نقطة حبر : قبل بدء التطبيق
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
لم يتبق على بدء تطبيق المواد الواردة في قانوني العمل، والحماية الاجتماعية سوى شهر، وتحديدا في 1 يناير 2024، وما زالت الكثير من المواد القانونية الواردة بهما غير واضحة ومفهومة، مع غياب تفاصيل كثيرة في المواد، نتحدث هنا على سبيل المثال لا الحصر عن المادة 45 بإصدار وزير العمل نموذجا استرشاديا بلائحة نظام العمل بعد التشاور مع لجنة الحوار المشترك، أو المادة 88 بقرار وزير العمل تحديد الحد الأدني للأجور ، والمادة 89 لقرار تحديد العلاوة الدورية، أو بالنسبة للائحة الاسترشاد بطرق العمل بالدوام المرن أو الجزئي أو المؤقت.
ويبدو للمتتبع أن هناك صعوبة في فهم المعنين بالمؤسسات الحكومية والخاصة لمواد هذه القوانين وآليات التطبيق الوردة بهما سواء فيما يتعلق بالإجازات أو العلاوات والمكافآت والمساهمات المتعلقة بصناديق التقاعد، وطرق الاحتساب ، وغيرها من المواد التي تحتاج إلى شرح وتفصيل بحيث تجنب هذه المؤسسات اشكاليات التطبيق والتنفيذ سواء مع موظفيها، أو مع الجهات المرتبطة بها. كان يفترض أن تعلن وزارة العمل وصندوق الحماية الاجتماعية عن اللوائح المنظمة والمرتبطة بمواد هذه القوانين، وتفنيدها بصورة واضحة، هذه اللوائح التي ربما أن البعض يرى أنها تأخرت كثيرا خاصة مع قرب التطبيق، وبالتالي بات من المهم على الجهات المشرفة والمعنية التعجيل في إصدارها حتى تستطيع هذه المؤسسات فعليا أن تعمل على لوائحها الداخلية بما يتناسب مع المواد القانونية الجديدة. قبل أيام نظمت الجمعية العمانية لإدارة الموارد البشرية حلقة عمل لبعض المعنيين بالموارد البشرية في بعض المؤسسات شارك في تقديمها أحد المختصين، لكن اللقاء خرج بالكثير من علامات الاستفهام التي لم تجد أي إجابة شافية.. هناك بالفعل مواد غير مفهومة وبحاجة للتوضيح حول طبيعة وآلية التنفيذ. من المهم تكثيف الجهات المعنية بهذه القوانين برامج التوعية والتثقيف من خلال الندوات واللقاءات التي تستهدف منها جميع المؤسسات والأفراد لاستيضاح الصورة بشكل كامل. عندما نتحدث عن موضوع صندوق الحماية الاجتماعية فإن الحديث هنا يتناول طبيعة المساهمات، والاستقطاعات، ومكافأة نهاية الخدمة وطريقة احتسابها ، ونظام الاجازات المرتبط على سبيل المثال إجازة الأمومة ومرافقة مريض ، هي جوانب يبدو أنها بحاجة لفهم أكبر، خاصة انها جوانب مرتبطة بشكل مباشر بمصالح المؤسسة والموظفين. جانب مهم اخر يتطلب أيضا الوقوف على مواد القانونين العمل والحماية الاجتماعية واهمية أن يكون هناك ربط وتجانس وتوافق فيما بين القانونين وبما يتفقان في موادهما. القوانين الجديدة التي تم الإعلان عنها تمثل نقلة مهمة في مسيرة ترشيق أداء العمل المؤسسي وبالتالي فمن المهم أن تلبي اللوائح المرتقبة مصالح الطرفين بما يعزز من مستويات الإنتاجية والأداء ويوجد خيارات وبدائل تسهل على الجميع العمل في منظومة عمل قانونية تتسم بالسهولة والبساطة وبعيدة عن التعقيد.
مصطفى المعمري
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تغيير المسار المهني.. نقطة تحول فى حياة الإنسان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرنا فى مقال سابق أن الأسباب التى تدفع المهنى إلى ترك عمله والانتقال إلى عمل آخر تتلخص فى وجود أسباب طاردة فى مجال العمل أو لأسباب جاذبة فى مجال العمل الآخر أو للسببين معًا.
وذكرنا أن هناك خمسة أسباب رئيسية وعدد غير محدود من الأسباب الفرعية. الأسباب الرئيسية هى تحقيق دخل أكبر (عامل جذب)، الضغط النفسى الشديد فى العمل (عامل طرد)، تحقيق توازن بين جودة العمل وجودة الحياة (جذب وطرد)، البحث عن تحدٍ جديد (جذب)، وفقدان الشغف فى العمل (طرد)، أو أسباب شخصية وصحية أخرى.. وفى هذا المقال نحاول فهم هذه الأسباب.
أولاً: تحقيق دخل أكبر فى عمل جديد، فقد جاء العامل المادى فى تحقيق دخل أكبر من عمل جديد كأهم سبب عند إجراء استفتاء بين الأشخاص الذين قاموا بتغيير مسارهم المهني. فى بلدان العالم النامية، حيث يقل الدخل وينتشر معدل الفقر وتقل برامج الحماية الاجتماعية وجودة التعليم والصحة، تكون معظم نفقات الأفراد من مالهم الخاص، ويكون الدافع المادى لزيادة الدخل هو الدافع الأقوى. وشخصياً، أعرف أطباء كُثر تركوا مهنة الطب إلى مهن أخرى تحقق دخلاً أكبر مثل الاستثمارين العقارى أو التجارى.
أما فى البلدان الغنية، فهناك مجالات عدة لريادة الأعمال التى تحقق دخلاً أعلى من دخل أى مهنة. زميل لنا بعد أن حصل على الماجستير فى الجراحة، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد عدة سنوات ترك الطب نهائياً واشتغل فى مجال الإمداد الطبي. سألته بعدما أصبح مليونيراً، هل تندم على ترك مهنة الطب، أجاب: لا. سألته ماهى الأسباب؟، قال الطب فى أمريكا مسئولية كبيرة وضعط نفسى رهيب وقضايا وتعويضات يرفعها المرضى ودخل جيد ولكن لا يجعلك غنياً، أما فى عملى الجديد فأنا رئيس مجلس إدارة شركتى للإمداد الطبي، وأحقق دخلاً يقدر بأضعاف راتبى كطبيب، والأهم هو عدم وجود أى ظغط نفسى أو تهديد من المحامين!.
ثانياً: الضغط النفسى الشديد فى العمل، لأن تَعرض الأشخاص لضغط شديد يدفعهم إلى تغيير مجال الدراسة أو العمل. قابلت مئات الطلاب وقد تركوا كلية الطب وذهبوا إلى كليات نظرية (الإعلام والتجارة والحقوق والآداب). أعرف طلاباً كانوا معنا فى طب المنصورة، وكانوا متفوقين، ولكنهم لم يستمروا فى دراسة الطب لعدم تحملهم الضغط النفسى الرهيب. ومنهم من أصبح وزيراً أو إعلامياً بارزاً أو رئيس تحرير جريدة أو مدير بنك. وأعرف كذلك من ترك مهنته، رغم نجاحه، بسبب ضغوط رؤساء العمل وتسلطهم وإهانتهم أمام الآخرين.
ثالثاً: تحقيق توازن بين جودة العمل وجودة الحياة، فجودة الحياة هى إحساس ذاتى بالسعادة والرضا بالحياة والبيئة المحيطة، وهى عامل مهم فى اتخاذ القرارات المصيرية مثل مجال العمل، ومكان السكن والعلاقات الاجتماعية. وهناك مؤشرات لقياس جودة الحياة مثل تحقيق الدخل الكافي، والرضا الوظيفي، والسكن اللائق، والتعليم الجيد، والتوازن المعقول بين الحياة والعمل، والوصول إلى الأنشطة الثقافية والترفيهية التى تسعد الشخص. ولذا قد تجد شخصاً ناجحاً فى عمله، ولكنه غير راضٍ عنه ويستبدله بعمل آخر وربما أقل منه دخلاً ولكنه يحقق له السعادة الشخصية.
رابعاً: البحث عن تحدٍ جديد، ذلك أن بعض الأشخاص يجدون سعادتهم فى اكتشاف الجديد (Challenge)، ولذا تجدهم ينتقلون من عمل إلى آخر كل فترة. معظم رجال الأعمال يجدون متعتهم فى المغامرة، ولذا نجدهم فى أعمال كثيرة لا رابط بينها، إلا لمجرد البحث عن الجديد.
خامساً: فقدان الشغف فى العمل، والشغف (Passion) هو شعور بالحماس الشديد أو رغبة لا تُقاوم تجاه شيء ما. عادةً ما يبدأ العمل بحماس شديد ثم يفتر الحماس مع مرور الوقت، إلى أن يتحول الحماس إلى ملل، والرغبة فى بدء عمل جديد.
وهناك أسباب أخرى قد تساعد على تغيير المسار المهني، مثل تلك المتعلقة بالبيئة المحيطة بالعمل، والأشخاص المرتبط وجودهم بالعمل، والظروف الصحية التى تحول دون الاستمرار فى العمل.
عموما، تغيير المسار المهنى قد يكون مفيداً للشخص والمجتمع، إذا تحول الشخص من فشل إلى نجاح، أو أدى تغيير المسار إلى راحة نفسية أو جودة أفضل للحياة.
وللحديث بقية عن دور التعليم فى تأهيل الخريجين لسوق العمل.
*رئيس جامعة حورس