منذ الستينيات من القرن الفائت سجل علماء الكونيات ملاحظة مهمة، وهي أن محيط مجرتنا درب التبانة يحتوي على عدد قليل جدا من المجرات التي تشبهها، ظلت تلك الملاحظة لغزا كبيرا منذ ذلك الوقت، لكن فريقا من الباحثين بقيادة علماء من جامعة هلسنكي الفنلندية توصل مؤخرا إلى حل لها.

فدرب التبانة مجرة حلزونية تتكون من مركز على شكل قضيب قصير منتفخ وأذرع حلزونية قطرها نحو 100 ألف سنة ضوئية، ويقترب سمك الأذرع من الـ1500 سنة ضوئية، وعند المركز المنتفخ قد يصل إلى 4 آلاف سنة ضوئية.

توجد درب التبانة ضمن مئات المجرات الأخرى داخل ما يسمى بعنقود العذراء العظيم، وهو عبارة عن صفيحة من المجرات يبلغ عرضها مليار سنة ضوئية، لكن المجرات الحلزونية الشبيهة بمجرتنا نادرة بشكل لافت على طول هذا المستوى العملاق، في حين أن المجرات الإهليلغية هي الأكثر شيوعا.

المجرات الإهليليغية (البيضاوية) هي أكثر الأنظمة المجرية تطورا في الكون، ولا تحتوي على أذرع، وحينما يرصدها العلماء لا يجدون فيها من الغاز والغبار ما يمكن أن يصنع نجوما جديدة مثل المجرات الحلزونية، بينما نجد أن نجومها تميل للون الأحمر، مما يعني أنها نجوم كبيرة في السن مقارنة بالنجوم البيضاء مثل الشمس.

صورة تلسكوب لمجرة إهليلغية تسمى إن جي سي 2865 ويمثل هذا النوع من المجرات 60% من مجرات الكون (ناسا) حل اللغز

وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية "نيتشر أسترونومي"، فقد لجؤوا إلى "محاكاة لما وراء الكون المحلي"، أو ما يعرف باسم "سيبيليوس" اختصارا، والتي يتم تشغيلها على عدد من الحواسيب العملاقة في إنجلترا وفنلندا.

وجاءت النتائج لتقول إن السبب في وجود عدد أكبر من المجرات الإهليلغية في محيطنا الكوني هو التاريخ العنيف من الاصطدامات المجرية المتكررة في هذه المنطقة منذ نشأة هذا الكون قبل نحو 13.8 مليار سنة.

ووجد الباحثون من خلال المحاكاة أن المجرات الحلزونية الموجودة في العناقيد المجرية الكثيفة تصطدم ببعضها البعض في كثير من الأحيان بشكل كارثي، مما يؤدي إلى تحطيم أذرعها وتنعيمها بحيث تصبح مجرات إهليلغية.

وبحسب الدراسة، فإن هذه العملية دفعت المزيد من مادة النجوم إلى الثقب الأسود العملاق في مركز المجرة، مما يجعل الثقوب السوداء أكبر، ويستهلك الكثير من مادة المجرة.

ومن المعلوم أن الاندماجات المجرية شائعة في الكون، وحينما تندمج مجرتان حلزونيتان معا فإنهما تتحولان إلى مجرة إهليلغية عملاقة، وبحسب الدراسة فإن ذلك كان أكثر شيوعا على مدى مليارات السنوات في محيطنا الكوني، لكنه لا يمثل حالة شاذة.

فيديو يوضح سيناريو تصادم مجرتنا مع جارتها مجرة المرأة المسلسلة.

مصير مجرتنا

في الواقع، فإن مجرتنا درب التبانة في طريقها الآن للإندماج مع أقرب المجرات لنا على مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية، وهي مجرة "المرأة المسلسلة"، وهي أكبر في الحجم من مجرتنا بمقدار الضعف، حيث تقترب المجرتان من بعضهما بسرعة نحو 300 كيلومتر في الثانية الواحدة.

وعلى الرغم من تلك السرعة الهائلة، فإن المجرتان تحتاجان إلى 4 مليارات سنة تقريبا كي يحدث التصادم، بحسب دراسة أصدرها في 2012 فريق بحثي من فلكيي مرصد هابل الفضائي.

وبحسب هذه الدراسة، فإنه بعد ملياري سنة من الآن سوف تقترب مجرة المرأة المسلسلة منا بحيث يصبح ممكنا أن تظهر بوضوح في سماء الليل كالقمر بالنسبة لكل سكان الأرض تقريبا، إن قُدر للجنس البشري وعاش إلى تلك اللحظة.

وبشكل عام، فإن المجرات الحلزونية هي مرحلة الشباب في عمر المجرة، تكبر بعد ذلك لتصبح مجرات إهليلغية والتي تمثل الآن 60% من عدد المجرات التي نعرفها في الكون.

ويشير ذلك إلى أن الكون الآن انتهى بالفعل من بناء غالبية النجوم الجديدة، ويُعتقد أنه بقي فقط نحو 5 مليارات من الأعوام حتى تقف عملية بناء النجوم الجديدة تماما في الكون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من المجرات سنة ضوئیة فی الکون

إقرأ أيضاً:

الأسبوع الثالث للدعوة يختتم فعالياته في سوهاج بمحاضرة حول “دور الشباب بين عمران النفس وعمران الكون”

اختتمت الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أسبوعها الثالث بجامعة ومساجد ومراكز شباب محافظة سوهاج، اليوم، بمحاضرة حول دور الشباب ببن عمران النفس وعمران الكون، والتي عقدت بجامعة سوهاج.
وقال الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، إن مضاد كلمة العمران الإبادة والخراب، وأمة الإسلام ليست مخيرة في مسألة العمران وإنما مكلفة به، وإن كانت أمتنا خير أمة أخرجت للناس؛ فخروجها للناس لا يعنى التفرد والتميز عن باقي الأمم بلا قيد، بل بتَحمّل المسؤولية والعمل والإخلاص والإصلاح سعيا لعمران الأرض.

وأضاف أمين الدعوة والإعلام الديني، أن التدين ليس مجرد عبادة في المساجد؛ وإنما العبادة في المساجد جزء من التدين، والتدين الحق هو الإصلاح وعمارة الأرض، والناظر إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي المعلم دائما كان يعطي دروسا لأصحابه في حب العمل وإعمار الكون، فكان يوجه الصحابة للعمل بما يناسب قدراتهم حتى لو كانت زهيدة، كالرجل الفقير الذي  أمره الرسول أن يحتطب وألا تمنعه قلة حيلته وضيق رزقه عن مواصلة العمل، وفي ذلك نموذجا في حسن القيادة  وحسن التوجيه في الاستثمار، لترسيخ أن العمل واليد العاملة هي من أساسيات فقه العمران.

وأوضح الدكتور أحمد همام مدير عام الإعلام بأمانة الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أن العمران الحقيقي له دعائم، ومن دعائم العمران سواعد الشباب وإرادته الواعية، شريطة أن يتقرب الشباب من الله، فكم من إنسان تعلم وقدم ولم يُخلّد ذكره ولم يُحفظ اسمه، موضحًا أن أول خطوة من خطوات البناء والعمران هي أن يقرأ الشباب، ومن يقرأ يقرأ لله، ومن يُعمر يُعمر لله، لا لمنصب ولا شهرة ولا سمعة، وقبل إعمار المجتمع يجب على الشباب أن يعمر نفسه أولا، كذلك لا يكفي الدعاء والتضرع لله لإتمام العمران دون عمل وسعي، بل على الشباب أن يجمع  بين السعي والعبادة والاستمرار في طاعة الله، حتى يشتد العمران ويكون المجتمع في أبهى صورة.

وشهدت المحاضرة تفاعلًا كبيرًا بين علماء الأزهر وطلاب الجامعة، حيث تم فتح باب النقاش والأسئلة، ومن بين هذه الأسئلة استفسار الشباب عن مدى تأثير الإعلام والثقافة في عمران المجتمع؟ أجاب الهواري، أن النفس البشرية أعقد من أن نحيط بأسرارها، وأصبحنا اليوم نقلد غيرنا تقليدا أعمى بسبب أننا محتلون عقليا، ناصحا الشباب أن لا يملكهم فكر، إلا ما أمرنا الله به، ولا يسلموا لرأي دون مصادرنا الأساسية وهي مصادر الشرع، وعلى الشباب أن يسأل نفسه من أنا وماذا أريد؟، وليعلم الشباب أن الله أعطاه الحرية وكرمه بالعقل والتمييز، مشددًا أن الإسلام إذ أمرنا بالتفكير، فإنه يأمرنا أن يكون تفكيرا مفيدا بناء، وفي حال الاطلاع على آراء وثقافة الغير، يجب أن نتحقق من صحة المصادر والمعلومات وكونها ليست موجهة.

حضر الندوة الدكتور حازم مشنب عميد كلية العلوم جامعة سوهاج، نائبا عن رئيس الجامعة، كما حضر عمداء وأساتذة الجامعة، ولفيف من علماء الأزهر الشريف، وشهد المحاضرة عدد كثيف من طلاب وطالبات جامعة سوهاج. 

تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الثالث، التي انعقدت على مدار هذا الأسبوع في رحاب جامعة ومساجد سوهاج، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي،" بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمُثُل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • الحمرية تتألق بتشكيلات ضوئية ملونة في كافة الميادين
  • اكتشاف دليل قديم على وجود المياه على المريخ
  • العلماء يرصدون نجمًا عملاقًا يشبه «عين سورون» الشهيرة
  • للمرة الأولى.. اصطفاف مجرتين بشكل مثالي يساعد على رؤية الكون العميق
  • دخل المستشفى بقدميه.. خطأ طبي فادح ينهي حياة شاب في صنعاء بسبب جهاز قديم ومتهالك
  • في حادثة مأساوية : وفاة شاب وشقيقته في حادثة إنهيار منزل طيني قديم تستأجره أسرة نازحة بأبين
  • ظواهر حيرت العالم.. أكثر 8 أسرار غموضًا في الكون
  • دراسة ترجح أننا لسنا في الكون الملائم للعثور على كائنات فضائية
  • الأسبوع الثالث للدعوة يختتم فعالياته في سوهاج بمحاضرة حول “دور الشباب بين عمران النفس وعمران الكون”
  • بالصورة: وفاة شخصين بانهيار منزل قديم في أبين