قولنا والعمل... في سبيل السلام
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
بقلم البروفيسور ندى الملّاح البستانيّ
تشهد دول العالم نزاعات مسلّحة يتكبّد فيها جميع الأطراف الخسائر الضخمة في الأرواح والأموال، ويمتدّ أثر هذه الحروب على مستوياتٍ عديدة، وتشمل الحياة اليوميّة، والصحّة النفسيّة، والمتابعة التربويّة، وغيرها من الأمور الحيويّة الأساسيّة.
وفي هذه الظروف، تنشأ ممارسات اقتصاديّة استثنائيّة قد تطول أو تقصر بحسب تشابك الأمور، إذ تذهب بتأثيرها إلى ما بعد الحرب والصراع المسلّح المباشر.
ليس الأمر جديدًا أو مستحدثًا، فاقتصاد الحرب هو الحلّ العمليّ والوقائيّ لتماسك البلدان والمجموعات منذ بدايات صراع القبائل البدائيّة وإلى يومنا هذا، وهو ما تطبّقه الدول جميعها، النامية منها وحتّى أكثرها تطوّرًا.
تختلف الإجراءات التي تتبناها الحكومات بحسب السياق العامّ، والوضع الخاصّ لكلّ مرحلة، بُغية تغطية تكاليف الحرب. قد يكون ذلك عن طريق زيادة المعروض النقديّ، أو إصدار السندات بأرقام كبيرة، أو رفع نسب الضرائب.
ومهما كان المردود الاقتصاديّ لهذه الإجراءات، فإنّ الاقتصاد المحلّيّ يعاني من الدمار المادّيّ، وفوضى تنظيم العمل، وازدهار صناعة الأسلحة. إذ تلجأ الكثير من الحكومات إلى سياسة الاستدانة أو الاقتراض، وبهذا ترتفع الديون الحكوميّة إلى مستويات غير مسبوقة، كما كان الحال في الحربَين العالميّتَين.
يرافق هذه الإجراءات عادةً ارتفاع معدّلات التضخّم، وتغيير جذريّ في الخريطة السياسيّة والاقتصاديّة، وقد لا تنتهي في دورة حرب واحدة، فتتوالى الحروب في خضم الأوضاع الهشّة، والتبدّلات السياسيّة إلى حين ظهور نوع من الاستقرار، يتماشى مع الأوضاع الجديدة، ويظهر معها حركة إعادة إعمار، وتعزيز للسوق الاقتصاديّ المستحدث.
ولا تغيب عن أذهاننا الفوضى الاجتماعيّة في البلدان التي تخوض الحروب، من أزمة نزوح، إلى تهديد للسلم الأهليّ، الأمر الذي يؤدّي إلى ظهور مهن جديدة في بعض الأحيان، كشركات الأمن الخاصّة، وشركات توليد الكهرباء، وكل الخدمات التي باتت تعجز الدول عن تقديمها إلى مواطنيها.
هكذا نرى أنّ اشتعال الصراعات يؤدّي إلى بزوغ "اقتصاد الحرب" الذي تحاول فيه الحكومات السيطرة على السياسة النقديّة لتجنّب التضخّم، وترجيح كفّة موازنة دفاعيّة عسكريّة، التي ترافقها إجراءات تقشّفيّة تتجلّى في توجيه الخطط الزراعيّة للبلد نحو المحاصيل التي تؤمّن الغذاء الضروريّ للمواطنين.
إنّ المثل القائل: "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد" لم يأتِ من عدم. إذ أنّ العديد من البلدان غير المتحاربة قد تستفيد من الصراع المسلّح، وتجد فيها فرصًا للنموّ الاقتصاديّ، عن طريق زيادة الصادرات إلى مناطق النزاع، ناهيك عن الاستفادة من وضع اللاجئين، سواء باليد العاملة الرخيصة، أو وصول أصحاب الشهادات وتفعيلهم في سوق العمل بحسب حاجات الدول المستضيفة.
ختامًا، يا للأسف، فإن ما ذكرناه يحمل في تفاصيله الكثير من السلبيّة، أولها بالطبع خسارة الأرواح، والتبعات النفسيّة والماديّة. بالإضافة إلى ذلك، نجد أنّ المحاولات والمبادرات، مهما كانت تبتغي تصحيح الأحوال، وتطبيق الخطط التنمويّة لما بعد الحرب، فإنّها تسقط غالبًا في فخّ سياسة الأمر الواقع، وترضخ للمساومات والحلول المواربة.
لذلك، لا يهمّنا كيفيّة "الاستفادة" اقتصاديًّا من الأوضاع، بقدر ما يهمّنا أن نستفيد من دروس الماضي في تعزيز السلام، والحلول الديبلوماسيّة، وليكن شعارنا قولنا والعمل... في سبيل السلام، لأنّنا بُناة سلام. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
شهدت مدينة دير البلح وسط قطاع غزة لحظات مؤثرة أثناء وداعها مئات الآلاف من العائلات النازحة من مختلف مناطق القطاع لا سيما الشمال، التي كانت قد لجأت إليها هربًا من آلة الحرب الإسرائيلية.
نزحت في الحرب 9 مرات، الحمدلله في كل مكان نزحت عليه كانوا الجيران كتير مناح و مش هاين علينا ولا عليهم نروّح.
كل مرة كنت اعاني من مشاعر الوداع، هاي المرة في دير البلح هي الاصعب، سكنت في اخر شارع 17 و عندي جيران من بيت الفليت و ابو طواحين
كنت بينهم اكتر من ابنهم
بيعز علينا الفراق — جهاد (@jehadpals) January 27, 2025 كلمة حق لأهلنا في دير البلح ❤️
ها نحن علي أعتاب عودتنا إلي شمالنا الحبيب, بعد رحلة نزوح قااسية جداً
هنا لا يسعني إلا أن أشكر من كل قلبي أهلي وناسي في دير البلح الحبيبة وكل جنوب القطاع نشهد الله أنكم ما قصرتم وقدمتم لنا كل ما تملكون, شكرا لكم على حسن الإستضافة وحسن التقدير ..❤️???? — الحسن ???????? ???? (@hasanfareed0) January 26, 2025
واحتضن سكان دير البلح النازحين في بيوتهم ومدارسهم، مقدّمين الدعم الإنساني في ظروف صعبة تعكس التلاحم المجتمعي الذي لطالما ميز أهل القطاع خلال 15 شهرا من الحرب.
ومع السماح لسكان شمال القطاع بالعبور إلى مناطقهم، غادر قرابة 300 ألف شخص إلى الشمال، فيما كانت تحتضن دير البلح التي يبلغ عدد سكانها بحسب آخر الأرقام الرسمية لعام 2021 أكثر من 300 ألف نسمة، قرابة مليون نازح.
دير البلح عندها ايرور
وييين الناااس — @belal_diab (@BelalDiaab) January 28, 2025 أول مرة من 15 شهر
امشي في شوارع دير البلح
ومحدش يحكيلي ظهرك ظهرك — عمر ❤️ (@om3arata) January 28, 2025 احا دير البلح فاضية فش فيها حركة ملل لأبعد حدود — ???? محمد (@mohammedohadi) January 28, 2025
ومع عودة النازحين إلى مناطقهم، بدأت دير البلح تستعيد تدريجيًا طابعها الهادئ، واختفت إلى حد ما الشوارع المزدحمة، وخيام النازحين.
كما لم ينس الفلسطينيون، ومنهم أبناء دير البلح نفسها، التندر من كون سكانها كانوا "ينامون مبكرا" لكن هذا لم يعد ممكنا بسبب الحرب الإسرائيلية من جهة، ووصول النازحين إليها من جهة أخرى.
أهل دير البلح صلوا العشا وسكروا باب الحارة وناموا ???? — التِنْحَة ???? ???????? (@Ghadooosh_o_96) January 27, 2025 كمان ساعة الا عشرة كُلنا في دير البلح حنكون نايمين ونعود إلى سابق العهد ✌️ — Huda Elkassem (@hudaelkassem417) January 27, 2025 آن لأهالي دير البلح أن يعودوا للنوم مبكرا. — Rami Kh (@RamiNKhrais) January 27, 2025