أجرت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبد الرحيم، رئيس تحرير «البوابة نيوز»، ومساعد رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة لملف الإسلام السياسي، ومقدمة برنامج «الضفة الأخرى» على قناة القاهرة الإخبارية، لقاءً حصريًا مع السيناتور جاكلين أوستاش، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، وعضو الحزب الجمهوري الفرنسي، ضمن سلسلة حوارات حصرية من العاصمة الفرنسية، وتم تصويرها من قلب العاصمة الفرنسية باريس للحديث عن قضايا عديدة وشائكة من بينها القضية الفلسطينية.

وإلى نص الحوار..

ألم تفكر فرنسا في أن دعم إسرائيل سيؤدي إلى تنامي حركات الإسلام السياسي الداعمة للإرهاب؟

فرنسا لم يكن لديها أي حل آخر سوى دعم إسرائيل، والأمور الجيوسياسية تتطلب الشجاعات اللازمة، ولا يجب أن ننسى أن باريس تحتوي على ثالث جالية يهودية في العالم بعد إسرائيل وأمريكا، وعاشت فرنسا في خوف من الهجمات الإرهابية لعدة سنوات، فهي أكبر بلد أوروبي شهد سقوط ضحايا بسبب العمليات الإرهابية، وباريس يجب أن تقاتل الإرهابيين بمواقف واضحة وشجاعة جدًا، ولا يمكن أن تستسلم فرنسا للإرهاب، وعليها أن تواجه الأمر، وهناك خوف وقلق من العمليات الإرهابية، ولكن باريس تبذل كل ما في وسعها لحماية كل الفرنسيين.

هل يمكن أن نرى عمليات إرهابية محدودة في باريس ردًا على التأييد الفرنسي لموقف إسرائيل؟

لا يجب التقليل من المخاوف من حدوث عمليات إرهابية، ويجب أن نتحدث عن ذلك بشكل صريح، وفي نفس الوقت لا يجب أن نغير موقفنا ضد الحرب على الإرهاب التي قتلت الكثير من الأبرياء، وفرنسا تعد هدفا للجماعات الإرهابية، لأن باريس جمهورية علمانية والفرنسيون متمسكون بذلك، والعلمانية هي لعنة على الإسلاميين، والدولة العلمانية تفصل ما بين الدين والسياسة، وتحترم فرنسا جميع الأديان، أو عدم الإيمان، فمعظم الفرنسيين لا يؤمنون بأي ديانة، ولن تتخلى الدولة الفرنسية أبدًا عن مواقفها الداعمة لإسرائيل بسبب التهديدات الإرهابية، وهناك ضرورة لاحترام الجمهورية الفرنسية من الجميع.

كيف ترى إصرار إسرائيل على تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة تجاه سيناء؟

إسرائيل يجب أن تدافع عن نفسها، لأن مستقبل الدولة الإسرائيلية على المحك الآن، وعلينا أن نتحدث عن الحق الإسرائيلي في الدفاع عن النفس بشجاعة، ومصر لا تريد استقبال الفلسطينيين الموجدين في قطاع غزة، ويمكننا أن نتفهم ذلك أيضا، لأن بعض الفلسطينيين يحتون على جماعات إرهابية وعناصر من حماس، ومصر ترفض الفلسطينيين لحماية نفسها، ولا يوجد أحد يُعارض إنشاء الدولة الفلسطينية، ولكن السؤال هو كيف يتم تحقيق ذلك، وهذا هو أيضًا ما تريد أن تحققه إسرائيل اليوم، ولكن ليس مع أي شخص، والدول المحيطة تريد حماية نفسها من حماس، ومن حق إسرائيل أيضا حماية نفسها، ورسم مستقبلها بسلام وبشكل نهائي.

هل الجالية اليهودية في باريس تُمثل ضغطًا على الموقف الفرنسي الداعم لإسرائيل؟

الفرنسيون يدركون أن مستقبل دولة إسرائيل على المحك، والحرب على قطاع غزة تشن في المقام الأول للحفاظ على الغرب، فإذا نظرنا إلى الخريطة فسنجد تل أبيب نوعًا من الامتداد الغربي وسط بلدان لديها ثقافات مختلفة، والاعتداء على إسرائيل يعني أن الغرب هو الذي يتعرض للتهديد، لأن الإخوان المسلمين يكرهون الغرب، ويجب أن نتحلى بالشجاعة ونقول بأن مستقبل الغرب اليوم في هذه المعركة أصبح على المحك، وعلينا أن ننقل هذا لأولادنا وأحفادنا.

هل يمكن أن تُغير المظاهرات الموجودة في الغرب الموقف الأوروبي الداعم لإسرائيل؟

المتظاهرون الداعمون لفلسطين ووقف الحرب هم أقلية، ومعظم الفرنسيين يقفون خلف إسرائيل للحفاظ على الحرية ولن يتغير الموقف الفرنسي على الإطلاق، والمجموعات الصغيرة تتجاهل التاريخ، ولا تدرك أين هي، وهي في حالة من إنكار الواقع، والمجموعات الصغيرة التي تتظاهر لن يكون لديها أي تأثير، لأن إسرائيل ستشرح لماذا تحارب اليوم، ولماذا تعمل على الحفاظ على مستقبل الديمقراطية في العالم.

أليس ما يحدث في فلسطين يعد انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان؟

الحرب على قطاع غزة لم تكن بإرادة إسرائيلية، وبداية الصراع كانت بسبب تعرض إسرائيل للهجوم في السابع من أكتوبر وسقوط 1200 قتيل وذبح الأطفال واختطاف النساء، فهل ترددت حماس في قتل الشباب الذي يعزفون الموسيقى في الصحراء؟، وما تقوم به إسرائيل رد فعل لما قامت به حماس، لقد نسي الناس بأن هذه الحرب هي فظيعة، وتعاني حماس الآن مما تسببت فيه في البداية.

والدي شهد الحرب في فرنسا عندما جاء الحلفاء لتحرير فرنسا، ومات العديد، وهذا كان هو الثمن الذي يجب أن ندفعه للدفاع عن الحرية، فالحرب ليست يسيرة، ولكن في الحرب دائمًا من يهاجم، ومن يعاني من الهجمات، ولا يمكن أن يدعم أحد قتل الأطفال أو النساء أو الرجال، ولكن هذه هي طبيعة الحرب، ولا يجب أن ننسى ذلك.

أليس ما تفعله إسرائيل نوعًا من العنف غير المبرر؟

حماس لم تتردد في قتل السكان المدنيين في السابع من أكتوبر، فلم يقتلوا الجنود بل قتلوا المدنيين، وحماس تستخدم السكان المدنيين كدروع بشرية، وهذا أمر فظيع، وتستخدم حماس المدارس والمستشفيات لبناء الأنفاق لكي تتمكن من شن الحرب ضد إسرائيل، وحماس تستخدم المدينين بدون أي اهتمام.

حماس لا تهتم بالفقراء الذين يموتون بسبب هذه الحرب على الإطلاق، وهذا واضح في منع حماس الفلسطينيين من التوجه نحو الجنوب، ولا بد من القول بأن حماس هي من تتسبب في مقتل الفلسطينيين في قطاع غزة.

ما هي المخاطر الموجودة في تنظيم مسلمو فرنسا؟.. وما هي الآليات لمواجهة هذا التنظيم؟

فرنسا لم تكن منتبهة بما فيه الكفاية بما يحدث في داخل الحدود، وما يدعو إليه الإخوان المسلمين في فرنسا يشكل خطرًا على باريس، وفرنسا بلد ديمقراطي ومتسامح، وتعمل على الحفاظ على هذا التسامح، وعلى باريس أن تواجه هذه التنظيمات حتى لا تتعرض الديمقراطية الفرنسية العلمانية للتهديد من مطالب الإخوان المسلمين الذين يريدون كتابة صفحة من تاريخ فرنسا، وهناك ضرورة لاحترام القيم الفرنسية، متسائلة: هل يمكن أن نفرض على مجتمع ما قيم تخالف قيمه؟.. على كل حال هذا ما يحدث في فرنسا الآن.

هل يمكن أن تستفيد فرنسا من تجربة مصر في محاربة الإرهاب وخاصة جماعة الإخوان؟ 

هناك ضرورة للبحث عن أصل الأموال الداعمة للإرهاب، لمنع تمويل الجماعات الإرهابية، وهناك ضرورة أن تتواجد خطة فرنسية محددة لمواجهة الإرهاب، وهذه مسؤولية تقع على عاتق الجميع في فرنسا، ويجب على فرنسا أن تحافظ على الديمقراطية الفرنسية، والدولة الفرنسية منتبهة لبعض الأمور، وهناك بعض القوانين التي يجب أن تعزز لمنع دعم الجماعات الإرهابية.

أنا أوؤيد تصنيف فرنسا للإخوان بالجماعة الإرهابية، ليس فقط في فرنسا ولكن في كل أوروبا، وعلينا أن نتخذ مبادرة مماثلة ضد الحرس الثوري الإيراني.

هل تري أن الحرب الموجودة الآن في غزة قد تُنذر بحرب إقليمية ليست في صالح أوروبا؟

إسرائيل لا تريد أن تمتد الحرب في قطاع غزة، لكي لا تتحول إلى حرب إقليمية، وإسرائيل مصممة على القضاء على الإرهاب بأي ثمن، ولا أحد يريد أن تتوسع دائرة الصراع، وهناك ضرورة للثقة فيما تقوم به إسرائيل، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يتحول إلى صراع كبير.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السيناتور جاكلين ا وستاش إسرائيل الهجمات الارهابية هل یمکن أن الحرب على قطاع غزة فی فرنسا یجب أن لا یجب

إقرأ أيضاً:

لماذا لم تتوقف حرب غزة حتى الآن؟

يمانيون../
لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال لا بد من العودة إلى يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين نفذت حركة حماس عملية تاريخية أسمتها “طوفان الأقصى”، فتوغلت إلى داخل المستوطنات “الإسرائيلية” وأسرت عدداً كبيراً من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، كان هذا اليوم مفصلياً في تاريخ الكيان، وأُخذ القرار حينها بتدمير حركة حماس بالكامل واحتلال قطاع غزة وتحقيق “النصر المطلق”، بحسب تعبير رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو. وتستكمل إسرائيل حربها اليوم بتطهير المجتمعات الفلسطينية عرقياً وتدميرها مادياً، من أجل إعداد القطاع للضم وربما أيضاً للاستيطان.

تستند الهمجية “الإسرائيلية” التي أعقبت عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، والمستمرة إلى الآن، إلى اعتبار أن المقاومة الفلسطينية أصبحت تشكل خطراً “وجودياً” على “إسرائيل”، ولا يمكن التسامح مع هذا التجاوز الخطير، الذي مسّ وجود الكيان وبقائه، واقتصار الرد بعملية عسكرية “إسرائيلية” محدودة، أي باعتماد الحروب الخاطفة، أو إبرام صفقة تبادل للأسرى تكون “إسرائيل” الخاسر فيها.

حتى أن قضية استعادة الأسرى أصبحت شماعة يعلّق عليها رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، كافة خططه لتفكيك قدرات حركة حماس وجرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين، تاركاً باب المفاوضات مفتوحاً مع شروط تعجيزية تعرقل ولادة صفقة تنهي الحرب مع حركة حماس. فإبرام صفقة لتبادل الأسرى من شأنه أن يوقف الحرب ومن المفترض أن يعود قطاع غزة المدمر إلى الفلسطينيين، وأن يعيد جيش الاحتلال “الإسرائيلي” انتشاره على طول حدود السادس من أكتوبر/تشرين الأول، من دون ضم أو استيطان.

وهذه النتائج لا تتوافق مع رؤية نتنياهو المستقبلية لقطاع غزة الذي يكتنفها الغموض، بالحد الأدنى لا يريد نتنياهو العودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر. بالإضافة إلى ذلك تشير التحليلات “الإسرائيلية” بأن لدى نتنياهو دوافع سياسية محضة من وراء عرقلة إيقاف الحرب، فهو يتخوّف من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذَين يعارضان صفقة التبادل، ويهددان بإسقاط الائتلاف الحكومي والذهاب إلى انتخابات تشير استطلاعات الرأي العام إلى أن نتنياهو سوف يخسرها.

وفي هذا الصدد، لا يوجد خلاف بين نتنياهو، الذي يحافظ على الغموض فيما يتصل بشمال غزة، والجيش، الذي يدعو الصحافيين لمشاهدة تدمير جباليا وتمركز قواته في “ممر نتساريم”.

وفي تحليل مستجد لخّص رئيس تحرير صحيفة “هآرتس”، ألوف بن، آخر أفكار رئيس الحكومة “الإسرائيلية” ، بنيامين نتنياهو حيال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، فأشار من ضمن أمور أخرى إلى أنه يعارض التوصل إلى صفقة شاملة مع حركة حماس لإعادة المخطوفين الإسرائيليين في مقابل وقف الحرب وانسحاب الجيش “الإسرائيلي” من القطاع، ويبرّر موقفه هذا أكثر من أي شيء آخر بـ “الحاجة إلى تفكيك حركة حماس”.

من منطق عسكري لا توجد “مصلحة “إسرائيلية” ” في إصرار نتنياهو على مواصلة القتال، نظراً إلى أن الجيش “الإسرائيلي” ، كما أشار المحلل العسكري لصحيفة “معاريف” آفي أشكنازي، قام بمناورات عسكرية في قطاع غزة كلّه، ونجح في ضرب منظومة القيادة والسيطرة في حركة حماس، وفي ضرب البنى التحتية المركزية للحركة في قطاع غزة. وأنشأ مناطق فاصلة في رفح ومحور فيلادلفيا، وبالقرب من السياج الحدودي مع “غلاف غزة”، كذلك أنشأ ممراً يبلغ عرضه نحو 8 كيلومترات (ممر نتساريم). وبحسب ما يؤكد أشكنازي، هاجم الجيش “الإسرائيلي” الأنفاق الاستراتيجية والأنفاق التنظيمية في معظمها، “وهو ما يمكن أن نلمسه جيداً في الميدان من خلال تعقب تحركات عناصر حماس”، برأيه. وفي ضوء ذلك كله يستطيع الجيش “الإسرائيلي” الآن، مثلما يشدّد المحلل العسكري، السماح لنفسه بالتراجع إلى الوراء، والتمركز على خط الحدود.

ثمة دوافع أعمق من غاية بقاء نتنياهو في سدّة الحكم. وأبرز هذه الدوافع، والذي على ما يبدو يقف أيضاً وراء قرار قيادة الجيش عدم مواجهة رئيس الحكومة، هو أن وقف الحرب في غزة يمكن أن يؤدي إلى وقف ساحة القتال مع الحوثيين في اليمن. وبحسب مقال هآرتس المذكور أعلاه “يوضح الجميع أن الغارات الجوية “الإسرائيلية” في اليمن ليست سوى تدريبات على العملية الأكبر على الإطلاق، وهي الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية”.

إجمالاً الرؤية “الإسرائيلية” تروّج للذهاب إلى التصعيد الإقليمي، كاستكمال لمشروع “الشرق الأوسط الجديد”. وتقف عوامل داخلية إلى جانب نتنياهو في مسار التصعيد، فمهاجمة إيران تحظى بشعبية وسط الجمهور اليهودي “الإسرائيلي” ، وقد ازدادت أكثر فأكثر منذ حدوث آخر التطورات المرتبطة بالساحة اللبنانية وحزب الله، وسقوط نظام الأسد في سورية.
ويبدو أن الحرب في غزة مستمرة، وطالما أن الرهائن في غزة، فإن “إسرائيل” تستطيع أن تواصل القتال، وبالتوازي ترتفع احتمالية اشتعال جبهة أخرى في المنطقة، إن تحقق الأمل “الإسرائيلي” بانتزاع موافقة أميركية بضرب إيران.

العهد الاخباري ـ الكاتب: حسين شكرون

مقالات مشابهة

  • لماذا لم تتوقف حرب غزة حتى الآن؟
  • باريس تعلن فرار 55 عسكريا أوكرانيّا من التدريب في فرنسا
  • مهندس خطة الجنرالات: إستراتيجية إسرائيل في غزة فشلت
  • السلطات الفرنسية تواصل حملة الإعتقالات في صفوف محرضين جزائريين
  • القنصل المصري في باريس ووفد من السفارة والقنصلية يشاركون الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد
  • المستشار الثقافي في باريس تشارك الأقباط عيد الميلاد من كاتدرائية درافي
  • هيئة الأركان العامة الفرنسية: عشرات الجنود الأوكرانيين الذين يتم تدريبهم في فرنسا يلوذون بالفرار
  • الدفاع الفرنسية: فرار "العشرات" من القوات الأوكرانية الذين تلقوا تدريبات لدينا
  • إعلام عبري: حماس تريد هدنة أسبوع قبل تأكيد من هو حي أو ميت في قائمة المحتجزين لديها
  • مسجد باريس يُدين حملة التشهير التي استهدفته قناة cnews الفرنسية