إتقان فن إدارة المخاطر في استثمارات سوق الأوراق المالية
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
يتضمن الاستثمار الناجح في سوق الأوراق المالية أكثر من مجرد تحديد الفرص المربحة؛ فهو يتطلب استراتيجية قوية لإدارة المخاطر لحماية رأس المال والتغلب على حالات عدم اليقين المتأصلة في الأسواق المالية الذي يتم عادة من خلال شركات التكنولوجيا المالية مثل Equiti.
وفي هذا الدليل الشامل، سوف نستكشف أهمية إدارة المخاطر في استثمارات سوق الأوراق المالية، ودراسة المبادئ والأدوات والاستراتيجيات الأساسية التي يستخدمها المستثمرون الأذكياء لتخفيف المخاطر وتعزيز احتمالية النجاح على المدى الطويل.
قبل الخوض في استراتيجيات إدارة المخاطر، من الضروري فهم الأنواع المختلفة من المخاطر المرتبطة باستثمارات سوق الأوراق المالية. تعد مخاطر السوق والمخاطر الخاصة بالشركة ومخاطر السيولة من بين الأنواع الشائعة التي يواجهها المستثمرون.
وتشير مخاطر السوق إلى التقلبات المتأصلة في الأسواق المالية، في حين ترتبط المخاطر الخاصة بالشركات الفردية وأدائها، حيث تنشأ مخاطر السيولة عندما يكون هناك نقص في المشترين أو البائعين لسهم معين، مما قد يؤثر على سهولة التداول.
المبادئ الأساسية لإدارة المخاطر1. تنويع
أحد المبادئ الأساسية لإدارة المخاطر سواء في الاستثمار طويل المدى أو الاستثمار قصير المدى هو التنويع. يمكن أن يساعد توزيع الاستثمارات عبر فئات الأصول والصناعات والمناطق الجغرافية المختلفة في تقليل تأثير الأحداث السلبية على المحفظة. من خلال عدم وضع كل بيضك في سلة واحدة، فإنك تقلل من المخاطر المرتبطة بضعف أداء استثمار واحد.
2. توزيع الأصول
يتضمن توزيع الأصول تقسيم المحفظة بين فئات الأصول المختلفة مثل الأسهم والسندات والنقد. ويعتمد المزيج المناسب على عوامل مثل تحمل المخاطر، والأهداف الاستثمارية، والأفق الزمني. يمكن أن يساعد تعديل التخصيص بمرور الوقت في الحفاظ على محفظة متوازنة بما يتماشى مع ظروف السوق المتغيرة.
3. تقييم تحمل المخاطر
يعد فهم قدرتك على تحمل المخاطر أمرًا بالغ الأهمية في تطوير استراتيجية مخصصة لإدارة المخاطر. لدى المستثمرين المختلفين شهية مختلفة للمخاطرة، ومواءمة قراراتك الاستثمارية مع قدرتك على تحمل المخاطر يمكن أن تمنع ردود الفعل العاطفية أثناء تقلبات السوق.
4. تحديد أوامر وقف الخسارة
يعد تنفيذ أوامر وقف الخسارة بمثابة استراتيجية استباقية لإدارة المخاطر. يحدد أمر وقف الخسارة سعرًا محددًا مسبقًا سيتم بيع السهم به تلقائيًا. وهذا يساعد على الحد من الخسائر المحتملة عن طريق الخروج من المركز قبل أن ينخفض أكثر. ومع ذلك، من المهم تحديد مستويات وقف الخسارة بشكل مدروس، مع الأخذ في الاعتبار تقلبات السوق وسلوك الأسهم الفردية.
5. المراقبة المستمرة وإعادة التقييم
الأسواق المالية ديناميكية، والظروف الاقتصادية يمكن أن تتغير بسرعة. تعد مراقبة محفظتك الاستثمارية بانتظام، والبقاء على اطلاع باتجاهات السوق، وإعادة تقييم استراتيجية إدارة المخاطر الخاصة بك، من العناصر الحاسمة لإدارة المخاطر الفعالة ولتحقيق الثروة من سوق الأسهم. قد تكون التعديلات ضرورية بناءً على التغييرات في الأهداف المالية أو ظروف السوق أو الظروف الشخصية.
استراتيجيات إدارة المخاطر المتقدمة1. استراتيجيات الخيارات
يمكن استخدام الخيارات، مثل عمليات الحماية والمكالمات المغطاة، لإدارة المخاطر. توفر هذه الاستراتيجيات للمستثمرين المرونة للتحوط ضد الخسائر المحتملة أو توليد دخل إضافي من محافظهم الاستثمارية.
2. استخدام المشتقات
يمكن استخدام المشتقات، بما في ذلك العقود الآجلة والخيارات، لإدارة مخاطر محددة مرتبطة بالأسهم الفردية أو السوق بشكل عام. وفي حين أن هذه الأدوات يمكن أن تكون أدوات قوية، إلا أنها تأتي أيضًا مصحوبة بمجموعة من التعقيدات والمخاطر الخاصة بها، مما يتطلب فهمًا شاملاً قبل التنفيذ.
3. استراتيجيات تكافؤ المخاطر
تهدف استراتيجيات تكافؤ المخاطر إلى تحقيق التوازن بين المخاطر عبر الأصول المختلفة في المحفظة، مع الأخذ في الاعتبار تقلباتها التاريخية. وتسعى هذه الاستراتيجيات إلى تحقيق مستوى أكثر اتساقا من التعرض للمخاطر، مما يساعد على التخفيف من تأثير تحركات السوق الشديدة.
في الختام، إن فن إدارة المخاطر في استثمارات سوق الأوراق المالية هو ممارسة ديناميكية ومتطورة تتطلب مزيجًا من المعرفة والانضباط والقدرة على التكيف.
ويدرك المستثمرون الناجحون أن المخاطر لا يمكن إزالتها بالكامل، ولكن من الممكن إدارتها بفعالية من خلال مزيج من التنويع، والتخصيص الاستراتيجي للأصول، واتخاذ تدابير استباقية مثل أوامر وقف الخسارة.
ويجب على المستثمرين الطموحين تثقيف أنفسهم باستمرار، والبقاء على اطلاع بتطورات السوق، والاستعداد لتعديل استراتيجيات إدارة المخاطر المالية الخاصة بهم حسب الحاجة، ومن خلال إتقان فن إدارة المخاطر، يمكن للمستثمرين التعامل مع حالات عدم اليقين في سوق الأوراق المالية وزيادة احتمالية تحقيق أهدافهم المالية على المدى الطويل.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: الاستثمار الاوراق المالية الشركات المخاطر الخاصة لإدارة المخاطر إدارة المخاطر المخاطر ا یمکن أن من خلال
إقرأ أيضاً:
عقد إمتحانات الشهادة الثانوية.. رؤية من منظور الحد من مخاطر الكوارث
كتب د. محمد عبد الحميد استاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية
ربما يشكل فهم تناول عقد امتحانات الشهادة السودانية من منظور إدارة مخاطر الكوارث والحد منها لغير المختصين، ذلك لأن عقد الإمتحانات قد تبدو من الوهلة الأولى قرار إداري تختص به الدوائر المعنية بالتعليم. في حين أن عقد الإمتحانات في ظل حرب مشتعلة الأوار وبالكيفية التي تدور بها منذ أكثر من عام ونصف، يجعل مثل هذا القرار رهين وبأعلى درجة بأهل الإختصاص في إدارة مخاطر الكوارث والحد منها.
على عموم الأمر، تُصنف الحرب في علم ادارة مخاطر الكوارث كخطر كوارث من صنع الإنسان Man made Hazard، والمعروف في دراسات الحد من مخاطر الكوارث وإدارتها أن الأخطار من صنع الإنسان أشد فتكاً من الأخطار الطبيعية المتطرفة كالزلازل والأعاصير والفيضانات... فالحرب الدائرة الآن وبحسب توصيف قائد الجيش أنها (عبثية)، وهي بالفعل كذلك، ليست فقط من ناحية الدوافع والأهداف، وإنما من ناحية الإستهداف، فهي تتسم بشكل كبير بنوعٍ من العمه البصيرة Blindness وعدم التمييز بين المحاربين والمدنيين، وهي بهذا التوصيف تشكل بالنسبة للسكان مصدر للمخاطر لا يمكن التكيف معه.. ولفائدة القارئ فإنه يتوجب تعريف المخاطر Risks فهي في علم دراسات الكوارث (حالة غير يقينية تنبع من إحتمال أو خسائر اقتصادية، إجتماعية، وبيئية قابلة للإدارة والتحكم يلعب فيها الإنسان دوراً حاسماً، في زمن محدد وهي ناتجة عن واحد او أكثر من خطر إضافة لعنصر القدرة ضفعاً وقوةً.) ما يمكن إستخلاصه من التعريف أنها "إحتمالية" وهي بذلك خاضعة لعملية تنبؤ بالتقييم وقراءة ما يمكن أن يحدث، والمخاطر بصفة عامة ليست ذاتية الوجود، بمعنى إنها لا تتحقق إلا بوجود خطر Hazard والخطر في هذه الحالة هو الحرب.. والمخاطر المرتبطة به هنا متعددة ومخيفة وعالية، فهي تترواح بين الموت، فقدان المأوى، النزوح بكل ما يستبطن من عدم استقرار، فقد وسائل سبل كسب المعيشة، ودمار البنى التحتية. لذلك يمكن القول أن مخاطر الحرب الموجودة هي عميقة وممتدة Intensive & extensive بمعنى أنه حتى لو هرب المدنيون من دائرة الخطر ونزوحوا فكون حالهم نازحين يعتبر جزء من مخاطر الحرب، وكلما يستتبع ذلك من حالات عدم استقرار نفسي وإجتماعي واقتصادي وحتى أمني. هذا فضلاً عما تحدثه من مخاطر على منشآتهم و بنياتهم التحتية كالمستشفيات والمدارس والمصانع والطرق والجسور والمطارات وكافة سبل المواصلات وسلاسل الإمداد... فالحرب في السودان فشلت في أن تبتعد عن المدنيين، فهي في حالة عمه بصيرة عفوي و متعمّد، وصلت لمساكن المدنيين وطالت كل الأعيان التي تسهل حياتهم.. ولم تستطع أي جهة أن تضمن سلامة المدنيين وحمايتهم. فأكبر المخاطر المرتبطة بالحرب صارت القذائف العشوائية التي تتساقط على أسقف منازل المواطنين وتقتلهم أفراداً وجماعات.
خلاصة القول في هذا الجانب أن خطر الحرب وما ترتب عليها من مخاطر يبدو واقعاً معاشاً وأصبح جزء من حياة الناس اليومية وهم يعانون في نفس الوقت صعوبات حقيقية في التكيف مع هذا الواقع المؤلم.
مهما يكن من أمر، وبالنظر لقطاع التعليم من منظور إدارة مخاطر الكوارث يمكن تقرير أنه القطاع الوحيد الذي ينقطع تماماً أثناء الكوارث لا سيما الحروب، لأنه كقطاع حساس جداً للنزاعات المسلحة لذلك جاء إعلان أوسلو في العام 2015 لتأكيد ضرورة استقراره وإبعاد مؤسساته - المدارس والجامعات - عن مجريات الحروب.. في هذا الصدد يمكن الزعم بأن سقوط دانة واحدة أو هجوم بطائرة مسيرة مثلاً على أي مركز امتحانات من شأنه أن يحول عقد الإمتحانات لحالة حداد وطني يؤثر ليس فقط على نفسية الطلاب الممتحنين، بل على مجمل وجدان الأمة.. لذلك فإن قرار عقد الإمتحانات في هذا الظرف ومن منظور إدارة مخاطر الكوارث ينطوي على مخاطر غير مقبولة. ويصير بالتالي قراراً غير حكيم. هذا من الناحية الفنية من منظور علم إدارة مخاطر الكوارث... أما من الناحية السياسية فإن حدث بضخامة عقد إمتحانات قومية يظل رهين بمستوى تفهم أطراف الحرب لأهمية الموضوع والتزامهم بضرورة وقف القتال أثناء سير الإمتحانات (هذا هو السبيل الوحيد لجعل المخاطر في أدنى مستوياتها) وتيسير كافة السبل اللازمة لجعل الطلاب مهيئين على مستوى التحصيل الأكاديمي ولديهم الإستعداد النفسي والذهني واللوجستي لخوض معمعة الامتحانات، ولكي يتم ذلك لابد أن تتوافر كافة الضمانات العسكرية والأخلاقية بضرورة تهيئة المناخ المواتي لعقد هذا الحدث.. ولتحقيق ذلك فإنه يظل من اللازم عقد تفاهمات بين الأطراف المتحاربة. بوقف إطلاق النار أولاً ثم ضمان إشراك شركاء العملية التعليمية بمن فيهم المنظمات الأممية المعنية بهذا الأمر مثل اليونسيف UNICEF ومنظمة انقذوا الأطفال Save the Children ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC وتفعيل التزام السودان من جانب المتحاربين بإعلان أوسلو 2015 والمعروف أيضاً ب (Safe School Declaration) الذي وقع عليه السودان.
يجب إعادة التأكيد أن إعلان عقد الإمتحانات في واقع كارثة الحرب ليس قراراً إدارياً تعليمياً، أو يتوقف على تقرير عسكري بإمكانية تأمين الإمتحانات، بل هو قرار يُتخذ بعد عملية شاملة لتقييم المخاطر Risk assessment لتحديد مستوى المخاطر الناتجة عن خطر الحرب.
يمكن القول في المجمل أن السودان يمكن أن يقدم تجربة فريدة للعالم يتوافق فيها أطراف الحرب على وقف شامل لإطلاق النار مراقب دولياً يكون مدخلاً لممارسة رشيدة تجعل المخاطر في الحدود الدنيا تؤمن للطلاب أجواء مواتية للتحصيل والإمتحان. ولذويهم ضمانات على سلامة أبنائهم. وإلا ستكون الإمتحانات فرصة لفرد العضلات قد تنتهي بمأساة تتناثر فيها الأشلاء ويصعب أن تُلملم فيها الآثار النفسية في أغوار غضة يُرجى منها أن تبنى وطناُ أثخنتْ جراحاته الحربُ وغَوّرتها.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com