أوراق الخريف : الهدنة والاعتراف الدولي بفلسطين
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
سيظلُّ السَّابع من أكتوبر 2023، في ذاكرة التاريخ، لِمَا سطَّره أهل غزَّة من ملحمة بطوليَّة باسلة لإيقاظ الضمير العالمي تجاه قضيَّتهم الَّتي استمرَّت (75) عامًا دُونَ حلٍّ، وظلَّ الاحتلال الإسرائيلي مسيطرًا على القدس وكُلِّ الأراضي الفلسطينيَّة.
لِيكُونَ «طوفان الأقصى» هو الحراك الرئيس للمقاومة الفلسطينيَّة من غزَّة لطردِ المحتلِّ الصهيوني، واستعادة الأرض والكرامة بكُلِّ قوَّة من خلال قوَّة صغيرة لا تتعدَّى خمسة آلاف جندي، رغم الحصار المفروض عَلَيْهم لسنوات، واليوم يفرضون رأيهم في وقف الحرب والهدنة وتبادل الأسرى، ويكذِّبون كُلَّ الأكاذيب والمُبرِّرات الَّتي كانت تتحدَّث عن حقوق الإنسان والعدالة والحُريَّة وغيرها.
واليوم لا تستطيع أيُّ دَولة في العالَم أن تستمرَّ في موقفها مع «إسرائيل»، فقَدْ تغيَّرت الصورة والمواقف، بعد المجازر والإبادة وقتل الأطفال والنِّساء وضرب المستشفيات والمدارس في جرائم ضدَّ الإنسانيَّة وحرب إبادة، قلبَت الأوضاع لصالح أصحاب الحقِّ، مؤكِّدةً أنَّ موقف الغزَّاويين الفلسطينيِّين أسهَم في تغيير قواعد اللعبة الدوليَّة وأيضًا شركاء «إسرائيل» الَّذين هدَّد البعض مِنْهم بطردِ السفراء ومنع الأسلحة عَنْها إذا لَمْ يتمَّ وقف العدوان الظالم.
لقَدْ نجح رجال المقاومة في إجبار الأعداء على القَبول بشروط المجاهدين ـ بعد حرب 50 يومًا ـ بهدنة لتبادل الأسرى، وبالتَّالي فإنَّ الأوضاع الدوليَّة وتفاعل الشعوب في كافَّة الأقطار مع ما يحدُث في غزَّة من حربٍ وقتلٍ، فرصة سانحة للتحرُّك العربي والإسلامي والعالَم للاعتراف بالدَّولة الفلسطينيَّة وتمكين الفلسطينيِّين من إقامة دَولتهم على أرضهم وعاصمتها القدس.
فهذه الحرب عرَّت الكثير من الدوَل، وكثيرًا من المنظَّمات والقانون الدولي، وكشفت للعالَم صورة أميركا وحلفائها، وأكَّدت أنَّ هناك خفايا لهذه الحرب وأهدافها تفوق التهجير فقط أو احتلال غزَّة، فالوضع لا يقبل التأويل أو التحليل، فسقوط غزَّة بداية الانتشار والتوسُّع والسيطرة على أراضي وثروات دوَل أخرى.
والهدنة الَّتي بدأت يوم الجمعة ولمدَّة أربعة أيام، هي مؤقتة ولالتقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب الأوراق باتفاق الأطراف، ولتبادل السجناء والرهائن (50) إسرائيليًّا مقابل (150) فلسطينيًّا، ولإدخال المساعدات والإغاثة لأهل غزَّة الَّتي تحوَّلت أرضهم إلى كتلة من الركام والدَّمار والخراب. فشكرًا لقطر ومصر؛ لكونهما وسيطَي الهدنة، وشكرًا لكُلِّ الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة والأجنبيَّة الَّتي قامت بإرسال المعونات الضروريَّة العاجلة الغذائيَّة والمواد الأساسيَّة، ونأمل دخول المواد الصحيَّة والغاز والوقود والمياه. لذا يجِبُ لهذه الحرب الإسرائيليَّة أن تتوقفَ بأيِّ طريقة كانت، ويحال المُجرِمون للمحكمة الدوليَّة ويطبَّق ميثاق روما، والقَبول بالحلِّ السِّياسي الَّذي تقوم به حاليًّا اللجنة العربيَّة الإسلاميَّة المُشَكَّلة من القمَّة العربيَّة الإسلاميَّة، خصوصًا وأنَّ المواقف السِّياسيَّة الغربيَّة تحديدًا تغيَّرت نوعًا ما عمَّا كان سابقًا.
فالأهداف الصهيونيَّة انكشفت نتيجة صمود المقاومة الباسلة، فلَنْ تتغيَّرَ خريطة الشَّرق الأوسط كما رسمها «نتنياهو» ولَنْ يتمَّ تهجير سكَّان قِطاع غزَّة إلى مصر والأردن، والفرصة اليوم مواتية أن نكتبَ التاريخ بالاعتراف بالدَّولة الفلسطينيَّة من خلال استغلال خروج الشعوب جماعات مليونيَّة في مظاهرات شملت مُعْظم دوَل العالَم ضدَّ حكَّامهم والمطالَبة بوقف الحرب نهائيًّا. فطوفان الأقصى حرَّك الضمير العالَمي، وحان الوقت الآن لتسريعِ عجلة السَّلام وفق المبادرة السعوديَّة ـ العربيَّة، وقطع الطريق على مَن يسعى لخلق وضعٍ جديد للشَّرق الأوسط والاستيلاء على ثرواته الطبيعيَّة.. والله من وراء القصد.
د. أحمد بن سالم باتميرا
batamira@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
البرلمان العربي يرحب بإعلان التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة ويعتبرها خطوة نحو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني
أعرب محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي، عن ترحيبه البالغ بإعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، معتبرًا هذه الخطوة تطورًا مهمًا نحو إنهاء حرب الإبادة والتصعيد العسكري الذي أودى بحياة آلاف الأبرياء وتسبب في معاناة إنسانية جسيمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، داعيًا جميع الأطراف إلى الالتزام التام ببنود الاتفاق، ومواصلة العمل على التهدئة لتجنب أي تصعيد جديد، مشددًا على ضرورة احترام القوانين الدولية الإنسانية وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المتضررين في قطاع غزة.
كما أشاد رئيس البرلمان العربي، بالجهود الحثيثة والكبيرة التي بذلتها جمهورية مصر العربية ودولة قطر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مقدرًا عاليًا دورهما في وقف التصعيد وحرب الإبادة الجماعية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذه الجهود تعكس التزام الدول العربية بالقضية الفلسطينية وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، داعيًا إلى استمرار هذه المساعي لتثبيت التهدئة والعمل على إطلاق عملية سلام عادلة وشاملة تُفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
ودعا اليماحي، المجتمع الدولي ومجلس الأمن، ودول العالم الحر والبرلمانات الدولية والإقليمية، إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه القضية الفلسطينية، ودعم الجهود العربية لتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة قطاع غزة والمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للمتضررين.
وأضاف اليماحي أن البرلمان العربي ومنذ حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني لم يتوانى عن مواصلة جهوده البرلمانية والدبلوماسية من أجل إنهاء الحرب في غزة وإنهاء معاناة أشقائنا الفلسطينيين، مجددًا التأكيد على استمرار جهود البرلمان العربي ودعمه الثابت للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني حتى نيل حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.