله إلى أنقاض، ولم ينج منهم سوى عدد قليل، خاصة أولئك الذين خرجوا لشراء البضائع. لم يكن هناك أي تحذير على الإطلاق، ولم توزّع أية منشورات في المنطقة تطالب الناس بالإخلاء.
لقد مرت بضعة أسابيع منذ مقتلهن، فقد كنّ فتيات أصغر مني، بأحلام أكبر من هذا القطاع الصغير الذي ولدنا فيه، ولا يزال والدي يكافح من أجل تجاوز ذلك، ولا أعلم إن كنا قد تجاوزنا ذلك أيضا. ما زلنا نحلم بطريقة أو بأخرى بوقف دائم لإطلاق النار، فأبناء عمومتي يحلمون بالعودة إلى ديارهم، ويحلم الأطفال بالعودة إلى غرف نومهم وألعابهم.
ومع ذلك، عندما ننظر حولنا ونستمع إلى الأخبار، وهو ما أعترف أنه لا يحدث كثيرًا؛ نظرًا لندرة الاتصالات والوصول إلى الإنترنت، فمن المهم دائمًا البحث عن مكان يعمل بالطاقة الشمسية لشحن هواتفنا وبطاريات الهواتف. يبدو من المحتمل جدًا أننا قد نفقد هذا المنزل الأخير المتبقي أيضًا، أو نضطر إلى الخروج مرة أخرى، هذا في حالة أننا نجونا أصلا. إنّ هناك اتفاقًا أن يستمر «وقف» الأعمال العدائية لمدة أربعة أيام فقط، ولهذا فإنّ القصف المكثف والقصف المدفعي في الجنوب في الأيام السابقة أعطانا إحساسا مروعا بأنه بعد «التوقف» سيأتي دورنا لشن حملة واسعة النطاق وغزو خان يونس.
المسؤولون الإسرائيليون يدرسون بالفعل توسيع غزوهم البري في خان يونس، وهذا احتمال أكبر من أن نتصوره، وقد اضطر ما يقرب من مليون شخص إلى مغادرة شمال غزة إلى الجنوب، والطعام يكاد أن ينفد منا. إنّ صنابير المياه في هذه المرحلة وكذلك الثلاجة ليست سوى أدوات للزخرفة، وكذلك لا يوجد أبدا أي مياه جارية أو كهرباء. لقد نفدت جميع الأطعمة المعلبة والمعكرونة التي كانت لدينا، ولم يتبق معنا سوى الدقيق، ولذلك نلجأ إلى اقتلاع الفاكهة من الأشجار في الحديقة وخبز الخبز على نار الحطب، أو نستخدم فرن الطين الذي أحضرناه من عند الجيران. ما زلنا نقوم برحلات خطيرة لشراء البضائع والحاجيات، ومع ذلك من الصعب جدًا العثور على أي شيء في المتاجر.
شوارع خان يونس مكتظة، إذ ينام النازحون، إذا لم يكونوا يقيمون مع أقاربهم أو مضيفين، في المدارس وفي الخيام وفي الشوارع، حيث الليالي باردة جدًا، حتى بالنسبة لأولئك الذين ينامون والأسقف فوق رؤوسهم. إنّ جميع نوافذنا إما مكسورة بالفعل أو تُركت مفتوحة لتجنب تكسر الزجاج من تأثير القصف القريب، وليس لدينا ما يكفي من البطانيات، فيما أصيب العشرات منا بالأنفلونزا، فلقد بدأ فصل الشتاء بالفعل، وأولئك الذين يعيشون في الخيام هم الأكثر تأثرًا بالمطر.
وإذا اضطررنا إلى مغادرة خان يونس أيضا، فإلى أين من المفترض أن نذهب؟ نحن نكره الاعتقاد بأن إسرائيل تريد حقًا إخراجنا من غزة تمامًا إلى سيناء، ولكن في هذه المرحلة يشكل هذا مصدر قلق حقيقي، فنحن نسمع بالفعل تصريحات عن تحويل خان يونس «إلى ملعب كرة قدم» وطرد الناس منها باعتباره «الحل» لمشكلة غزة. ولقد شاهد العالم الصواريخ الإسرائيلية وهي تدمر منازلنا ومساجدنا وكنائسنا ومستشفياتنا، ولقد شاهدوا القضاء على عائلات بأكملها، ووفقًا لتحديث من المدير التنفيذي لليونيسف قبل ثلاثة أيام، قُتل أكثر من 5300 طفل. إنّ خوفنا الأكبر هو أن يستمرّ العالم في مشاهدة أولئك الذين نجوا من القصف الذي لا يبقي ولا يذر، وهم يُطردون من وطنهم إلى الأبد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: خان یونس
إقرأ أيضاً:
شهداء بالعشرات تدمير مربعات سكنية برفح وشهداء بخان يونس وغزة في اليوم الـ20 لاستئناف العدوان
الثورة نت/وكالات واصلت طائرات العدو الإسرائيلي الحربية قصفها لمختلف مناطق قطاع غزة مخلفة العشرات من الشهداء والجرحى الفلسطينيين في اليوم العشرين من استئناف العدوان. وأفادت وسائل إعلام فلسطينية ،بأن الانفجارات الغير مسبوقة ظلت تسمع في كافة ارجاء القطاع والتي نجمت عن تفجيرات ينفذها جيش العدو الإسرائيلي بمدينة رفح جنوب قطاع غزة. وأضافت وسائل الإعلام أن جيش العدو الإسرائيلي دمر عددًا من المنازل القريبة من محور موراج وشرع بتجريف الأراضي الزراعية في منطقة قيزان رشوان جنوب غربي مدينة خان يونس . ونقل خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية ثمانية شهداء فلسطينيين من المدينة. وفي خان يونس ارتقى تسعة شهداء فلسطينيين في قصف منزل وخيمة. واستشهد اربعة مواطنين فلسطينيين بينهم امرأتين في قصف منزل عائلة عبد الهادي عرب خان يونس فيما استشهد خمسة مواطنين في قصف خيام النازحين جنوب المدينة، واعاد جيش العدو الإسرائيلي قصف مسجد الإسلام بمدينة خان يونس والذي قصف في وقت سابق من العدوان. وشهدت خان يونس سلسلة غارات أدت لاستشهاد ١٥ مواطن فلسطيني خلال الأربع وعشرين ساعة بينهم ستة مواطنين في قصف قرب صالة الهابي ستي. وفي غزة هز انفجار كبير الأحياء الجنوبية للمدينة أثر غارة اسرائيلية. واستشهد مواطنان فلسطينيان في قصف منزل لعائلة السلاخي بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة وكان ثلاثة مواطنين فلسطينيين بينهم شقيقان من عائلة سالم استشهدوا باستهداف طائرات العدو الإسرائيلي الحربية مجموعة من المواطنين في شارع وادي العرايس بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة. وواصل جيش العدو الإسرائيلي توسيع سيطرته في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وأعلنت وزارة الصحة بغزة في تقريرها اليوم عن وصول مستشفيات القطاع ٦٠ شهيداً، و ١٦٢ إصابة خلال ٢٤ ساعة الماضية. وبلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ ١٨ مارس ٢٠٢٥ بلغت (١٣٠٩ شهداء، ٣١٨٤ إصابة). وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى ٥٠٦٦٩ شهيداً و ١١٥٢٢٥ إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام ٢٠٢٠ م.