حل لغز قديم.. لماذا تندر المجرات الحلزونية في محيطنا الكوني؟
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
منذ الستينيات من القرن الفائت سجل علماء الكونيات ملاحظة مهمة، وهي أن محيط مجرتنا درب التبانة يحتوي على عدد قليل جدا من المجرات التي تشبهها، ظلت تلك الملاحظة لغزا كبيرا منذ ذلك الوقت، لكن فريقا من الباحثين بقيادة علماء من جامعة هلسنكي الفنلندية توصل مؤخرا إلى حل لها.
فدرب التبانة مجرة حلزونية تتكون من مركز على شكل قضيب قصير منتفخ وأذرع حلزونية قطرها نحو 100 ألف سنة ضوئية، ويقترب سمك الأذرع من الـ1500 سنة ضوئية، وعند المركز المنتفخ قد يصل إلى 4 آلاف سنة ضوئية.
توجد درب التبانة ضمن مئات المجرات الأخرى داخل ما يسمى بعنقود العذراء العظيم، وهو عبارة عن صفيحة من المجرات يبلغ عرضها مليار سنة ضوئية، لكن المجرات الحلزونية الشبيهة بمجرتنا نادرة بشكل لافت على طول هذا المستوى العملاق، في حين أن المجرات الإهليلغية هي الأكثر شيوعا.
المجرات الإهليليغية (البيضاوية) هي أكثر الأنظمة المجرية تطورا في الكون، ولا تحتوي على أذرع، وحينما يرصدها العلماء لا يجدون فيها من الغاز والغبار ما يمكن أن يصنع نجوما جديدة مثل المجرات الحلزونية، بينما نجد أن نجومها تميل للون الأحمر، مما يعني أنها نجوم كبيرة في السن مقارنة بالنجوم البيضاء مثل الشمس.
وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية "نيتشر أسترونومي"، فقد لجؤوا إلى "محاكاة لما وراء الكون المحلي"، أو ما يعرف باسم "سيبيليوس" اختصارا، والتي يتم تشغيلها على عدد من الحواسيب العملاقة في إنجلترا وفنلندا.
وجاءت النتائج لتقول إن السبب في وجود عدد أكبر من المجرات الإهليلغية في محيطنا الكوني هو التاريخ العنيف من الاصطدامات المجرية المتكررة في هذه المنطقة منذ نشأة هذا الكون قبل نحو 13.8 مليار سنة.
ووجد الباحثون من خلال المحاكاة أن المجرات الحلزونية الموجودة في العناقيد المجرية الكثيفة تصطدم ببعضها البعض في كثير من الأحيان بشكل كارثي، مما يؤدي إلى تحطيم أذرعها وتنعيمها بحيث تصبح مجرات إهليلغية.
وبحسب الدراسة، فإن هذه العملية دفعت المزيد من مادة النجوم إلى الثقب الأسود العملاق في مركز المجرة، مما يجعل الثقوب السوداء أكبر، ويستهلك الكثير من مادة المجرة.
ومن المعلوم أن الاندماجات المجرية شائعة في الكون، وحينما تندمج مجرتان حلزونيتان معا فإنهما تتحولان إلى مجرة إهليلغية عملاقة، وبحسب الدراسة فإن ذلك كان أكثر شيوعا على مدى مليارات السنوات في محيطنا الكوني، لكنه لا يمثل حالة شاذة.
فيديو يوضح سيناريو تصادم مجرتنا مع جارتها مجرة المرأة المسلسلة.
مصير مجرتنافي الواقع، فإن مجرتنا درب التبانة في طريقها الآن للإندماج مع أقرب المجرات لنا على مسافة 2.5 مليون سنة ضوئية، وهي مجرة "المرأة المسلسلة"، وهي أكبر في الحجم من مجرتنا بمقدار الضعف، حيث تقترب المجرتان من بعضهما بسرعة نحو 300 كيلومتر في الثانية الواحدة.
وعلى الرغم من تلك السرعة الهائلة، فإن المجرتان تحتاجان إلى 4 مليارات سنة تقريبا كي يحدث التصادم، بحسب دراسة أصدرها في 2012 فريق بحثي من فلكيي مرصد هابل الفضائي.
وبحسب هذه الدراسة، فإنه بعد ملياري سنة من الآن سوف تقترب مجرة المرأة المسلسلة منا بحيث يصبح ممكنا أن تظهر بوضوح في سماء الليل كالقمر بالنسبة لكل سكان الأرض تقريبا، إن قُدر للجنس البشري وعاش إلى تلك اللحظة.
وبشكل عام، فإن المجرات الحلزونية هي مرحلة الشباب في عمر المجرة، تكبر بعد ذلك لتصبح مجرات إهليلغية والتي تمثل الآن 60% من عدد المجرات التي نعرفها في الكون.
ويشير ذلك إلى أن الكون الآن انتهى بالفعل من بناء غالبية النجوم الجديدة، ويُعتقد أنه بقي فقط نحو 5 مليارات من الأعوام حتى تقف عملية بناء النجوم الجديدة تماما في الكون.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من المجرات سنة ضوئیة فی الکون
إقرأ أيضاً:
لماذا يمنع الحوثيون دولار الحوالات من الصرف في مناطق سيطرتهم؟
يبدو أن الدولار الأميركي بات ممنوعاً من الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين، لا سيما في العاصمة اليمنية صنعاء، إذ يشكو مواطنون من رفض شركات ومؤسسات ومحلات الصرافة تسليم قيمة الحوالات المرسلة إليهم من ذويهم في الخارج بنفس العملة المرسلة، خصوصاً بالدولار.
ويشير مواطنون تحدثوا إلى "العربي الجديد" إلى أن مؤسسات الصرافة ومحالها ترفض بشكل قاطع تسليم الحوالات في حال كانت مرسله بالدولار، وعرض تسليمها بالريال اليمني أو صرفها بنفس العملة المرسلة في حال موافقة المستفيد من الحوالة على دفع مبلغ مالي يصل إلى ألف ريال يمني فارقا على كل 100 دولار.
ويقول المواطن عارف السماوي، إن ما يقوم به الصرافون يندرج تحت "الاستغلال البشع"، فيما يصف المواطن منذر يحيي المر ما يجري بأنه "سرقة" للمواطنين الذين لا يستلمون حوالاتهم كاملة، سواء بسبب صرفها بالريال اليمني أو لدى دفع فوارق حال استلام العملة بالدولار.
في المقابل يوضح صرافون أن السبب في ذلك يعود إلى وجود أزمة في التحويلات النقدية، فضلاً عن محاولات لكبح المضاربات واستقرار سعر الصرف، إذ إن هناك سعراً محدداً لسعر صرف الدولار في مناطق سيطرة سلطة صنعاء، عند مستوى 530 ريالاً للدولار الواحد، في حين يختلف الأمر في مناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً في عدن، حيث تعيش على وقع أزمة نقدية كبيرة وانهيار متواصل في سعر صرف العملة المحلية، إذ تجاوز سعر الدولار 2500 ريال.
ويعيش اليمن على وقع أزمة مصرفية مزمنة ومعقدة في ظل اضطراب متواصل في العملة المحلية، وتوسع فوارق صرفها بين مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً، وسلطات الحوثيين في صنعاء، حيث يشكو مواطنون من تبعات ذلك على معيشتهم. من أبرز تبعات ذلك، التوسع اللافت لتجارة العملة داخل المدن وعلى مستوى المناطق الفاصلة بين أطراف الصراع مع تصاعد الحركة التجارية، والتحويلات النقدية والسفر والتنقل بين المدن، حيث يحرص يمنيون على شراء النقد الأجنبي على غرار الريال السعودي.
ويعتبر خبراء اقتصاد ومصرفيون أن هذا السحب والطلب على العملات الأجنبية من أهم أسباب تدهور سعر صرف الريال، مشيرين إلى أن ما يحدث للعملة المحلية تجسيد حقيقي للوضع الذي وصل له اليمن، حيث تحولت العملة إلى تجارة بعد أن قسمها أطراف الصراع فيما يشبه تقسيم البلاد بينهم. وأكدوا أن انهيار العملة وفوارق سعر الصرف أضافت أعباء جسيمة على اليمنيين الذين يقاسون ويلات الصراع بطرق متعددة منذ نحو عشر سنين.
قال ماهر إسحق، يعمل في عدن، لـ"العربي الجديد"، إنه أراد تحويل 100 ألف ريال من الأوراق النقدية الجديدة المتداولة في مناطق الحكومة، لكنه وجد أن رسوم التحويل بسبب ارتفاع فوارق الصرف نتيجة تدهور سعر صرف الريال في المناطق الحكومية ستلتهم معظم المبالغ التي يريد تحويلها، حيث لن يصل للمستفيد سوى 20 ألف ريال، لذا قام بتحويله إلى الريال السعودي كي لا يذهب الجزء الأكبر منه كرسوم للحوالة.
وبلغت حوالة إسحق نحو 200 ريال سعودي، حيث سيكون هناك مبلغ زيادة يصل إلى نحو ثمانية آلاف ريال إلى جانب 20 ألف ريال لدى المستلم المستفيد من هذه الحوالة. نفس الأمر ينطبق على نجيب علي الذي حرص كما أوضح لـ"العربي الجديد"، على اتباع نفس خطوات إسحق مع اختلاف في حجم الاستفادة من المبلغ لصالح أسرة علي الذي حوّل مبلغ 300 ريال سعودي إلى أسرته في تعز التي ستقوم بمصارفتها بنحو 140 ألف ريال يمني من الأوراق النقدية الجديدة.
وفي مقابل قيود شركات الصرافة في مناطق سيطرة الحوثيين على صرف الحوالات بالنقد الأجنبي، قال المحلل المالي وحيد الفودعي، لـ"العربي الجديد"، إنه وفق تعليمات البنك المركزي في عدن، لا يحق لأي صرّاف أو شركة تحويل أن ترفض تسليم الحوالة بالعملة التي أُرسلت بها، وتُصرّ على صرفها بالريال اليمني، إلا إذا وافق المستفيد صراحة على ذلك.
وأضاف الفودعي أن إجبار المستفيد على استلام الحوالة بالعملة المحلية يُعد مخالفة صريحة، وقد يصنف استغلالاً أو تلاعباً، لذلك، يحق لأي مواطن رفض الاستلام بالريال، وله أن يطالب بحقه الكامل في استلام الحوالة بالدولار، كما يحق له تقديم شكوى إلى البنك المركزي ضد أي صراف يُخالف ذلك.