جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-23@19:52:22 GMT

قراءة في "المرحلة الملكية"

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

قراءة في 'المرحلة الملكية'

 

سلطان بن ناصر القاسمي

بينما كنتُ جالسًا بمفردي، وجدتُ نفسي أفكِّرُ في مغزى الحياة، خلال تلك اللحظات، كنت أقرأ كتابًا بعنوان "المرحلة الملكية" للدكتور خالد المنيف، ووجدت بعض العبارات التي تعكس ما أشعر به بالضبط، وهو ما أرغب في تقديمه في مقالي هنا، ومن خلال هذه التجربة، وجدت أن الانتقال إلى مرحلة النضج الفكري والوعي يمثل لنا تحقيقًا فعّالًا للسعادة واحترام الذات.

إنَّ المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته تشمل العديد من المراحل الواضحة، منذ الولادة مرورا بمرحلة الشباب ووصولاً إلى الشيخوخة، لكن هناك مرحلة مهمة جدًا، وهي تلك التي تعنى بنضج الفكر والوعي، هذه المرحلة تمثل فترة حياة يجب علينا أن نمر بها بكل احترام لأنفسنا وباستمتاع بمواردنا الحيوية، سواء كانت مادية أو روحية. وقبل أن نتعمق في فهم هذه المرحلة، يجب أن ندرك أنها تتجسد فكريًا من خلال إبداعات الإنسان، وقد أشار الدكتور المنيف في كتابه إلى أن كلمة الملكية ترمز إلى شيئين مهمين في الحياة، الأمر الأول: فخامة وروعة الكلمة ومعناها ومدلولها العام، والأمر الثاني أن حياتك ستكون ملكًا لك وستهنأ فيها بممتلكات واسعة من الفرحة وراحة البال!

ففي سعي الإنسان نحو الوصول إلى هذه المرحلة، يظهر تطور واضح في النظرة للحياة والاستفادة من التجارب، وتصبح المعرفة والحكمة رفيقتين مهمتين في رحلة الشخص نحو الوعي والنضج. كما إن إحدى الجوانب المهمة في هذه المرحلة هي قبول المتغيرات وفهم دورها في حياتنا، حيث يُعتبر القبول والاستجابة للتغيرات مفتاحًا أساسيًا لتحقيق السلام الداخلي والرضا بالذات، ومن المهم أن نعيش مع التغيرات ونتعلم منها دون أن نُقيّد أنفسنا بالماضي أو بالتفكير القديم.

ففي هذه المرحلة ينتبه فيها الإنسان لحياته بكامل مكامنها وإمكانياتها، ويتوسّع فيها فهمه وأفكاره، وينظر إلى الحياة بمنظور أوسع، كما يتسع صدره لاستيعاب همومها وتحدياتها وأخطائها، وتتشكل فيها الخبرات الحياتية من خلال التجارب التي يعيشها والمواقف التي يواجهها بعقل ناضج ووعي واسع، حتى لو جاءت هذه المرحلة في مراحل متأخرة من مسار الحياة.

وأيضًا هذه المرحلة تُوجِّهنا لعدم الانخراط في مناقشات فارغة أو جدالات غير مسؤولة، ففيها لن نُهدر جهدنا فيما لا يستحق، فإذا وجدت نفسك مُشتبكًا في جدال، تكون الحيلة في الصمت وعدم إضاعة الوقت في محاولة إقناع أولئك الذين لا يرغبون في الفهم أو يصرون على عدم ذلك، ويكون قرارك هنا هو عدم إضاعة وقتك في شخصٍ لا يستحقّه، بل توجه جهودك ووقتك نحو أمور أكثر أهمية وجدّية، فالاختيار يعود لك وأنت المسؤول الوحيد عنه.

في هذه المرحلة، لن تعطِ أهمية كبيرة لأمور تافهة، ولن تدع كلمة بسيطة من شخص بلا تفكير أو تصرف غير مدروس تؤثِّر فيك، ستدرك حينها أن كل الأمور زائلة ولا شيء يستحق الاهتمام إلا طاعة الله واحترام وطاعة والديك وتقدير من هم أكبر منك سنا.

كما إن في هذه المرحلة، لن تُبذل جهدًا لإثبات تهم أو ادعاءات ضد شخص معيّن، فوقتك الثمين أكثر من أن تضيعه في محاولة التصدي لأمور ليست ذات أهمية، ستترك الشخص يتخبط في كذبه وهو يدرك ذلك، لكي تركز أنت على أمور حياتك التي تعتبرها ثمينة بالنسبة لك.

في هذه المرحلة، ستدرك أنك لا تستطيع توجيه الآخرين، وأن الهداية بيد الله وحده، ولن تستطيع أن تهدي من تحب، بل الله وحده يهدي من يشاء، فالناس مختلفون، بعضهم مقدر ليكون جاهلاً، وبعضهم يؤثِّر سلبًا على الآخرين، وبعضهم يميل نحو الضلال حتى لو تعرَّض للنصائح، وفي هذه الحالة، ستدرك أن الجهد على عاتقك وأن التوفيق بيد الله وحده، كما قال تعالى "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ" (القصص: 56).

وفي هذه المرحلة، يجب على الإنسان أن يُدرك أنه مسؤول عن صحته وحياته بأكملها، ينبغي له أن يدرك أنه لن يجد من يحمل عنه آلامه أو همومه، على الرغم من أنه يعلم أنه المسؤول الوحيد عن حالته الصحية وشؤونه الشخصية، وفي هذه المرحلة، يتبادر للإنسان الإدراك الكامل بأنه لن يجد من يحمل همومه أو آلامه، حيث يمكن أن يكون هناك داعمون في المجتمع يقفون بجانبه، يواسونه أو يقدمون المساعدة المالية له، ولكنهم لن يتمكنوا من تخفيف ما يعانيه، حتى لو كان شريك الحياة أو الأولاد؛ ففيها يمتلك الشخص نفسه ويكون مسؤولاً عنها، مما يتطلب منه أن يعتني بها دون أنانية وبدون المساس بحقوق الآخرين من حوله.

في هذه المرحلة المميزة، ينبثق وعيٌ جديد يفتح أبواب فهم عميق لطهارة وكرم الحياة، تجدها تطلب فقط قلبًا طاهرًا، ينطلق بثقة نحو الله، وبعدها تجد الرزق ينساب والهبات تأتي بلا حساب، وتكتشف أهمية أن تكون مُحبًا لربك، ولذاتك، وتتمنى الخير لك وللآخرين، وتدرك أن من يزرع الخير يحصده في الدنيا والآخرة، وتتبين لك أن الأوضاع لا تبقى كما هي، وأن الألم يتلاشى والوجع يزول، وحتى الظلم لن يدوم رغم قسوته في مواجهة حياتك.

أتذكرُ هنا قصة لشخصية اعتبارية تعرضت لاتهامات باطلة وقذف ظالم، وحين اشتدت عليها الاتهامات الباطلة وتم رميها بتهمة باطلة لا أساس لها من الصحة والواقع أبدا، ولكنها اقتربت من الله في تلك المحنة، وزادت استغفارًا وصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووثقت بأن هناك عدلا إلهيًا آتيا لا محالة. وفي ذلك الوقت العصيب، ظهر الفرج والعدل من رب السماء حيث كشفت الحقيقة أمام العالم، واعترف الفاعل بخطئه أمام الجميع، وعبر عن استعداده لتصحيح الأمور، والاعتذار عن قذف تلك الشخصية. إنها عدالة الله لمن يلجأ إليه في أوقات الضيق والمحن.

في هذه المرحلة من الحياة، يظهر تحول في الأولويات حيث لا يكون الاهتمام بمتابعة أخبار الآخرين وتفاصيل حياتهم اليومية، سواء كان ذلك وجهتهم في السفر، طعامهم، أو حتى ممتلكاتهم من منازل وسيارات، ليصبح الانشغال الرئيسي هو العناية بالذات ورعاية حالتها.

وفي هذه المرحلة، لا وجود للمقارنة بين النفس وبين الآخرين، فكل شخص له رزقه وطبيعته الفريدة، والتركيز يكون على عيش الحياة كما كتبها الله لك، وهنا يأتي الإدراك بأن حياتك مرتبطة بطريقة تفكيرك، حيث يكمن الإصلاح في تغيير نظرتك للحياة، لا في تغيير البيئة المحيطة بك أو امتلاك ممتلكات جديدة أو حتى الترقية في العمل حتى وإن أتت لغيرك لتؤمن بأن الله هو الرازق، ويتبادر إلى الوعي أن البشر في هذه الحياة ليسوا مثاليين، بل يتباينون بين السمات الإيجابية والسلبية، فبينهم من لديه أخلاق رفيعة وبينهم من يظهر تصرفات سيئة، ومنهم من يمارس دينه بتفانٍ ومنهم من يظل غير ملتزم به وتائها في هذه الحياة.

وفي الختام، لماذا ننتظر وصول مرحلة معينة من العمر لنستمتع بهذه المرحلة والاستفادة من تجارب الحياة؟ لماذا لا نبدأ اليوم بالاستفادة من الدروس المجانية التي تقدمها لنا الحياة؟ فالعقلاء يستمدون الحكمة من العظماء، يتعلمون من التجارب، ويستفيدون من القوانين.

أدعوك الآن، أيها العزيز، أن تبدأ رحلتك نحو هذه المرحلة دون الانتظار لبلوغ سن معين.

لماذا تخفي مرحلة شبابك وتنتظر حتى تكبر لتبدأ في التفكير في كيفية العيش بهذا النضج؟ ابدأ اليوم، واستمتع بمرحلة شبابك المشرقة، استغل ربيع عمرك الذي يزهر لتعيش حياة رائعة تليق بك، هذه الحياة الفاخرة التي تحلم بها، يمكنك بدء بنائها الآن، استفد من كل لحظة، واستعد لمسيرة حافلة بالنجاح والتطور.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل يجوز قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة بعد غروب شمس الخميس؟ اعرف الوقت الصحيح

ما هل يجوز قراءة سورة الكهف ليلة يوم الجمعة؟ سورة الكهف يستحب تلاوتها لما لها فضل كبير عند الله وتقرأ سورة الكهف في ليلة الجمعة أو في يومها، وتبدأ ليلة الجمعة من غروب شمس يوم الخميس، وينتهي يوم الجمعة بغروب الشمس.. فيكون وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، قال المناوي: فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي -رضي الله عنه-.

 

ما سبب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟ 


ثبت في السنة النبوية فضل كبير لمن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، وذكر العلماء أكثر من سبب لقراءة سورة الكهف، حيث إن قراءة سورة الكهف تحمي من فتنة المسيح الدجال ومن فضل سورة الكهف أنه «من قرأها في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء»، وقراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها مستحبة، ولها فضل عظيم في الدنيا والآخرة، ويبدأ وقت قراءة سورة الكهف مع غروب شمس يوم الخميس، إلى غروب شمس يوم الجمعة.

 

سبب نزول سورة الكهف


جاء في سبب نزول سورة الكهف أن المشركين أرسلوا رجلين من اليهود إلى الأحبار ليسألوهم عن رأيهم في دعوة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكان رد الأحبار عليهم بأن يسألوا محمدًا  -صلى الله عليه وسلم-، عن مجموعة من الفتيان، وعن رجل طاف الأرض ووصل مغربها ومشرقها، فنزل الوحي بالرد عن تلك الأسئلة بنزول سورة الكهف، فجاءت سورة الكهف دليل من الأدلة التي جاءت تصديقًا على نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم، ونزلت سورة الكهف في الوقت الذي عانى فيه أهل مكة من الظلم والقهر، كما بيّنت السورة ما عانى منه أصحاب الكهف، فكانت كالفرج بعد الشدة.

 

سبب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة


لماذا نقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، وذلك لعدة أسباب:-

أولاً: أن قراءة سورة الكهف سبب في العصمة من المسيح الدجال: وهي فتنة عظيمة حذر منها جميع الأنبياء -عليهم السلام-، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ»، وقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال».
 

ثانياً: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة تنزل عليه السكينة والرحمة وحضور الملائكة،، وروى الإمام مسلم في صحيحه: «قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ، وفي الدَّارِ دَابَّةٌ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ، أَوْ سَحَابَةٌ قدْ غَشِيَتْهُ، قالَ: فَذَكَرَ ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: اقْرَأْ فُلَانُ، فإنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ القُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ».

 

ثالثاً: من أسباب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة عصمة وضياء لقائلها طوال الأسبوع، فعن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: «مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ»، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وقوله -صلى الله عليه وسلّم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».

 

رابعاً: استحقاق شفاعة القرآن لصاحبه يوم القيامة: لقوله - صلى الله عليه وسلم-: «اقْرَؤوا القرآنَ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه»، صحيح مسلم.


خامساً: قارئ القرآن له بكل حرف عشر حسنات، لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ»، حديثُ حسن.
 

- يستحق قارئ القرآن علو الدرجات في الجنة: قال - صلى الله عليه وسلم-: «يقالُ لصاحبِ القرآنِ: اقرأْ وارتقِ، ورتِّلْ كما كنتَ ترتِّلُ في الدنيا، فإنَّ منزلَكَ عند آخرِ آيةٍ.

آداب قراءة سورة الكهف
- قراءة سورة الكهف من المصحف أفضل من قراءتها غيبًا، لأن النظر في المصحف عبادة يؤجر عليها القارئ.

- إخلاص النية لله -عزّ وجل- عند قراءة القرآن الكريم.
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قبل الشروع بالقراءة
- البسملة بقول:«بسم الله الرحمن الرحيم»

- التسوك.. كما ورد في السنة النبوية، بحيث يبدأ من الجانب الأيمن من فمه.
- الطهارة.. فإذا قرأ القرآن محدثًا جاز له ذلك، وإن كان القارئ بفعله هذا قد ارتكب المكروه، وترك الأفضل.
- قراءة القرآن الكريم في مكان نظيف.
- استقبال القبلة عند قراءة القرآن الكريم، والجلوس بخشوع ووقار
- ترديد الآيات للتدبر، فإذا مرّ بآية من آيات العذاب، استعاذ بالله من شر العذاب
- تعظيم القرآن الكريم بتجنب الحديث أثناء تلاوته، وتجنب النظر إلى ما يشتت الذهن.
 

حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
 

يستحب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؛ لما ورد في فضلها من أحاديث، وورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ» [رواه: الدارمي]، وعنه أيضًا، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ».

من فاتته قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. لديه فرصة حتى بعد العشاء أسرار في سورة الكهف 


ومن السور التي تحتاج إلى تدبر سورة الكهف، حيث إن أغلبنا يقرأ نهاية كل أسبوع سورة الكهف، هل لاحظتم كلمات النهي العشر (لا) ستجعلك تتدبر أكثر.

● اللاء الأولى: 
﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَآءً ظَٰهِرًا﴾ 
(الآية ٢٢).
في نقاشك مع الناس لا تدعي إمتلاك الحقيقة ولا تجادل جدالاً عقيماً.

● اللاء الثانية:
﴿وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا﴾ 
(الآية ٢٢).
فيما يُشكل عليك من أمور لا تطلب الفتوى من شخص غابت عنه حقيقة ذاك الشيء أو يرفض الحق.

● اللاء الثالثة: 
﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا  إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ﴾ 
الآيتان (٢٣ / ٢٤).
وأنت تخطط لا توعِدْ نفسك أو غيرك بعمل شيء في المستقبل دون أن تعلق الأمر على مشيئة الله.

● اللاء الرابعة:
﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا﴾ 
(الآية ٢٨). 
وأنت تسير مع  الصالحين لا تصرف نظرك عنهم لغيرهم طمعاً بالدنيا.

● اللاء الخامسة:
﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا﴾
(الآية ٢٨).
خفف من كل شيء لا يقربك إلى الله
لأنه يشغلك
لا تُطِعْ من كان غافلا عن ذكر الله
وآثَرَ هواه على طاعة مولاه
وصار أمره في أعماله ضياعًا وهلاكًا.

● اللاء السادسة:
﴿فلَا تَسْـَٔألنى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ 
(الآية ٧٠).
في ممارستك لفضولك المعرفي لا تستعجل بالسؤال  قبل أن تُستكمل لك تفاصيله.

● اللاء السابعة: 
﴿لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ﴾ 
(الآية ٧٣). 
تذكر أنهم بشر فلا تحاسبهم على نسيانهم أو ما استُكرهوا عليه.

● اللاء الثامنة: 
﴿وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِى عُسْرًا﴾
(الآية ٧٣).
لكل شخص قدرة وطاقة استيعابية فلا تطلب منه ما لا يستطع تحمّله وعمله.

● اللاء التاسعة:
﴿فَلَا تُصاحِبني قَد بَلَغتَ مِن لَدُنّي عُذرًا﴾
(الآية ٧٦).
لا تصاحب من استنفذت معه كل الوسائل..

● بقيت (لاءٌ) أخيرة تُضاف إلى تلك اللاءات التسعة ألا
وهي اللاء العاشرة وهي خاتمة هذه اللاءات 
ومِسْكُها  في آخر آية من آيات سورة الكهف:

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ  فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)
(110)}

■ فإن كانت اللاءات التسعة تعتني بتربية المؤمن  وتوجيهاته الإيمانية مع من حوله من الناس، فإن اللاء العاشرة جاءت وخُصت علاقة عمل المؤمن بمدى إخلاصه لربه، لتشترط قبول العمل الصالح بألا يراد به إلا وجه الله وحده لا شريك له.

 

قصة أصحاب الكهف

 

أهل الكهف هم مجموعة من الفتيان لجأوا إلى كهفٍ خوفًا على أنفسهم من الفتنة في دينهم حين رأوا ما عليه قومهم من عبادة الأصنام والأوثان في يوم عيدٍ لهم، ففتح الله على بصيرة الفتيان، وأيقنوا في قرارة أنفسهم أنّ ما عليه قومهم باطلٌ، فتركوا ما عليه قومهم إلى توحيد الله عزّ وجلّ، ولجأوا إلى دعاء الله -تعالى- قائلين: «رَبَّنا آتِنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً وَهَيِّئ لَنا مِن أَمرِنا رَشَدًا» وناموا في الغار ثلاثمئة وتسع سنوات.
 

وتولّى الله تعالى حفظهم وكان يقلّبهم يمنةً ويسرةً؛ لئلا تأكل الأرض من أجسادهم، وكانوا في مكانٍ واسعٍ في الغار؛ ليصل الهواء إليهم فلا تبلى أجسادهم بانعدامه، وحين أفاقوا من نومهم كان قولهم: «قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم فَابعَثوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُم هـذِهِ إِلَى المَدينَةِ فَليَنظُر أَيُّها أَزكى طَعامًا فَليَأتِكُم بِرِزقٍ مِنهُ وَليَتَلَطَّف» فلم يعلموا حقيقة أمرهم ولا الزمان الذي هم فيه، فبعثوا أحدهم بالدراهم التي كانت معهم لشراء بعض الطعام من المدينة التي كانوا فيها مع حرصه على ألّا يلفت نظر أحدٍ ممّن حوله؛ حتى لا يفتنوهم عن دينهم، لكن أراد الله -تعالى- بأن يعلم الناس بأمرهم لتقوم عليهم الحجة ويعلموا أن أمر الله حق، أمّا عدد الفتية فلا تتحقّق أي أهميةٍ بمعرفته، ولذلك قال سبحانه: «قُل رَبّي أَعلَمُ بِعِدَّتِهِم ما يَعلَمُهُم إِلّا قَليلٌ فَلا تُمارِ فيهِم إِلّا مِراءً ظاهِرًا وَلا تَستَفتِ فيهِم مِنهُم أَحَدًا».
 

ويتبيّن من قصة أصحاب الكهف الأثر الكبير الذي يعود على الدعوة من باب أمر الشباب بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهم عماد المجتمع، وقد فضّل الله تعالى أمّة محمدٍ وميّزها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ»، كما أنّ الشباب كانوا أكثر الناس استجابةً لدعوة الله تعالى ورسوله، ولذلك فقد نالوا الاهتمام الكبير من النبي -عليه الصلاة والسلام- والخلفاء الراشدين من بعده -رضي الله عنهم-، فحين جهّز أبو بكر -رضي الله عنه- جيش المسلمين بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- جعل الصحابي الشاب أسامة قائدًا للجيش رغم وجود عددٍ من كبار الصحابة.

مقالات مشابهة

  • والي الخرطوم يتفقد الدفاعات الأمامية في أمبدة وغربي كرري ويقف على عودة الحياة في المناطق التي تطهيرها من التمرد
  • "المكرسون علامة رجاء قوية على طريق الحياة".. الأنبا مرقس يترأس يوم الدعوات الإيبارشي
  • هل يجوز قراءة القرآن على الماء والغسل به؟.. الإفتاء توضح
  • خطيب المسجد النبوي: الابتلاء سنة الحياة ليختبر الله الصبر ويزيد اليقين عند الإنسان
  • مفاوضات لبنان وإسرائيل: قراءة في تطورات المشهد
  • ثواب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. اغتنم هذه النفحات الرباينة
  • يغفر له ما بين الجمعتين.. فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
  • علي جمعة: يجوز قراءة القرآن الكريم في المساجد يوم الجمعة قبل الأذان
  • هل يجوز قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة بعد غروب شمس الخميس؟ اعرف الوقت الصحيح
  • متى يبدأ تأثير سورة البقرة على قارئها؟.. علي جمعة يجيب