لك أن تتخيل معى ان يطلب من منظمة أو فصيل يعمل تحت الأرض، الاستعداد لهدنة تشرف عليها عدة دول بالإضافة إلى الصليب الأحمر، بموجبها تسليم أسرى لعدو متربص ومتغطرس يبحث عن أعضائها على مدار ٥٠ يوما بكافة الوسائل التدميرية، وكأنه يبحث عن إبرة فى كوم قش، ورغم ذلك تلتزم هذه المنظمة باختيار الأسرى الذين تنطبق عليهم شروط الاتفاق وتسليمهم بأبهى صورة، دون انتقاص من حقوقهم أو تعريض حياتهم للخطر، وتنجح فى المفاوضات التى سبقت الهدنة، واستطاعت ان تفاوض عدوا متغطرسا يبول على اتفاقياته ولا يعير لها أى اهتمام، ويستطيع رغم كل التحديات ان يخفى خطته فى تسليم الأسرى، الذين لم يستطيعوا ان يدلوا بأية معلومات عن أماكن الأسر أو الاحتجاز، فى نفس الوقت الذى قامت فيه إسرائيل بتسيير طائرات مسيرة على ارتفاعات يصعب رؤيتها للتجسس على حماس ومعرفة أماكن الاحتجاز، وتكتشف المنظمة هذه اللعبة الدنيئة وتوقف تسليم الأسرى حتى تلتزم إسرائيل بالبنود المتفق عليها، وتوقف هذه المسيرات، ولم تكن المسيرات وحدها هى خطة إسرائيل فى اكتشاف أماكن التسليم والتسلم، فهناك عمليات مخابراتية تسير جنبًا إلى جنب مع المراقبة بالقمر الصناعى، وغيرها من الوسائل الحديثة، فى محيط لا تزيد مساحته على ٣٦٠ كيلو مترًا مربعًا وهى مساحة غزة بالكامل، وليس الشمال فقط الذى تتم فيه المعارك الضارية ليلاً ونهارًا.
ورغم كل هذه التحديات تلتزم حماس ببنود الهدنة وتنجح فى تسليم الأسرى دون ان تكتشف إسرائيل أماكن احتجازهم رغم تصريحاتها المستفزة بقدرتها على التعامل مع أية أهداف بالشرق الأوسط بأكمله.
لقد اثبتت حماس استحقاقها لقب دولة بكل ما تتمتع به الدولة من امكانيات عسكرية ومخابراتية وتفاوضية، عندما قايضت (الأسير الإسرائيلى بثلاثة فلسطينيين) فى الوقت الذى تراجع فيه الكيان الصهيونى إلى ما يشبه العصابة الخائبة والخائنة، والتى فشلت فى الوصول إلى الأسرى على مدار ٥٠ يومًا بمعاونة قوات النخبة أو قوات دلتا الأمريكية التى أتت خصيصًا لهذا الأمر، وأثبتت فشلها عندما حاصرتهم حماس وأسرت البعض وقتلت البعض الآخر، وأصبحت سمعة بايدن فى الحضيض وتهكم عليه ترامب، عندما خلت اسماء الأسرى من الأمريكان، معربًا عن استهزائه بخصمه الذى اعتبرته حماس لا شىء.
أرى من وجهة نظرى ان الهدنة المحددة بأربعة أيام سبقها ما يقرب أربعة أشهر من الاعداد والتخطيط، رغم ان المعركة لم يمر على اندلاعها سوى ٥٠ يومًا فقط.
الواقع السياسى يؤكد بعد هذا النضج السياسى والعسكرى ان حماس تتمتع بكيان دولة وليس منظمة، لذلك تخشى إسرائيل من استمرارها بعد الحرب، لأنها بالعربى ستكتب شهادة وفاتها بخط يدها عندما تعترف بفلسطين كدولة ذات سيادة، لأنها لم تقدر على تقويض حماس وهى جزء من فلسطين، فما بالنا بباقى الحركات التى تعمل جنبا إلى جنب مع حماس داخل فلسطين والأراضى المحتلة، الواقع يؤكد ان خريطة المنطقة ستتغير بالكامل والله أعلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: طارق يوسف الصليب الأحمر هموم وطن الكيان الصهيوني فلسطين
إقرأ أيضاً:
حركة حماس تبدي انفتاحها على هدنة طويلة الأمد دون إلقاء سلاحها
يمانيون../ قال طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئاسة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” اليوم السبت إن الحركة منفتحة على هدنة طويلة الأمد مع “إسرائيل” في غزة لكنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها، وذلك في الوقت الذي يلتقى فيه قادة الحركة بالوسطاء في القاهرة لإجراء محادثات تهدف للتوصل لوقف لإطلاق النار.
وذكرت مصادر مقربة من المحادثات أن حماس تأمل حشد دعم الوسطاء لعرضها، مضيفة أن الحركة قد توافق على هدنة تتراوح بين خمس وسبع سنوات مقابل إنهاء الحرب والسماح بإعادة إعمار غزة وتحرير معتقلين فلسطينيين لدى “إسرائيل “وإطلاق سراح جميع المحتجزين لديها .
وقال النونو، في أول إشارة واضحة على انفتاح الحركة على هدنة طويلة الأمد ” فكرة الهدنة أو مدتها غير مرفوضة بالنسبة لنا وجاهزون لبحثها في إطار المفاوضات ونحن منفتحون على أي مقترحات جادة لإنهاء الحرب “.
إلا أنه استبعد موافقة الحركة على مطلب “إسرائيلي “أساسي يتمثل في إلقاء حماس سلاحها .
وقال النونو إن “سلاح المقاومة” غير قابل للتفاوض وإنه سيظل في أيديهم ما بقي “الاحتلال”، وفق وكالات أنباء.