هدنة غزة.. فرصة لانتشال ما أمكن من جثامين الشهداء
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
غزة- منذ ساعات الصباح الباكر، ينطلق إبراهيم السدودي على رأس فريق من جهاز الدفاع المدني في المحافظة الوسطى بقطاع غزة، لانتشال الجثامين العالقة تحت أنقاض المنازل المدمرة.
يرى السدودي أن الهدنة المؤقتة التي بدأت الجمعة الماضية، فرصة مواتية لانتشال أكبر عدد ممكن من الجثامين، حيث إن الغارات الإسرائيلية تصعّب هذه العملية، لذلك تمكّن فريقه من استخراج 3 شهداء هما طفلان وسيدة، من عائلة "صالحة" بدير البلح.
ويعتمد عمل الفريق على أمرين أساسيين، الأول وجود "الباقر" وهي آلة ميكانيكية كبيرة قادرة على رفع أنقاض المنازل، والثاني هو الوقود اللازم لتشغيلها، الذي منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي دخوله قطاع غزة منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من الشهر الماضي.
ورافقت الجزيرة نت فريق الدفاع المدني في إحدى مهامه التي استهدفت منزلا مدمرا في منطقة "البِركة" بدير البلح. وبعد ساعات من العمل، لم يجد الفريق جثامين لانتشالها، وانتقلوا إلى منزل آخر.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال السدودي "نستغل الهدنة لانتشال الجثامين، لكنّ المشكلة تكمن في توفير السولار لتشغيل (الباقر)، حيث يحتاج إلى 250 لترا للعمل لمدة 8 ساعات فقط، وهذه الكمية غير موجودة"، موضحا أن كميات السولار المتوافرة لا تسمح لهم سوى بتشغيل (الباقر) لمدة ساعتين أو 3 ساعات فقط في اليوم.
وأوضح أن جهاز الدفاع المدني في المحافظة الوسطى، لم يتسلم حتى الآن أي كميات من الوقود التي دخلت للقطاع، ضمن اتفاق الهدنة المؤقتة وتبادل الأسرى، والذي ينص على إدخال نحو 200 شاحنة من المساعدات لغزة، ومن ضمنها وقود السولار وغاز الطهي.
وأضاف السدودي "انتشلنا كمية لا بأس بها من الجثامين، مع توقف القصف، لكن لو أن السولار متوافر لكانت الأعداد مضاعفة"، لافتا إلى أن العائلات التي تعرضت منازلها للتدمير تتواصل معهم لحثهم على استخراج جثامين أبنائها العالقة تحت الركام، وأن بعض العائلات تحاول البحث عن سولار لمساعدة فرق الدفاع المدني لكنه غير متوافر في الأسواق.
وأكد أن أيام الهدنة، حتى لو تم تمديدها إلى 10 أيام، فإنها غير كافية لاستخراج كافة الجثامين، نظرا لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي دمر الكثير من المنازل على رؤوس أصحابها، بالإضافة إلى شح الوقود.
وقال المتحدث ذاته إنه كان بالإمكان إنقاذ حياة الكثير من الشهداء، لو كان الوقود متوافرا، حيث إنهم يقضون نحبهم تحت الأنقاض نظرا لعدم وجود إمكانية لاستخراجهم عقب شن الغارات مباشرة.
وكان جهاز الدفاع المدني قد ذكر في تصريح صحفي -أمس الاثنين- أنه تم استخراج 150 شهيدا من تحت الأنقاض، خلال الأيام الأربعة الأولى للتهدئة. كما ذكر مصدر في مستشفى شهداء الأقصى، بدير البلح، للجزيرة نت أن عدد الجثامين المنتشلة التي وصلت للمستشفى، بلغ 65 شخصا، بينهم 35 رجلا و30 سيدة.
ولا تقتصر عملية انتشال الجثامين على طواقم الدفاع المدني، حيث يعمل متطوعون على نقلها من الشوارع، والمناطق القريبة من أماكن وجود قوات الاحتلال الإسرائيلية.
وتابعت الجزيرة نت وصول 9 جثامين "متفحمة" بينها جنينان، تعود لعائلات: أبو الجديان، والنمنم، وأبو ريالة، وعزام، بعد أن تمكّن متطوعون من انتشالها من شارع الرشيد.
واستشهد 38 شخصا من أفراد هذه العائلات، يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري على شارع الرشيد الساحلي جنوبي مدينة غزة، حينما كانوا يستقلون شاحنة في طريقهم للنزوح من شمالي القطاع إلى المنطقة التي زعمت قوات الاحتلال أنها "آمنة"، قبل أن تطلق عليهم عدة قذائف.
ولم ينج من ركاب الشاحنة، سوى رجل وطفلة. وآنذاك انتشل عدد من المارة غالبية الشهداء عدا 7 أشخاص وجنينين، لم يتمكنوا من نقلهم، نظرا لإطلاق قوات الاحتلال النار على من يقترب من المكان.
وقال نبيل النمنم -الناجي من هذه المجزرة- إنهم استجابوا لأوامر جيش الاحتلال بالنزوح لجنوبي قطاع غزة، واستقلوا شاحنة تضم العشرات من النساء والأطفال والرجال، لكن جيش الاحتلال قصفها جنوبي مدينة غزة.
ويضيف النمنم في حديثه للجزيرة نت "قبل محطة الكهرباء (جنوبي غزة)، تعرضنا للقصف، فوجئت أني مرمي على ظهري على الأرض، بعد أن قذفني الانفجار من الشاحنة"، متابعا "رفعتُ قامتي قليلا، فوجدت كل من حولي أشلاء مقطعة، كنا 40 شخصا، نساء ورجال وأطفال، كلهم ماتوا إلا أنا وابنة أختي جنى أبو ريالة، وعمرها 4 سنوات، نجاها الله بمعجزة".
وذكر أنه فَقَد في المجزرة زوجته و4 من أطفاله وهم: معتصم (17 عاما) وريماس (13 عاما) ومحمد (4 أعوام) وملك (3 أعوام)، مختتما بالقول إنه غادر المكان بعد أن زحف نحو الشرق، ومشي لمئات الأمتار إلى أن عثر عليه مواطنون ونقلوه للمستشفى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدفاع المدنی قوات الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الدفاع المدني في غزة: 10 آلاف شهيد لايزالون تحت الأنقاض
قالت هيئة الدفاع المدني بغزة، اليوم الخميس، إن الوضع مأساوي جداً في القطاع تزامنا مع ذروة المنخفض الجوي الذي يشهده القطاع.
وأضافت الهيئة في بيانٍ لها اليوم الخميس :"طواقمنا شبه عاجزة عن الاستجابة للاحتياجات الإنسانية بعد فقدان 80 % من إمكانياتها".
وأكد بيان الهيئة على أن هُناك 10 آلاف شهيد ما زالوا تحت الأنقاض تعجز الطواقم عن انتشالهم جراء نقص المعدات.
وةكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت في وقتٍ سابق عن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 47,487 شهيدا و 111,588 مصابا منذ 7 أكتوبر عام 2023.
وكان القطاع الطبي في قطاع غزة هو الأكثر تحملاً لفاتورة العدوان الإسرائيلي على غزة على مدار 15 شهراً.
ونقل تقرير نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" تأكيد خُبراء في المجال الطبي على أن النظام الصحي منهار تماما في عموم القطاع جراء حرب الإبادة الإسرائيلية، وإعادة بنائه تتطلب نحو 12 عاماً.
وأشار التقرير إلى أن ذلك التأكيد جاء في فعالية تحت عنوان "الاحتجاج الكبير في الخيمة البيضاء" تم تنظيمها أمام مكتب الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، لتسليط الضوء على الأحداث في غزة.
وجاء ذلك مُتوافقاً مع ما ذهبت إلى متحدثة الصليب الأحمر التي أكدت أن النظام الصحي في قطاع غزة دمر بشكل كامل والمستشفيات لم تعد قادرة على تقديم خدماتها
تواصلت جهود إعادة إعمار غزة بشكل مكثف بعد الحرب الأخيرة، حيث سعت العديد من الدول والمنظمات الدولية إلى تقديم الدعم الضروري لإعادة بناء ما دمرته الحرب. من أبرز هذه الجهود كان التوجه نحو إعادة بناء البنية التحتية الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، حيث تعرضت هذه المنشآت لتدمير واسع مما أثر بشكل كبير على حياة المواطنين. فقد كانت مصر واحدة من الدول التي بذلت جهودًا كبيرة في توفير المواد اللازمة لإعادة بناء المنازل والمنشآت، بالإضافة إلى فتح معبر رفح بشكل مستمر لإيصال المساعدات والوقود والمواد الأساسية إلى القطاع. كما عملت العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وبرنامجها الإغاثي على تقديم مساعدات مالية وتقنية لإعادة إعمار غزة، مشيرة إلى ضرورة استدامة هذه الجهود من خلال التعاون مع الحكومة الفلسطينية.
على المستوى المحلي، قامت السلطات الفلسطينية بتشكيل فرق عمل متخصصة لإعادة بناء المنازل المتضررة والبحث عن حلول مبتكرة لإعادة توظيف الموارد المتاحة. وقد تم التركيز على بناء مدارس ومرافق صحية لتلبية احتياجات السكان المتزايدة. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك مساعٍ لتعزيز الاستقرار الاقتصادي عبر إعادة تشغيل المصانع الصغيرة وفتح أسواق جديدة لتوفير فرص عمل. لكن بالرغم من هذه الجهود، تبقى التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها قطاع غزة عائقًا كبيرًا أمام سرعة تنفيذ برامج الإعمار، مما يتطلب المزيد من التعاون الدولي والإقليمي لضمان إعادة الاستقرار والازدهار للمنطقة.