البوابة نيوز:
2025-02-07@06:30:23 GMT

الحرب ضد غزة في الملاعب أيضًا!

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

يتعرض نجوم كرة القدم ذوي الأصول العربية في الدوريات الأوروبية إلى هجوم شرس بسبب تضامنهم مع أهل غزة. وقد وصل الهجوم إلى حد المطالبة بطرد بعض اللاعبين من أنديتهم وإلغاء عقودهم بل ومحاكمتهم أمام القضاء كما حدث مؤخرًا مع لاعب نادي نيس الفرنسي لكرة القدم، الجزائري يوسف عطّال، الذي احتجزته الشرطة الفرنسية بسبب فيديو نشره على حسابه الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لمساندة غزة، وتمت إحالته للنيابة العامة، ووضعه تحت المراقبة القضائية ومنعه من السفر.

وسيواجه عطّال النجم السابق لنادي استون فيلا الإنجليزي محاكمة يوم 18 ديسمبر المقبل بتهم الدفاع عن الإرهاب ومعاداة السامية. وقد يُحكم عليه بالسجن إضافة إلى إنهاء مشواره الرياضي من نادي نيس الذي أعلن إيقافه وفرض عقوبات ضده من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم. لا حديث يعلو الآن في الأوساط الرياضية عن قضية اللاعب عطّال وكيف أنه لم تتخذ إجراءات مماثلة تجاه العشرات من اللاعبين الذين تضامنوا مع أوكرانيا في الحرب الروسية. وهكذا فإن الكيل بمكيالين هو سمة هذا العالم الذي يدعي الديمقراطية وقد انتقل هذا الجور إلى ساحات الملاعب بعد أن عاث فسادًا في أروقة المنظمات الدولية. 

وقضية مناصرة القضية الفلسطينية من لاعبي الكرة تلقي الضوء على الرياضة وتشابكها مع السياسة وقد استخدمها السياسيون والحكام في أوروبا لصالحهم منذ بداية القرن الماضي مع الألعاب الأولمبية ودورات كأس العالم؛ لكنَّ الخط الأحمر كان دائمًا واضحًا وحادًا عندما يتعلق الأمر بالدولة العبرية التي لها الكلمة العليا في السياسة والرياضة وكل المجالات الأخرى على الساحة الدولية ويجد الصوت الإسرائيلي فرصة للتغلغل داخل مواقف الدول ويسبق حتى مصالحها.   

أذكر في هذا السياق قصة رواها لي والدي - وكان لاعب كرة قدم في النادي التونسي قبل استقلال تونس عن فرنسا- وتعود وقائعها إلى أكثر من ستين عامًا، وبالتحديد عام 1958. كان منتخب كرة القدم الفرنسي من أقوى المرشحين للفوز بكأس العالم في السويد، وكان يضم لاعبين جزائريين بارزين مثل رشيد مخلوفي نجم سانت ايتيان، ومصطفى زيتوني وعبد العزيز بن تيفوز نجما موناكو، ومحمد معوش مهاجم ريماس وغيرهم. وقبل شهرين من سفر المنتخب الفرنسي للسويد اختفى تسعة من لاعبيه الجزائريين، ومعهم ثلاثون لاعبًا آخرين يلعبون في الدوري الفرنسي الأول، وخرجوا عبر حدود الدول المجاورة لفرنسا ليجتمعوا كلهم في تونس ويكونوا فريق جبهة التحرير الجزائرية. استدعتهم الجبهة ليلعبوا مباريات في عدة أماكن في العالم، فاق عددها التسعين، وارتدوا زيًا رياضيًا بألوان العلم الجزائري، وعُزفَ النشيد الوطني الجزائري "قسما بالنازلات الماحقات" في بداية المباريات. واستمرت المباريات حتى الاعتراف الدولي باستقلال الجزائر عام 1962 والتي كانت تعتبرها فرنسا مستوطنة امتدادًا لها، وتم اعتماد فريقها الوطني من قبل الفيفا عام 1963.

وقد تصدرت هذه القضية عناوين الصحف الفرنسية التي أدانت اللاعبين واتهمتهم بـ"الخيانة العظمى" وهي التهم الجاهزة التي كانت سائدة قبل ظهور تهم الإرهاب ومعاداة السامية. ونشرت مجلة باري ماتش وليكيب حملات مضادة للاعبين الجزائريين في محاولة لتشويههم وتم تقديم شكاوى للفيفا لإيقافهم والقبض عليهم لمحاكمتهم.

ورمزية هذه القصة هي وطنية اللاعبين والتي لا يحتل قبلها شيء بما في ذلك الرياضة. وما يقال عن اللاعبين الجزائريين بمناسبة الحديث عن واقعة عطّال يقال عن غيرهم من اللاعبين العرب والأفارقة الذين يحقُّ لهم مساندة أوطانهم وقضاياهم الوطنية مثلما يحقُّ لفرقهم الأوروبية أن تتمتع بأدائهم وأهدافهم التي تحقق لتلك الأندية الانتصارات والبطولات. وأقتطف بعض كلمات ذكرها المغربي أنور مغازي لاعب نادي ماينز الألماني عندما تم فسخ تعاقده مؤخرا بسبب مساندته لأهل غزة، قائلًا: "قف مع الحق، حتى لو ستقف وحيدًا. خسارة مصدر رزقي لا شيء مقارنة بالجحيم الذي يعيشه الأبرياء في غزة؛ أوقفوا القتل".

إنَّ اللاعب موقف وقدوة لجمهوره الواسع بالملايين والذين ينتظرون منه تأييدًا لقضاياهم الملحة. لكنَّ الرياضة مثل السياسة تكيل بمكيالين، فلو ساند اللاعب الكيان المحتل أو أوكرانيا فإنه يصبح بطلًا، أما إذا سولت له نفسه مساندة فلسطين فإن احتمال العقاب والطرد واردٌ وقد يصل إلى السجن والتشهير والمطاردة. والدرس في النهاية من هذه الأزمة الإنسانية المأساوية التي يعيشها أهل غزة أنها كشفت الوجه الحقيقي لمدّعي الحريات ومنها حرية الرأي والتعبير وأظهرت زيف تلك الشعارات. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نجوم كرة القدم الدوريات الأوروبية

إقرأ أيضاً:

ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)

سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.

لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.

بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.

بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.

نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.

في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.

وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.

لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.

لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.

اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.

ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.

وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.

لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.

هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم الحلقة 3
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • بالصور | الأمم المتحدة ترمم بعض ملاعب كرة القدم في ليبيا لتشجيع الرياضة والسلام المجتمعي
  • بعد “كان” 2025..تخصيص ملعب محمد الخامس للتداريب في مونديال 2030
  • هل تقلل الأسواق المالية من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب؟
  • تشيلسي يتعاقد مع أموجو من الدوري الفرنسي
  • ولي عهد الأردن يعلق على انتقال موسى التعمري إلى رين الفرنسي
  • ولي عهد الأردن يعلق على انتقال موسى التعميري إلى رين الفرنسي
  • صلاح الثاني وميسي الـ16.. أغلى اللاعبين المتاحين مجاناً في صيف 2025