الحرب ضد غزة في الملاعب أيضًا!
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
يتعرض نجوم كرة القدم ذوي الأصول العربية في الدوريات الأوروبية إلى هجوم شرس بسبب تضامنهم مع أهل غزة. وقد وصل الهجوم إلى حد المطالبة بطرد بعض اللاعبين من أنديتهم وإلغاء عقودهم بل ومحاكمتهم أمام القضاء كما حدث مؤخرًا مع لاعب نادي نيس الفرنسي لكرة القدم، الجزائري يوسف عطّال، الذي احتجزته الشرطة الفرنسية بسبب فيديو نشره على حسابه الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لمساندة غزة، وتمت إحالته للنيابة العامة، ووضعه تحت المراقبة القضائية ومنعه من السفر.
وقضية مناصرة القضية الفلسطينية من لاعبي الكرة تلقي الضوء على الرياضة وتشابكها مع السياسة وقد استخدمها السياسيون والحكام في أوروبا لصالحهم منذ بداية القرن الماضي مع الألعاب الأولمبية ودورات كأس العالم؛ لكنَّ الخط الأحمر كان دائمًا واضحًا وحادًا عندما يتعلق الأمر بالدولة العبرية التي لها الكلمة العليا في السياسة والرياضة وكل المجالات الأخرى على الساحة الدولية ويجد الصوت الإسرائيلي فرصة للتغلغل داخل مواقف الدول ويسبق حتى مصالحها.
أذكر في هذا السياق قصة رواها لي والدي - وكان لاعب كرة قدم في النادي التونسي قبل استقلال تونس عن فرنسا- وتعود وقائعها إلى أكثر من ستين عامًا، وبالتحديد عام 1958. كان منتخب كرة القدم الفرنسي من أقوى المرشحين للفوز بكأس العالم في السويد، وكان يضم لاعبين جزائريين بارزين مثل رشيد مخلوفي نجم سانت ايتيان، ومصطفى زيتوني وعبد العزيز بن تيفوز نجما موناكو، ومحمد معوش مهاجم ريماس وغيرهم. وقبل شهرين من سفر المنتخب الفرنسي للسويد اختفى تسعة من لاعبيه الجزائريين، ومعهم ثلاثون لاعبًا آخرين يلعبون في الدوري الفرنسي الأول، وخرجوا عبر حدود الدول المجاورة لفرنسا ليجتمعوا كلهم في تونس ويكونوا فريق جبهة التحرير الجزائرية. استدعتهم الجبهة ليلعبوا مباريات في عدة أماكن في العالم، فاق عددها التسعين، وارتدوا زيًا رياضيًا بألوان العلم الجزائري، وعُزفَ النشيد الوطني الجزائري "قسما بالنازلات الماحقات" في بداية المباريات. واستمرت المباريات حتى الاعتراف الدولي باستقلال الجزائر عام 1962 والتي كانت تعتبرها فرنسا مستوطنة امتدادًا لها، وتم اعتماد فريقها الوطني من قبل الفيفا عام 1963.
وقد تصدرت هذه القضية عناوين الصحف الفرنسية التي أدانت اللاعبين واتهمتهم بـ"الخيانة العظمى" وهي التهم الجاهزة التي كانت سائدة قبل ظهور تهم الإرهاب ومعاداة السامية. ونشرت مجلة باري ماتش وليكيب حملات مضادة للاعبين الجزائريين في محاولة لتشويههم وتم تقديم شكاوى للفيفا لإيقافهم والقبض عليهم لمحاكمتهم.
ورمزية هذه القصة هي وطنية اللاعبين والتي لا يحتل قبلها شيء بما في ذلك الرياضة. وما يقال عن اللاعبين الجزائريين بمناسبة الحديث عن واقعة عطّال يقال عن غيرهم من اللاعبين العرب والأفارقة الذين يحقُّ لهم مساندة أوطانهم وقضاياهم الوطنية مثلما يحقُّ لفرقهم الأوروبية أن تتمتع بأدائهم وأهدافهم التي تحقق لتلك الأندية الانتصارات والبطولات. وأقتطف بعض كلمات ذكرها المغربي أنور مغازي لاعب نادي ماينز الألماني عندما تم فسخ تعاقده مؤخرا بسبب مساندته لأهل غزة، قائلًا: "قف مع الحق، حتى لو ستقف وحيدًا. خسارة مصدر رزقي لا شيء مقارنة بالجحيم الذي يعيشه الأبرياء في غزة؛ أوقفوا القتل".
إنَّ اللاعب موقف وقدوة لجمهوره الواسع بالملايين والذين ينتظرون منه تأييدًا لقضاياهم الملحة. لكنَّ الرياضة مثل السياسة تكيل بمكيالين، فلو ساند اللاعب الكيان المحتل أو أوكرانيا فإنه يصبح بطلًا، أما إذا سولت له نفسه مساندة فلسطين فإن احتمال العقاب والطرد واردٌ وقد يصل إلى السجن والتشهير والمطاردة. والدرس في النهاية من هذه الأزمة الإنسانية المأساوية التي يعيشها أهل غزة أنها كشفت الوجه الحقيقي لمدّعي الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير وأظهرت زيف تلك الشعارات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نجوم كرة القدم الدوريات الأوروبية
إقرأ أيضاً:
«الشلماني» أول حكم ليبي في كأس العالم للأندية بالولايات المتحدة
في إنجاز تاريخي جديد يُضاف إلى سجل الرياضة الليبية، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن اختيار الحكم الدولي الليبي معتز الشلماني ضمن قائمة الحكام الذين سيديرون مباريات بطولة كأس العالم للأندية 2025، والتي ستُقام في الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر يونيو القادم.
ويُعد هذا التعيين بمثابة اعتراف دولي بكفاءة وتميز الحكم الليبي، الذي نجح خلال السنوات الأخيرة في إثبات نفسه كواحد من أبرز الحكام في القارة الإفريقية، بل وعلى المستوى العالمي، بعد أن أدار العديد من المباريات الكبرى، وكان محل إشادة من خبراء التحكيم والاتحادات القارية.
وسام التميز الإفريقي
ويأتي اختيار الشلماني لبطولة العالم تتويجًا لفوزه مؤخرًا بجائزة أفضل حكم في إفريقيا لعام 2024، التي يمنحها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، والتي اعتبرت بمثابة اعتراف رسمي بقدراته القيادية في إدارة المباريات، وحنكته في التعامل مع الضغوط داخل المستطيل الأخضر.
وقد أعرب الشلماني عن سعادته وفخره بهذا التكريم قائلاً: “تمثيل ليبيا في محفل عالمي كهذا شرف كبير، وهو مسؤولية كذلك. أهدي هذا الإنجاز لكل ليبي مؤمن بأن الطموح والعمل الجاد يصنعان الفارق. سأبذل قصارى جهدي لأكون خير سفير لبلادي.”
مشاركة تاريخية في نسخة استثنائية
بطولة كأس العالم للأندية هذا العام ستكون مختلفة، حيث ستشهد لأول مرة مشاركة 32 فريقًا يمثلون نخبة الأندية حول العالم، ما يزيد من أهمية وجود حكام على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة، وهي المعايير التي انطبقت على الشلماني، بحسب لجنة التحكيم التابعة للفيفا.
وسيقود الشلماني مباريات البطولة إلى جانب نخبة من أفضل الحكام الدوليين، في حدث ينتظره الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم، وسيكون فرصة ذهبية لإبراز الكفاءات الليبية في المحافل الدولية.
ردود فعل محلية ودولية
من جانب آخر، حظي الخبر بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أشاد كثيرون من داخل ليبيا وخارجها بالخطوة واعتبروها دليلًا على أن التحكيم الليبي قادر على المنافسة في أعلى المستويات.