الصين واليابان وكوريا الجنوبية.. انطلاقة جديدة للجيران الثلاثة
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
تشو شيوان **
وسط أحداث متسارعة ودخول دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لتشويه علاقة الصين بجيرانها، وبالأخص علاقة الصين بكوريا واليابان، ومحاولة إنشاء تحالفات سياسية وعسكرية- إن صح التعبير- لمواجهة ما تُسمِّيه الولايات المتحدة "النفوذ الصيني"؛ إلّا أنه وبعد أكثر من 4 سنوات من هذه المحاولات، فإنَّ خطوة مُهمة اتخذها الجيران الثلاثة للتنسيق فيما بينهم؛ حيث اجتمع وزراء خارجية الصين واليابان وكوريا الجنوبية مرة أخرى يوم الأحد 26 نوفمبر في بوسان بكوريا الجنوبية.
وتوصلت الدول الثلاثة إلى سلسلة من الأرضيات المشتركة حول تعميق التعاون الثلاثي، كما تبادلت الآراء حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في خطوة أجدها مهمة للغاية لمستقبل المنطقة ومستقبل العالم.
لعل رأيي هذه المرة يتناسب تمامًا مع الرأي العام وتعليقات المسؤولين والمحللين ونظرتهم لهذا الاجتماع؛ إذ نجد جميعًا أن اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث هيأ الظروف والأجواء لاجتماع قادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية في المرحلة المُقبلة، وعمل أيضًا على تقريب المسافات لوضع تقاربات من شأنها حفظ الأمن والاستقرار والدفع بالتنمية المطلوبة لدول الجوار الثلاثة دون دخول أي معيقات أو تشويهات غربية هدفها أولًا وأخيرًا الخراب وخلق التورات هنا وهناك.
حسب رأي المحللين، فإنَّ لقاء الزعيمين الصيني والأمريكي في سان فرانسيسكو خلال الفترة الماضية أوجد فرصة جديدة للاتصالات الدبلوماسية بين الصين واليابان من جهة، وبين الصين وكوريا الجنوبية من جهة ثانية، والأهم من ذلك هو أن ضعف الانتعاش الاقتصادي العالمي يدفع كلًا من الصين واليابان وكوريا الجنوبية لتعميق التعاون الفعّال وحماية استقرار سلاسل التوريد والإنتاج، وبفعل هذه العوامل المشتركة تم استئناف الاتصال عالي المستوى بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية تؤسس لعلاقات أعمق وأشمل، ولعل الأجواء الآن مناسبة لدفع المزيد من التقدم نحو بيئة تفاهم وتناغم مشترك بين الكثير من دول العالم؛ فالعالم لا يحتمل المزيد من الانقسامات والتورات، وعلى العالم أن يعي ويفهم هذه النقطة جيدًا، وأن يؤسس علاقاته وتفاهماته بناءً عليها في قادم الأيام بعيدًا عن مصادر التشويه الغربية.
الحقيقة أن العلاقات بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية، قائمةٌ على الاعتماد والمنفعة المتبادلة، والمكاسب المشتركة، هذا ما تجده الصين وتصيغه في علاقاتها مع جيرانها، والصين واضحة الأهداف والتفاهمات مع كلٍ من اليابان وكوريا الجنوبية. وأجدُ أن التعاون بين الدول الثلاثة سيخلق العديد من الفرص التجارية وفوائد كبيرة للمؤسسات والأفراد في الدول الثلاثة، كما يؤدي دورًا إيجابيًا في دفع التنمية الإقليمية وانتعاش الاقتصاد العالمي. وهذا ما يتفق عليه الجميع ولن نجد من ينفي أو يشكك في هذا؛ فالاستقرار هو عماد التطور والتنمية وبدون استقرار خصوصًا في علاقات الجيران فلن يكون للتنمية المستقرة مكانًا.
لقد ظل الجانب الصيني يتمسك بسياسة حسن الجوار، أملًا في إظهار اليابان وكوريا الجنوبية نفس الرغبة والعزيمة والمزيد من الاستقلال الاستراتيجي، وقد بذلت الصين جهود كبيرة لإعادة تنشيط التعاون بين الدول الثلاث على نحو شامل ومستقر على المدى الطويل، والصين تضع في اعتباراتها حسن الجوار في كل ما تفعه وتصنعه، وهذا ما هو مأمول من اليابان وكوريا الجنوبية في قادم الأيام، ومأمول منهم أيضًا إغلاق المسائل التي من شأنها الإضرار بمصالح الصين أو التدخل بشؤونها، ومهما كانت أهداف الغرب من هذه المحاولات، إلّا أن اليابان وكوريا الجنوبية عليهم أن يفهموا أن المصالح المشتركة تقتصي العيش بسلام والتبادل بشكل ودي وسلس بين الجيران الثلاثة لما فيه من مصالح حقيقية قابلة للتطبيق في المستقبل.
عند الحديث عن الصين وجيرانها، فلن يختلف اثنان على أن الصين لا تقوِّض أمن أحد ولا تتدخل بشأن أحد؛ بل على العكس تدعم التفاهمات الودية وتؤسس لمنظومات عمل مشتركة قائمة على مبادئ الفوز المشترك؛ وهي نفس السياسة التي اتبعتها الصين مع جيرانها اليابان وكوريا الجنوبية طيلة الفترة الماضية، وما أتوقعه هو أن يتفهم الجانب الياباني والكوري الجنوبي أن استقرار المنطقة مرهون بعدم السماح للدول من خارج المنطقة بالتدخل بشؤونها أو التدخل بعلاقات الجيران فيما بينهم؛ بل على العكس آسيا ودولها لديها فرص تنموية قوية سيكون لها مستقبل كبير وواعد فقط تحتاج لتفاهمات أكبر وأعمق بين الجيران كافةً.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصر واليابان تعززان شراكتهما لتطوير مناهج الرياضيات
في خطوة تعد الأولى من نوعها في تاريخ البلدين، شهد محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني والدكتور هاني هلال الأمين العام للشراكة المصرية اليابانية للتعليم، و فوميو إيواي سفير دولة اليابان لدى مصر، اليوم السبت، مراسم توقيع خطاب نوايا بين وزارة التربية والتعليم المصرية ومؤسسة "سبريكس" اليابانية الرائدة في مجال تطوير التعليم لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجال تطوير مناهج الرياضيات، حيث يأتي ذلك كخطوة ملموسة لمخرجات زيارة الوزير إلى اليابان والتي عمقت علاقات التعاون بين البلدين في مجال التعليم.
ووقع خطاب النوايا ممثلا لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور أكرم حسن، مساعد الوزير لشئون تطوير المناهج، ومن الجانب الياباني شينيا سايو، مدير القسم الدولي بمؤسسة "سبريكس".
وتُعد اليابان من أعلى الدول عالميًا علي مستوى التعليم في مجال الرياضيات، وتُعد هذه المرة الأولى التي تتعاون فيها مصر مع اليابان في تطوير المناهج، حيث تستهدف هذه الشراكة تحديث مناهج الرياضيات، مستفيدةً من التجربة اليابانية التي تتميز بالتركيز على التأسيس العلمي السليم وتنمية المهارات العقلية لدى الطلاب.
أعرب الوزير، خلال فعاليات التوقيع، عن ترحيبه بالسفير الياباني وممثلي شركة سبريكس اليابانية، مؤكدًا أهمية التعاون مع اليابان في مجال تطوير المناهج، مؤكدا أن النموذج الياباني الذي يهتم بالمهارات الأساسية في خطوات ثابتة نحو المهارات الأعلى سيمكن أبنائنا الطلاب من تطوير مهاراتهم وقدراتهم في مهارات الرياضيات.
وأكد الوزير محمد عبد اللطيف تطلعه للبناء على آليات التعاون السابقة مع الجانب الياباني في تعزيز المزيد من التعاون لتطوير مختلف جوانب المنظومة التعليمية.
وفي كلمته بهذه المناسبة، قال السفير الياباني في القاهرة إن مصر واليابان لديهما العديد من مجالات التعاون الثنائي على مستوى العديد من المجالات التنموية الأخرى، معربًا عن سعادته لكونه شاهدًا اليوم على هذا التعاون الجديد بين الجانبين، مضيفًا أنه من عظيم الفخر أن نرى هذا الاندماج في التعليم من أجل تطوير منظومة التعليم في مصر من خلال تبادل الخبرات.
وحضر مراسم التوقيع من الجانب الياباني السيد شيزوكي كاواشيما، سكرتير السفارة اليابانية بالقاهرة، والسيد شينيا سايو، مدير القسم الدولي بشركة "سبريكس" وممثل الجانب الياباني في التوقيع، والسيد كينتا هوساكا، مدير بالقسم الدولي بالمؤسسة، إضافة إلى السيد ميكي ساكاتا، المدير العام لفرع مؤسسة سبريكس بمصر.
كما شارك من جانب وزارة التربية والتعليم الدكتور أحمد المحمدي مساعد وزير التربية والتعليم للتخطيط الاستراتيجي والمتابعة والدكتور أكرم حسن، مساعد الوزير لشئون تطوير المناهج، والدكتورة هانم أحمد، مستشار الوزير للتعاون الدولي والاتفاقات، والأستاذة نيفين حمودة، مستشار الوزير للعلاقات الاستراتيجية والمشرف على المدارس المصرية اليابانية، والدكتورة هالة عبد السلام، رئيس الإدارة المركزية للتعليم العام.