الهيمنة الأمريكية وطغيانها
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
تُعد الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الصولجان في السيطرة على العالم، إذ تمكنت من فرض نفوذها على العالم عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وامتدت سيطرتها على القوى الكبرى نظرًًا لما تملكه الولايات المتحدة الامريكية من قدرات عسكرية هائلة لا يمكن مقارنتها مع ما تملكه أية دولة أخرى. استندت السيادة الأمريكية إلى كونها القطب الأوحد والأقوى في النظام العالمي الجديد، وانتهجت أساليب استعمارية؛ متمثلة في نهب ثروات وأموال البلدان الأخرى المستضعفة التي استخدمتها أمريكا لتمويل ترسانتها العسكرية.
تتمتع الولايات المتحدة بتاريخ دموي هائل من تدخل وتوسع عسكريين، مما أدى إلى معاناة إنسانية مؤسفة وعدم استقرار في جميع أرجاء العالم. بدأت هيمنة أمريكا ووحشيتها بمحاولة إبادة السكان الأصليين لقارة أمريكا الشمالية (الهنود الحمر)، وانتهاك حقوقهم كمواطنيين. ومن الملاحظ أن ربيبتها (إسرائيل) تنتهج في هذه الأيام النهج ذاته الوحشي واللاإنساني ضد الشعب الفلسطيني في غزة؛ في محاولة من جانب الكيان الصهيوني لإبادة كل ما هو ومن هو فلسطيني. لقد فعلت ذلك أمريكا من قيل ضد الهنود الحمر. وتوسعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى نطاق انتهاك حقوق الدول المجاورة، ثم واصلت توسعها إلى باقي دول المنطقة، وفيما بعد على باقي الدول المستضعفة. سنجد أن في الوقت الذي كانت تدعو فيه الولايات المتحدة الأمريكية إلى إحترام حقوق الإنسان في نهاية الحرب العالمية الثانية؛ قامت في ذلك الوقت بإلقاء قُنبلتَين ذريتين على مدينتَي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، وقتلت وجرحت فيهما ما يزيد على مليون مواطن مدني. وفي الوقت الذي كانت تدعو فيه أمريكا الشعب السوفيتي للتحرر من الديكتاتورية الشيوعية؛ كانت تمارس تمييزًا عنصريًا ضد السود.
امتلكت الولايـات المتحـدة الأمريكيـة قـوة عسـكرية ضخمة ومتطورة، كما امتلكت أكبر ترسانة نووية في العالم، وهى تسيطر على مبيعات الأسلحة على الصعيد العالمي،̜ وتقود تحالفات عسكرية مثل «حلف الناتو» وأحلاف عسكرية أخرى. وعملت على ترسيخ كثير من قواعدها العسكرية الهائلة حول العالم̜، وتمكنت من السيطرة على المواقع الجيواستراتيجية في العالم عبر أسطولها البحري، ونشر حاملات طائراتها في مختلف البحار والمحيطات.̜̜ ولها تدخلاتها العسكرية في كثير من المناطق وخاصة في الشرق الأوسط؛ بغية السيطرة على مصادر النفط، وأيضًا التحكم في مجريات الأمور في هذه الرقعة من العالم، من أجل الحفاظ على مصالحها الحيوية.
ومن المعروف أيضًا أن إسرائيل هي أفضل استثمار عسكري تقوم به أمريكا للحفاظ على المصالح الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، إلى حد أن الرئيس الأمريكي بايدن صرح مؤخرًا قائلًا: «لو لم تكن إسرائيل موجودة لصنعناها»!! لا ريب أن الكيان الصهيوني في المنطقة هو صناعة أمريكية. وتمكنت إسرائيل بفضل الدعم الأمريكي لها سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا؛ أن تصبح رأس حربة لحماية الأطماع الاستعمارية للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك من أجل إخضاع نظم الحكم في المنطقة للنفوذ الأمريكي والإسرائيلى.. إلى متى سنظل نرضخ لهذه الهيمنة الأمريكية؟ إنه سؤال حائر يبحث عن إجابة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الأمريكية المتحدة الأمریکیة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الأمة تحت الهيمنة (الصهيونية) فماذا بعد؟
يمكن القول إن الأمة العربية بكل قدراتها وإمكانياتها الوطنية والقومية أصبحت تحت الهيمنة الصهيونية -الأمريكية، وإن نظريتي (الفوضى الخلاقة) و(الصدمة والرعب) قد نجحتا في فرض قيمهما على الوطن العربي الأرض والإنسان، وعلى العالم الإسلامي أيضا، نظريتان ابتكرهما (البنتاجون الأمريكي) وعتاولة الصهاينة على إثر سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكك دول المعسكر الاشتراكي وإعلان أمريكا على لسان رئيسها (بوش الأب) انتصار الليبرالية على الاشتراكية وأن أمريكا أصبحت عاصمة العالم الحر، من يومها انطلقت الأجهزة الاستخبارية الأمريكية _الصهيونية وبصور وطرق متعددة لتنهش في جسد الأمة باسم الحرية والديمقراطية، وباسم حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وباسم الحريات الصحفية وحرية الرأي والتعبير، والشفافية، ومكافحة الفساد، والعدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، والانفتاح الاقتصادي والثقافي، والعولمة، ثم تفجرت ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات، وكل هذه الأدوات تم استغلالها وتوظيفها لخدمة المخططات الصهيونية والاستعمارية برعاية أمريكية والتي عطلت كل مهام المنظمات الدولية والقانون الدولي وفرضت قانونها الخاص وحلت هي -أي أمريكا- محل المنظمات الدولية، وأصبحت هي الأمم المتحدة وهي مجلس الأمن الدولي، وهي المعنية بقيادة العالم والمتحكمة بالأنظمة والشعوب ومصيرهما..!
على مدى 34عاما استطاعت واشنطن والمنظمات الصهيونية أن تحكما سيطرتهما على العالم، كل العالم وعبر ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ومسميات أخرى لا حصر لها، توصلت واشنطن إلى ضرب كل مقومات الوعي المجتمعي وتمزيق الأنسجة الاجتماعية للشعوب وتطويعها لخدمة الكيان الصهيوني والمنظمات الصهيونية التي تسيطر على مصير العالم برمته بما في ذلك مصير المجتمع الأمريكي _الغربي..!
ما حصل خلال العام الماضي وما يحصل حاليا على خارطة الأمة هو نتاج عمل استخباري صهيوني متواصل منذ أكثر من ثلاثة عقود، عمل ينجز أصحابه اليوم ما كان قد بدأ عام 2003م بسقوط النظام في العراق واحتلال العراق من قبل أمريكا والصهاينة ثم أنجز الشق الأكبر منه عام 2012م، وخلال العام الجاري تم الإجهاز على آخر أهداف المخطط وهو سوريا.
اليوم يمكن القول إن المخطط الصهيوني حقق أهدافه وانتصر الكيان وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها دون مكابرة إذا ما رغبت القوى الحية في الأمة أن تعيد ترتيب نفسها وتعيد حساباتها في كل إجراءاتها ومواقفها وطريقة تعاطيها في إدارة الصراع الوجودي مع أعدائها سواءً تعلق الأمر بالأمة على المستوى القومي أو تعلق بمواقفها القطرية أو بمواقف النخب والفعاليات المناهضة للعدو والتي عليها إعادة النظر في كل مواقفها من عدوها وطريقة التعاطي معه..
يجب أن نعترف أن الاختراق قد طال كل الفعاليات المناهضة للعدو وحلفائه أمريكا والقوى التابعة لها عربيا وإسلاميا..!
نعم يجب الإقرار والتسليم بأن محور المقاومة تعرض لأكبر عملية اختراق استخباري، اختراق طال الفعاليات والمجتمعات والأنظمة المناهضة للعدو..!
ومن المهم الاعتراف بهذه الحقيقة، لأن الاعتراف بداية طريق الإصلاح والتحصين وإعادة النظر بكل الوسائل والسبل والمواقف والسلوك..
دفع محور المقاومة الكثير من التضحيات وتعرض لعمليات اختراق قاسية ودامية، إذا ما استثنينا -صنعاء- من أعضاء المحور، فيما الاختراق الصهيوني طال بقية أعضاء المحور بدليل أن إسماعيل هنية اغتيل في غرفة نومه في طهران حيث كان يقيم وهذه كانت أولى مؤشرات الاختراق التي طالت لاحقا قيادة حزب الله وذهب ضحية هذا الاختراق أهم رمز من رموز المقاومة وهو السيد حسن نصر الله الذي لن يعوض فقدانه ولو بعد مائة عام، خسارة السيد حسن نصر الله تفقد أي انتصار بريقه مهما كان هذا الانتصار ومهما حاولنا الحديث عن انتصارات ميدانية أيا كانت فهي لا تعادل فقدان رجل وقائد بحجم ومكانة ودور السيد حسن نصر الله.. الأمر ذاته يتصل بحالة سوريا وسقوط نظامها القومي المقاوم مهما قالوا عنه غير أنه كان درعا للمقاومة وحصنا للأمة والسور الذي تتحطم عليه كل المؤامرات، سقوط سوريا وبالطريقة التي تمت فيه دليل على فداحة الاختراق وحقيقته..!
إن الصهاينة وأدواتهم يعملون بجد في كل أوساط الأمة واستطاعوا أن يزرعوا خلاياهم وعملاءهم في أوساط النخب والفعاليات والمجتمعات التي تم نخرها من الداخل كما ينخر السوس الخشب..!
إن من الأهمية إعادة غربلة المكونات الفاعلة وتنقيتها من الشوائب والأمر ذاته ينسحب على المجتمعات بكل مكوناتها الفاعلة وإعادة وضع استراتيجية مقاومة محصنة بالوعي والاقتناع، وليس بالولاء والخوف والتخويف، إن محور المقاومة لا يجب أن يكون محصورا في نطاق اجتماعي بذاته، بل يجب أن يتكون من كل عربي ومسلم مناهض للعدو الصهيوني والاستعمار، بغض النظر عن انتمائه الديني والمذهبي والفكري والسياسي..
إن مواجهة العدو وإعادة الاعتبار للأمة والذود عن حقوقها لا يجب أن يحصر في توجه بذاته أو في جماعة بذاتها، بل يجب أن يتجند الجميع لمواجهة العدو وحلفائه وفق رؤية وطنية وقومية واضحة ووفق منطلقات وقناعات فكرية وسياسية أكثر وضوحا.. وقبل هذا يجب أن يطلق حوار مفتوح مع كل النخب والفعاليات الفكرية والثقافية والسياسية والدينية في الوسط الاجتماعي العربي قطريا وقوميا للوصول إلى رؤية نضالية وجهادية موحدة عصيّة على الاختراق حتى تتطهر الأوطان والأمة من رجس الخلايا الصهيونية الاستعمارية.. مؤسف أن نجد اليوم أنظمة تدار من قبل المخابرات الأمريكية بزعم أنها أنظمة معتدلة أو مطبعة أو مسالمة، نموذج مصر والخليج والأردن والمغرب وبقية الدول والمكونات باستثناء دول محور المقاومة التي تتعرض للاختراقات الاستخبارية ويتم تجنيد أدوات الاختراق من داخل المحور وخارجه..!