باب المندب بين الإنجليز والحوثيين
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
عاد مضيق باب المندب للساحة من جديد عقب إعلان الحوثيين دخولهم على خط الحرب بين حماس والإسرائيليين انتقاماً لما تشهده غزة من غارات بربرية للمحتل الصهيونى، مؤكدين أنهم سيقومون بالرد على إسرائيل وجرائمها.
وكانت البداية إطلاق صواريخ وطائرات مسيَّرة تجاه تل أبيب، ولم يكتفوا بذلك بل أرسلوا تهديدات قرصنة لسفن إسرائيلية تمر من المضيق الذى يشرفون عليه.
ولم تكن تهديدات الحوثيين كلاماً فى الهواء ولكنهم نفذوها مؤخراً وقاموا باختطاف سفينة شحن إسرائيلية على مرأى ومسمع من العالم، الأمر الذى يعد تطوراً خطيراً له انعكاسات سلبية ربما طالت العديد من دول العالم التى باتت تترقب ما يحدث فى المضيق الذى يعد شرياناً حيوياً للاقتصاد العالمى.
كل ما يدور فى باب المندب ينعكس سريعاً على قناة السويس والسعودية ودول الخليج، حيث يعد منفذ عبور النفط إلى دول العالم ويمتد الأمر من ناحية أخرى إلى رؤية الرياضة السعودية 2023 التى ستتأثر بالأوضاع فى باب المندب خاصة مدينة نيوم الموجودة فى البحر الأحمر ويعد المضيق بوابة رئيسية للوصول إليها.
الحوثيون يؤكدون أنهم وضعوا مضيق باب المندب تحت أمر فلسطين، وهذا الشريان الحيوى لمن لا يعرفه، هو مضيق يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندى، ويبلغ عرضه 30 كيلومتراً وتقسمه جزيرة «بيريم» التى توجد فى شرقه ومساحتها 2 كيلومتر مربع، والأولى وهى القناة الشرقية وتسمى باب إسكندر، وعرضها 3 كيلومترات وعمقها 30 متراً، والثانية القناة الغربية وتسمى «دقه البيرن» وعرضها 25 كيلومتراً وعمقها 310 أمتار، ويفصل المضيق بين كل من جيبوتى فى أفريقيا واليمن فى آسيا، وتتحكمان به بالإضافة إلى إريتريا، لكنه فى الوقت ذاته خاضع لرقابة مصر والسعودية بالدرجة الأولى والعالم فى المرتبة الثانية.
وتجارياً يعتبر باب المندب امتداداً لقناة السويس التى تصل البحرين الأحمر والمتوسط، وهنا تكمن أهميته إقليمياً وعالمياً، ويمر عبر المضيق نحو 6.2 مليون برميل من النفط الخام يومياً، إضافة إلى أكثر من 10% من إجمالى التجارة العالمية، وتمر عبره أكثر من 25 ألف سفينة سنوياً بمعدل 57 سفينة يومياً.
وتضاعفت أهمية باب المندب بعد افتتاح قناة السويس عام 1869، وبات المضيق يربط التجارة بين أوروبا وبلدان المحيط الهندى وشرق أفريقيا.
وظل المضيق لسنوات طويلة تحت سيطرة الإنجليز حتى منتصف القرن العشرين حين بدأ الاستعمار بالرحيل، وبدأت القوميات العربية بالظهور فى مصر واليمن والسعودية.
ودارت حرب اليمن فى ستينات القرن الماضى فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، الذى سعى لتأمين باب المندب نظراً لأهميته بالنسبة لقناة السويس ولم تكن هذه الحرب هى الوحيدة التى تم خوضها على مياه المضيق، فعلى مدار 30 عاماً من عام 1961 إلى 1991، اندلعت حرب استقلال عنيفة بين إثيوبيا وإريتريا وكان جزء منها يسعى إليه الإثيوبيون لشق طريق نحو المياه، ودارت حرب آخرى بين إثيوبيا والصومال لنفس السبب.
وفى التسعينات اندلعت حرب عنيفة فى الصومال أدت إلى انهياره، وتنافست العديد من الدول على كعكة الصومال التى تتميز بالموقع الفريد على أحد أهم مضايق العالم، كما اندلعت حرب أهلية فى اليمن انتهت بسقوط على عبدالله صالح، وكانت بين الدولة وجماعة الحوثى، واشتعل النزاع الذى كان هدفه الرئيسى هو باب المندب.
وفى عام 2015 تحركت السعودية تساندها بعض الدول العربية ضد الحوثيين، لصد انقلابهم على السلطة، ودارت حرب طاحنة بين اليمنيين بدعم عربى لأحد الأطراف وإيرانى للطرف الآخر، وانتهت بتدمير البنية التحتية لليمن وآلاف القتلى.
باختصار.. باب المندب شريان حياة للعالم ويتمتع بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة، وسبق وأغلقته مصر فى وجه إسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973، كما قامت قوة أمريكية إثر هجمات سبتمبر 2001 بتأمين الملاحة فى المضيق فى مواجهة القراصنة وتنظيم القاعدة.
ويبقى أن نذكر أن العالم حوّل جيبوتى إلى ثكنة عسكرية تضم قواعد أمريكية وبريطانية وفرنسية وصينية تعمل جميعها لهدف واحد هو تأمين مضيق باب المندب، فضلاً عن أساطيل أمريكية تجوب البحر الأحمر وخليج عمان لتأمينه من قراصنة الصومال وحركة الشباب الذين يهددون الملاحة.. باب المندب ليس ممراً عادياً ولكنه شريان حياة يغذى العالم أجمع وأى محاولة للسيطرة عليه تهدد استقرار المنطقة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار قناة السويس فلسطين البحرين الأحمر والمتوسط التجارة العالمية الرئيس جمال عبدالناصر باب المندب
إقرأ أيضاً:
"هاريس - ترامب " رهان خاسر و سبات عميق
أتابع عبر الشاشات و منصات التواصل الاجتماعى نظرة تفائل هنا و تشاؤم هناك حول المرشحين فى الانتخابات الأمريكية للرئاسة التى بدأت صباح الثلاثاء ، أتابع و أنا أضحك وجود معسكرين فى المنطقة العربية الأول ينحاز لترامب و الثانى لهاريس، كلا المعسكرين يبنى آمال عريضة على مرشحه و كأننا نحمل الجنسية الأمريكية، صحيح أن الولايات المتحدة هى وحدها التى تضع سياسة العالم و هى الدولة الكبرى الوحيدة فى العالم التى لا ينافسها أحد، لكن مسألة المبالغة فى التفاؤل تجاه أحد المرشحين هو أمر مثير للدهشة منا كعرب، لأن هاريس و ترامب و جهين لعملة واحده. بالنسبة لبعض الدول العربية هناك وجه منهم مريح إلى حد ما فى بعض الأمور لكن بالنسبة للقضايا الرئيسية التى تشغل العرب مثل القضية الفلسطينية أو اعتداءات الكيان الصهيونى على بعض الأشقاء فتلك السياسات لن تتغير، سيبقى الأسطول الأمريكي فى البحر المتوسط لحماية الكيان الصهيونى، و سيظل "الفيتو" الأمريكي موجود لتعطيل و تعديل أى قرار ضد الكيان الصهينونى، و ستظل المساعدات العسكرية و المالية تصل إلى تل أبيب فى الميعاد الذى تطلبه حكومة الكيان.
أمريكا طوال تاريخها و هناك فتى واحد مدلل بالنسبة لها فى منطقة الشرق الأوسط، هذا الفتى هو الشرير الذى يحرق و يقتل و يرفع راية البلطجة على الجميع.
خلال عام قام هذا البلطجى" مصاص الدماء" بقتل أبناء فلسطين حتى وصل عدد الشهداء إلى ما يقرب من خمسين ألف،و تجاوز عدد المصابين المائة ألف بين طفل و سيدة و كبار سن، دمر هذا الطفل المدلل ما يقرب من ٧٠% من غزة و حولها إلى تلال من المبانى المنهارة، أصبحت غزة بقايا مدينة، لم تعد بها أسرة واحدة مكتملة البناء"الأبناء الأب الأم "، احدهما او كلاهما شهيد، و هناك أسر كاملة استشهدت، لم يعد لها من يحمل اسمها، نعم أسر كاملة أبيدت برعاية أمريكية، و بسلاح و مسانده و دعم أمريكى.
لذلك لا أعلم كيف و بأى وجه أجد بعض العرب يبنون آمال عريضة على نجاح مرشح أمريكى بعينه أو أجد متشائم من وصول الآخر لسدة الحكم، كلاهما مر .
أمريكا هى التى ترعى دولة الكيان و حريصة على بقائها، و بقاء هذه الدولة المحتلة مرهون ببقاء أمريكا، و نحن العرب ستظل أمريكا بالنسبة لنا هى الكابوس الذى يطاردنا فى الليل و النهار.
سياستها تجاهنا قائمة على مصلحتها، و مصلحة الكيان الصهيونى الذى يحركها كما و متى يشاء، الموضوع بينهما تخطى مرحلة المصالح إلى مرحلة الحياة و الموت ، إسرائيل تعتبر أمريكا قلبها النابض،الذى يمد جسدها بالدم المحمل بالاكسجين، و أمريكا تعتبر إسرائيل الابن المدلل.
و بالنسبة لنا كعرب أمريكا هى سفينة النفايات التى تحمل لنا السموم و الميكروبات بكافة اشكالها.
أمريكا ليست للعرب فقط مركز السموم،و وكر الافاعى، لكنها تمثل نفس الامر لدول كثيرة حول العالم تضررت منها و ذاقت من شرورها الكثير.
الغريب فى الأمر و الشئ العجيب أن كل الاقطار العربية تعى تماما حجم العلاقة بين الكيان الصهيونى و أمريكا و رغم ذلك مازلنا نبحث عن الأمان عندها، تريدون أن تعوا
قيمة الكيان الصهيونى لدى أمريكا، اقرأوا
هذا الرقم الذى يوضح حجم العلاقة بينهما،
منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948حتى عام 2022 تلقت 158 مليار دولار من المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة، مما يجعلها أكبر متلق في التاريخ.
فى النهاية نجحت هاريس أم سقطت، نجح ترامب أم سقط كلاهما مر.فلا تشغلوا حالكم بمن هو الرئيس القادم، الكل ينفذ أجندة واحدة تم وضعها منذ سنوات طويلة و لم و لن تتغير .
تلك الحرب الدائرة فى كل بقاع الأرض أمريكا هى كلمة السر فيها. فلا تسرفوا فى التفاؤل تجاه أحد المرشحين كلاهما مر، كلاهما لا يهمه سوى مصلحته و مصلحة الكيان الصهيونى.
فلا تصدقوا
التعهد الذى قطعته نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، بأنها ستسعى لإنهاء الحرب في قطاع غزة في حال فوزها بالانتخابات الرئاسية، معتبرة أن قتل الفلسطينيين الأبرياء في القطاع وصل إلى مستوى غير معقول، و لا تصدقوا ترامب عندما يقول نفس المفردات، خاصة ان امريكا لن تسمح بحل الدولتين مهما حدث.
على العرب يستيقظوا من السبات العميق الذى هم عليه، علينا كعرب البحث عن طرق أخرى للتعامل مع هذا الكيان "الامريكى- الصهيونى" .