بدون مقدمات فإن مشهد غزة وهي تقف وحدها في وجه كل هذا الكم الهائل من العدوان الإسرائيلي المدعوم والمسنود من الحلفاء والأنصار وما أكثرهم؛ يجعلنا في الوقت الذي نسأل: من أي جنس هؤلاء القوم في غزة وما هو دافعهم لهذا الصمود الأسطوري؟ نتساءل لماذا يبدون وحدهم في خضم هذا الصراع الشامل برغم أنه صراع تحدد نتائجه صورة المنطقة وترسم خرائطها، فضلا عن أنها تلقي بظلالها على التنافس الجاري على سقف العالم؟
فالحقيقة التي لا تقبل التشكيك هي أن غزة تقف في الصف الأول للدفاع عن المنطقة الإسلامية في مواجهة مشروع لم تخف وثائق التأسيسية وكواليسه التاريخية أنه يستهدف المنطقة كلها، فهو يستهدف بالأساس إقامة دولة استعمارية استيطانية كبرى تكون لها القيادة في المنطقة، كما أن دورها الوظيفي مثبت ومدون، وهو منع التئام المنطقة الإسلامية مرة أخرى والحفاظ على استمرار تمزيقها الذي بدأ عند "سايكس بيكو"، والعمل على تعطيل كل عوامل نهضتها، وملاحقة كل مصادر استئناف حضارتها.
النظر للموقف الرسمي (العربي والإسلامي) تجاه ما يجري على أرض غزة يشعرك كأن القوم لا يعنيهم ما يجري هناك أو أنهم بالحد الأقصى محايدون تجاه الصراع!! فإذا نظرت إلى القرارات الصادرة عن قمتهم ورأيتها بعين الرضا فإنك تقطع بأنها صدرت ذرا للرماد في العيون، لأنها لم تتضمن آليات لتنفيذها أو متابعتها، ولهذا فقد ذهبت إدراج الرياح، ولم تستطع حتى أن تفرض أي قدر من الاحترام لدي جيش الاحتلال الصهيوني
فالحضارة الإسلامية في نظر الغرب -صاحب المشروع الصهيوني ومؤسسه- هي الحضارة الوحيدة التي نافست الغرب وعطلت مشاريعه أكثر من مرة وطردته من أكثر من مكان، لهذا كانت محاصرتها منذ الكشوف الجغرافية، ولهذا كان استعمارها في مقدمة مشاريع الغرب الاستعمارية، ثم كان لا بد عند أفول نجم الاستعمار العسكري المباشر والاضطرار للجلاء؛ أن تكون هناك أدوات مبتكرة لاستدامة السيطرة والنفوذ، فكان الاستبداد المصنوع خصيصا لكي يُحكم الخناق على مجتمعاتنا، وكان المشروع الصهيوني ليُحكم السيطرة على نظم الاستبداد الحاكمة وتوجيهها في اتجاه استمرار النفوذ الغربي لمدى مفتوح، وذلك كله في إطار أهمية منطقتنا ومركزيتها تجاه مشروع الهيمنة الغربي العالمي.
ومن هنا تنبع أهمية فلسطين التي تم اختيارها بعناية لتكون رأس حربة المشروع الغربي وقاعدته العسكرية في منطقتنا، وهو ما حاوله نابليون إبان الحملة الفرنسية ثم طورته بريطانيا وأكملت حلقاته حتى وعد بلفور ثم تسليم فلسطين لليهود، ثم جاءت الولايات المتحدة وريثة القيادة الغربية لتكمل المشروع وتدعمه وتحميه حتى اليوم.
ومن هنا فإن النظر للموقف الرسمي (العربي والإسلامي) تجاه ما يجري على أرض غزة يشعرك كأن القوم لا يعنيهم ما يجري هناك أو أنهم بالحد الأقصى محايدون تجاه الصراع!! فإذا نظرت إلى القرارات الصادرة عن قمتهم ورأيتها بعين الرضا فإنك تقطع بأنها صدرت ذرا للرماد في العيون، لأنها لم تتضمن آليات لتنفيذها أو متابعتها، ولهذا فقد ذهبت إدراج الرياح، ولم تستطع حتى أن تفرض أي قدر من الاحترام لدي جيش الاحتلال الصهيوني الذي ربما فاقم من عنفوانه أثناء انعقادها وزاد من جرعات قتل المدنيين من الأطفال والنساء!! ومن هنا جاءت نداءات الفلسطينيين تحت النار وشعورهم بالحسرة والمرارة لتضفي على المشهد مأساوية لا حدود لها!!
مناشدتنا للقوم يجب أن تنبههم أنهم لا يجاملون غزة ولا يمنون عليها حين يدعمونها، بل يؤدون ضريبة الدم الواجبة عليهم، لأن الدفاع عن غزة وعن فلسطين هو دفاع عن المنطقة كلها، وخاصة مصر، فهي الدولة المعنية أكثر من غيرها بالمشروع الصهيوني
وفي خضم النار التي تلتهم الأخضر واليابس من غزة وتعلن حرقها كل ما تبقي من القضية الفلسطينية، فإن القوم مشغولون بنداءات رومانسية حول السلام والدعوة لحل الدولتين، بينما إسرائيل لم تكتف من قبل بمجرد رفض كل مشاريع السلام والعمل على تقويضها، بل إنها عملت على إهانة كل دعوات السلام وأصحابها، لأن السلام في نظرها وخاصة حل الدولتين يعني هزيمة للمشروع الصهيوني الذي لا تخفي تمسكها به وخاصة في ظل هذه الحكومة التي تعمل بجد على ابتلاع كل فلسطين بعد تطهيرها عرقيا لتصبح يهودية خالصة، وهو ما يفسر انطلاق أكبر عملية استيطان أثناء حكمها (الحكومة)، وتهديدها للقدس وإهاناتها المتكررة للأقصى، واستفزازاتها المتكررة لكل رموز القضية الفلسطينية، ثم عمليات الإبادة الجماعية التي أعقبت طوفان الأقصى وإجبار سكان غزة للنزوح تجاه الجنوب تمهيدا لدفعهم تجاه سيناء!!
ولهذا فإن مناشدتنا للقوم يجب أن تنبههم أنهم لا يجاملون غزة ولا يمنون عليها حين يدعمونها، بل يؤدون ضريبة الدم الواجبة عليهم، لأن الدفاع عن غزة وعن فلسطين هو دفاع عن المنطقة كلها، وخاصة مصر، فهي الدولة المعنية أكثر من غيرها بالمشروع الصهيوني، كما كانت على طول تاريخها تعتبر هذه المنطقة من أهم أسس أمنها القومي، كما أنها (مصر) في الحقيقة تعد حجر الزاوية في أي مشروع لقيادة الأمة نحو التحرير، ولهذا كان إخراجها من الصراع وفق مقررات "كامب ديفيد" التي كانت تستبطن ذلك في إطار مخطط تأجيل الصراع لحين استكمال بنية الدولة الصهيونية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الصراع المشروع الصهيوني مصر مصر غزة المقاومة صراع المشروع الصهيوني مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشروع الصهیونی ما یجری أکثر من
إقرأ أيضاً:
حرب على الكولتان والذهب| كيف يؤثر الصراع بين الكونغو ورواندا على دول المنطقة والعالم؟
نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، تقريرا، سلّطت فيه الضوء على الصراع المحتدم شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتأثيره على دول المنطقة والعالم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ "حالة التوتر في المنطقة بدأت منذ جرائم الإبادة الجماعية في رواندا سنة 1994، التي عصفت بحياة نحو مليون شخص من قبيلة التوتسي، لكن الوضع ازداد سوءا في الفترة الأخيرة".
وأوضحت الصحيفة أنّ "متمردي حركة "23 مارس" الكونغولية المدعومين من رواندا، بسطوا سيطرتهم على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو، التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة".
وحسب آخر البيانات، لقي أكثر من 100 شخص مصرعهم، فيما أصيب نحو 1000 آخرين، إثر الاشتباكات التي سيطر خلالها المتمردون على مطار غوما الذي يؤمّن وصول المساعدات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وقوات حفظ السلام؛ وقُطعت طرق نقل المواد الغذائية والسلع الأساسية من الجنوب.
وذكرت الصحيفة أنّ: "الوضع زاد تأزما بعد أن قطعت حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية العلاقات الدبلوماسية مع رواندا المجاورة، متهمة إياها بدعم المتمردين".
وحسب الأمم المتحدة، شارك ما بين 3 آلاف و4 آلاف جندي رواندي في حصار غوما. ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فرّ أكثر من 400 ألف شخص من منازلهم في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو بالقرب من الحدود مع رواندا منذ بداية السنة.
ومنذ 2022، تتهم حركة "23 مارس" سلطات كينشاسا، بعدم تطبيق بنود اتفاق السلام، الذي ينص على دمج التوتسي بشكل كامل ضمن الجيش والإدارة في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وتسيطر الحركة منذ أكثر من عام على منطقة روبايا الغنية بخام الكولتان، وهو معدن ثمين يُستخدم في إنتاج الهواتف الذكية وغيرها من المعدات الإلكترونية. كما تُنتج المناجم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية القصدير والتنتالوم والتنغستن، بالإضافة إلى احتياطيات كبيرة من الذهب.
وبحسب الأمم المتحدة، تجني الحركة نحو 800 ألف دولار شهرياً من ضرائب الإنتاج، وتمنحها السيطرة على مناطق جديدة فرصة لزيادة مداخيلها.
دعوات لوقف المعارك
أبرزت الصحيفة، خلال التقرير نفسه، أن: "بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قامت بإجلاء طاقمها وأفراد عائلاتهم من مدينة غوما بسبب الأحداث الأخيرة".
وتابعت أن السفارة الروسية في الكونغو الديمقراطية، قد دعت المواطنين الروس المقيمين في إقليم شمال كيفو إلى مغادرة المنطقة. كما أوصت البعثة الدبلوماسية الأمريكية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مواطنيها، باللجوء إلى أماكن آمنة على الفور بسبب تصاعد مستوى العنف والجريمة في شرق البلاد.
وأكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن موسكو تدين ممارسات المتمردين في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتدعو إلى وقف فوري للأعمال القتالية، مضيفا أن روسيا تعتزم استخدام "جميع الوسائل المتاحة" لوقف النزاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والعودة إلى المسار الدبلوماسي.
وتتّهم دول غربية بينها الولايات المتحدة، رواندا، بتأجيج النزاع ودعم حركة "23 مارس"، لكن رواندا رفضت الدعوات لسحب قواتها ونفت دعم المتمردين. فيما أكدت السلطات الرواندية أنها تتخذ تدابير دفاعية، متهمة جمهورية الكونغو الديمقراطية بدعم "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" التي تهاجم التوتسي في كلا البلدين.
وكان تقرير أنجزه فريق خبراء تابع للأمم المتحدة عام 2022، كشف وجود "أدلة دامغة" على قتال القوات الرواندية إلى جانب متمردي حركة "23 مارس". ويشير التقرير إلى أن رواندا تستخدم الحركة للوصول إلى موارد جمهورية الكونغو الديمقراطية وتصديرها إلى الخارج.
ماذا يقول الخبراء؟
يرى الباحث في مركز قضايا التنمية والتحديث التابع لأكاديمية العلوم الروسية، سيرجي كاراماييف، أن النزاع الحالي في منطقة البحيرات الكبرى يؤثر بشكل مباشر على رواندا والكونغو الديمقراطية، كما يؤثر على أوغندا وبوروندي، وله تأثير غير مباشر على كينيا وتنزانيا.
ويعتقد كاراماييف أنّ: "استمرار الصراع ينذر بانتشاره إلى دول أخرى في القارة ويؤدي بالتالي إلى تداعيات خطيرة على المنطقة".
وحسب الخبير الروسي، فإنّه يصعب تحديد الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة في الوقت الراهن، لأن الولايات المتحدة لم تفصح عن نواياها، مشيرا إلى أنّ: "هذه المنطقة لم تكن ضمن أولويات واشنطن خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى".
وقال كاراماييف إن "هذه الحرب اندلعت بسبب المعادن الأرضية النادرة الضرورية لإنتاج الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والتكنولوجيا النووية والصواريخ، لذلك فإن الصراع يشغل الشركات الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا الفائقة بسبب المخاوف من ارتفاع أسعار المعادن".
وأضاف أن: "استراتيجية الصين في المنطقة لا تبدو واضحة، خاصة أنها تسيطر على ما بين 15 و19 منجمًا كبيرًا في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي مهتمة جدًا بالحصول على المعادن النادرة".
كذلك، نقلت الصحيفة عن الخبير السياسي الأمريكي، جيسون ستيرنز، قوله إن "الدول الغربية يمكن أن تتخذ خطوات لوقف دعم رواندا لحركة 23 مارس". مؤكدا أن الدول المانحة استخدمت هذا النفوذ في الماضي. ففي 2012، أوقفت الولايات المتحدة إلى جانب دول غربية أخرى، مساعداتها لرواندا، ما أدى إلى تراجع حركة "23 مارس".
ويرى ستيرنز أننا "نعيش اليوم في عالم أصبحت فيه الاستثمارات التجارية والمصالح أكثر أهمية من المبادئ الإنسانية".