يواجه مصريون عالقون في قطاع غزة، والذين لم يتمكنوا من العودة إلى وطنهم، من ويلات الحرب، فيما لا يزالون يمنون النفس بأن يعبروا معبر رفح الحدودي، دون أن تلوح أي بارقة أمل بشأن ذلك حتى الآن.

ومع توقف حركة العبور، يتساءل مصريون عن آلية المغادرة، وإلى متى سينتظرون عند الجانب الفلسطيني من بوابة معبر رفح الحدودي، قبل إخراجهم من القطاع الذي شهد قصفا مكثفا وعمليات برية للجيش الإسرائيلي، منذ أن شنت حركة حماس هجمات في السابع من أكتوبر.

وأسفرت تلك الهجمات غير المسبوقة على إسرائيل، عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.

في المقابل، ردت إسرائيل بقصف مكثف على القطاع الفلسطيني المحاصر، إلى جانب توغل بري، مما أدى إلى مقتل أكثر من 16 ألف شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.

الخوف على مستقبل الابنة

ومن الذين يعانون آلام الانتظار، الفلسطينية التي تحمل الجنسية المصرية، غادة زكي، التي كانت قد دخلت إلى قطاع غزة قبل الحرب بأيام، لتواجه مصيرا غامضا رفقة ابنتها عند معبر رفح.

وقالت زكي لمراسلة الحرة: "جئت إلى غزة يوم 24 سبتمبر في زيارة لأهلي كان من المفترض أن تمتد لأسبوع، لكنهم قالوا لي إنه علي إصدار بطاقة تعريف لابنتي المصرية، وفور صدورها حجزت عبر صالة أبو خضرة (صالة تسجيل المسافرين العابرين لمعبر رفح)، وعلمت أن موعد السفر سيكون يوم 12 أكتوبر، لكن قبل يوم عودتي بدأت الحرب، في 7 أكتوبر".

وتابعت: "كل ما كان قبل الحرب تم إلغاؤه، وتعرضت للقصف في البيت الذي كنت فيه، لكني والحمد لله نجوت من الموت أنا وابنتي".

إسرائيل في زمن الحرب.. عشرات المتطوعين من الخارج يعملون على "ملء الفراغ" أطلقت منظمة إسرائيلية غير ربحية برنامجا لنقل عشرات المتطوعين إلى البلاد لملء فراغ تركه إسرائيليون انضموا للمجهود الحربي، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وزادت: "ابنتي طالبة في جامعة عين شمس بالقاهرة، ومستقبلها يضيع أمام عيني.. إخوانها وأخواتها في مصر.. ونحن وحدنا هنا".

وناشدت زكي "الجهات المسؤولة النظر إلينا بعين الرحمة، من أجل الذهاب لأولادنا.. أنا لا أطلب أكثر من هذا".

وفيما إذا كانت قد تواصلت مع الجهات المسؤولة، أكدت المتحدثة أن "أبناءها تواصلوا مع وزارة الهجرة في مصر ووزارة الخارجية، وكان الرد أن أعداد العالقين كبيرة".

وتابعت: "والد ابنتي المتوفي كان مصريا، وابنتي لا علاقة لها بفلسطين.. بالنسبة لي فقد جئت لزيارة أهلي في القطاع لمدة قصيرة، وليس لابنتي أي ذنب أنني من أصول فلسطينية".

وتابعت بأسى: "لو كنت أعلم أن مصيرنا سيكون بهذا الشكل، لم أكن لآتي إلى هنا. أشعر أن مستقبل أبنائي ينهار".

وبشأن عدد الأشخاص الذي يعيشون نفس أوضاع زكي، قالت المتحدثة: "التقيت في المدارس بعدد كبير من الأشخاص الذي لديهم نفس وضعي، فهناك عدد كبير من حملة الجنسية المصرية الذين يقيمون في غزة ويريدون المغادرة".

"الوضع ساء كثيرا بعد 7 أكتوبر".. معتقلون فلسطينيون يشكون سوء المعاملة بسجون إسرائيل شكا المعتقلون الفلسطينيون من سوء المعاملة في السجون الإسرائيلية وأن الوضع أصبح أكثر سوءا بعد هجمات حماس على إسرائيل التي أشعلت شرارة الحرب، وفقا لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية.

وختمت بالقول: "بالنسبة لي فإن وضعي مختلف لأنني مقيمة في مصر وحياتي كلها هناك، وابنتي طالبة جامعية هناك، وكل زملائها سيجرون الامتحانات باستثنائها".

يذكر أنه تم التوصل لاتفاق بين حركة حماس، المصنفة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول أخرى، وإسرائيل، لوقف إطلاق النار لمدة 4 أيام، تم تمديده ليومين إضافيين، في مقابل الإفراج عن رهائن مختطفين في القطاع، وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين في إسرائيل.

ورغم الهدنة، التي تم تمديدها يومي الثلاثاء والأربعاء، فإن مراسلة الحرة ذكرت أن إطلاق نار وقع، الثلاثاء، في قطاع غزة، يشتبه في أنه ناتج عن اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومسلحين فلسطينيين.

وقالت المراسلة إنه "في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، وبالتحديد بحلول الخامسة فجرا، كان هناك إطلاق نار في حي الشيخ رضوان ومخيم الشاطئ شمالي قطاع غزة"، مضيفة أن ما حدث كان "على ما يبدو اشتباكات" انتقلت فيما بعد إلى مناطق جنوبي القطاع، وتحديدا في رفح وخان يونس.

وأشارت إلى أنه لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات أو وفيات من السلطات الفلسطينية، فيما لا يتضح سبب تلك الاشتباكات حتى الآن.

ومع ذلك، تظل الهدنة قائمة، حيث لم يحلق طيران إسرائيلي حربي في سماء القطاع، أو أطلق المسلحون الفلسطينيون صواريخ من غزة نحو إسرائيل.

من جانبها، قالت الفصائل الفلسطينية المسلحة، في بيان الثلاثاء: "نتابع هذا الخرق للهدنة، ونطالب بإلزام إسرائيل بتلك الهدنة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

تأثير الحرب التجارية الأمريكية على القطاع اللوجستي العُماني

 

 

د. منصور القاسمي **

 

بعد إعلان الحرب التجارية العالمية التي تقودها الولايات المُتحدة الأمريكية تحت شعار "التعرفة المُتبادلة"، من خلال فرض تعريفات جمركية جديدة تراوحت بين 10% إلى 45% لتحرير الاقتصاد الأمريكي (بحسب وجهة نظرهم) وتعزيز قدرتها على التحكم في الأسواق العالمية، من خلال تقليص الهيمنة الاقتصادية والتجارية للدول المنافسة، نعتقد أنَّ هذه الحرب ستؤثر بشكل كبير على القطاع اللوجستي وسلاسل التوريدات العالمية؛ مما يُوجب علينا إعادة التفكير خارج الصندوق.

الولايات المُتحدة الأمريكية حريصة كل الحرص على استمرار تدفق المنتجات الأمريكية إلى دول العالم، ومن غير المُنصِف أن تكون هناك دول تفرض رسوماً جمركية أعلى على المنتجات الأمريكية بـ200% من الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على منتجات تلك الدولة، لكن فرض التعريفات الجمركية الجديدة سيكون له تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية. والقائمة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضم معظم الدول الكبرى، وتتصدرها الصين التي بلغ إجمالي حجم التجارة الخارجية لها لعام 2024 ما يقارب 43.85 تريليون يوان (حوالي 6 تريليونات دولار أمريكي)، بزيادة قدرها 5% مُقارنة مع العام السابق (2023) من هذا المجموع، وبلغت قيمة الصادرات الصينية 3.58 تريليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 5.9% مُقارنة بالعام السابق. وتُشكّل الآلات، مثل: أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، إضافةً إلى معدات النقل والملابس، الجزء الأكبر من الصادرات الصينية لكثير من الدول. وأعتقدُ أن زيادة التعرفة الجمركية سوف تتسبب في تضخم الأسعار بمعظم الدول التي ترتبط بالتجارة مع الصين، وخصوصًا فيما يخص الاستراتيجيات المتعلقة بالشحن بمختلف المراحل؛ سواءً كان برًا أو بحرًا أو جوًا، إلى جانب عمليات النقل والتوزيع؛ مما يتطلب إعادة النظر في توسيع التعاون التجاري بين الدول المُنتِجة والمُستهلِكة.

وتعد سلاسل الإمداد العالمية واللوجستيات من أبرز القطاعات التي ستتأثر بشكل كبير نتيجة لارتفاع الأسعار؛ مما سيجعل من الصعب على الشركات الحصول على المواد الخام أو المنتجات المصنعة بشكل فعّال وبالأسعار المناسبة، وهذا بدوره سيؤدي إلى تقليل الكفاءة اللوجستية في التصنيع والنقل والتوزيع على مستوى العالم، ومن ثَمَّ تدهور كفاءة المنتج وارتفاع التكاليف اللوجستية وتباطؤ عمليات الشحن والتوزيع. كما إنَّ رفع الرسوم الجمركية على العديد من المنتجات المستوردة، سيكون له الأثر المُباشر على تكلُفة المُنتَج. لذا سيكون من الضروري على الدول المُتأثِّرة إيجاد بدائل وحلول من خلال أنظمة لوجستية أكثر فاعلية وذكاء.

سلطنة عُمان بما لها من موقع استراتيجي مُتميِّز في منطقة الخليج العربي، تُعد من أبرز الدول في مجال النقل البحري واللوجستيات بمنطقة الشرق الأوسط. كما إنها من الدول المُصدِّرة للنفط والغاز، إضافة إلى العديد من المواد الأولية الأخرى مثل: النحاس، والحديد، والجبس، والرخام. وفي عام 2020، بلغ إنتاج سلطنة عُمان من النفط حوالي 1 مليون برميل يوميًا؛ ما يجعلها من أكبر المُنتِجين في المنطقة. وتذهب 70% من صادرات السلطنة النفطية إلى أسواق آسيا؛ بما في ذلك الصين والهند، وفي ظل استمرار هذه الحرب الاقتصادية، من المحتمل أن تتأثر أسواق السلع العُمانية المُصدِّرة إلى الأسواق الأمريكية والعالمية نتيجة للتعريفات الجمركية الجديدة، عدا المنتجات النفطية ومشتقاتها؛ مما سيرفع بالتالي تكاليف التصدير.

ومع مشاركة سلطنة عُمان في مشروع "الحزام والطريق" لتعزيز التعاون التجاري واللوجستي، يمكن لعُمان زيادة صادراتها إلى الأسواق الآسيوية من خلال الموانئ العُمانية. وقد بذلت السلطنة جهودًا كبيرة لتحسين بنيتها الأساسية اللوجستية، منها على سبيل المثال: ميناء صحار، الذي يُعد أكبر ميناء في السلطنة، وشهد في عام 2020 حركة حوالي 1.1 مليون حاوية نمطية؛ مما يبرز دور عُمان كمركزٍ رئيسيٍّ في التجارة البحرية الإقليمية. إضافة إلى ذلك، فإنَّ السلطنة قد استثمرت بشكل كبير في تطوير المنطقة الحرة في الدقم، وهي منطقة اقتصادية استراتيجية تهدف إلى جذب الاستثمارات وتعزيز التجارة، خاصة مع الدول الآسيوية. ولا تقتصر السلطنة فقط على استثمارات النقل البحري؛ بل تبذل السلطنة أيضًا جهودًا كبيرة في مشاريع الطاقة المتجددة.

ومن أبرز هذه المشاريع "محطة الدقم للطاقة الشمسية"، التي تعد من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في المنطقة، مما يعكس التزام السلطنة بتنويع مصادر طاقتها وتقليل الاعتماد على النفط. أما على الصعيد الإقليمي، تسعى السلطنة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي الإقليمي داخل دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة التجارة مع الدول العربية الأخرى لتخفيف آثار القيود الاقتصادية.

وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تفرضها الحرب الاقتصادية، فإن تأثيرها على السلطنة ستكون طفيفة على المستوى الاجتماعي وستتمكن من العبور بأمان بفضل استعدادها المسبق، فقد عملت السلطنة على تحسين البنية التحتية اللوجستية والتكنولوجية بشكل مستمر، وتعزيز التعاون مع دول أخرى. وهذه الخطوات ستساعد عُمان على مواجهة آثار الحرب الاقتصادية بشكل فعال وبخسائر أقل، كما ستسهم في تقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية وتوسيع نطاق تجارتها لتشمل أسواقًا جديدة بالمستقبل القريب.

** أكاديمي في علم اللوجستيات وسلاسل التوريد

مقالات مشابهة

  • تأكيد أردني مصري فرنسي على ضرورة وقف الحرب
  • إستشهاد 25 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع
  • إسرائيل تكثف غاراتها شرق غزة.. وتقصف خيمة للصحفيين
  • «رفح» منطقة منكوبة وغير صالحة للحياة
  • غضب في إسرائيل.. دعوات لوقف الحرب ولابيد يطالب باستقالة نتنياهو
  • وسط تحذيرات أممية.. هكذا تفتك آلة الحرب بأطفال غزة قتلا وتجويعا
  • العروبة.. «بصيص أمل» في «الجولات الست»
  • بعد نتساريم وفيلادلفيا.. "موراغ" أحدث خطط إسرائيل في غزة
  • بعد نتساريم وفيلادلفيا.. "موراج" أحدث خطط إسرائيل في غزة
  • تأثير الحرب التجارية الأمريكية على القطاع اللوجستي العُماني