يستكمل فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء حديثه عن قضية الإيمان النسبي والمطلق عبر صفحته الرسمية على موقع الفيسبوك ليوضح الفارق بين إطلاقيه القرآن وتفسيره في  الواقع المعيش وبين تفسيره من خلال منظومة النسبية المطلقة.
 


إطلاقية القرآن
 

وضح الدكتور علي جمعة أن تاريخ الفكر الإسلامي عرف مفهوم إطلاقية القرآن  في صورة القول بأنه غير مخلوق، ويذكرنا محنة الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة، وأحد الأئمة الأربعة المتبوعين إلى يومنا هذا؛ حين وقف وقفة صلبة في قضية الدعوة لخلق القرآن، والتي تؤدي مباشرة إلى أنه محصور في زمانه، أو مكانه، أو للأشخاص الذين خاطبهم، أو في الحال الذي نزل فيه.



ويأكد جمعة أن فكرة قضية القرآن رفضها جماهير المسلمين؛ لأنهم يعلمون لازم ذلك المذهب، وهو ما يسميه بعضهم في العصر الحاضر، بتأريخية القرآن، بمعنى أنه نزل لعصر بعينه، وأن العصر قد انقضى بظروفه وأشخاصه ومصالحه، وأنه لم يبقى لنا من القرآن إلا ما يمكن أن نؤمن به، أو نستعمله في عصرنا الحاضر.

ويشير فضيلة المفتي أنه بذلك يتم  تنحية القرآن عن واقع الناس، وتنحية عن كونه كتاب هداية، وتنحية الإسلام عن عالميته، وعن مفهوم النسق المفتوح الذي جاء به، ولم يفرق فيه بين عربي وأعجمي، ولا بين أبيض وأسود، ولا بين رجل وامرأة، كما أنه يفتح القول بالنسبية المطلقة التي نراها قد أدت إلى نفي حقائق الأشياء.
 


 التفسير الواقعي للقرآن
 

أما التفسير الواقعي للقرآن الكريم فيوضح فضيلته أنه تفسير يؤمن بإطلاقيه القرآن، بحيث يكون متجاوز للجهات الأربعة وهم الزمان والمكان والجهات والأشخاص، وأنه غير مخلوق، بل هو كلام الله الذي ما زال سبحانه وتعالى يتكلم، وكأن القرآن قد نزل الآن، وكأنه دائما يخاطب قارئه، وهو دائما كتاب هداية، لا يختلف عن الواقع المعيش.

مشيراً أنه يظل مقيد بأخلاق مطلقة، وبقيم ثابتة، وفيه من الأنظمة ما جعله الله سبحانه وتعالى ثابتا، كنظام الشهادات، وفيه من الإجمال ما جعله الله صالحا لكل زمان ومكان، وبذلك نراه حمال أوجه، كما وصفه سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه وأرضاه) عندما قال لعبد الله بن عباس رضي الله عنه وهو يفاوض الخوارج : (لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون)
 

علي جمعة: الإيمان بالنسبية المطلقة يؤدي إلى إنكار وجود الله علي جمعة يوجه رسالة للاحتلال الإسرائيلي (شاهد)


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتى الإيمان علی جمعة

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الرضى بالله وبشرعه وبرزقه وبفعله هو الغنى الحقيقي

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الرضى بالله وبشرعه وبرزقه وبفعله هو الغنى الحقيقي، وإن كان فاعله فقير لا يأبه به غير معروف بين الناس.

واستشهد جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بحديث النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ  : يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى؟ قلت : نعم يا رسول الله، قال : فترى قلة المال هو الفقر؟ قلت : نعم يا رسول الله، قال : إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب، ثم سألني عن رجل من قريش فقال : هل تعرف فلانا؟ قلت : نعم يا رسول الله .قال : فكيف تراه أو تراه؟ قلت : إذا سأل أعطي، وإذا حضر أدخل، قال : ثم سألني عن رجل من أهل الصفة ، فقال : هل تعرف فلانا؟ فقلت : لا والله ما أعرفه يا رسول الله ، فما زال يحليه وينعته حتى عرفته، فقلت : قد عرفته يا رسول الله، قال : فكيف تراه أو تراه؟ قلت : هو رجل مسكين من أهل الصفة، قال : هو خير من طلاع الأرض من الآخر.

قلت : يا رسول الله أفلا يعطى بعض ما يعطى الآخر؟ فقال : إذا أعطي خيرا فهو أهله، وإذا صرف عنه فقد أعطي حسنة}. [رواه النسائي وابن حبان].

والسخط لحكم الله مهلكة عظيمة فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال : {فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط}، وكذلك جاء في الحديث القدسي: {من لم يرض بقضائي ويصبر على بلائي فليعبد ربا سواي}.

وإن من أبرز الأدلة على حدوث السخط هو الحسد، فالحاسد في الحقيقة ساخط على حكم الله وساخط على قسمة الله سبحانه وتعالى بين خلقه، فالحاسد عدو نعم الله تعالى لأنه يطلب زوالها ممن نالها، وهو من إساءة الأدب مع الله سبحانه وتعالى، وما أحسن قول الشاعر:
أَلاَّ قُلْ لِمَنْ بَاتَ لي حَاسِداً  * أَتَدْرِي عَلَى مَنْ أَسَأْت الأدَبَ.

أَسَأت عَلَى اللهِ في فِعْلِهِ  *  كَأنَّكَ لَمْ تَرْضَ لي مَا وَهَبَ
فَكَانَ جَزَاؤُكَ أَنْ خَصَّنِي  *  وسَدَّ عَلَيْكَ طَرِيقُ الطَّلَب

وإن في الحسد من الأخطار الاجتماعية وتفكك المجتمع ما فيه، ونسأل الله أن يعافينا والمسلمين من كل مرض وخبث يصيب قلوبنا ونفوسنا.

مقالات مشابهة

  • ماذا لو لم تكن قضيةُ فلسطين؟
  • علي جمعة: كثير من الناس يقلل من فضيلة حثنا عليها الله
  • علي جمعة: آيات القرآن كشفت جريمة التلاعب بالألفاظ من أجل تضليل الناس
  • علي جمعة يوضح مسئولية الإنسان الفردية يوم القيامة.. والدليل 7 آيات قرانية
  • محنة الإعلام الجديد
  • علي جمعة: القرآن الكريم يحذر من تحريف المعاني وتزوير الحقائق
  • علي جمعة: التلاعب بالألفاظ له أثر كبير في استحلال الذنوب
  • جمعة: على المسلم أن يطهر قلبه ليتنزل عليه أنوار الله ورحمته
  • علي جمعة يحذر من هذا الأمر قبل أن ينفرط العقد وينهار الحال
  • علي جمعة: الرضى بالله وبشرعه وبرزقه وبفعله هو الغنى الحقيقي