جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-19@12:19:13 GMT

الموقف التركي من غزة وخيبة الأمل!

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

الموقف التركي من غزة وخيبة الأمل!

 

صالح البلوشي

لم يكن صخب معركة الانتخابات الرئاسية التركية في مايو الماضي، والتي كان طرفاها الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وممثل المعارضة كمال قلجدار أوغلو، مقتصرًا على الداخل التركي فقط؛ بل امتدَّ إلى عدد لا بأس به من المنتمين للشعوب العربية بدرجة لا تقل عن صخب المعركة في الداخل التركي، وكأن القادم إلى القصر الرئاسي التركي في أنقرة سيُحدد مصيرهم ومستقبلهم وليس مستقبل تركيا فقط طوال السنوات الست القادمة!

فمثلًا، تطرَفَ البعضُ، مثل المدعو صابر مشهور على قناته في "اليوتيوب"، وزعم أنَّه في حال خسارة أردوغان بهذه الانتخابات فإنَّ المسلمين سيرجعون كفارًا يضرب بعضهم رقاب بعض، فيما زعم آخرون بأن الانتخابات التركية هي حرب بين الإسلام والكفر وأنها ستُحدد ليس فقط مستقبل الإسلام في تركيا وإنما في العالم الإسلامي أيضًا.

واكتسح هذا الخطاب الإسلامي الشعبوي المؤدلج مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وقامت بعض القنوات الفضائية العربية بتغذيته مثل الجزيرة، إضافة إلى بعض المُعلقين السياسيين المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين.

ولم تمض أيام قليلة على فوز أردوغان بالرئاسة، حتى تفاجأ الجميع بطرد آلاف اللاجئين السوريين من تركيا وتبع ذلك حملة على المحلات التي ترفع لافتات باللغة العربية لتحل محلها اللافتات باللغة التركية، بينما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي أخبارًا عن حملة عنصرية ضد السُيَّاح العرب خاصة الخليجيين منهم، واعترف الرئيس أردوغان بوجود هذه الحملة وطالب بوقفها، لكن لم يحدث ذلك، مما أدى إلى ظهور حملات مضادة في بعض وسائل التواصل الاجتماعي تُطالب بمقاطعة السياحة في تركيا والذهاب إلى دول أخرى أكثر أمنًا.

ثم جاءت عملية "طوفان الأقصى" التي هزّت المنطقة والعالم، واتجهت أبصار كثير من العرب والمسلمين إلى تركيا آملين أن تمارس ضغطًا على الكيان الصهيوني من أجل وقف العدوان الغاشم أو على الأقل السماح بدخول المساعدات الإنسانية وهذا "أضعف الإيمان". وقد كانت هذه الحالة نتيجة لـ"البروباجندا" التي زرعها الإسلاميون في الوطن العربي وتركيا حول شخصية أردوغان، وكذلك بسبب العلاقات القوية التي تربط بلاده بالكيان المحتل والدعايات التركية بأنها تعود "لمصلحة القضية الفلسطينية".

وبسبب هذه الدعاية التركية حول "مصلحة القضية الفلسطينية"، تعامى الكثيرون عمَّا شهدته الأشهر الأخيرة من تقارب تركي إسرائيلي كبير؛ حيث قرر البلدان في 17 أغسطس 2022، رفع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى سفير، مع تصريح تركي بالأمل في تطوير العلاقات الثنائية مع إسرائيل في جميع المجالات من خلال مواصلة المسار عبر الاتصالات المتبادلة". وفي سبتمبر الماضي، التقى الرئيس أردوغان نتنياهو في الأمم المتحدة ونقلت وسائل إعلام تركية تصريحات للرئيس التركي بأنَّ بلاده وإسرائيل ستتخذان قريبًا خطوات مشتركة في مجال التنقيب عن الطاقة، مضيفًا أن البلدين سيعملان أيضًا على تشغيل شبكات طاقة إلى أوروبا عبر تركيا.

كما ذكر موقع "ترك برس" أن تركيا صدَّرت بضائع إلى كيان الاحتلال بنحو 3.8 مليار دولار في الفترة بين يناير إلى أغسطس 2023، بينما بلغت وارداتها من الاحتلال في الفترة ذاتها 1.2 مليار دولار. ليس ذلك فحسب؛ بل أشار الموقع إلى أن تركيا تعد أيضًا موقعًا مهمًا لقضاء الإجازات للسياح الإسرائيليين؛ حيث حطم عددهم رقمًا قياسيًا بـ570 ألفًا عام 2019، كما اقترب عدد السياح الإسرائيليين القادمين إلى تركيا من 700 ألف وذلك مع إعادة فتح الحدود بعد الجائحة في عام 2022.

ومع تطلع الكثيرين إلى موقف تركي قوي من الأحداث الراهنة في غزة يتناسب مع حجم الدعاية الإعلامية التركية القوية التي رافقت الانتخابات التركية وما قبلها على أنها البلد الداعم للإسلام والمسلمين، جاءت الوقائع لتكشف زيف هذه الشعارات ومخالفتها للواقع؛ فالجميع يعلم أن تركيا تتدخل عسكريًا في حال توافق ذلك مع مصالحها كما فعلت في قبرص وسوريا وليبيا وأذربيجان، بينما في القضية الفلسطينية فإنَّ مصالحها أولًا مع الكيان الصهيوني، لذلك خلا الخطاب التركي الرسمي خلال الأيام الأولى من الحرب من أي إدانة واضحة وصريحة للكيان الصهيوني، وساوى بين الضحية والجلاد؛ إذ اكتفى بالتنديد بالقتل من الطرفين والتأكيد على أهمية إنهاء الصراع بين جميع الأطراف.

وبعدما أمعن الاحتلال في العدوان بأن قام بقصف المستشفيات والمدارس والبنايات السكنية، لم تقرر تركيا قطع العلاقات مع إسرائيل، واكتفى أردوغان بالقول إنه لن يتحدث مع نتنياهو لأنه "لم يعد شخصًا يمكن التحدث معه"، ولم تقم تركيا بخطوة مؤثرة مثل طرد السفير الصهيوني من أنقرة؛ بل اكتفت بخطوة متأخرة جدًا وهي استدعاء السفير التركي في تل أبيب بتاريخ 4 نوفمبر الجاري، أي بعد شهر تقريبًا من العدوان الغاشم على غزة.

وفي ظل المواقف التركية المرتكزة على تغليب مصلحتها أولًا، يجب على من يعانون من التغييب الإعلامي، أن يتحلوا بقليل من الحكمة والواقعية!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماكرون: لبنان يعيش لحظة مهمة.. وهناك مناخ من الأمل

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن لبنان يعيش لحظة مهمة مع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتكليف رئيس للحكومة، مشيرا الي ان هناك مناخاً من الأمل، ولكلٍ مسؤوليته في استكمال المسار الإيجابي.

وقال ماكرون خلال جولته في منطقة الجميزة بوسط بيروت: “كنا هنا في الأوقات العصيبة وكنت هنا في عام 2020… لا أنسى إطلاقاً، وكان ظرفاً صعباً جداً وباريس ستساعد لبنان دائما .

وعند وصوله صباحاً، صرح ماكرون قائلا : أنا سعيد لوجودي في لبنان الذي دخل مرحلة جديدة، وعبّرت عن امتناني وتقديري للرئيس ميقاتي وللمهمة التي قام بها على مدى سنوات لخدمة الجميع في لبنان، خصوصاً خلال المرحلة الصعبة جدّاً بسبب الحرب الاخيرة”.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي استقبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في صالة كبار الزوار بمطار بيروت الدولي حيث اجتمع معه لمدة 30 دقيقة .

وعقب الاجتماع ، صرح رئيس الحكومة اللبنانية قائلا :  نتابع الخروقات الاسرائيلية ونقدم الشكاوى اللازمة ونتابع مع لجنة المراقبة ونأمل أن تكون الوعود هذه المرة في مكانها.

وأضاف ميقاتي: ماكرون على استعداد لدعم لبنان من خلال الصندوق الائتماني حيث كان متفهما جدا ووعد بمتابعة العمل ودعم الحكومة الجديدة.

وأتم ميقاتي تصريحاته: تشرفت بلقاء الرئيس ماكرون في لبنان وتحدثنا عن الأوضاع الراهنة وضرورة دعم لبنان على كافة الأصعدة.

ومن المقرر ان يلتقي ماكرون مع اللواء جان جاك فاتينيه، رئيس أركان قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) بجانب لقائه كبار القادة العسكريين، لاستعراض آلية وقف إطلاق النار وبعدها سيضع إكليلاً من الزهور على نصب الجندي المجهول.

كما يلتقي بعدها مع الشباب المتطوعين في الصليب الأحمر بجانب زيارة مدرسة “الأطباء الثلاثة”.

وبحسب جدول اعمال الزيارة ، فمن المقرر له عند الساعة الواحدة، ان يلتقي ماكرون مع رئيس الجمهورية جوزيف عون بالقصر الرئاسي في بعبدا.

كما سيلتقي ماكرون الرئيس المُكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام عند الساعة الرابعة والنصف وبعدها  يلتقي الجالية الفرنسية في لبنان. 

مقالات مشابهة

  • الطائرة الحربية التي تحلم بها الجيوش: “بيرقدار قزل إلما” التركية
  • الرئيس التركي: رغم الابادة والمجازر إسرائيل لم تتمكن من كسر إرادة المقاومة الفلسطينية
  • صنع في تركيا: “أوكهان” المركبة البحرية التي تستعد لغزو الأسواق العالمية
  • «البترول»: انتهاء أعمال حفر البئر «نفرتارى» بالساحل الشمالي
  • أردوغان: تركيا موجودة في سوريا وغزة.. نتدخل في الأحداث ولا نترك شيئا للصدفة
  • جوف تُصيب الجماهير بـ «خيبة الأمل» في «أستراليا المفتوحة»!
  • كم سيبلغ سعر الليرة التركية مقابل الدولار بنهاية 2025؟ وهل ستنخفض الفائدة والأسعار في تركيا؟
  • ماكرون: لبنان يعيش لحظة مهمة.. وهناك مناخ من الأمل
  • رابحي: “خروجنا من رابطة أبطال افريقيا يعتبر اخفاق وخيبة أمل كبيرة”
  • تركيا تحتجز مسؤولاً من المعارضة بتهمة التلاعب في عطاءات