لجريدة عمان:
2024-09-29@07:17:57 GMT

تداعيات رسالة بن لادن

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

تنبأ منظرو ما بعد النيوليبرالية بأن نهاية هذه الأخيرة ستكون بسببها، أي أنها من ستودي بنفسها في النهاية، ويبدو أن العالم يسير على هذا النحو فعلا، فلنتأمل في حياتنا العادية ما يؤشر لذلك، على سبيل المثال إعادة النظر في سيطرة الشركات على وسائل الإعلام، ومحاولة فرض قيود، -خصوصا مع ما يحدث في فلسطين الآن- على شركات السيلكون، إذن، هنالك عودة للحديث عن إعادة السيطرة على رؤوس الأموال، وفرض قيود عامة تضمن تحقق مضامين الدساتير الدولية المختلفة.

عندما يطالعنا أحد مشاهير «السوشل ميديا» قائلا: إنه يستلم مقابلا يوميا يتجاوز ما يتحصل عليه الطبيب خلال عام كامل من العمل، ألا ينبغي أن نسأل عن طبيعة هذا الواقع الذي نعيش فيه وما ستؤول إليه الأمور في عالم يعترف بالمال فحسب، ويربط الحرية بالمال والجمال بالمال، المال فحسب؟ يبدو أن سحر قتل الرأسمالية لنفسها يتوازى أيضا مع قتل «الديمقراطية» المفترضة في دول العالم الشمالي، مع تصاعد خطابات القومية الشعبوية، وارتفاع أصوات اليمين المتشدد. لكن هذا لا يحدث على مستوى واحد بل على عدة مستويات.

فلنتأمل مثلا ما حدث الأسبوع الماضي من تداول واسع لرسالة بن لادن لأمريكا عام 2001 والتي لم تلقَ رواجا واسعا وقت نشرها عام 2002، لكن في الأسبوع الماضي فقط تم تداول الرسالة ملايين المرات عبر تطبيق تيك توك، الأمر الذي دفع صحيفة الجارديان لحذف صفحة الرسالة من موقعها تخوفا من عواقب تسوغ العنف والإرهاب.

إن تلك الرسالة حسب ما تداولها الأمريكيون والأوروبيون على نطاق واسع، قد تعتبر رسالة لحركة تحررية، تحاول مواجهة الإمبريالية، وتحقيق العدالة لدول الجنوب، في ظل احتلال فلسطين خصوصا أو «استعمارها» بحسب الأدبيات التي نشأ عليها الناس في أوروبا وأمريكا، فكيف تكون إرهابا؟ إن مجرد طرح هذا السؤال على نطاق واسع أصاب الأوساط الإعلامية والسياسية والأكاديمية بالذعر.

عبّر برانكو مارسيتش عن ذلك عبر كتابة تحلل هذا الموقف في currentaffairs. ويقول إنه ينبغي أن نراقب بدقة التحول في المواقف الليبرالية إلى حد كبير منذ عام 2016 تجاه قضايا حرية التعبير والتبادل الحر للأفكار، إذ اعتمدت أدبيات الليبرالية على معتقد أساسي يقوم على الحوار المفتوح، وحرية الوصول للمعلومات جزء لا يتجزأ من الديمقراطية. ولنتأمل الوضع الآن كيف أنه صار من الخطر على الجمهور التعرض لرسالة بن لادن؟ هل لأن رسالته تعزز الغضب المناهض لأمريكا؟ وهي تقدم نموذجا لشخص رفض العلمانية واتهم بالتطرف.

بحسب مارسيتش استقبل جيل زد على وسائل التواصل الاجتماعي على أنها تبرئة لابن لادن. وهذا يقول لنا الكثير عن سياسات الليبرالية الاجتماعية. وهو بالضرورة يعيدنا لسياسات النيوليبرالية كلها، وإعادة التفكير في منطق السوق الحر بالمطلق، الذي يجعل الشركات تستخدم حتى القيم الإنسانية إذا ما كانت في صالحها وتبدأ بتكريس نوع من المعاداة المضادة إذا كان ذلك سيكسبها المال. ينبغي التفكير مليا في التفكير حول الحرية وما تعنيه.

يعتبر الكثير من المنظرين والصحفيين اليوم، ساحات التواصل الاجتماعي هي الميادين العامة الجديدة، ويطالبون بالضرورة أن تكون مفتوحة لأي رأي، وأن يتم تبادل الأفكار فيها. لكن ترى ما هي حدود خطاب الكراهية؟ خصوصا أن واحدة من أدوات الاستعمار التي نألفها جميعا هي إعادة تسمية الأشياء، فإسرائيل اليوم تقول عن حماس إنها منظمة إرهابية وإن الفلسطينيين يمارسون الإرهاب، لكن هذا الوصف لا ينطبق بالدرجة نفسها على إسرائيل نفسها التي قتلت في هذا العدوان وحده ما يزيد على عشرين ألف إنسان من بينهم ما يزيد على ثمانية آلاف طفل. إن الوقوف الحازم من قبل الأكاديميين والكتاب في العالم على حدود تعريف هذه المصطلحات واستعادتها من الاستعمار والقوى الإمبريالية، ربما يفتح أفقا لإنسانية تشهد اليوم مأزقا سيجرها بالضرورة لحرب عالمية رابعة، منشؤها حركات يمينية شعبوية متطرفة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: القدس الشريف قطعة منا وجزء من عقيدتنا

قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن الأزهر الشريف يمثل إرادة إلهية، شاء الله له أن يبرز نجمه، بعد عقود وقرون مضت من تاريخ الدعوة، بعد أن توحش أصحاب المخالفات في الفرق والجماعات، فشاء الله تعالى أن يبرز الأزهر في سماء مصر الكنانة، ليضم في أروقته أبناء المسلمين من كل الأرض، وليرسل بعلماءه إلى أقطار الدنيا، ويبعث بأبناءه الذين يعلمهم إلى بلادهم، لينيروا قومهم إذا رجعوا إليهم.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء، خلال حديثه اليوم في أولى لقاءات "الأسبوع الدعوي"، والتي ينظمها مجمع البحوث الإسلامية في رحاب الجامع الأزهر، أن رسالة الأزهر التي حملها في كل أشواط حياته وسيرته ومسيرته، هي راية الوسطية التي جاء بها القرآن الكريم، ومن أجلها جعل الله تعالى هذه الأمة خير الأمم، لقيامها بهذه الرسالة، مؤكدا أن الأزهر يمثل العالم كله وهو يقوم بهذه الرسالة عن الأمة الإسلامية، تلك الأمة المكلفة تكليفا وجوبيا بأن تقوم بتبليغ رسالة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، بينما كانت كل أمة من الأمم السابقة تتبع رسولها  حتى تأتي الأمة التي بعدها، إلى أن جاءت أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، صاحب الرسالة الخاتمة الخالدة للعالمين، وهي مكلفة بأن تبلغ الرسالة، بجانب تكليفها بالإيمان والطاعة، ومن هنا كان العلماء ورثة الأنبياء، وكان الأزهر قيمة كبرى ممثلا للأمة، وقائما برسالتها ودعوتها،  قال فيه أحد المؤرخين "من لم يذهب إلى مصر لم ير مجد الإسلام ولا عز الإسلام لأن فيها الأزهر".

وأضاف هاشم، أن الأزهر حين يحمل لواء الوسطية، فهو يحمل لواء العدل، بعدما طفت على السطح بعض الاتجاهات والفرق والملل، منها الذين ينحرفون ويميلون عن طريق الإسلام الوسطي الصحيح الذي ينبذ المغالاة والانحراف، بل يدعو  إلى الاتزان واتباع ما أمر الله ورسوله به، ليكون الأزهر قلعة الإسلام الوسطية والحصن الحصين الباقي في العالم، يدعو إلى الاعتدال والاتزان واتباع ما أمر الله ورسوله به، دون إفراط أو تفريط.

وفي ختام كلمته، توجه الدكتور أحمد عمر هاشم بالدعاء إلى الله تعالى من أجل أشاقائنا في الأرض المحتلة، وفي القدس الشريف، التي هي قطعة منا وجزء من عقيدتنا، مطالبا المسلمين في كافة بقاع الأرض بالتضرع إلى الله عزوجل والدعاء بنصرة  الشعب الفلسطيني الأبي في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي وأن يرد عن عنهم أعدائهم.

وتنظم الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، فعاليات "أسبوع الدعوة الإسلامي– رؤيةٌ إسلاميَّةٌ في قضايا إنسانيَّةٍ"، يوميا، وعلى مدار هذا الأسبوع في رحاب الجامع الأزه، وذلك في إطار مبادرة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية،" بداية جديدة لبناء الإنسان"، وبتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، حيث انطلقت أولى اللقاءات اليوم السبت  تحت عنوان " (الأزهر حامل لقاء الوسطية)"، بهدف إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمُثُل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • جيشكم كما ينبغي أن يكون يجتاح الخرطوم وينظفها من دنس عرب الشتات
  • مجزرة إسرائيلية جديدة.. هذا ما حصل في طيردبا
  • التفكير النقدي
  • أحمد عمر هاشم: القدس الشريف قطعة منا وجزء من عقيدتنا
  • هل يعادي البيجيدي الوطن؟..بنكيران يعزي زعيم حزب الله الذي يمول ويدرب البوليساريو(وثيقة)
  • هجوم عسكري ودبلوماسي
  • العثور على رسالة عمرها 200 عام تركها عالم آثار في زجاجة
  • رسالة مسجلة لحميدتي يرد على كلمة البرهان أمام الأمم المتحدة (نص الرسالة)
  • خبير طاقة: لا ينبغي للزوجين ترك الملابس مكشوفة
  • عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح