رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين: كان يجمل حياتنا ..ونجله: لا ندري ماذا سنفعل؟
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
لم تكن ليلة روتينية مقصورة على نقد الأعمال الإبداعية لشاعر كبير، بقدر ما تخللها شجن، وذاكرة عامرة بحكايات النشأة، والتمرد الشعري، والأدبي لمجموعة منتقاة أنتجت مع أجواء حي "الوراق" شاعرية "أشرف عامر".
وفي حضرة الأسرة، والأصدقاء، والتلامذة، ومحبي الشاعر الكبير الراحل الذي وافته المنية في سبتمبر الماضي عن عمر ناهز 65 عامًا، أغلقت قاعة مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك على مشاعر متباينة ما بين دموع، وعاطفة شعرية تجاه ذاكرة ثقافية كبيرة، وحضر النقد هامشيًا لامتزاج الشاعري بالإنساني، حسبما بدأ شقيقه الأصغر سرد جانب من مسيرة عامرة بالإنجاز، والتجربة الثرية.
وفي أعقاب "فيلم وثائقي" يستعرض جانبًا من حياة "الشاعر الراحل"، تذكر د.أيمن عامر رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب – جامعة القاهرة، ورئيس رابطة الأخصائيين النفسيين، تجاب البدايات مع شقيقه الأكبر، وأصدقائه من الأدباء، والشعراء الذين أطلق عليهم مجموعة "الوراقين".
وقال- مستأنسًا بشجن الرحلة الطويلة بـ"حي الوراق" مسقط رأس التجربة- :إن الموت تكتمل فيها أشياء، وكبر السن يجعل المرء يرى أشياء بدأت، لافتًا إلى أن بيت الأسرة كان على شاطئ النيل، تشرق الشمس من نوافذه، لدرجة أن الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي وصف المكان بأنه "خلّاق للشعراء، والفنانين".
وأضاف خلال أمسية تأبين الشاعر "أشرف عامر" –أمس-والتي حضرها عدد من الشعراء، والنقاد، والفنانين، وأدارها الفنان "طارق الدسوقي" أن شقيقه الأكبر كان يجمل حياة الأسرة، ومعظم قصائده تدور حول أصدقائه في مقدمتهم "عبد الرحمن الأبنودي، ويحيى الطاهر عبد الله".
وأشار رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين إلى أن الناقد د.حسين حمودة جاء إلى الوراق من القلعة منضمًا إلى مجموعة "الوراقين"، وهناك تحول إلى "أرسطو".
وتساءل "عامر": هل يصلح أن نطلق على مجموعة الوراقين وصف "مدرسة أدبية"؟..
وفي السياق ذاته: قالت د.سالي رياض: إن "أشرف عامر" مثل حالة استثنائية في الثقافة العربية، وأقام قناعاته –بوصفه عضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة- على أن النص هو المعبر للنشر، وأن الفرص يجب أن تكون متاحة أمام الجميع.
وأضافت" كان الشاعر الراحل يحلم بعودة الثقافة الجماهيرية لسابق عهدها، ورغم منصبه لم يتحول إلى موظف روتيني"، وأردفت قائلة:"كان يمضي وقتًا كبيرًا في لجان النشر لأجل إعطاء فرصًا أكبر للموهوبين".
وعرج د.طارق نعمان –صديقه المقرب- على زمالتهما خلال فترة الدراسة بكلية الآداب-قسم اللغة العربية-، لافتًا إلى أن من حظ "أشرف عامر" انشغاله بالشعر على حساب الدراسة الأكاديمية.
واستطرد قائلًا:"الدراسة الأكاديمية كانت ستعطل موهبته".
فيما تدثر نجله الإعلامي خالد عامر برداء الحنين، وغالب دموعه، وهو يقول: جئت بهذا الـ"تي شيرت"، لأن أبي هو الذي أعطاه لي، كما أعطاني محبة أشعاره وحدها.
وأضاف، وهو يثبت نظره على شقيقه الأكبر، طالبًا التماسك: نحن كأسرة ندور في فلك سؤال واحد "هنعمل إيه؟"، مستدركًا "من الصعب جدًا أن نتصرف في مواقف كثيرة مستقبلًا، لأن أشرف عامر كانت لديه طاقة كبيرة في مساعدة من حوله".
بينما تذكر د.خيري دومة –رئيس قسم اللغة العربية الأسبق بكلية الآداب-جامعة القاهرة علاقته بالشاعر الراحل، معرجًا على أنه لخص نفسه في ديوانه "هو تقريبًا متأكد".
وألقى الفنان طارق الدسوقي عددًا من قصائده، بعد أن استعرض جانبًا إنسانيًا من حياة الشاعر "أشرف عامر"، صديقه الأقرب، ورفيق رحلته، مشيرًا إلى حماسه لمقترح "قوافل التنوير" التي طافت جامعات مصر، وضمت شعراء، وفنانين، وصحفين، وتبنت فتح حوارات دون خطوط حمراء.
واختتم قائلًا:"المبدع الحقيقي لا يموت، ويظل باقيًا بفنه، وإبداعه".
يشار إلى أن الشاعر "أشرف عامر" وافته المنية في الثاني عشر من سبتمبر الماضي عن عمر ناهز 65 عامًا، وصدرت له خمسة دواوين ما بين الفصحى، والعامية من بينها "اكتشافات الفراشة، وهو تقريبًا متأكد، وشبابيك"، وتقلد عددًا من الوظائف القيادية بوزارة الثقافة.
وتنوعت تجاربه الإبداعية في عدة دول عربية من بينها عمله كأخصائي البرامج الثقافية بدولة البحرين، ومستشار إعلامي، وفني لدار الوطن بالرياض.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عامر الشاعر أشرف عامر الأعمال الإبداعية أشرف عامر إلى أن
إقرأ أيضاً:
نجوم الثريا
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه هو ليس نجمًا مفردًا، وإنما هو عنقود نجمي يتكون من مئات النجوم وأشهرها 7 نجوم وهي الشقيقات السبع، المكونة لما يعرف فـي الثقافة العربية بـ«الثريا» وهي أشهر مجموعة نجمية على الإطلاق عند العرب، ولا يكاد شاعر من الشعراء العرب القدامى إلا وذكر هذه النجوم فـي قصائده، حتى أن امرأ القيس ذكرها فـي معلقته، ووصفها بوصف جمالي بديع، فهو يصف هذا العنقود النجمي الذي تشع منه تلك النجوم السبعة بأضواء زرقاء مبهرة بأنها تشبه الوشاح المطرز بالجواهر، ويكفـي هذا الأمر دلالة على الحضور القوي لهذا النجم فـي الثقافة العربية منذ القدم، ومما ذكره القلقشندي فـي كتابه الموسوعي «صبح الأعشى فـي صناعة الإنشا» من الأساطير العربية التي ذكرت نجم الثريا والدبران فقال: «..ويقولون فـي خرافاتهم: إن الدّبران خطب الثريّا إلى القمر فقالت: ما أصنع بسبروت، فساق إليها الكواكب المسماة بالقلاص مهرًا فهربت منه فهو يطلبها أبدا، ولا يزال تابعا لها، ثمّ قالوا فـي أمثالهم: «أوفى من الحادي، وأغدر من الثريّا» ويقصدون بالحادي هو نجم الدبران.
وقد استدل العرب بهذا العنقود النجمي يقع فـي كوكبة الثور، فـي مواسم الأمطار والتقويم الزراعي، فظهور نجوم الثريا فـي السماء قبل الفجر كان يُعتبر إشارة لبدء موسم الأمطار، مما يدفع الفلاحين إلى استعداداتهم للزراعة، كما كان اختفاء الثريا عن الأنظار لفترة من السنة بداية لموسم الجفاف.
أما عن المعلومات الفلكية لهذه النجوم والتي أثبتتها الدراسات الحديثة فقد بينت أن قطر عنقود الثريا بأكمله يمتد على مسافة 43 سنة ضوئية تقريبًا، والنجوم الرئيسية فـي العنقود هي نجوم عملاقة أكبر من الشمس بحوالي 5 إلى 10 أضعاف فـي القطر، كما أن هذه النجوم الزرقاء الساخنة، تتراوح درجة حرارة سطحها بين 10.000 - 30.000 كلفن، وهي أكثر حرارة بكثير من شمسنا التي تبلغ حرارتها حوالي 5.778 كلفن، وتبعد نجوم الثريا عن الأرض حوالي 444 سنة ضوئية.
ولأن هذه النجوم نالت هذه المكانة عند العرب القدماء فلذلك نجد أنها هي أكثر النجوم ذكرًا فـي الشعر، ولو بحثنا كذلك فـي الشعر العماني لرأينا القصائد المطرزة التي تذكر هذا النجم وتشبه به الممدوحين فـي البريق واللمعان والشرف والرفعة، فهذا الشاعر العماني الغشري يمدح أحدهم فـيقول أنه رقى على هامة الثريا فقال:
خاطرتَ بالنفسِ حتى أنْ رقيتَ على
هامِ الثُّرَيَّا وأنَّ المجدَ فـي خَطَرِ
ولجْتَ بابَ العُلاَ لما جعلتَ له
مفاتحَ البِيضِ والْخَطّيَّةِ السمُرِ
أما الشاعر ابن شيخان السالمي فذهب فـي تصوير نجوم الثريا وكأنها نساء مجتمعات يشكون لبعضهن ما فـي أنفسهن من الحب والهوى فقال:
كأنَّ السماك استأسر الليل سمكه
فخاض حشاه رمحه المتواردُ
كأنَّ الثريا نسوة قد تجمعت
فكلُّ على بثّ الهوى متواجدُ
فـي حين نجد الشاعر المشهور أبو الصوفـي يمدح السلطان فـيصل بن تركي فـيقول:
عَمْرَك اللهَ لَوْ رَقيتَ الثريا
لَمْ تجدْ غيرَ فـيصلٍ عنك حامى
يبذُل النفسَ والنَّفـيس إذَا مَا
نَسرُ بَغْيٍ عَلَى الرعية حاما
أما الشاعر المعولي فقد ذكر نجم الثريا فـي معرض مدحه للسلطان بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي ثالث أئمة دولة اليعاربة، فقال:
فاعل قدرًا وأين تَعْلُو وقد خلتُ
الثريّا لإِخْمَصيكَ نِعَالاَ
من نواليك أو يُدانيك يرجُو
منكَ يُسرا لا يختشى إقْلالاً
كما ذكر الشاعر العماني موسى بن حسين بن شوال نوء الثريا فقال:
لَم يُبدِ مِن آياتهِ وسماتهِ
لِلعينِ إلّا نوّه ورجامهُ
أَبلى حداثتهُ وعفّا رسمهُ
نوّ الثريّا وبلُه ورهامهُ