فن الدبلوماسية .. إتيكيت المقابلات الصحفية «1»
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
تؤكِّد المدارس الدبلوماسيَّة والإعلاميَّة الاحترافيَّة والَّتي لها باع وخبرة طويلة في مجال الإعلام والصحافة بمختلف أنواعها وجنسيَّاتها على اختيار الكلمة الراقية الرقيقة المهذَّبة بمختلف المناسبات والفعاليَّات، بالإضافة إلى تناسُق مستوى نبرة الصوت مع الجملة المركَّبة من خلال سياقات الحديث ونَوْعه في المقابلات الصحفيَّة بمختلف الأنواع (المرئيَّة، المسموعة، المكتوبة، وأخيرًا المرئي المسموع).
كُلُّنا نعْلَم بأنَّ أسئلة المقابلات تقريبًا 60% هي أسئلة كلاسيكيَّة.. مِثال على ذلك:(كيف انطباعكم عن جدول الزيارة؟ ورأيكم بالاتفاقيَّة الموقّعة؟ وكيف ترون تطوُّر العلاقات بَيْنَ البلدَيْنِ..؟ وغيرها من الأسئلة المعلومة). وفي بعض الأحيان نحن الدبلوماسيون نطلب إجراء مقابلة صحفيَّة ليس لغرض الصحافة أو التصريح، وإنَّما لرؤية عامَّة الشَّعب وهُمْ فريق العمل الصحفي (المصوِّر، الصحفي)، وبالتَّالي يُمكِن عمل إحصائيَّة أو نظرة عامَّة عن مدى اهتمام الجهة الراعية لفريق العمل وهُمْ من عامَّة النَّاس، وإن كانت هناك أخطاء بروتوكوليَّة أو بفنِّ الإتيكيت، وهذه تحصل بصورة غير مباشرة لقلَّة اهتمامهم بهذا الجانب والَّذي سوف ينعكس سلبًا على سمعة الوزارة أو الدائرة أو الشركة أو الجهة الراعية، لذلك ركَّزت المدارس والمعاهد الدبلوماسيَّة مع الكُلِّيَّات الإعلاميَّة المتخصِّصة في مجال الإعلام والعلاقات العامَّة بإدخال مفاهيم البروتوكول والإتيكيت في برامجها تكاد تكُونُ سنويَّة داخل البلد أو خارجه؛ لغرض صقل وتطوير كاريزما الصحفيِّين الَّذين هُمْ على مساس مع الوفود والضيوف. ونحن هنا ليس بصددِ كفاءة تحرير الخبر (مكتوبة أو مسجَّلَة) وإنما بالانطباع الأوَّل عن كاريزما الشخص الإعلامي.
هناك بعض النقاط المشتركة، سواء للصحفي أو الصحفيَّة أثناء أخذ التصريح أو المقابلة الصحفيَّة الفرديَّة بمختلف أنواعها.. ومن المعروف لدى الجانب الإعلامي أنَّ المقابلات الصحفيَّة (مقابلة فرديَّة أو أخذ تصريح صحفي) مع السِّياسيِّين تختلف كثيرًا عن مع رجال الدِّين أو رجال الأعمال، بالإضافة إلى اختلافه، سواء كان مع النِّساء أو الرجال بنَفْسِ المُسمَّيات؛ لذلك تتفاخر المدرسة البريطانيَّة، خصوصًا بهذا المجال، بحيث تجذب كثيرًا من شرائح المُجتمع للدخول والانخراط بهذه الحلقة المهنيَّة لمعرفة أُسُس إتيكيت المقابلات الصحفيَّة ابتداء من الحديث الَّذي يُبنى على ثلاثة محاور جوهريَّة وهي:(الكلمة، المعنى، النَّحْو)، وهنا تؤدِّي مدارس اللُّغة دَوْرًا جوهريًّا باعتماد نظريَّة التعلُّم ونظريَّة الاكتساب وأيُّهما لَهُما الدَّوْر الكبير في إيصال المحتوى إلى المُستقبل بكُلِّ بساطة وهدوء وتميُّز ورُقي في المشاعر، بالإضافة إلى تناغم لُغة الجسد، وخصوصًا الوَجْه في إرسال المعنى الجميل والهادئ لمفردات الحديث، عكس ما نراه هذه الأيَّام في بعض القنوات التلفزيونيَّة من استخدام كلمات مستفزَّة بعيدًا عن فنِّ وأخلاقيَّات إدارة وهدف المقابلة الصحفيَّة وحرفيَّتها.
كما أنَّ طبيعة إتيكيت مستوى نبرة الصوت والابتسامة البسيطة الهادئة هي من مفاتيح اللقاءات الصحفيَّة الناجحة.. ومن أهمِّ النقاط الواجب اعتمادها لدى الصحفيِّين أثناء المقابلات الخاصَّة هي ما يلي: معرفة جنس الوفد (نسائي أو رجالي)، نَوْع الوفد سياسي، اقتصادي، ديني، عسكري، دراسة مسبقة للاتفاقيَّات والمقابلات السابقة، زيارته الأولى للبلد أو متكرِّر ضِمْن لجان مشتركة، هدف الزيارة هل هو للاطِّلاع والمشاركة بمؤتمر؟ أم توقيع اتفاقيَّات أو مناقشات ومفاوضات.. وغيرها من المجالات الأخرى، وفود صحيَّة أو أكاديميَّة لغرض تبادل الخبرات وعقد اتفاقيَّات.. وغيرها، لذلك على الصحفي أو الجهة الراعية أن تكُونَ على دراية تامَّة بجميع التفاصيل قَبل إرسال فريق العمل الصحفي من (محرِّر الخبر، المصوِّر)، بالإضافة إلى صحفي احتياط؛ لأنَّه ـ لا سمح الله ـ تعرَّض لوعكة صحيَّة مفاجئة فالبديل يكُونُ جاهزًا.
سوف نتناول بالمقال القادم فنَّ الإتيكيت من ناحية: بداية حديث المقابلة ومهارة نهايته، إتيكيت الجلوس مع الضَّيف أو المستقبلين وكذلك إتيكيت المشي أثناء الدخول إلى موقع المقابلة أو الخروج مِنْها، تسلسل الأفكار بالطرح، مهارة إدارة المقابلة الصحفيَّة، إتيكيت الهندام الخارجي (نهارًا أو ليلًا)، طبيعة ونَوْع المقابلة مكتوبة أو مسجَّلة، إتيكيت مستوى نبرة الصوت، ولغة الجسد.. وغيرها من فنون إتيكيت المقابلات الصحفيَّة.
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: بالإضافة إلى ة الصحفی ة بمختلف
إقرأ أيضاً:
المبادرات الدبلوماسية أبرزها.. كيف يتعامل العالم مع قضية الشرق الأوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قضية الشرق الأوسط كانت ولا تزال واحدة من أهم القضايا التي تشغل بال المجتمع الدولي، فهي ليست مجرد نزاعات إقليمية، بل تتعلق بتحديات عالمية تؤثر في السياسة، الاقتصاد، والأمن الدولي. تتعامل الدول والمنظمات الدولية مع هذه القضايا من خلال مجموعة من السياسات والمبادرات التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة. في هذا المقال، نناقش كيفية تعامل العالم مع قضية الشرق الأوسط في ظل التوترات المستمرة والصراعات المستفحلة في بعض دول المنطقة وأخبار شرق اوسط.
من بين أبرز الوسائل التي يعتمدها المجتمع الدولي هي المبادرات الدبلوماسية. تسعى القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة، روسيا، والاتحاد الأوروبي، إلى التدخل وتوجيه مسار المفاوضات في محاولة لحل النزاعات الإقليمية، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والصراعات الأخرى في سوريا واليمن. غالبًا ما يتم هذه الجهود عبر الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية، وتستهدف هذه المبادرات التوصل إلى تسوية سلمية تضمن حقوق جميع الأطراف المعنية. رغم التحديات الكثيرة، يبقى الدبلوماسية أداة حيوية لإنهاء الصراعات التي طال أمدها.
إضافة إلى ذلك، يلعب المجتمع الدولي دورًا كبيرًا في تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للدول المتأثرة بالصراعات. العديد من المنظمات الإنسانية الدولية مثل الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية تقدم مساعدات عاجلة للمناطق التي تشهد الحروب والنزاعات. المساعدات لا تقتصر فقط على الإغاثة الإنسانية، بل تمتد لتشمل برامج تنموية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتعزيز البنية التحتية في الدول المتضررة. هذه المساعدات تساهم في تخفيف المعاناة وتعزز من القدرة على بناء مجتمعات أكثر استقرارًا بعيدًا عن ويلات الحرب.
التعاون الأمني بين الدول يعد أيضًا من أبرز الوسائل التي يتعامل بها العالم مع قضايا الشرق الأوسط. بسبب التحديات الأمنية الكبرى التي تشهدها المنطقة، مثل الإرهاب والجماعات المتطرفة، تعزز الدول من تعاونها في مجال مكافحة الإرهاب. يتم هذا التعاون من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، دعم العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية، وتقديم التدريب للقوات المحلية في بعض الدول. التحالفات الأمنية الدولية، بما في ذلك التحالف الدولي ضد داعش، تلعب دورًا رئيسيًا في محاولة استئصال التهديدات الإرهابية التي تؤثر على الأمن الإقليمي والدولي.
من جانب آخر، يعكف المجتمع الدولي على تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول الشرق الأوسط في إطار خطط تنموية تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي. تستثمر العديد من الدول الغربية والآسيوية في مشاريع مشتركة تهدف إلى تطوير البنية التحتية، توفير فرص العمل، وتحقيق التنمية المستدامة. هذه المبادرات الاقتصادية تهدف إلى تحفيز النمو وتحسين مستوى المعيشة في الدول التي تعاني من أزمات اقتصادية.
رغم هذه الجهود، لا تزال قضايا الشرق الأوسط تشهد العديد من التحديات، أبرزها التدخلات العسكرية الأجنبية، الانقسامات السياسية الداخلية، والصراعات الطائفية. المنطقة بحاجة إلى المزيد من التنسيق بين الأطراف الدولية والإقليمية لتحقيق استقرار طويل الأمد. كما أن استمرار الحرب والدمار في بعض الدول، مثل سوريا واليمن، يتطلب حلولًا دائمة تحترم إرادة شعوب المنطقة وتساهم في بناء مستقبل أفضل.
علاوة على ذلك، يعتبر دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من العوامل المؤثرة في كيفية تعامل العالم مع قضايا الشرق الأوسط. في العصر الحديث، أصبحت وسائل الإعلام العالمية جزءًا لا يتجزأ من تشكيل الرأي العام الدولي بشأن الصراعات في المنطقة. تغطي وسائل الإعلام الأحداث لحظة بلحظة، مما يزيد من الوعي حول المعاناة الإنسانية والممارسات السياسية في بعض الدول. كما أن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت أداة حيوية للناشطين والشعوب المعنية للتعبير عن آرائهم ومطالبهم، مما يمنح قضايا الشرق الأوسط منصة عالمية. هذا التفاعل الإعلامي يعزز الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية للتحرك واتخاذ قرارات تهدف إلى حل النزاعات وتحقيق السلام.
في الختام، إن التعامل مع قضايا الشرق الأوسط يتطلب جهدًا جماعيًا من المجتمع الدولي، ويجب أن يكون هذا الجهد شاملًا ومتعدد الأبعاد، يشمل الدبلوماسية، المساعدات الإنسانية، التعاون الأمني، والتعاون الاقتصادي. من دون هذه الجهود المتواصلة والتنسيق بين جميع الأطراف، سيظل الشرق الأوسط يعاني من أزمات تهدد استقراره ورفاهية شعوبه.