«التعاون الدولي» تؤكد أهمية القطاع الخاص في لعب دور محوري لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة
تاريخ النشر: 11th, July 2023 GMT
أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أهمية استكشاف الفرص لدفع جهود التنمية المستدامة على مستوى العالم وتحفيز أجندة العمل المناخي باعتبارهما هدفان لا ينفصل أحدهما عن الآخر، كما أنهما يرتبطان ارتباطًا جوهريًا بالمجتمعات والاقتصاديات وحياة المواطنين اليومية.
أخبار متعلقة
«المشاط» تتوجه إلى بكين للمشاركة في منتدى العمل الدولي من أجل التنمية المشتركة
«الدولى للتنمية» يستعين برانيا المشاط للترويج لحشد موارد إضافية
«المشاط» تشهد توقيع تمويل تنموي بـ150 مليون جنيه بين لجنة إدارة المنحة السعودية و«تنمية المشروعات»
وأشارت الوزيرة إلى الآثار السلبية المتتالية التي تسببت فيها الصدمات العالمية منذ جائحة كورونا والحرب الدائرة في أوروبا إلى جانب التغيرات المناخية وانعكاسها علىى ارتفاع تكلفة تحقيق أهداف التنمية المستدامة وزيادة الفجوة التمويلية في الاقتصاديات الناشئة والدول النامية وهو ما يعزز الحاجة إلى تعاون أكثر شمولًا وتكاملًا من كافة الأطراف ذات لصلة.
جاء ذلك خلال كلمتها كمتحدثة رئيسية في منتدى «حشد رأس المال لتعزيز البنية التحتية المستدامة»، الذي ينظمه البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ضمن فعاليات المؤتمر رفيع المستوى للعمل الدولي من أجل التنمية المشتركة المُنعقد بالعاصمة الصينية «بكين»، بهدف مناشية آليات تنفيذ «مبادرة التنمية العالمية» التي طرحها الرئيس الصيني في عام 2021، وتعزيز جهود التنمية العالمية لمواجهة الصدمات التي تواجه الدول المختلفة، عبر التعاون متعدد الأطراف.
يشار إلى أنه شارك في المنتدى ألبرت شينجيرو، وزير الخارجية بدولة بوروندي، و أنجيلا جاسمين مبيلوا، وزيرة الدولة الشئون الإدارية والمحلية بتنزانيا، واداني الكسندر، نائب الرئيس للسياسات والاستراتيجيات بالبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، و فنجاتو زو، نائب رئيس الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، و بان كي مون، رئيس مؤسسة بان كي مون والأمين العام السابق للأمم المتحدة، والدكتور بين باهادور شيرستها، نائب الرئيس للجنة الوطنية للتخطيط بنيبال، وسيدارث كاتيرجي، المنسق المقيم للأمم المتحدة بالصين، و نينا ستويلزكوفيتش، وكيلة الأمين العام بالاتحاد الدولي للصليب الأحمر وجمعيات الهلال الأحمر، والعديد من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية والجانب الصيني.
ولفتت وزيرة التعاون الدولي، إلى انعكاس التحديات العالمية على زيادة الفجوة التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقًا لما ورد في «تقرير تمويل التنمية المستدامة لعام 2022»، الذي أشار إلى ارتفاع تكلفة التمويل للدول النامية والاقتصاديات الناشئة، موضحة أن التمويل المطلوب لتحقيق التنمية والعمل المناخي مستمر في التزايد وهو ما يعزز أهمية الشراكات وإيجاد أسس للتفاهم والعمل المشترك.
وتطرقت إلى أهمية الرسائل التي تضمنتها كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مشاركته في قمة الميثاق المالي العالمي الجديد بالعاصمة الفرنسية «باريس»، حيث أكد على الحاجة إلى التعاون الدولي والعمل الجماعي للتصدي للتحديات العالمية، وأن السبيل الوحيد لتحقيق التنمية المستدامة هو الجهد العالمي المشترك وأن الوصول إلى هيكل مالي عالمي جديد يضمن تكافؤ الفرص وعدالة الحصول على لتمويل للدول النامية.
وتابعت: أن التعاون الإنمائي لعب دورًا حاسمًا في تمويل أجندة التنمية والعمل المناخي في الدول النامية، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 13.6% خلال عام 2022 مقارنة بعام 2021، ورغم ذلك فإن التضخم العالمي والتداعيات الاقتصادية المتتالية زادت من متطلبات تحقيق التنمية وحدت من القدرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة؛ حيث أشارت «المشاط»، إلى غياب العدالة في التمويل المناخي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
واستكملت: «تحصل منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية على 75% من التمويل المناخي، بينما الدول التي تسهم بالنسبة الأقل في الانبعاثات الضارة مثل قارة أفريقيا تتلقى أقل من 5% فقط من التمويل المناخي، وعلى المستوى القطاعي فإن استثمارات التكيف مع التغيرات المناخية تحصل على أقل من 10% من التمويلات المناخية مقابل نسبة أكبر بكثير لجهود التخفيف».
وشددت الوزيرة على أهمية دور القطاع الخاص في لعب دور محوري لتسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يمتلك أصولًا تقدر بنحو 300 تريليون دولار، ومع ذلك فإن مشاركته في أنشطة التنمية ما تزال محدودة ولم تصل للمستوى المطلوب، وعلى سبيل المثال فإن نسبة استثمارات القطاع الخاص في البنية التحتية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تسجل ما بين 9-13% من إجمالي الاستثمارات في عام 2019.
وتأكيدًا على أنه لا غنى عن دور القطاع الخاص، استعرضت وزيرة التعاون التقرير الصادر عن مجموعة البنك الدولي، الذي كشف أن إذا اتاحت بنوك التنمية متعددة الأطراف كافة أموالها لتحقيق أجندة التنمية المستدمة فإنها لن توفر سوى 4% من التمويل المطلوب، بينما 1.4% فقط من أصول القطاع الخاص عالميًا كافية لسد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة.
وأشارت «المشاط»، إلى أهمية المضي قدمًا نحو تعزيز آليات توفير التمويلات لاسيما من القطاع الخاص لتعزيز أجندة التنمية والعمل المناخي.
ونوهت بأنه من جل ذلك فقد شرعت الحكومة ممثلة في وزارة التعاون الدولي في عملية مشاورات موسعة مع أكثر من 100 من الأطراف ذات الصلة والقطاع الخاص ومراكز الفكر والأبحاث وشركاء التنمية، للوصول إلى أجندة قبلة للتنفيذ وحلًا عمليًا لتعزيز التمويل المناخي من خلال إصدار «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، وذلك خلال فعاليات يوم التمويل بمؤتمر المناخ COP27، حيث يعزز الدليل فكرة العدالة في تمويل المناخ بهدف تحفيز الاستثمارات المطلوبة في البلدان المطلوبة التي هي في حاجة شديدة إلى هذه التمويلات.
ويقدم لأول مرة تعريفًا للتمويل العادل الذي يراعي المسئولية التاريخية عن تغير المناخ مع ضمان الوصول العادل للتمويل نوعًا وكمًا بما يدعم مسارات التنمية المرنة دون أن يترك أحدًا يتخلف عن ركب التنمية.
وذكرت أن مصر قامت بترجمة توصيات دليل شرم الشيخ للتمويل العادل بشكل عملي وواقعي من خلال إطلاق المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج «نُوَفِّي»، محور الارتباط بين مشروعات المياه والغذاء والطاقة، الهادفة لتحفيز العمل المناخي وجذب الاستثمارات والانتقال من التعهدات المناخية إلى التنفيذ، لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والمساهمات المحددة وطنيًا NDC.
واستطردت: أنه من خلال برنامج «نُوَفِّي»، تعزز مصر استفادتها من جهود التعاون متعدد الأطراف لحشد التمويلات الإنمائية الميسرة، ومبادلة الديون، والتمويلات المختلطة، المحفزة لاستثمارات القطاع الخاص، بما يحقق التكامل والترابط المنشود بين جهود التنمية والعمل المناخي، عبر 9 مشروعات منتقاة من الاستراتيجية الوطنية للمشروعات المناخية تتنوع بين مجالات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، لتعزيز الانتقال للطاقة المتجددة وتعزيز المرونة المناخية في القطاع الزراعي وتحلية مياه البحار وإنشاء نظم الإنذار المبكر، ودعم تكيف الأراضي الزراعية والمجتمعات الريفية مع التغيرات المناخية.
وشددت على أن البرنامج يعد فرصة فريدة للمجتمع الدولي لإظهار الدعم القوي لأجندة العمل المناخي على النحو الذي يتفق مع اتفاق باريس للمناخ، ويقدم نموذجًا عمليًا لملكية الدولة، يمكن تكراره في كافة أنحاء العالم بما يعزز العمل المناخي، مشيرة إلى أنه من خلال هذا المنتدى المُقام في الصين يمكن أن يشكل منصة لتبادل المعرفة والخبرات بين دول الجنوب للاستفادة من التجارب التنموية المختلفة، مؤكدة أن مصر حريصة على تشجيع مثل هذه المبادرات.
وأكدت أهمية الارتقاء بالطموح المناخي بما يؤمن حياة كريمة للأجيال القادمة، وتأمين آفاق التمويل المستدامة، مستعرضة أبرز توصيات «دليل شرم الشيخ للتمويل العادل»، والتي من أهمها حشد التمويل عبر تعزيز المشاركة بين الأطراف ذات الصلة لإطلاق العنان للاستثمارات التريليونية من القطاع الخاص والجهات المعنية الأخرى والمنظمات غير الحكومية، مع تبسيط متطلبات بنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق الاستثمار في المناخ.
وأهمية تعزيز آليات مبادلة الديون المستدامة في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل لتعزيز ثقة القطاع الخاص في ضخ المزيد من الاستثمارات، ووضع قائمة من المشروعات الجاذبة للاستثمارات بما يتوافق مع أهداف العمل المناخي في اتفاق باريس وكذا الأولويات الوطنية.
دليل شرم الشيخ للتمويل العادل برنامج «نُوَفِّي» التنمية المستدامة منتدى «حشد رأس المال لتعزيز البنية التحتية المستدامة» البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتيةالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: شكاوى المواطنين برنامج ن و ف ي التنمية المستدامة التغیرات المناخیة القطاع الخاص فی التعاون الدولی من التمویل من خلال
إقرأ أيضاً:
خطط أبوظبي الطموحة نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للاستدامة: نموذج للمستقبل
د. شيخة سالم الظاهري
منذ انطلاقتها في عام 1996، جسَّدت هيئة البيئة – أبوظبي إيماناً عميقاً بأن البيئة تشكل أساساً وتاريخاً لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، وارتبط عملها ارتباطاً أصيلاً بأحد أهم ملامح الماضي، الذي تجلّى في الإرث البيئي الغني لأبناء الإمارات المتجذِّرين في بيئتهم البرية والبحرية؛ فكانت برامج الهيئة وخططها امتداداً طبيعياً للموروث الغني للمغفور له الوالد المؤسِّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، والقيم التي جسَّدها في صون البيئة واستدامة مواردها وتعزيز سُبُل الحياة، فوق الأرض وتحت الماء.
تلك العلاقة الوثيقة بالماضي عزَّزت رُؤى الهيئة وتطلُّعاتها للأجيال المقبلة، بل كانت قاعدة دافعة لها نحو آفاق مستقبل مستدام، تمثَّلت في رؤيتها حول «بيئة مستدامة ومُصانة وصحية تعزِّز جودة الحياة»، دعمتها توجُّهات دولة الإمارات ورؤى قيادتها الرشيدة نحو الاستدامة وعلى رأسها صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي توج تلك التوجُّهات بإعلانه تمديد مبادرة «عام الاستدامة» لتشمل عام 2024، للبناء على الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات في تعزيز جهود الاستدامة خلال عام 2023.
يلحظ المتتبِّعُ لمبادرات وأعمال هيئة البيئة – أبوظبي بوضوحٍ ارتباطَ خططها واستراتيجياتها بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الـ17، التي تجتهد حكومات العالم وتسابق الزمن، لإنجاز أكبر قدر ممكن منها بالسرعة المطلوبة، ولا سيما تلك المرتبطة بالبيئة في مختلف ميادينها البرية والبحرية، وما يعيش فيها من كائنات حية، وبالتغيُّر المناخي وأوجهه العديدة، سعياً للتخفيف من الآثار التي تهدِّد حياة الأجيال المستقبلية.
تشكِّل أهداف التنمية المستدامة الـ17 إطاراً شاملاً لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحاً في العالم، بدءاً من العمل المناخي إلى المياه النظيفة والمدن المستدامة.
وبالنسبة إلى أبوظبي، الإمارة التي يزيد يوماً بعد يوم ارتباطُ اسمها بالنمو السريع والحداثة، فإنَّ تحقيق هذه الأهداف ليس التزاماً فحسب، بل ضرورة استراتيجية تتقاطع مع رؤيتها لمستقبل مستدام؛ فنهج الإمارة في الاستدامة متجذِّر بعمق في رؤاها وأجنداتها وخططها المستقبلية.
وتعمل هيئة البيئة - أبوظبي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر مبادرات بيئية محلية ذات أثر عالمي، متسقة مع أهداف الأمم المتحدة.
وتساهم الهيئة في تحسين التكيف المناخي، حماية البيئة البحرية، الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتطبيق السياسات المستدامة عبر عدة مجالات رئيسية. من خلال سياسات فاعلة، مثل تقليل الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء، وجهودها في الحفاظ على موارد المياه والنظم البيئية البرية، تعزز الهيئة من استدامة بيئة أبوظبي لصالح الأجيال القادمة.
لقد تجسَّد انسجام هيئة البيئة – أبوظبي مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ولا سيما الهدف الـ13 (تغيُّر المناخ)، في أوجه ومناحٍ عديدة، أبرزها «استراتيجية التغيُّر المناخي لإمارة أبوظبي»، التي حدَّدت هيئة البيئة – أبوظبي خططاً خمسية شاملة لتحقيقها، لتسهم في تعزيز مرونة الإمارة في التعامل مع التغيُّر المناخي، وتصبُّ في أهداف دولة الإمارات في الوصول إلى الحياد المناخي، وترسِّخ ريادة الدولة عالمياً في مسيرة التنمية المستدامة.
توفِّر هذه الخطط الشاملة حلولاً استباقية لتعزيز التنويع الاقتصادي من خلال الابتكار واستخدام التقنيات منخفضة الكربون من خلال العمل مع شركائنا الاستراتيجيين لتحقيق مستهدف إنتاج 60% من الكهرباء في أبوظبي من مصادر متجددة بحلول 2035 بقيادة دائرة الطاقة، والعمل مع دائرة النقل لتطبيق استراتيجية النقل منخفض الانبعاثات.
ومن خلال هذه الاستراتيجية، يتم تعزيز القطاعات الحيوية، مثل البنية التحتية والطاقة والبيئة والصحة، ليس لضمان استمرارية الأعمال فحسب، وإنما أيضاً لضمان مرونة وسرعة الاستجابة للتغيرات المناخية.
ويتمثَّل الهدف في الوصول بجميع هذه القطاعات إلى اكتمال قدرتها وتعزيزها على التكيُّف بشكل كامل مع أيِّ تداعيات محتمَلة لتغيُّر المناخ بحلول عام 2050، وكذلك التمكُّن خلال خمس سنوات، وفقاً للخطط، من خفض انبعاثات الكربون في الإمارة بنسبة 22%، مقارنة بمستويات عام 2016، أي ما يكافِئ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تختزنها 500 مليون شجرة في 10 سنوات.
وقد أعلنت الهيئة ودائرة الطاقة مؤخراً عن تحقيق تقدم كبير في تنفيذ استراتيجية التغير المناخي لإمارة أبوظبي 2023- 2027 من خلال خفض نحو 26 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من انبعاثات غازات الدفيئة بحلول نهاية 2024 وهو ما يعادل تقريباً 60% من مجمل الخفض المخطط الوصول إليه بحلول 2027. كما شهد عام 2024 تحقيق تقدم بنسبة 30% في وضع خطط تكيف لجميع القطاعات الرئيسية الأكثر هشاشة للتغير المناخي من أصل مستهدف 100% بحلول عام 2027.
وفي ضوء ذلك النهج، الذي ترسِّخه هيئة البيئة – أبوظبي، تشرع الإمارة في سلسلة من المشاريع الطموحة التي تهدف إلى الحدِّ من انبعاثات الكربون، والحفاظ على التنوُّع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد. ولا تقتصر هذه الجهود على الامتثال البيئي فحسب، بل تهدف إلى تقديم مثال عالمي لكيفية مواءمة الإمارة بين التقدُّم والاستدامة البيئية.
وانسجاما مع الهدف 3 (الصحة الجيدة والرفاه) تتبنى هيئة البيئة - أبوظبي تقنيات متقدمة ضمن برامجها البيئية، فمن خلال برنامج إدارة جودة الهواء، تراقب الهيئة مستويات الملوثات عبر شبكة من المحطات، مما يساهم في تحسين جودة الهواء وتقليل الوفيات والأمراض المرتبطة بالتلوث.
وقد أدت جهودها إلى خفض مستويات الجسيمات الدقيقة بنسبة 20% خلال السنوات الخمس الماضية، مما يعزز من الجهود المبذولة لتوفير بيئة صحية لسكان أبوظبي كما عملت الهيئة على مراقبة انبعاثات ملوثات الهواء من المركبات باستخدام تقنية الاستشعار عن بُعد والذي يعتبر الأول من نوعه في الدولة ومنطقة الشرق الأوسط.
وفي منحى آخر، يتشابك نهج الهيئة مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ولا سيما عبر جهودها في تحقيق ومتابعة أهداف «المئوية البيئية 2071»، باعتبارها الهيئة المسؤولة عن تنفيذ أجندة البيئة والاستدامة في الإمارة.
وتواصل الهيئة جهودها لتعزيز مكانة أبوظبي كمركزاً عالمياً في مجال البيئة والعمل المناخي بحلول عام 2071، ومن خلال ثلاثة مسارات رئيسية، انسجمَت جميعها مع تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الـ13 (تغيُّر المناخ)، والـ 14 (الحياة في البر)، والـ 15 (الحياة تحت الماء).
ومرة أخرى، تعكس هذه المبادرات، وغيرها الكثير، مساعي المواءمة مع الهدفين الـ 14 (الحياة تحت الماء) والـ15 (الحياة على اليابسة)، مع التركيز على الحفاظ على النظم البيئية البحرية والبرية، ويأتي ذلك في إطار جهود هيئة البيئة – أبوظبي لحماية وتعزيز الاستخدام المستدام للنظم البيئية، ومَنْع فقدان التنوُّع البيولوجي. وبلا شكٍّ، تطلَّب عمل الهيئة في هذه المناطق إجراء بحوث علمية دقيقة، وحملات توعية عامة لاستعادة الموائل الطبيعية. ومن خلال حماية هذه الموائل، لا تحمي أبوظبي تراثها الطبيعي فحسب، بل تُسهم أيضاً في الجهود العالمية للحفاظ على التنوُّع البيولوجي.
في حين تعتبر حماية البيئات الصحراوية والحياة البرية جزءاً أساسياً من عمل الهيئة. من خلال برنامج المناطق البرية المحمية، قامت الهيئة بزيادة المناطق المحمية لتغطي 15.5% من مساحة أبوظبي، مما يساهم في الهدف 15.1 الخاص بحفظ النظم البيئية. هذه المناطق المحمية تحمي أنواعاً مهمة مثل المها العربي والغزال الرملي، مما يساعد في مكافحة فقدان التنوع البيولوجي.
بالإضافة إلى ذلك، يحافظ مركز المصادر الوراثية النباتية التابع للهيئة على أكثر من 500 نوع من النباتات المحلية، مما يدعم الهدف 15.6 الذي يركز على الحفاظ على التنوع الجيني وتعزيز الاستخدام المستدام للأراضي.
وتنفذ الهيئة مجموعة من البرامج لحماية التنوع البيولوجي التي تركز على الحلول القائمة على الطبيعة في التكيف مع التغير المناخي، ومن أبرزها مشروع إعادة تأهيل الشعاب المرجانية، الذي أُطلق في عام 2021، ويُعد الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، وقد حقق نجاحاً ملحوظاً، حيث تم الانتهاء بنجاح من زراعة أكثر من مليون قطعة من الشعاب المرجانية في ثمانية مواقع في مياه الإمارة، مع معدل بقاء للمرجان تجاوز 95% بعد مواسم الصيف.
لطالما كانت جهود أبوظبي لحماية بيئتها الطبيعية مثالاً يُحتذى به، فقد أنشأت الإمارة العديد من المناطق المحمية، ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية.
واختار برنامج الأمم المتحدة للبيئة برامج المحافظة على النظم البيئية الساحلية والبحرية وإعادة تأهيلها في أبوظبي ضمن قائمة أفضل عشر مبادرات عالمية لاستعادة وتأهيل النظم البيئية. من خلال برنامج جودة المياه البحرية، تراقب الهيئة صحة النظم البحرية، حيث تتبع مؤشرات هامة مثل الملوحة ودرجة الحرارة ومستويات الملوثات، مما يدعم الهدف 14.1 المتعلق بتقليل التلوث البحري.
كما يعزز برنامج إدارة المصايد السمكية التابع للهيئة الاستخدام المستدام للموارد، سجّلت هيئة البيئة – أبوظبي تحسُّناً ملحوظاً في «مؤشر الصيد المستدام»، وخلال فترة زمنية قصيرة من تطبيق التدابير والإجراءات المتعلقة بالصيد، حيث ارتفعت نسبة المؤشر من 8.9% في عام 2018 إلى 69.1% في نهاية عام 2022.
وانسجاماً مع الهدف 6 (المياه النظيفة والنظافة الصحية) تعمل هيئة البيئة – أبوظبي على مواجهة ندرة المياه عبر برنامج الحفاظ على المياه الجوفية، الذي يهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه العذبة وضمان استدامتها.
أسهم هذا البرنامج في تقليل معدل استخراج المياه الجوفية بنسبة 7% خلال السنوات الخمس الماضية، مما يدعم الحفاظ على الموارد المائية الأساسية.
وضمن الهدف 12 (الاستهلاك والإنتاج المسؤولان) تبنت الهيئة سياسة الأكياس البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة، مما قلل استخدامها بنسبة 95% وساعد في الحد من تراكم النفايات، حيث تم تجنب 364 مليون كيس بلاستيكي يستخدم لمرة واحدة، والتي تعادل 2.400 طن من البلاستيك، أو 547.000 طن من غازات الدفيئة، وهو ما يعادل أيضاً الانبعاثات الناتجة عن 130.000 سيارة ركاب تعمل بالبنزين لمدة عام. كما تعمل الهيئة مع شبكة تضم أكثر من 250 شركة لتشجيع استهلاك الموارد بشكل مستدام.
ولتحقيق الهدف 4 (التعليم الجيد) سعت الهيئة من خلال برنامج المدارس المستدامة للوصول إلى نحو 153.000 طالب سنوياً، لتعزيز الوعي البيئي في المناهج الدراسية، مما يمكّن الأجيال الصاعدة من أن يصبحوا حماة للبيئة. يمتد تأثير هذا البرنامج ليشمل الأسر والمجتمعات، مما يخلق تحولاً نحو الاستدامة عبر الأجيال.
تُعَدُّ جهود هيئة البيئة – أبوظبي، وبما يتكامل مع الخطط الاستراتيجية العامة للإمارة لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للاستدامة، شاهداً على التزامها بمستقبل مستدام. فمن خلال دمج المسؤولية البيئية مع النمو الاقتصادي، ترسِّخ تجربة الإمارة نموذجاً بيئياً حضارياً للمدن الأخرى حول العالم.
وبينما يجتمع قادة العالم لمناقشة العمل المناخي والتنمية المستدامة، يُعَدُّ نهج أبوظبي نموذجاً يُحتذى به في القيادة الرشيدة، والتخطيط الاستراتيجي، والابتكار الذي يمكن أن يقود إلى تقدُّم ملموس. ففي عالم تزداد فيه تحديات الاستدامة إلحاحاً، تبعث إنجازات أبوظبي الأمل والإلهام. ومن خلال الاستمرار في دفع حدود الممكن، لا تسهم الإمارة في تحقيق الاستدامة العالمية فحسب، بل تمهِّد الطريق لمستقبلٍ أكثرَ مرونةً وازدهاراً لجميع شعوب الأرض.
الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي