يعرف الصهاينة جيدا أن فرط القوة العسكرية القادرة على القتل وإراقة الدماء، هي السبيل الوحيدة للبقاء على قيد الزمان والمكان أطول مدة ممكنة، ويعرفون جيدا أن الفلسطينيين شعب شجاع صبور عنيد لا يستسلم، وأن الشعب العربي برمته شعب يمتلك من الشجاعة والحميّة ما يجعل التعامل معه مرهونا بكثير من الخوف والقلق؛ ولذلك فقد عملوا على تركيز حكام متواطئين مستعدين لقمع شعوبهم بكل وسيلة ممكنة إذا هم فكروا بأي عمل من شأنه أن يؤلم الكيان المحتل، والشواهد حاضرة حضور الهواء؛ وإلا فماذا يعني أن يتم قمع بعض التظاهرات في بعض الدول العربية أو تجريمها في دول أخرى؟!
فمنذ العام 1948 والصهاينة يمارسون القتل الجماعي والفردي على الفلسطينيين، فهم لا يقيمون وزنا للإنسان ما دام غير يهودي (الأغيار)، وخصوصا إذا كان فلسطينيا، أو عربيا أو مسلما؛ بل إنهم ينظرون للعرب والمسلمين، وبدرجة أقل غيرهم من البشر، على أنهم دونهم مستوى حضاريا وإنسانيا، ويتعاملون مع الآخرين على أساس التفوق العرقي ومزاعم شعب الله المختار؛ فهو مغرورون بقوتهم ويفخرون بإراقة الدماء، وقتل الأطفال والنساء، ولا يقيمون للشرائع الدولية وزنا؛ لأنهم يعرفون أن دول غرب أوروبا والولايات المتحدة قادرة على الالتفاف على كل قرار دولي أو حكم قضائي يدينهم في المحافل والمحاكم الدولية.
الغريب في الأمر أن كثيرا منا كان يظن أن الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا التي تتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ستعمل على وقف الحرب سريعا بسبب عدد القتلى وحجم الدمار، وكان موقف هذه الدول وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يبعث على الدهشة، إذ شجعت هذه الدول قوات الاحتلال على مزيد من القتل للمدنيين، وبررت لها وحشيتها وإجرامها، وأمدتها بالعتاد اللازم لقتل الأطفال والنساء، وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم
لقد بدأ الصهاينة مشروعهم الاستيطاني في فلسطين بالقتل الجماعي، من خلال مجازر بدأت ولم تنته حتى يومنا هذا، فمن مجزرة دير ياسين وكفر قاسم واللد 1948، وخانيونس 1956، إلى صبرا وشاتيلا 1982، وقانا في جنوب لبنان 1996 ، ومذبحة الأقصى 1990، والحرم الإبراهيمي 1994، وجنين 2002، إلى محرقة غزة في 2008 و 2014 حتى المذبحة الحالية التي استشهد فيها وجرح وفقد ما يزيد عن 50 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، أمام سمع العالم المتآمر المنافق وبصره، وفي الضفة الغربية استشهد نحو 200 مواطن فلسطيني منذ بداية طوفان الأقصى، ناهيك عن الجرحى، وتم اعتقال أكثر من 2500 بينهم أطفال.
لقد قامت دولة الاحتلال على سفك الدم، وهي تعلم أنها لن تستمر إلا باستمرار سفك الدماء، وهي عقيدة توارثتها، ولا تتوانى عن إنفاذها والاستعانة بها للوصول إلى أهدافها، وقد تفاقم العمل بهذه العقيدة بعد مجيء حكومة اليمين المتطرف التي تعلن بصوت مرتفع رغبتها في قتل الفلسطينيين وتشريدهم، بل تجاوزتها لتهديد العرب والبوح بدفائن نفوسهم المريضة التي لا تشفى إلا بالدم، ولا تشبع من القتل المجاني.
لكن الغريب في الأمر أن كثيرا منا كان يظن أن الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا التي تتغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ستعمل على وقف الحرب سريعا بسبب عدد القتلى وحجم الدمار، وكان موقف هذه الدول وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يبعث على الدهشة، إذ شجعت هذه الدول قوات الاحتلال على مزيد من القتل للمدنيين، وبررت لها وحشيتها وإجرامها، وأمدتها بالعتاد اللازم لقتل الأطفال والنساء، وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم. والحقيقة أن هذا الاستغراب وتلك الدهشة في غير مكانهما؛ وكان علينا أن نتذكر الماضي القريب في العراق على سبيل المثال، لا الحصر، كيف أمعن الأمريكان وحلفاؤهم قتلا في العراقيين بطريقة وحشية، لا أخلاق فيها ولا إنسانية؛ فالغرب متوحش ناقم علينا وعلى حضارتنا البائدة، ولا يريد أن تقوم لنا قائمة من جديد، تماما كالكيان الصهيوني.
ربما الهزيمة النفسية للغالبية العظمى من حكامنا مرتبطة بالتهديدات السرية والعلنية بإزالتهم والقضاء على ممالكهم، لذلك نرى مواقفهم المذلة والجبانة مما يحدث في قطاع غزة من إبادة جماعية إجرامية، بل إن بعضهم لم يكتف بالصمت، فزاد الطين بلة بالاصطفاف مع العدو، وإطلاق التصريحات المخجلة في حق المقاومة، والدفاع عن قوات الاحتلال
لكن موقف الغرب سينقلب عليه داخليا، بعد ثورة الشعوب الغربية ضد حكامها وساستها بسبب انحيازهم الأعمى للكيان الصهيوني، ودفعه لمزيد من القتل والتدمير، وتزويده بالسلاح اللازم لذلك؛ فقد خسر بايدن أعدادا كبيرة من مؤيديه في الانتخابات القادمة، بما يعطي مؤشرا شبه مؤكد بأنه لن يتم انتخابه لو ترشح لولاية رئاسية ثانية، وكذلك الأمر مع رئيس الحكومة البريطانية، وربما يلحق بهما الثعلب ماكرون الذي قام بأسوأ الأدوار على مسرح الجريمة التاريخية التي تشبه الهولوكوست في غطرستها وجبروتها وهمجيتها..
لقد كان طوفان الأقصى حتميا ليصحو النائمون ويتنبهوا للخطر الذي يحيق بهم، وليعلموا بأن الغرب لا يقل وحشية عن الكيان المحتل، فكلاهما استعماري النزعة، تلمودي القناعة، يكره العرب والمسلمين، ويتمنى زوالهم والقضاء عليهم.. وربما الهزيمة النفسية للغالبية العظمى من حكامنا مرتبطة بالتهديدات السرية والعلنية بإزالتهم والقضاء على ممالكهم، لذلك نرى مواقفهم المذلة والجبانة مما يحدث في قطاع غزة من إبادة جماعية إجرامية، بل إن بعضهم لم يكتف بالصمت، فزاد الطين بلة بالاصطفاف مع العدو، وإطلاق التصريحات المخجلة في حق المقاومة، والدفاع عن قوات الاحتلال، كالإمارات والبحرين، وقمع التظاهرات كما حدث في مصر والمغرب..!!
لكنْ عزاؤنا فيما كان أننا بتنا نشتم رائحة القدس والمسجد الأقصى، وبتنا على قناعة بأن هذا الكيان الغاصب كيان ورقي، سرعان ما ينهار ويولي الأدبار، وأن ساعة الحقيقة قادمة لا محالة، وما طوفان الأقصى إلا نبوءة بما سيكون من بعد؛ فحين يتم التطهير في دول الطوق، ستتغير المعادلات، وسينهار جدار الخوف والترقب والقلق، وستكون المعركة الفاصلة التي ننتظرها، ونرقب يومها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين غزة إسرائيل فلسطين غزة جرائم الصهيونية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأطفال والنساء قوات الاحتلال هذه الدول من القتل
إقرأ أيضاً:
قفزة هائلة بمعدل اقتحامات المستوطنين للأقصى.. تصاعد دعوات إقامة الهيكل المزعوم
ارتفعت وتيرة اقتحامات المستوطنين لساحات المسجد الأقصى بنسبة تفوق 18 ألف بالمئة منذ عام 2003، وهو العام الذي بدأ فيه الاحتلال السماح للمستوطنين بتجاوز إدارة دائرة الأوقاف الإسلامية والدخول إلى الأقصى.
ووفقا لبيانات دائرة الأوقاف، وهي الجهة المسؤولة عن إدارة الحرم القدسي، فقد دخل 289 مستوطنا فقط إلى الأقصى عبر باب المغاربة في عام 2003، وهو الباب القريب من حائط البراق.
ومنذ ذلك الحين، شهدت الأعداد تصاعدا سنويا ملحوظا، مع تراجع وحيد خلال ذروة جائحة كورونا عام 2020، حيث بلغ عدد الاقتحامات حينها 18562.
وبحسب أحدث الإحصاءات السنوية، فقد بلغ عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى في عام 2024 نحو 53488 مستوطنا، ما يمثل زيادة بنسبة 18507 بالمئة مقارنة بعام 2003.
أما في عام 2022، أي قبل عملية طوفان الأقصى فقد سجلت الأوقاف اقتحام 47935 مستوطنا للمسجد، معظمهم تحت حماية مشددة من قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي، إضافة إلى أعضاء في الكنيست وزعماء دينيين يهود شاركوا في صلوات تلمودية مثيرة للجدل.
وكان وزير ما يعرف بالأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، وهو مدان سابقا في قضايا جنائية، قد دعا علنا إلى أداء الصلوات اليهودية في الأقصى، واقتحم الموقع قبل أسبوعين.
وخلال عيد الفصح اليهودي هذا الشهر، سجلت الأوقاف دخول 6768 يهوديا لساحات الأقصى بغرض الصلاة، وهو عدد يفوق ما تم تسجيله خلال الأعياد نفسها في العام الماضي.
وكشف مسؤول في دائرة الأوقاف لموقع "ميدل إيست آي" أن فترة عيد الفصح شهدت أربع محاولات فاشلة من قبل مستوطنين لذبح حيوانات داخل ساحات المسجد.
ويعود هذا السلوك إلى اعتقاد ديني يهودي يرى أن رماد بقرة حمراء خالصة ضروري لتطهير المكان تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم في القدس المحتلة.
واتهم المسؤول الفلسطيني الاحتلال، بعدم احترام قدسية الأقصى، وأشار إلى أن محاولات التواصل مع الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع الماضية لم تثمر عن أي نتائج ملموسة.
وقال المسؤول: "تواصلنا مع الجانب الأمريكي منذ أربع سنوات، لكنهم أوضحوا لنا في النهاية أنهم لا يستطيعون اتخاذ أي قرار بشأن الأقصى".
ومنذ احتلال القدس عام 1967، جرى التوافق على وضع خاص بالحرم الشريف، يمنع فيه أداء غير المسلمين لشعائر دينية فيه، مع السماح بزياراتهم خلال أوقات محددة.
لكن الاحتلال بدأ منذ عام 2003 السماح للمستوطنين بالدخول اليومي إلى المسجد، باستثناء يومي الجمعة والسبت، رغم وجود فتوى صادرة عن الحاخامية الكبرى تحظر على اليهود دخول الموقع لأسباب دينية.
وأكد المسؤول في الأوقاف أن الاحتلال لا يكتفي بفرض قيود مشددة على دخول المصلين الفلسطينيين، بل تعرقل أيضا أعمال الصيانة والإصلاح داخل المسجد.
وأضاف: "اليوم لا أستطيع حتى تغيير مصباح محترق أو إصلاح نافذة أو صنبور دون الحصول على إذن من إسرائيل. الوضع خطير للغاية".
وخلال السنوات الأخيرة، بدأت جماعات يهودية متطرفة بالدعوة العلنية إلى بناء الهيكل المزعوم، على أنقاض المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
ومع انتهاء عيد الفصح، تداولت حسابات مؤيدة للمستوطنين مقطع فيديو تم إنتاجه بالذكاء الاصطناعي، يظهر فيه المسجد الأقصى وهو يحترق، ثم يتم استبداله بالهيكل المزعوم.