جنين – بيدين ملفوفتين يجلس محمد نزال على السرير في غرفة الطوارئ بمستشفى "ابن سينا" في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، والذي خرج ضمن الدفعة الرابعة التي أفرج عنها ليلة أمس الاثنين في عملية تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي.

خرج الطفل نزال بإصابات بليغة في يده اليمنى ورضوض في يده اليسرى، بعد تعرضه للضرب المبرح بواسطة العصي في سجن النقب من قبل وحدات "المتسادا"، خلال مداهمات فرق التفتيش لأقسام السجن، وهي وحدة معروفة في سجون الاحتلال، تقوم بتعداد الأسرى وعزلهم وتفتيش الأقسام.

الكسر الذي تعرض له نزال بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تقم إدارة السجن بعلاجه، مما أدى إلى مضاعفات في يده، تمثلت في التحام عظم الأصابع بطريقة خاطئة على الأنسجة واللحم، والحاجة لعملية زرع بلاتين، بحسب الأطباء الفلسطينيين الذين فحصوه بعد تحرره.

يقول شقيقه معتز الذي يرافقه في المستشفى "تفاجأنا حين نزل من سيارة الصليب الأحمر في رام الله ليلة أمس الاثنين، كان يبدو عليه الإنهاك الشديد والشعور بالبرد، وكان يـتألم بشدة، وهو يرفع يده اليمنى إلى منتصف صدره، هناك فحصه المسعفون، وتبين لهم فورا وجود كسور في يديه، أخبره المسعف أن يده تحتاج لتجبير سريع، وبعد لفها نقل إلى المستشفى في رام الله".

ضرب وتنكيل وتجويع

عن ظروف اعتقاله يقول محمد نزال "اعتقلت قبل 3 أشهر، وحكم عليّ بالسجن الإداري القابل لتمديد مدة 6 أشهر، السجن أصبح مقبرة للأسرى بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وحدات القمع والتفتيش تدخل الأقسام باستمرار، وتقوم بضرب الأسرى وتكسيرهم، قبل أسبوع دخلت وحدة المتسادا إلى القسم الذي كنت فيه، وبدؤوا بضربنا بالعصي بشكل هستيري، كنت أضع يدي على رأسي حتى لا تصل الضربات إلى رأسي، استمر بضربي حتى تكسرت يداي".

ظل الطفل نزال بدون علاج لمدة أسبوع كامل حتى تحرره ليلة أمس. يقول إنه تعرض للضرب أيضا في سجن عوفر أمس حين تم نقلهم إليه، قبل خروجهم في سيارات الصليب الأحمر، وهناك تعرض للتهديد بالاعتقال قبل خروجه، على الرغم من أنه لم يكن يعلم بقرار الإفراج إلا بعد وصول الصليب الأحمر.

ولم يقتصر الأمر على الضرب والتكسير، إذا يؤكد غالبية الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل، أن سلطات السجون فرضت عليهم بعد "طوفان الأقصى" سياسات التجويع وسحب المستلزمات الشخصية، وهو ما يؤكده نزال بالقول "كان نصيبنا من الطعام بشكل يومي صحن صغير من الأرز لكل 12 سجينا، كنا نعاني من البرد بعد سحب الأغطية منا، وسحب الغيارات والملابس، منعونا من الاستحمام، وكانوا يستهزئون بأن رائحتنا عفنة".

جرائم عدة

من بلدة قباطية كان جواد كميل (17 عاما) من ضمن الأسرى الأطفال الذين شملهم الإفراج ليلة أمس الاثنين. داخل منزله كان يستقبل المهنئين الذين أتوا في وقت مبكر للاطمئنان عليه، وجواد واحد من الذين تم الاعتداء عليهم في سجن النقب. يقول إن أحوال السجن اختلفت بمقدار 360 درجة بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وأن تعذيب الأسرى يتم بشكل شبه يومي.

يشرح كميل الظروف التي عاشها قبيل شموله في صفقة الأسرى، بالقول "أنا معتقل منذ قرابة العام، ما حدث خلال هذه الفترة لم أره أبدا من قبل، قوات القمع تدخل بحشودات كبيرة إلى أقسام الأسرى، وتبدأ بضربهم، والهدف هو القتل، هذا واضح من مكان الضرب بحيث يتركز على الرأس والبطن والظهر".

وأكد أن الأسرى القدامى يتعرضون للأذى بطريقة أكبر ويتم عزلهم، ومنعهم من رؤية بقية الأسرى، كما يتحدث عن منع المصروف الشخصي للأسير الفلسطيني والمسمى "الكنتينا".

وأضاف كميل "كان معي في الغرفة 13 أسيرا كلهم تعرضوا للضرب والتكسير، يضربوننا بقوة، ثم يمنعون عنا العلاج، ولا يعرضون أي أحد منا على عيادة السجن، كان معنا في القسم أسير أمضى 17 عاما ومحكوم بالمؤبد، ضربوه بطريقة فظيعة على رأسه حتى فقد الوعي، ثم حملوه إلى غرفة العزل وحتى وقت خروجي لم نعلم عنه شيئا".

"تمارس علينا بالشهرين هذول ضرب واعتداء من قبل الكيتر والوحدات.."

– الشبل جواد كميل الذي تعرض للإغماء فور تحرره نتيجة الضرب، من قباطية – جنين. https://t.co/4BW1W6IfCx pic.twitter.com/7vsO7jqQ5X

— ق.ض ???? (@jalestinian) November 28, 2023

طبيب السجن

وتعرض كميل لهجوم الكلاب البوليسية في غرفته بسجن النقب، حيث أفلت السجان الكلب عليه، فجرحه في ساعده، وحين طلب من طبيب السجن أن يفحص يده رفض، وأعطاه فقط دواء مسكن.

اللافت أن كميل أكد أن طبيب السجن كان في مرات عدة يدخل مع وحدات القمع إلى غرف الأسرى ويشارك في ضربهم وتعذيبهم، متابعا "كيف للطبيب هناك أن يعالجني وهو الذي كان يشارك السجانين بضربنا وتكسيرنا؟".

وأضاف "بعض الأسرى لم يستحم منذ 50 يوما، وحتى من تمكن من الاستحمام كان يخشى أن تدخل وحدات القمع، وتبدأ بالضرب وهم في الحمامات".

وشدد كميل على أن الأسرى كلهم معرضون للموت، بسبب سياسات مصلحة السجون الإسرائيلية، مضيفا "الحمد لله أني خرجت، لأن أوضاع السجن أصبحت أكثر خطورة، وتزيد يوما بعد يوم، خصوصا لأصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، أنا سعيد لخلاصي من عذاب السجن، خصوصا أن الترجيحات كانت تؤكد تمديد اعتقال الإداري، لكن فرحتي ناقصة، فما يعيشه أهلنا في غزة هو إبادة جماعية، وأمر يدمي القلوب".

واختتم بالقول "اليوم أكلت أول وجبة مشبعة أعدتها والدتي بعد 50 يوما من الجوع والتعذيب، أتمنى أن يعيش كل الأسرى شعوري هذا بالفرحة والأمان مع عائلتي، فرج الله عن أهلنا في قطاع غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: لیلة أمس

إقرأ أيضاً:

السنوار كابوس إسرائيل المزمن.. رحلة البحث في عقله عبر دوراته الدراسية

ما زال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، يمثل كابوسا مزمنا للاحتلال، لا سيما أنه كان العقل المدبر لأكبر عملية شنتها المقاومة الفلسطينية وأكبر خسارة عسكرية واستخبارية تلقتها دولة الاحتلال منذ نشأتها.

ودأب قادة الاحتلال والكتاب والباحثون لدراسة عقلية السنوار وإصدار الكثير من التقارير والبحوث عن الرجل الذي بات المطلوب الأول لإسرائيل، وكان آخرها بحث في الدورات التي تلقاها "أبو إبراهيم" خلال رحلة الأسر في سجون الاحتلال.

واستعرض المستشرق جاكي خوجي محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال، جانبا من حياة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والدورات التي تلقاها.

وكتب خوجي مقالا بعنوان  "السنوار وكبير السنهدرين وآباء الصهيونية"، والسنهدرين وهو المجلس الأعلى في النظام القضائي والسياسي في اليهودية القديمة.

وقال خوجي، "صباح اليوم أحضرت قائمة الدورات الدراسية ليحيى السنوار خلال دراسته لدرجة البكالوريوس في الجامعة المفتوحة".

اظهار ألبوم ليست



وأضاف، "أثناء فترة سجنه، درس السنوار عبر التعلم عن بعد حوالي 15 دورة في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية"، مبينا أن قائمة الدورات تعكس اهتماماته بشكل واضح.

סנואר, סנהדרין גדולה ואבות הציונות | הבוקר אצל #ספי_ויניר הבאתי את גיליון הקורסים של יחיא סנואר בלימודי התואר הראשון באוניברסיטה הפתוחה. בעת שהוא ישב בכלא, אסף סנואר בלמידה מרחוק כ-15 קורסים בחוגים למדעי החברה ומדעי הרוח. רשימת הקורסים מלמדת היטב במה התעניין. הנה חלק מהם >>>> pic.twitter.com/57TNRNMQkv — Jacky Hugi (@JackyHugi) September 3, 2024
هذه أبرز الدورات التي درسها السنوار:

القدس عبر العصور - دورة في التاريخ عن تاريخ القدس، من بداياتها في العصر التوراتي، مرورا بمكانتها في زمن الحشمونيين، تحت حكم روما وبيزنطة، الدولة العباسية، العثمانيين، وصولاً إلى فترة الانتداب البريطاني، وحصل في هذه الدورة على درجة 92.

من القدس إلى يبنا (قرية فلسطينية).. دورة في قسم التاريخ عن فترة المشناة والتلمود، تتضمن أيضا فصلا تمهيديا عن التوراة الشفوية، وحصل فيها على درجة 81.

كما درس، "من المنفى إلى الاستقلال".. دورة تمهيدية في تاريخ الشعب اليهودي، تشمل تاريخ اليهود في فترة الإمبراطورية الفارسية واليونانية، اضطهادات أنطيوخوس، روما، وتأسيس سلالة الحشمونيين. حصل فيها على درجة 94.

ودرس السنوار "في أيام المحرقة".. دورة تاريخية عن المحرقة: خلفيات صعود النازيين، يهود أوروبا عشية الحرب، وخطة الإبادة وكيف تم تنفيذها. حصل على درجة 89،  و"بين صهيون والصهيونية 1881-1914".. دورة حول تاريخ الحركة الصهيونية. حصل على درجة 96.

كما درس أيضا دورتين أساسيتين: "الحكومة والسياسة في دولة إسرائيل".. دورة تأسيسية في العلوم الاجتماعية، تتناول فصل السلطات، الديمقراطية الإسرائيلية، الانتخابات والأحزاب؛ وكذلك "مقدمة في تاريخ الشرق الأوسط".



كما التحق بدورات في اللغة الإنجليزية كجزء من متطلبات الدرجة.

وتابع المستشرق، أن "الطالب يحيى إبراهيم السنوار لم يكمل متطلبات درجة البكالوريوس. هذا لا يعني أنه لم يكن أكاديميا.

وقبل سجنه، حصل على درجة البكالوريوس في اللغة والأدب العربي من جامعة غزة، وفي عام 2011، توقفت دراسة الأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية".

السنوار.. قارئا نهما وكاتبا بارعا
تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة البكالوريوس في شعبة الدراسات العربية.

ويعرف بدرايته الواسعة بالسياسة الإسرائيلية والتاريخ اليهودي بالإضافة لمعرفته بالمجتمع الإسرائيلي نتيجة دراسته لطبيعة تفكير عدوه وطريقة عملهم خلال فترة الأسر التي تعلم خلالها اللغة العبرية.

واستثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاما في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وحاول التعمق في فهم العقلية الإسرائيلية.

وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية.

هذه أبرز مؤلفات السنوار:

ترجمة كتاب "الشاباك بين الأشلاء"، لكارمي جيلون، وهو كتاب يتناول جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، وترجمة كتاب "الأحزاب الإسرائيلية عام 1992″.

رواية بعنوان "شوك القرنفل" صدرت عام 2004 وتحكي قصة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى.

كتاب "حماس: التجربة والخطأ"، ويتطرق لتجربة حركة حماس وتطورها على مر الزمن.

كتاب "المجد" صدر عام 2010 ويرصد عمل جهاز "الشاباك" الصهيوني في جمع المعلومات وزرع وتجنيد العملاء، وأساليب وطرق التحقيق الوحشية من الناحية الجسدية والنفسية، بالإضافة إلى تطور نظرية وأساليب التحقيق والتعقيدات التي طرأت عليها وحدودها.



السنوار.. رحلة البناء في السجن
يروي طبيب الأسنان الإسرائيلي وضابط الاستخبارات السابق، يوفال بيتون، كيف استقبل بداية عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قائلا إنه "كان يعرف على وجه اليقين من الذي دبر الهجوم، يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة والسجين رقم 7333335 في نظام السجون الإسرائيلي منذ عام 1989 حتى إطلاق سراحه في 2011". 

وقال بيتون إنه "كان يتعذب بسبب القرار الذي اتخذه قبل ما يقرب من عقدين من الزمن أثناء عمله في مستوصف السجن، عندما هرع لمساعدة السنوار الذي كان يعاني من مرض غامض وميؤوس منه"، وكيف أنه طلب من الإدارة الإسرائيلية الإفراج عن السنوار ضمن صفقة شاليط في 2011.

جاء ذلك بحسب ما أفاد به الطبيب لصحيفة "نيويورك تايمز"، في أيار/ مايو الماضي، وكيف أن "الرجلين كونا علاقة من نوع ما، حيث إنهما كانا عدوين لدودين لكنهما مع ذلك أظهرا احتراما متبادلا وحذرا".

وكشف بيتون أنه عمل كطبيب أسنان ومن ثم كضابط استخبارات كبير في مصلحة السجون الإسرائيلية، وأمضى مئات الساعات في التحدث وتحليل السنوار، الذي تمكن خلال الأشهر السبعة منذ أكتوبر 2023 من الإفلات من القوات الإسرائيلية.

رأى بيتون أن "كل ما مر بينه وبين السنوار كان  إلى حد ما بمثابة هاجس للأحداث التي ستحدث الآن"، معتبرا أنه "فهم الطريقة التي يعمل بها عقل السيد السنوار بشكل جيد أو أفضل من أي مسؤول إسرائيلي، لقد كان يعلم من تجربته أن الثمن الذي سيطلبه زعيم ’حماس’ مقابل الرهائن قد يكون ثمنا لن ترغب إسرائيل في دفعه".

ونقل التقرير قول السنوار ذات مرة لصحفي إيطالي: "السجن يبنيك، ويمنحك الوقت للتفكير في ما تؤمن به، والثمن الذي ترغب في دفعه مقابل ذلك".

السنوار.. ودراسة "إسرائيل"
وأصبح السنوار يجيد اللغة العبرية، مستفيدا من برنامج جامعي عبر الإنترنت، وكان يتابع الأخبار الإسرائيلية لفهم عدوه بشكل أفضل، وقد أسفر التفتيش الروتيني لزنزانته عن عشرات الآلاف من الصفحات المكتوبة بخط اليد بالعربية، وهي ترجمات السنوار لسير ذاتية كتبها الرؤساء السابقون لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "شين بيت".

ووفقا للدكتور بيتون، فإن السنوار قام خلسة بمشاركة الصفحات المترجمة حتى يتمكن السجناء الآخرون من دراسة تكتيكات الوكالة في "مكافحة الإرهاب"، وكان يحب أن يطلق على نفسه لقب "المتخصص في تاريخ الشعب اليهودي".

وقال السنوار لرفاقه ذات مرة: “لقد أرادوا أن يكون السجن قبرا لنا، وطاحونة لطحن إرادتنا وعزيمتنا وأجسادنا، لكن الحمد لله، بإيماننا بقضيتنا حولنا السجن إلى أماكن للعبادة ومدارس للدراسة".

بصفته طبيب أسنان في "إسرائيل"، تلقى بيتون أيضا تدريبا في الطب العام، وكثيرا ما كان يتم استدعاؤه لمساعدة أطباء السجن الثلاثة الآخرين، أو خياطة الجروح أو المساعدة في التشخيص الصعب، وعندما خرج من مقابلة مرضاه أوائل عام 2004 وجد العديد من الزملاء المرتبكين بشكل واضح يحيطون بالسنوار المشوش.

وكشف التقرير أن بيتون كان يعمل على إقناع السنوار وآخرين بالتعاون مع الباحثين الإسرائيليين الذين يدرسون "التفجيرات الانتحارية"، لكن في غرفة الفحص، لا يبدو أن السيد السنوار يعرفه عندما قال له: "من أنت؟".. "هذا أنا، يوفال".

وبعد مرض السنوار المفاجئ في السجن، يتذكر الدكتور بيتون قائلا: “طلب منه السنوار أن يشرح لي ماذا يعني في الإسلام أنني أنقذت حياته، كان من المهم بالنسبة له أن أفهم من أحد المسلمين مدى أهمية ذلك في الإسلام، وأنه مدين لي بحياته".

وجاء في التقرير أن السنوار نادرا ما تحدث إلى سلطات السجون الإسرائيلية، لكنه بدأ يجتمع بانتظام مع طبيب الأسنان لشرب الشاي والتحدث.

وكان بيتون رجلا ثرثارا ويتزاحم في كثير من الأحيان مع السجناء الآخرين، ويحثهم على التحدث عن عائلاتهم أو رياضاتهم، لكن مع السنوار، كان الحديث كله عبارة عن أعمال وعقيدة.

وقال بيتون: “المحادثات مع السنوار لم تكن شخصية أو عاطفية"، إذ كان يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، وطرح بهدوء المبادئ الحاكمة لمنظمته.

وأضاف: “ترى حماس الأرض التي نعيش عليها على أنها الأرض المقدسة.. هذه لنا، ليس لديك الحق في العيش في هذه الأرض، عقيدته لم تكن سياسية، بل كانت دينية".

وأثناء تفتيش زنزانته، صادر الحراس رواية مكتوبة بخط اليد في نهاية عام 2004، بعد الجراحة، وكانت عن العلاقة بين الرجل والمرأة والأسرة في الإسلام، وتم تهريب نسخة واحدة منها على الأقل.

ووصف الطبيب السنوار بأنه "قاس وماكر ومتلاعب، ورجل موثوق لديه القدرة على تجميع الحشود، يحتفظ بالأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين، ومع ذلك، فقد كان هناك قدر معين من الصدق في المعاملات في محادثاتهم".



الأسير المتأهب للمعركة
في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وقف بيتون في ساحة سجن كتسيعوت، يراقب السنوار وهو يستقل حافلة متجهة إلى غزة، بعد أن شهد القوة المقنعة لقيادة السنوار عن قرب، كشف أنه حث المفاوضين على عدم إطلاق سراحه، إلا أنه تم نقض قراره، باعتبار أن زعيم "حماس" الحالي في غزة "لم تكن يداه ملطختين بالدماء اليهودية".

وقال بيتون: “اعتقدت أنك بحاجة إلى النظر إلى قدرات السجين لاستخدام قدراته ضد إسرائيل وليس فقط ما فعله – إمكاناته”.

وأشار الطبيب إلى لقطات الفيديو التي أظهرت السنوار عابسا في حفل استقبال الأسرى، ومن ثم خرج في مقابلة قال فيها: "لن ندخر أي جهد لتحرير بقية إخوتنا وأخواتنا، نناشد كتائب القسام أن تقوم باختطاف المزيد من الجنود لمبادلتهم بحرية أحبائنا الذين ما زالوا خلف القضبان".. لقد أخبرنا بما سيفعله.. لم نرغب في الاستماع".

السنوار.. صلاح الدين العصر
هذا الوصف لم يخرج من أحد عناصر حركة حماس أو من مؤيدي المقاومة الفلسطينية الذين هم بالملايين وربما أكثر، بل خرج من العميد الإسرائيلي عوفر وينتر الذي حذر من تبعات تمتع زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة، يحيى السنوار، بمكانة عالمية  شبيهة بمكانة صلاح الدين الأيوبي، موجها انتقادات حادة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي بسبب فشلها في إدارة العدوان المتواصل على قطاع غزة.

وقال وينتر  في مقال بمجلة للشؤون العسكرية، إن "تشخيص المؤسسة الأمنية للأزمة الاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل حاليا هو تشخيص خاطئ"، مشيرا إلى أن "طريقة إدارة الجيش للمعركة حتى الآن لم تخفق في حل الأزمة وحسب، بل أوصلت إسرائيل إلى وضع أسوأ بكثير مما كانت عليه وقت اندلاع الحرب".

وأضاف أنه "ليست المشاكل فقط لم تُحل، بل إن السلوك المعتمد أدى إلى تفاقم وضع إسرائيل أكثر بكثير مما كانت عليه عندما اندلعت الحرب"، بحسب تعبيره.

ولفت إلى أن "السنوار أصبح يتمتع بمكانة عالمية باعتباره صلاح الدين لهذا العصر، لأن إسرائيل تتفاوض معه من أجل إعادة أسراها".

مقالات مشابهة

  • دعوات للخروج بمسيرات تضامنية بالضفة نصرةً للأسرى
  • نادي الأسير الفلسطيني: التعذيب في سجون إسرائيل "سياسة ممنهجة"  
  • عشرات الآلاف يتظاهرون في "تل أبيب" للمطالبة بإبرام صفقة تبادل للأسرى
  • نادي الأسير الفلسطيني يعلق على فيديو تعذيب الأسرى داخل سجون الاحتلال | تفاصيل
  • 29 أكتوبر.. الحكم على متهم بـخلية السويس الإرهابية
  • السنوار كابوس إسرائيل المزمن.. رحلة البحث في عقله عبر دوراته الدراسية
  • مشاهد قاسية من سجن مجدو الإسرائيلي لتعذيب الأسرى (فيديو)
  • بالصور: الأسرى في سجن مجدو يتعرضون للتعذيب
  • هآرتس: الأسرى الفلسطينيون في سجن مجدو يتعرضون للتعذيب
  • تقرير للجزيرة .. تضامن بالأردن مع الصحفي المعتقل أحمد الزعبي بعد تدهور صحته