غزة– تزداد خشية أسامة الكحلوت على حياته وأسرته، كلما استشهد أحد زملائه من الصحفيين في الميدان، ويخشى وزملاءه في قطاع غزة من استهداف منازلهم أوالانتقام منهم  بقتل أسرهم.

واستشهد في قطاع غزة 70 صحفيا وسقط  منهم عشرات الجرحى، وفقد آخرون أفرادا من أسرهم أو دمرت منازلهم، في استهدافات صنفتها نقابة الصحفيين الفلسطينيين بأنها "عمليات اغتيال وبقرار ممنهج من حكومة الاحتلال".

ومن بين الصحفيين الشهداء، وثقت النقابة، قتل جيش الاحتلال 17 مصورا ومصورة، سقطوا في قصف جوي ومدفعي، منذ الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

استشهد 70 صحفيا وسقط منهم عشرات الجرحى (مواقع التواصل)  لا تراجع عن الرسالة

ومع ما وصفه الكحلوت بـ"شراسة استهداف الصحفيين" فإنهم لم يصابوا بالجبن والتراجع عن أداء رسالتهم المهنية، وملاحقة تطورات الميدان، وما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم مروعة، وقال للجزيرة نت: "نعم أصبنا بالخوف والخشية على أنفسنا وعائلاتنا، ولكننا لم نغادر الميدان".

ومنذ اندلاع الحرب لم يقض الكحلوت مع زوجته وأطفاله الثلاثة في منزله بمدينة دير البلح وسط القطاع، سوى يوم واحد فقط، وما دون ذلك كان جل وقته مستيقظا باستثناء لحظات نوم خاطفة، يلاحق تطورات الميدان لحظة بلحظة، يوثق بالصوت والصورة تداعيات حرب ضارية، يصفها هذا الصحفي الثلاثيني بأنها "الأعنف من بين كل الحروب السابقة على غزة".

وبدا لافتا منذ اليوم الأول لهذه الحرب أن ضوءا أخضر منحته حكومة الاحتلال لجيشها باستهداف الصحفيين، وكل من يحمل كاميرا في الميدان، وهو ما وصفته "لجنة الحريات" في نقابة الصحفيين بأنه "استهداف أصحاب عين الحقيقة".

وقال المصور الصحفي معتصم مرتجى في شهادته للجنة الحريات في نقابة الصحفيين إن الاحتلال استهدف منزله في مدينة غزة، ودمر كافة معداته الصحفية.

وبرأي هذا المصور الشاب، الذي فقد صديقيه الصحفيين رشدي السراج ومحمد الجاجا، فإن "الاستهداف يأتي في سياق خلق حالة ترهيب للمصورين بغرض الابتعاد عن الميدان لتكون جرائم الاحتلال دون شهود وشواهد وبلا توثيق وضمن خطة ممنهجة".

ويتفق معه المصور الصحفي عطية درويش، ويقول "استشعرنا الخطر منذ اليوم الأول باستهداف مكاتبنا الصحفية في الأبراج مما أدى الى ابتعادنا عنها وعدم قدرتنا على أخذ كافة المعدات اللازمة وهذا أثر على عملنا حيث لم نجد مكانا سوى محيط مستشفى الشفاء للوجود به، وعشنا ليالي مرعبة ومخيفة وكنا شهودا على استشهاد زملاء لنا".

تحيط بالصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة مخاطر جمة تجعلهم يحملون أرواحهم على أكفهم وهم يتنقلون في الميدان (الفرنسية) قتل وتدمير بقرار سياسي

ويعمل في القطاع نحو 950 صحفيا مسجلا في نقابة الصحفيين، من بينهم مئات المصورين، بينما يعمل في الميدان لتغطية العدوان نحو 1500 صحفي وصحفية، نتيجة اهتمام وسائل الإعلام العربية والعالمية بتطور الأحداث، وعدم السماح للصحفيين العرب والأجانب بالدخول للقطاع بغرض التغطية.

وقال نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر للجزيرة نت إن "استهداف الصحفيين ترجمة حرفية لقرار ممنهج من الاحتلال باغتيال الحقيقة وقتل الشهود على الجرائم الإسرائيلية".

واستنادا إلى رصد وتوثيق لجنة الحريات بالنقابة، أكد أبو بكر أن جيش الاحتلال لم يترك وسيلة لاستهداف الصحفيين وعائلاتهم ومقارهم إلا واستخدمها بكل عنف، فقتل 70 صحفيا ومصورا، ذكورا وإناثا، وجرح عشرات آخرين، ودمر عشرات المقار لمؤسسات إعلامية، من بينها مقار وكالات دولية.

وتشير تقديرات النقابة إلى أن نحو 80% من الصحفيين نزحوا من شمال القطاع إلى جنوبه، نتيجة الاستهداف الكبير لهم، خاصة في الفترة التي أعقبت 11 من الشهر الجاري، عندما تساقطت القذائف على مقربة من خيام الصحفيين في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

ووضع أبو بكر ذلك في سياق مخطط إسرائيلي لإفراغ مناطق غزة وشمالها من الوجود الصحفي، بهدف ارتكاب المجازر والجرائم بعيدا عن عدسات المصورين وأقلام الصحفيين، حسب تعبيره.


إستراتيجية ممنهجة

وتتابع نقابة الصحفيين الجرائم التي دأبت على وصفها بأنها "أكبر مقتلة في تاريخ الجرائم ضد الصحافة عبر العالم وفي أقصر فترة زمنية"، وترصدها في تقارير يومية، ويقول أبو بكر إن هذه التقارير تصل بصورة مستمرة للأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية الصحفية والحقوقية، وللنقابات الصديقة.

وتحضر النقابة بالتنسيق مع الاتحاد الدولي للصحفيين للتقدم بشكوى ثالثة لمحكمة الجنايات الدولية، بعدما كانت تقدمت في العام 2022 بشكايتين، ضد الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين وعائلاتهم ومقارهم الصحفية والإعلامية.

ويستخدم "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" الوصف ذاته بالإشارة إلى ما يتعرض له صحفيو غزة من جرائم إسرائيلية بأنها "أكبر مقتلة في التاريخ الحديث"، وقال رئيس المرصد الدكتور رامي عبدو للجزيرة نت إن هذا الاستهداف الممنهج هدفه "فرض تعتيم إعلامي شامل على قطاع غزة بأكمله".

وأكد رامي عبدو أن الاحتلال ينتهك بشكل صارخ كل المواثيق والقوانين الدولية التي تنص على وجوب توفير الحماية للصحفيين، لافتا إلى أن "إستراتيجية الاحتلال في حروبه على الدوام هي استهداف الصحفيين من أجل إخفاء الصورة وكتم صوت الحقيقة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: استهداف الصحفیین نقابة الصحفیین فی المیدان قطاع غزة أبو بکر

إقرأ أيضاً:

استشهاد 68 فلسطينيًا بغارات للاحتلال على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشفت مصادر طبية فلسطينية عن استشهاد 68 فلسطينيًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على عدد من المناطق في قطاع غزة، منذ فجر اليوم الأربعاء، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء "معا" الفلسطينية.

وقصف جيش الاحتلال مناطق مختلفة من القطاع، من ضمنها عيادة طبية تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كما استهدف عناصر أمن تابعة للشرطة في دير البلح.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، في تقريرها الإحصائي اليومي، وصول 24 شهيدًا و55 جريحًا إلى مستشفيات القطاع في الـ24 ساعة الماضية، إثر استمرار عدوان الاحتلال.

وقالت الوزارة إن إجمالي عدد الشهداء والمصابين منذ 18 مارس 2025 وصل إلي 1,066 شهيد و2,597 جريح.

وبذلك، ارتفعت حصيلة شهداء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 50,423 شهيد و114,638 مصاب.

مقالات مشابهة

  • 10 شهداء وعشرات الجرحى في يوم دموي جديد تحت نيران الاحتلال جنوب غزة
  • باحث: الاحتلال يرتكب إبادة جماعية في غزة لخدمة بقاء نتنياهو السياسي
  • باحث: الاحتلال يرتكب إبادة جماعية بغزة لخدمة بقاء نتنياهو السياسي
  • 28 شهيدا بغزة والاحتلال يوسع عمليته شمالي القطاع
  • ارتفاع شهداء قصف الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة تأوي نازحين في حي التفاح بغزة لـ 19 شهيدا
  • شهداء وعشرات الجرحى بقصف الاحتلال مدرسة تؤوي نازحين في حي التفاح بغزة
  • مصر تُعقّب على استهداف الاحتلال عيادة تابعة للأونروا في غزة
  • قطاع غزة.. سقوط 41 شهيدا وعشرات الجرحى منذ فجر اليوم
  • استشهاد 68 فلسطينيًا بغارات للاحتلال على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم
  • 19 شهيدا بينهم 9 أطفال.. مجزرة للاحتلال بحق عيادة تابعة لـ"الأونروا" شمال غزة (فيديو)