تطور الأداء الإلكتروني بالمغرب يقابل بضعف إستثمار الأبناك في تكنولوجيا حماية الزبناء
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
زنقة 20. الرباط
عرفت طرق الأداء بالمغرب تحولا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما مع بروز حلول مبتكرة للأداء الإلكتروني ومنها الدفع بواسطة الهاتف المحمول.
ومن جملة الحلول التي أتاحت للمستخدمين التحرر من قيود التعامل نقدا، وتجربة بدائل أكثر سرعة وسلاسة، هناك المحفظة الرقمية “M-Wallet” التي أطلقها بنك المغرب والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات سنة 2018، و”CAM Pay” التي أطلقتها الشركة الرائدة عالميا في مجال الأداءات الرقمية “Visa” والقرض الفلاحي للمغرب،
وحملت طرق الأداء بواسطة الهاتف المحمول مزايا جديدة للمستخدمين ،حيث تتيح إجراء المعاملات بشكل آني ودفع الفواتير،بل وتحويل الأموال، بشكل فوري وآمن، دون الحاجة إلى أكثر من هاتف ذكي وارتباط بالإنترنت.
وبفضل سهولة استخدامها أصبحت هذه الحلول من بين طرق الأداء غير المادية الأكثر انتشارا في المغرب. فبحسب بنك المغرب، بلغ عدد المحافظ الإلكترونية “M-Wallet” الصادرة لحساب أداء أو لحساب بنكي 3.1 مليون محفظة في النصف الأول من 2021.
ويناهز العدد الإجمالي للمحافظ الإلكترونية بالمغرب حاليا 8 ملايين محفظة غير أن اللجوء إلى الأداء بواسطة الهاتف المحمول يظل، كما أكد ذلك المدير العام لمركز النقديات، رشيد سايحي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “ضعيفا جدا”.
وقد تم في هذا الصدد اتخاذ العديد من التدابير لتشجيع اعتماد الأداء بواسطة الهاتف المحمول ، حيث تم منح حوافز ضريبية وإطلاق حملات تحسيسية لهذا الغرض، لا سيما في إطار ” الاستراتيجية الإعلامية ” في دجنبر 2022، بالتعاون مع وكالة التنمية الرقمية ومنظومة الأداء بواسطة الهاتف المحمول في المغرب.
وتتوخى هذه المبادرات تخفيض نسبة التعامل نقدا في الاقتصاد الوطني إلى أدنى حد ممكن، بهدف إدماج جميع الفاعلين الاقتصاديين، وتسريع المبادلات وتحسين الأداء العام للاقتصاد المغربي.
وفضلا عن سلاسته، يمكن الأداء بواسطة الهاتف المحمول ، من تتبع المعاملات وبالتالي يسهل مكافحة الاحتيال والتهرب الضريبي. كما تشجع طريقة الأداء هذه الإدماج المالي، الأمر الذي يتيح لمن لا يستطيعون الولوج إلى الخدمات البنكية التقليدية مشاركة أكبر في الاقتصاد.
كما يساهم اعتماد الأداء بواسطة الهاتف المحمول في الحد، على نحو كبير، من تداول النقود ، بما ينطوي عليه من تكلفة كبيرة حيث أفاد بنك المغرب بأن تكلفة تصنيع العملات المعدنية والأوراق النقدية، والتصميم والبحث وتطوير الميزات الأمنية، والخدمات اللوجستية والتوزيع، تفوق 10 ملايير درهم سنويا، وهو ما يعادل نحو 0,8 من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن التدبير العملياتي للتبادلات النقدية مكلف أيضا للمقاولات التي تتجه بشكل متزايد نحو الحلول الإلكترونية للرفع من نجاعة عملياتها.
ورغم المزايا المتعددة التي يوفرها الأداء بواسطة الهاتف المحمول ، يظل التعامل نقدا راسخا في الثقافة المغربية، إذ يعد مرادفا للثقة والأمن بالنسبة لعدد كبير من المتعاملين. وما يزال الانتقال من الأداء نقدا إلى الدفع بواسطة الهاتف المحمول يثير تساؤلات بشأن أمن المعاملات وسرية المعطيات الشخصية في مواجهة الجرائم السيبرانية.
وحسب السيد سايحي فإن انتشارا أسرع لتقنية الأداء بواسطة الهاتف المحمول يبقى رهينا بجعل المستخدم واثقا من آمان رصيد محفظته الإلكترونية ومتأكدا من إمكانية تعبئته للشراء أو تحويله إلى قيمة نقدية في كل حين وفي أي مكان بالمغرب.
غير أن دوافع “المقاومة الثقافية” للتقنية الجديدة قد لا تقتصر على التوجس من التكنولوجيات الجديدة فحسب، بل قد تمتد إلى الطابع الملموس للدفع نقدا وما يواكبه من روابط اجتماعية يصعب على كثيرين الاستغناء عنها.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
فوضى "المحمول"
بلغت التكنولوجيا وثورة الاتصالات مبلغاً لم نكن نتخيل الوصول إليه من قبل، وصار المرء منا لا يتخيل أن يستغنى عن هاتفه الذي صار أشبه بعضو جديد نما لدى الإنسان في هذا العصر إذ صار "يده الثالثة" وإذا نسيه ذات مرة فإنه يشعر أن شيئاً عظيماً ما ينقصه وصارت تطبيقات الهاتف المحمول تمتزج بحياة المرء منا سواء فى عمله أو حياته الخاصة.. إلخ.
ولا شك أن تلك التكنولوجيا لها من الفواىٔد ما لا يحصى بالنسبة للإنسان في شتى المجالات العملية والشخصية، إلا أنه ثمة جانب آخر بغيض يرتبط ببعض الممارسات الغريبة المنتشرة التى قد تؤدى بك إلى أن تلعن النت والنتيت والمحمول وكل أشباهه.
فقد تضطرك ظروفك إلى استقلال إحدى المواصلات العامة، وتجلس بجوار شخص ما، لكن لا يلبث هذا الشخص أن يخرج هاتفه المحمول ثم يبدأ فى الاستماع لإحدى فقرات «التوك توك» أو اليوتيوب بصوت عال يجلب لك الصداع دون أدنى اهتمام، وحينما تحاول تنبيهه كى يخفض صوته قليلاً أو يستخدم "سماعة"، فإنه ينظر لك باستغراب شديد ويخفض صوته على مضض هذا إن فعل ذلك من الأساس، بل قد يتطور الأمر إلى مشاجرة حامية الوطيس!!
وقد يجلس آخر بجانبك كى يتحدث مع أحدهم على هاتفه ويمكث طيلة وقت المواصلة يتجاذب أطراف الحديث بصوت عال تعرف من خلاله تفاصيل حياته كاملة بل تاريخ ميلاده وتفاصيل علاقاته الشخصية، أو تلك السيدة التى تعاتب صديقتها بصوت جهورى وهى تتحدث فى هاتفها المحمول على الملأ دون اهتمام بأن يسمعها أحد أو ما شابه وهكذا قد تعرف تفاصيل حياة الشعب المصرى كله أثناء استقلالك المواصلات العامة فى ظاهرة تعبر عما وصلنا إليه من ضوضاء سمعية تفقد المرء صوابه بل وقد تدفعه للجنون!!
ويرتبط بما سبق سلوك آخر في السياق نفسه، ويعد من أكثر مظاهر عدم احترام الخصوصية الآخر، يتمثل فى ذلك الفضول الغريب الذى أصبح سمة لا تنفصل عن شخصية الكثيرين بشأن ما تفعله أو تقرأه عندما يجبرك القدر على الجلوس بجوار أحدهم، إذ يمد أحدهم «بوزه» ليرى ما تشاهده على هاتفك المحمول، أياً كان ما تفعله، سواء عندما تقرأ كتاباً أو تشاهد صوراً خاصة بك أو حتى تلعب إحدى الألعاب لا يبالى بل قد تفاجأ بأحدهم يناقشك فيما تقرأ -حدث لى ذلك بالفعل إذ فوجئت بأحدهم يسألنى وهو متجهم الوجه وهو يشير إلى ما أقرأه قائلاً: «هل حضرتك موافق على الكلام المكتوب ده»، فسألته باندهاش «وانت مال حضرتك ده حاجة خاصة» وكاد ينقلب الأمر إلى ما لا يحمد عقباه!!- أو يحملق إلى صورتك الخاصة بشكل مستفز أو حتى يقترح عليك أن تلعب بشكل معين معتبراً نفسه مدربك في هذه اللعبة!!!
إنه نوع من سوء الأخلاق طال كل شىء الآن فلم يعد احترام الآخر ذا قيمة، ووصل الأمر إلى استباحة كل ما يخصه، فمن يعطى لنفسه الحق فى مشاهدة ما لا يخصه قد يتجاوزه لاستباحة ما هو أكثر..
هى سلوكيات قد يراها البعض بسيطة، لكنها تحمل فى العمق منها الكثير، فمن لا يحترم خصوصية الآخرين فى أبسط الأشياء بالتأكيد لن يحترمها فيما هو أكثر وقد يتطور الأمر لديه ليشمل التعدى على ما يتجاوز خصوصيته إلى ما يتعلق بماله أو عرضه أو ما هو أكثر من ذلك، فمعظم النار من مستصغر الشرر. فقط عليك أن تدرك أن لكل شخص مساحة عليك احترامها وألا تتجاوزها حتى لا يتجاوز الآخرون في حقك.