لبنان ٢٤:
2024-12-23@13:28:48 GMT

قولنا والعمل... في سبيل السلام

تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT

قولنا والعمل... في سبيل السلام


بقلم البروفيسور ندى الملّاح البستانيّ
 
تشهد دول العالم نزاعات مسلّحة يتكبّد فيها جميع الأطراف الخسائر الضخمة في الأرواح والأموال، ويمتدّ أثر هذه الحروب على مستوياتٍ عديدة، وتشمل الحياة اليوميّة، والصحّة النفسيّة، والمتابعة التربويّة، وغيرها من الأمور الحيويّة الأساسيّة.

وفي هذه الظروف، تنشأ ممارسات اقتصاديّة استثنائيّة قد تطول أو تقصر بحسب تشابك الأمور، إذ تذهب بتأثيرها إلى ما بعد الحرب والصراع المسلّح المباشر.

ولا نعني هنا التصرّفات النفعيّة، والاستغلاليّة لمجموعة معيّنة على حساب أُخرى، بل تلك التي تقوم بها الحكومات للحفاظ على الأنشطة الاقتصاديّة الأساسيّة في كلّ بلد، وتُتَرجم في سياسة تقشّفيّة تتجلّى في تحجيم الاستهلاك، والتشدّد في إجراءات الاكتفاء الذّاتي، وضمان سيطرة الحكومة على سير الأمور، ممّا يضمن ضبط قواعد الحركة الاقتصاديّة.

ليس الأمر جديدًا أو مستحدثًا، فاقتصاد الحرب هو الحلّ العمليّ والوقائيّ لتماسك البلدان والمجموعات منذ بدايات صراع القبائل البدائيّة وإلى يومنا هذا، وهو ما تطبّقه الدول جميعها، النامية منها وحتّى أكثرها تطوّرًا.

تختلف الإجراءات التي تتبناها الحكومات بحسب السياق العامّ، والوضع الخاصّ لكلّ مرحلة، بُغية تغطية تكاليف الحرب. قد يكون ذلك عن طريق زيادة المعروض النقديّ، أو إصدار السندات بأرقام كبيرة، أو رفع نسب الضرائب.

ومهما كان المردود الاقتصاديّ لهذه الإجراءات، فإنّ الاقتصاد المحلّيّ يعاني من الدمار المادّيّ، وفوضى تنظيم العمل، وازدهار صناعة الأسلحة. إذ تلجأ الكثير من الحكومات إلى سياسة الاستدانة أو الاقتراض، وبهذا ترتفع الديون الحكوميّة إلى مستويات غير مسبوقة، كما كان الحال في الحربَين العالميّتَين.

يرافق هذه الإجراءات عادةً ارتفاع معدّلات التضخّم، وتغيير جذريّ في الخريطة السياسيّة والاقتصاديّة، وقد لا تنتهي في دورة حرب واحدة، فتتوالى الحروب في خضم الأوضاع الهشّة، والتبدّلات السياسيّة إلى حين ظهور نوع من الاستقرار، يتماشى مع الأوضاع الجديدة، ويظهر معها حركة إعادة إعمار، وتعزيز للسوق الاقتصاديّ المستحدث.

ولا تغيب عن أذهاننا الفوضى الاجتماعيّة في البلدان التي تخوض الحروب، من أزمة نزوح، إلى تهديد للسلم الأهليّ، الأمر الذي يؤدّي إلى ظهور مهن جديدة في بعض الأحيان، كشركات الأمن الخاصّة، وشركات توليد الكهرباء، وكل الخدمات التي باتت تعجز الدول عن تقديمها إلى مواطنيها.

هكذا نرى أنّ اشتعال الصراعات يؤدّي إلى بزوغ "اقتصاد الحرب" الذي تحاول فيه الحكومات السيطرة على السياسة النقديّة لتجنّب التضخّم، وترجيح كفّة موازنة دفاعيّة عسكريّة، التي ترافقها إجراءات تقشّفيّة تتجلّى في توجيه الخطط الزراعيّة للبلد نحو المحاصيل التي تؤمّن الغذاء الضروريّ للمواطنين.

إنّ المثل القائل: "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد" لم يأتِ من عدم. إذ أنّ العديد من البلدان غير المتحاربة قد تستفيد من الصراع المسلّح، وتجد فيها فرصًا للنموّ الاقتصاديّ، عن طريق زيادة الصادرات إلى مناطق النزاع، ناهيك عن الاستفادة من وضع اللاجئين، سواء باليد العاملة الرخيصة، أو وصول أصحاب الشهادات وتفعيلهم في سوق العمل بحسب حاجات الدول المستضيفة.

ختامًا، يا للأسف، فإن ما ذكرناه يحمل في تفاصيله الكثير من السلبيّة، أولها بالطبع خسارة الأرواح، والتبعات النفسيّة والماديّة. بالإضافة إلى ذلك، نجد أنّ المحاولات والمبادرات، مهما كانت تبتغي تصحيح الأحوال، وتطبيق الخطط التنمويّة لما بعد الحرب، فإنّها تسقط غالبًا في فخّ سياسة الأمر الواقع، وترضخ للمساومات والحلول المواربة.

لذلك، لا يهمّنا كيفيّة "الاستفادة" اقتصاديًّا من الأوضاع، بقدر ما يهمّنا أن نستفيد من دروس الماضي في تعزيز السلام، والحلول الديبلوماسيّة، وليكن شعارنا قولنا والعمل... في سبيل السلام، لأنّنا بُناة سلام. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

البابا يدعو لوقف الحرب في أوكرانيا

شمسان بوست / متابعات:

في خطوة جديدة نحو تعزيز السلام ، وجه البابا فرنسيس نداءً عاجلاً لوقف الحرب في أوكرانيا، داعياً جميع الأطراف المتنازعة إلى الحوار والعمل على إنهاء العنف المستمر منذ سنوات. جاءت دعوته خلال كلمته الأسبوعية في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، حيث شدد على ضرورة وضع حد للمعاناة الإنسانية المتزايدة.


وأكد البابا أن “الحرب لا تأتي سوى بالدمار والمعاناة”، داعياً إلى العمل من أجل السلام عبر الوسائل السلمية والتفاهم المتبادل. كما أعرب عن تضامنه مع الشعب الأوكراني الذي يعيش أوضاعاً مأساوية جراء الحرب، مشيراً إلى أهمية أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته لتحقيق السلام الدائم.

تضامن مع ضحايا الحرب
وخلال خطابه، ركز البابا على المعاناة التي تعيشها العائلات الأوكرانية بسبب الحرب، حيث فقد الكثيرون منازلهم وأحباءهم. وأعرب عن أمله في أن تكون دعوته بداية لحوار جاد يهدف إلى إنهاء الصراع واستعادة الاستقرار.

مقالات مشابهة

  • «المالية»: التطورات التكنولوجية تُثري قدراتنا في مسيرة التكامل الاقتصادي
  • وزير التعليم العالي يفتتح المنتدى الاقتصادي لجامعة النهضة
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • تعرف على الدول التي تضم أطول الرجال والنساء في العالم
  • الحرب في يومها الـ 443: الجيش يطلب إخلاء مستشفى كمال عدوان ويواصل سياسة التهجير القسري شمال القطاع
  • البابا يدعو لوقف الحرب في أوكرانيا
  • برلماني: قمة الدول الثماني للتعاون الاقتصادي منصة حيوية لتعزيز الأمن والسلام
  • بعد اصدار البيان الختامي | مكاسب عديدة من قمة مجموعة دول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي
  • مصر أكتوبر: قمة مجموعة الثماني النامية فرصة ذهبية لتعزيز التعاون الاقتصادي
  • د كريم رأفت: قمة "الثمانية" فرصة لتعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري