تشو شيوان **

وسط أحداث متسارعة ودخول دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لتشويه علاقة الصين بجيرانها، وبالأخص علاقة الصين بكوريا واليابان، ومحاولة إنشاء تحالفات سياسية وعسكرية- إن صح التعبير- لمواجهة ما تُسمِّيه الولايات المتحدة "النفوذ الصيني"؛ إلّا أنه وبعد أكثر من 4 سنوات من هذه المحاولات، فإنَّ خطوة مُهمة اتخذها الجيران الثلاثة للتنسيق فيما بينهم؛ حيث اجتمع وزراء خارجية الصين واليابان وكوريا الجنوبية مرة أخرى يوم الأحد 26 نوفمبر في بوسان بكوريا الجنوبية.

وتوصلت الدول الثلاثة إلى سلسلة من الأرضيات المشتركة حول تعميق التعاون الثلاثي، كما تبادلت الآراء حول القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في خطوة أجدها مهمة للغاية لمستقبل المنطقة ومستقبل العالم.

لعل رأيي هذه المرة يتناسب تمامًا مع الرأي العام وتعليقات المسؤولين والمحللين ونظرتهم لهذا الاجتماع؛ إذ نجد جميعًا أن اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث هيأ الظروف والأجواء لاجتماع قادة الصين واليابان وكوريا الجنوبية في المرحلة المُقبلة، وعمل أيضًا على تقريب المسافات لوضع تقاربات من شأنها حفظ الأمن والاستقرار والدفع بالتنمية المطلوبة لدول الجوار الثلاثة دون دخول أي معيقات أو تشويهات غربية هدفها أولًا وأخيرًا الخراب وخلق التورات هنا وهناك.

حسب رأي المحللين، فإنَّ لقاء الزعيمين الصيني والأمريكي في سان فرانسيسكو خلال الفترة الماضية أوجد فرصة جديدة للاتصالات الدبلوماسية بين الصين واليابان من جهة، وبين الصين وكوريا الجنوبية من جهة ثانية، والأهم من ذلك هو أن ضعف الانتعاش الاقتصادي العالمي يدفع كلًا من الصين واليابان وكوريا الجنوبية لتعميق التعاون الفعّال وحماية استقرار سلاسل التوريد والإنتاج، وبفعل هذه العوامل المشتركة تم استئناف الاتصال عالي المستوى بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية تؤسس لعلاقات أعمق وأشمل، ولعل الأجواء الآن مناسبة لدفع المزيد من التقدم نحو بيئة تفاهم وتناغم مشترك بين الكثير من دول العالم؛ فالعالم لا يحتمل المزيد من الانقسامات والتورات، وعلى العالم أن يعي ويفهم هذه النقطة جيدًا، وأن يؤسس علاقاته وتفاهماته بناءً عليها في قادم الأيام بعيدًا عن مصادر التشويه الغربية.

الحقيقة أن العلاقات بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية، قائمةٌ على الاعتماد والمنفعة المتبادلة، والمكاسب المشتركة، هذا ما تجده الصين وتصيغه في علاقاتها مع جيرانها، والصين واضحة الأهداف والتفاهمات مع كلٍ من اليابان وكوريا الجنوبية. وأجدُ أن التعاون بين الدول الثلاثة سيخلق العديد من الفرص التجارية وفوائد كبيرة للمؤسسات والأفراد في الدول الثلاثة، كما يؤدي دورًا إيجابيًا في دفع التنمية الإقليمية وانتعاش الاقتصاد العالمي. وهذا ما يتفق عليه الجميع ولن نجد من ينفي أو يشكك في هذا؛ فالاستقرار هو عماد التطور والتنمية وبدون استقرار خصوصًا في علاقات الجيران فلن يكون للتنمية المستقرة مكانًا.

لقد ظل الجانب الصيني يتمسك بسياسة حسن الجوار، أملًا في إظهار اليابان وكوريا الجنوبية نفس الرغبة والعزيمة والمزيد من الاستقلال الاستراتيجي، وقد بذلت الصين جهود كبيرة لإعادة تنشيط التعاون بين الدول الثلاث على نحو شامل ومستقر على المدى الطويل، والصين تضع في اعتباراتها حسن الجوار في كل ما تفعه وتصنعه، وهذا ما هو مأمول من اليابان وكوريا الجنوبية في قادم الأيام، ومأمول منهم أيضًا إغلاق المسائل التي من شأنها الإضرار بمصالح الصين أو التدخل بشؤونها، ومهما كانت أهداف الغرب من هذه المحاولات، إلّا أن اليابان وكوريا الجنوبية عليهم أن يفهموا أن المصالح المشتركة تقتصي العيش بسلام والتبادل بشكل ودي وسلس بين الجيران الثلاثة لما فيه من مصالح حقيقية قابلة للتطبيق في المستقبل.

عند الحديث عن الصين وجيرانها، فلن يختلف اثنان على أن الصين لا تقوِّض أمن أحد ولا تتدخل بشأن أحد؛ بل على العكس تدعم التفاهمات الودية وتؤسس لمنظومات عمل مشتركة قائمة على مبادئ الفوز المشترك؛ وهي نفس السياسة التي اتبعتها الصين مع جيرانها اليابان وكوريا الجنوبية طيلة الفترة الماضية، وما أتوقعه هو أن يتفهم الجانب الياباني والكوري الجنوبي أن استقرار المنطقة مرهون بعدم السماح للدول من خارج المنطقة بالتدخل بشؤونها أو التدخل بعلاقات الجيران فيما بينهم؛ بل على العكس آسيا ودولها لديها فرص تنموية قوية سيكون لها مستقبل كبير وواعد فقط تحتاج لتفاهمات أكبر وأعمق بين الجيران كافةً.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحلبي تابع انطلاقة العام الدراسي حضورياً

تابع وزير التربية والتعليم العالي  الدكتور عباس الحلبي انطلاقة العام الدراسي حضوريا في المدارس الرسمية غير المشغولة بالنازحين، واطلع على تقارير من الإدارة ومن المناطق التربوية حول ارتفاع عدد التلامذة والمعلمين في المناطق كافة، كما تابع التحضيرات لمتابعة الدراسة من بعد.

وأكد ان "المدارس المشغولة بالنازحين ليست معدة للتدريس، إلا إذا كان هناك مبنيان منفصلان مع مداخل منفصلة ومرافق وحمامات خاصة بالمبنى غير المستخدم للإيواء والمعد للتدريس"، مشددا على "حفظ مراكز الإيواء التي تم فتحها أمام النازحين، وعدم تعريض إقامتهم لأي مضايقات".

ودعا "المتعلمين الذين لم يتسجلوا بعد عبر الرابط المعد لهذه الغاية، إلى التسجيل لتحديد المدارس التي سيلتحقون بها حضوريا او من بعد".

من جهة ثانية، اجتمع الحلبي مع ممثل اليونيسف في لبنان إدواردو بيجبيدر، في حضور المدير العام للتربية عماد الأشقر والمستشار الإعلامي ألبير شمعون، وقدم بيجبيدر لوزير التربية التهنئة بانطلاق العام الدراسي، وعبر عن دعم اليونيسف لهذه الإنطلاقة، وتم البحث في سير الإتفاقات القائمة راهنا مع الوزارة لجهة تمويل صناديق المدارس العاملة.

ثم استقبل الحلبي السيدة نورا جنبلاط، وكان عرض للوضع التربوي وسير العام الدراسي حضوريا ومن بعد.

كما استقبل النائب إدغار طرابلسي، وكان عرض لمشروع مرسوم تمويل صندوق التقاعد والتعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان وكوريا تبحثان التعاون العسكري البحري
  • الحلبي تابع انطلاقة العام الدراسي حضورياً
  • كوريا الشمالية تطلق صواريخ جديدة نحو بحر اليابان
  • عمرو دياب يتألق في تايمز سكوير: انطلاقة جديدة مع سوني ميوزيك
  • حبس أب تخلص من نجله بالمنوفية بسبب سرقته محتويات من الجيران
  • الجيران اشتكوا من سرقاته لهم.. أب ينهي حياة نجله في المنوفية
  • الولايات المتحدة تحلق قاذفة بعيدة المدى في مناورة مع كوريا الجنوبية واليابان رداً على تجربة كوريا الشمالية الصاروخية
  • الدبيبة يناقش مع سفير اليابان فتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية
  • قاذفات نووية أميركية تشارك في مناورات مع كوريا الجنوبية واليابان
  • انطلاق مناورات جوية مشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان