بعد ساعات من عودته إلى العمل تعرض مطار دمشق الدولي، الأحد، لضربة جوية أدت إلى خروجه عن الخدمة مجددا، ورغم أن مدارجه سبق أن اُستهدفت أكثر من مرة في أعقاب حرب إسرائيل في قطاع غزة، يتحدث مراقبون لموقع "الحرة" عن "سياسة باتت واضحة تقوم على تثبيت حالة التعطيل".

وجاءت الضربة الأخيرة على المطار الدولي بعد اثنتين تعرض لهما قبل 35 يوما، مما دفع النظام السوري إلى إيقاف كافة الرحلات الجوية من خلاله، وكذلك الأمر بالنسبة لمطار حلب الدولي، الذي شهد ضربات نسبت لإسرائيل بالتزامن.

ومنذ تلك الفترة، وحتى الآن تطير كافة الرحلات من مطار اللاذقية الدولي، الذي يقع بالقرب من قاعدة حميميم الروسية، وينظر إليه على أنه يحظى بمساحة أمان، لاعتبار يتعلق بدائرة الحماية التي توفرها منظومة الدفاع الجوي "إس – 400"، المنتشرة هناك.

ولا تعلق إسرائيل كسياسة عامة على ضرباتها في سوريا، لكنها في أعقاب حربها بغزة تبنت ضربات عدة على ثكنات عسكرية جنوبي البلاد، قالت إنها ردا على قذائف وصواريخ أطلقتها "فصائل فلسطينية" باتجاه الجولان السوري.

وبالتوازي مع الإعلان عن ضرباتها حمّل الجيش الإسرائيلي النظام السوري مسؤولية إطلاق القذائف والصواريخ من داخل الأراضي السورية، ووجه له تحذيرات مؤخرا على لسان الناطق باسمه، أفيخاي أدرعي، بقوله: "كل عمل تخريبي باتجاه دولة إسرائيل سيقابل بيد من حديد وقد أعذر من أنذر".

ماذا عن مطار دمشق؟

دائما ما يندد النظام السوري بالقصف الذي تتعرض له الأراضي السورية، ويستهدف ثكنات عسكرية ومطارات مدنية، على رأسها حلب الدولي ودمشق.

وحَمل بيان للخارجية السورية نشر يوم الاثنين تحذيرا جاء فيه: "تحذر سوريا الكيان الإسرائيلي من مغبة هذه الاعتداءات على البلاد وفلسطين وجنوب لبنان، وسيرى أنه سيدفع ثمن حماقاته وتهوره".

ويبدو للمحلل العسكري الإسرائيلي، إيال عليما، أن "هناك مبررات لضرب مطار دمشق بشكل متكرر من أجل إبقائه خارج الخدمة"، ويقول لموقع "الحرة": "هناك رسائل يريد الجيش الإسرائيلي إيصالها من وراء الاستهدافات ليس فقط لإيران بل للنظام السوري".

وقبل الحرب في غزة تعرض مطارا دمشق وحلب الدوليان، أكثر من مرة، لضربات جوية وصاروخية إسرائيلية.

ويندرج ذلك، وفق عليما، ضمن "المعركة بين الحروب التي تشنها إسرائيل على الأرض السورية، لمنع نقل شحنات الأسلحة الإيرانية".

لكن المحلل ذاته يرى "تغيرا في طبيعة الضربات التي شهدتها الأيام الماضية"، ويوضح: "كان الغرض منها رسالة مفادها: إذا سمح النظام السوري لميليشيات إيران بالعمل ضد إسرائيل انطلاقا من سوريا سيدفع الثمن.. وهذا ما يحصل".

وفي المقابل يعتقد المحلل السياسي السوري، محمود الفندي، أن "سوريا أصبحت الحلقة الأضعف في خط المقاومة والممانعة عسكريا"، وأن ذلك هو السبب وراء تتالي الضربات الإسرائيلية على المطارات.

و"خلال السنوات الماضية دمر الجيش السوري وكذلك آلياته العسكرية، بينما باتت الدفاعات الجوية ضعيفة".

ويرى الفندي في حديث لموقع "الحرة" أن "إسرائيل تستغل هذا الظرف لتهديد كامل المحور. بمعنى أوضح: الكبير يضرب الصغير. هي تضرب سوريا لتوصل تهديدات لكامل محور المقاومة والممانعة".

"طريق إمداد"

وعلى مدى السنوات الماضية لم تتوقف الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية التابعة للنظام السوري وإيران في سوريا.  وبينما انسحبت أهداف هذه الضربات على معظم المحافظات السورية، من الجنوب إلى الوسط والشمال، بقيت المطارات بعيدة عن القصف المركّز والمباشر، وصولا إلى شهر يونيو من عام 2022. 

وتحولت المطارات بعد التاريخ المذكور، وبالأخص حلب ودمشق الدوليين إلى هدف أساسي للضربات، ولطالما خرجا عن الخدمة، ليعيد النظام السوري الرحلات الجوية من خلالهما في غضون أيام أحيانا، وأسابيع في بعض المرات.

ويعتبر مطار دمشق الدولي أحد البنى التحتية الرئيسية في سوريا التي تستخدمها إيران والحرس الثوري بشكل كامل، كما يقول وائل علوان الباحث السوري في "مركز جسور للدراسات".

كما يشكل المطار الدولي أحد الخطوط الرئيسية للدعم اللوجستي بشكل مباشر من طهران باتجاه سوريا والمجموعات التابعة لإيران في البلاد.

وبالتوازي مع "دمشق الدولي" هناك طريق بري يمر عبر الحدود العراقية باتجاه سوريا وآخر بحري عبر ميناء اللاذقية.

ويضيف علوان لموقع "الحرة": "كل خط من هذه الخطوط الثلاثة مخصص لنوع من أنواع الإمداد العسكري. ما ينقل عبر مطار دمشق لا يمكن أن ينقل برا. هناك بعض الخبراء وأسلحة نوعية عالية الدقة والخصوصية".

ورغم أن مطار دمشق مدني "تستفيد إيران من هذه الميزة لإدخال مختلف أنواع الأسلحة النوعية، وحتى الطائرات المسيرة وأجهزة التوجيه الصاروخية ومنظومات الدفاع الجوي"، وفق حديث الباحث السوري.

وفيما يتعلق بالضربة الأخيرة يعتقد علوان أن النظام السوري أعاد تفعيل المطار قبل حدوثها "كمبادرة تجريبية في ظل الهدنة القائمة في غزة"، وأن مساعيه بإعادة الرحلات باءت بالفشل.

ويعتبر المحلل السياسي الفندي أن "تمرير الأسلحة الإيرانية عبر مطار دمشق عبارة عن كذبة"، ويؤكد على فكرته بأن الضربات المتتالية هي "رسالة لكامل محور المقاومة والممانعة، وسوريا هي الحلقة الأضعف، ولذلك تتعرض للاستهدافات".

خطر.. وآثار

منذ أكثر من شهر لم تقلع أي طائرات من مطار دمشق أو حلب، وهما المطاران الرئيسيان في سوريا، وكان النظام السوري يعتمد عليهما بشكل كبير على صعيد الرحلات المدنية وتلك التي تسيرها الأمم المتحدة لنقل المساعدات.

وبوجهة نظر الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، راين بوهل "تحاول إسرائيل تعطيل مطار دمشق قدر الإمكان في الوقت الحالي، لتقييد طرق الإمداد بين إيران وحزب الله مع استمرار حرب غزة".

ورغم أنهم ما زالوا يحاولون القيام بذلك دون التسبب في تصعيد إقليمي كبير، تزايدت "ضرورة إغلاق مطار دمشق منذ بداية الحرب في غزة وتدخل حزب الله في الشمال".

ولا يعتقد بوهل، في حديث لموقع "الحرة"، أن "الضربات المتكررة على المطار تشكل خطرا سياسيا أو اقتصاديا كبيرا على حكومة الأسد".

لكنها "تخلق خطرا يتمثل في أن الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة على دمشق يمكن أن تحفز المزيد من هجمات حزب الله/إيران على إسرائيل حتى مع سريان وقف إطلاق النار في غزة".

ويتفق الباحث الأميركي مع فكرة أن "سوريا هي الحلق الأضعف"، وأنها "الموقع الأقل خطورة بالنسبة لإسرائيل للرد على إيران وحلفائها".

ويرجع ذلك جزئيا إلى "أسبقية حملة الظل الإسرائيلية الطويلة هناك، وجزئيا بسبب ضعف الدولة السورية بعد الحرب الأهلية الطويلة"، كما يرى بوهل.

ويشير الباحث السوري، ضياء قدور، إلى أن "الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة على مطارات سوريا تختلف بالأهداف والاستراتيجية عن سابقاتها".

وفي السابق كانت الضربات تهدف لإحداث عملية تعطيل مؤقتة لتهريب الإسلحة عبر المسار الجوي الذي تستخدمه إيران.

أما الآن "المرجو منها فرض ضغوط اقتصادية على النظام"، كما يقول الباحث قدور لموقع "الحرة".

"هناك محاولة فرض ضغوط اقتصادية تماشيا مع التهديدات الإسرائيلية بعدم السماح للإيرانيين باستخدام الأرض السورية كمنصة لاستهداف الأمن القومي الإسرائيلي".

ولا يستبعد قدور أن تكون الضربات على مطارات سوريا ودمشق بالتحديد "رسالة أبعد من الحدود"، بمعنى "شكل من أشكال الرد على ما يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر".

وتتوقع إسرائيل عدة احتمالات للتصعيد، ولذلك "تحاول إخراج الطريق اللوجستي الرئيسي والمهم لإيران عن الاستخدام بشكل كامل"، وفق ما يرى الباحث علوان، قاصدا الاستهدافات المتكررة لمطار دمشق.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: النظام السوری دمشق الدولی مطار دمشق فی سوریا فی غزة

إقرأ أيضاً:

الجيش يتسلّم مراكز عسكرية فلسطينية وتحضيرات مماثلة في البقاع الشرقي

تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي دعا إلى تفكيك كل المنشآت العسكرية غير الشرعية بدءاً من جنوب الليطاني، تسلّم الجيش اللبناني، مركزَي "السلطان يعقوب" في البقاع الغربي و"حشمش" في البقاع الأوسط، التابعَين سابقاً لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة"، كما بسط يده على معسكر "حلوة" في راشيا، التابع سابقاً "لتنظيم فتح الانتفاضة". وصادر الجيش كميات من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية، وذلك وفق بيان صادر عنه.   إلى ذلك، ذكرت صحيفة "الأخبار" أن قوة من الجيش اللبناني ومديرية المخابرات تسلّمت مواقع تابعة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في منطقة لوسي السلطان يعقوب في البقاع الغربي، وأن تحضيرات مماثلة تجري على صعيد المواقع في البقاع الشرقي لا سيما قوسايا.   وأبلغ مصدر أمني "الشرق الأوسط" أن مديرية المخابرات في الجيش تعمل منذ فترة على معالجة الموضوع، مشيراً إلى أنها أوشكت على إقفال هذا الملف نهائياً، موضحة أن مركز "نفق الناعمة" الشهير جنوب بيروت، بات في حكم المنتهي، وأن من تبقى فيه هو عدد من العناصر لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. وقال المصدر إن غالبية هؤلاء في سن متقدمة، كما أن أسلحتهم وعتادهم بات متقادماً.   ويشير مصدر أمني لبناني إلى أنه "لا علاقة مباشرة لهذا التطور باتفاق وقف النار"، لافتاً إلى أنه "بعد سقوط النظام في سوريا، الذي ترتبط به هذه الفصائل من حيث الانتماء والتجهيز والتمويل، هرب العناصر الذين كانوا في الثكنات فتسلمها الجيش مباشرة".   ويوضح مدير مركز تطوير للدراسات هشام دبسي أن المواقع التي تسلمها الجيش تابعة للقيادة العامة والمنشقين عن حركة "فتح"، ولبعض المرتبطين بأجهزة الأمن السورية، لافتاً، في تصريح إلى أن "هذا كان يفترض أن يحصل منذ صدور القرار 1559 حين وافقت السلطة الفلسطينية على تسليم السلاح خارج وداخل المخيمات، لكن اعتراض (حزب الله) في ذلك الوقت سحب الأمر إلى طاولة الحوار، وهناك وافق الحزب على سحب السلاح من خارج المخيمات وتنظيمه داخلها، لكنه عاد وأفشل هذه النتيجة".   ويشير دبسي إلى أن "ما يجري اليوم مرتبط بهدفين أساسيين؛ الأول تطبيق القرار 1701 وما لحظه من تطبيق قرارات سابقة، وأهمها القرار 1559، أما الهدف الثاني فمرتبط بسقوط النظام السوري بهذه الطريقة الدراماتيكية والمفاجئة؛ إذ إن (هيئة تحرير الشام) أول ما أصدرت من أوامر لأتباع النظام السوري من فلسطينيين بأن يسلموا معسكراتهم وأسلحتهم، وعليه لم يعد لهذه المنظمات التي ترفع راية فلسطين وتسيء لشعب فلسطين وشعب لبنان، ظهير؛ لا على المستوى الإقليمي، ولا على المستوى الداخلي اللبناني".   ويرى دبسي أن "الوقت نضج من مختلف جوانبه كي تبسط الجمهورية اللبنانية سيادتها بواسطة جيشها على كامل الأراضي اللبنانية، وتنهي أي وجود مسلح باسم فلسطين خارج المخيمات، كما أن لها الحق بالسيطرة على المخيمات وسحب الأسلحة الموجودة فيها".

مقالات مشابهة

  • فيديو يشرح كيفية تحويل الأموال من خارج مصر
  • للمرة الثانية.. مطار دمشق الدولي يعلن تمديد تعليق الرحلات الجوية
  • الشرع: هيكلة جديدة للجيش السوري خلال أيام .. ولا سلاح خارج سلطة الدولة
  • ردّا على حصارهم البحري للاحتلال.. هكذا تحرّض إسرائيل على استهداف الحوثيين
  • الحكومة الشرعية في اليمن تعلن عن أول تواصل واتصال مع الإدارة الجديدة في سوريا
  • العثور على جثة منتسب بالداخلية داخل بحيرة في مطار بغداد الدولي
  • السوداني يوجه بافتتاح مطار الموصل الدولي يوم 10 حزيران المقبل
  • اليوم.. "التنمية" تحتفل باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة
  • الجيش يتسلّم مراكز عسكرية فلسطينية وتحضيرات مماثلة في البقاع الشرقي
  • محلل سياسي إسرائيلي بارز: أمنية إسرائيل هي رؤية سوريا منقسمة