يسيطر الارتباك على قطاع الشحن البحري في إسرائيل وتزداد تكاليفه، وسط قلق متصاعد من الأضرار التي تخلفها عمليات احتجاز واستهداف السفن الإسرائيلية في مياه البحر الأحمر، ما يضطرها إلى تغيير مساراتها لترتفع تكاليف النقل بشكل كبير، بينما يخشى القطاع التجاري الإسرائيلي خسارة أسواق رئيسية وحبس سلع تصديرية حيوية.

 

وكثف الحوثيون تهديدهم للسفن الإسرائيلية أو المتعاملة مع دولة الاحتلال على خلفية عدوان الاحتلال الوحشي على قطاع غزة، إذ تعرضت ثلاث سفن لهجمات في الأسابيع الأخيرة، آخرها يوم الأحد الماضي، عندما أعلنت شركة "زودياك ماريتايم" التابعة لمجموعة "زودياك" المملوكة للملياردير الإسرائيلي إيال عوفر تعرض سفينة محملة بالكيماويات في المياه الإقليمية بين اليمن والصومال لهجوم، قبل أن يعلن بعدها بساعات مسؤول عسكري أميركي أن السفينة أصبحت آمنة إثر تدخل من المدمرة الأميركية "يو إس إس ماسون".

 

ويسلط الحادث الضوء على تصاعد التوترات في أحد أكثر ممرات الشحن البحري اكتظاظاً حول العالم، منذ بدء الحرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

وقام الحوثيون في 19 نوفمبر بالاستيلاء على سفينة محملة بالسيارات تسمى "غالاكسي ليدر" في البحر الأحمر، ولم يجر تحريرها بعد.

 

والجمعة الماضي تعرضت سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي لهجوم في المحيط الهندي بطائرة مسيرة من طراز شاهد 136 يشتبه بأنها إيرانية الصنع، وفق ما أفاد مسؤول عسكري أميركي السبت.

 

وأفادت شركة "إمبري" للأمن البحري عن تعرض السفينة التي ترفع علم مالطا وتشغلها شركة فرنسية لأضرار عند انفجار الطائرة المسيرة على مسافة قريبة منها.

 

ويأتي استهداف السفن الإسرائيلية على الرغم من قيامها بإغلاق أجهزة التتبع لدى مرورها في البحر الأحمر بالقرب من خليج عدن وباب المندب خشية تعرضها للاحتجاز أو الهجوم من قبل الحوثيين، كما اضطرت ناقلات إلى تغيير مساراتها والالتفاف عبر قارة أفريقيا وصولا إلى البحر المتوسط، وهو ما يزيد كثيراً من زمن الشحن وتكاليف النقل.

 

وبحسب بيانات نشرتها شركة "فريتوس" (Freightos) لتتبع الشحن، فإن تكاليف الشحن من الصين إلى ميناء أشدود الإسرائيلي على البحر المتوسط ارتفعت بنسبة تراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين فقط من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

وهذا الارتفاع في التكاليف مغاير لواقع الشحن بين دول آسيا وبلدان البحر المتوسط التي انخفضت فعلياً بنسبة 7% في الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي وبنسبة 8% منذ السابع من أكتوبر.

 

قال يهودا ليفي، رئيس قسم الأبحاث في شركة "فريتوس"، إن ارتفاع تكاليف الشحن بات يؤثر بالفعل على جميع البضائع التي تصل إلى إسرائيل من الصين، والتي بدأت أسعارها في الارتفاع في الأسابيع الأخيرة، مضيفا في تصريحات أوردتها صحيفة غلوبس الإسرائيلية، أمس الاثنين، أن هذا يعد مغايرا لاتجاه التجارة بين آسيا ومنطقة البحر المتوسط، حيث لوحظ انخفاض في الأسعار في تلك الفترة.

 

وأشار ليفي إلى أن أعباء القطاع التجاري تتزايد أيضاً بسبب الاختناقات التي يشهدها ميناء أشدود في ظل غياب العمال خلال الحرب، وفق ما أبلغت شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة "MSC"، وهي ثاني أكبر شركة شحن عالمية. كما حولت شركة شحن الحاويات التايوانية "إيفرغرين" (Evergreen) السفن إلى ميناء حيفا على البحر المتوسط.

 

ولفت إلى أن سفناً تابعة لخطوط شحن تتجنب المرور من مضيق باب المندب في المنطقة اليمنية لدى قدومها من آسيا باتجاه إسرائيل لتجنب الأضرار.

 

كما عادت سفن كانت في طريقها من إسرائيل إلى الصين بعد عبورها قناة السويس في مصر، وذلك بعد احتجاز الحوثيين سفينة "غالاكسي ليدر" قبل أكثر من أسبوع.

 

وأضاف أن عدة سفن لها صلة أيضا بشركات إسرائيلية اضطرت بالفعل إلى الإبحار حول أفريقيا، كما تخطط أخرى لذلك، على الرغم من أن طول الطريق يزيد كلفة الرحلة ويطيل مدتها لنحو أسبوعين.

 

وأكد أن "السفن الإسرائيلية أو شبه الإسرائيلية تزيد عدد أفراد الأمن على متنها، الأمر الذي يستلزم تكاليف إضافية، فضلا عن ارتفاع علاوة المخاطر على كل حاوية بأكثر من 100 دولار، ما أدى إلى زيادة أسعار حاويات الشحن على الطرق الدولية المؤدية إلى موانئ إسرائيل".

 

ومن شأن تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل، والتي تمر عبر باب المندب، أن يؤثر على تجارتها مع الشرق، لا سيما مع آسيا. ويمر عبر مضيق باب المندب الذي يشرف عليه اليمن 10% من التجارة البحرية الدولية سنوياً من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة. كما يمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يومياً.

 

وفي حال استمرار المخاطر في مضيق باب المندب، وتعرض التجارة البحرية والسفن الإسرائيلية لمخاطر الاحتجاز، قد يكون البديل هو النقل الجوي أو البري، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، وهو ما سينعكس سلباً على تجارة إسرائيل الخارجية. ولا تزال إسرائيل تواجه صعوبة بالغة في إقناع شركات الطيران العالمية باستئناف رحلاتها إلى إسرائيل، حيث تتمسك الشركات بالحصول على ضمانات من الحكومة الإسرائيلية للتعويض عن أي أضرار قد تتعرض لها.

 

ووفق بيانات البنك الدولي، فإن التجارة السلعية لإسرائيل مثلت 34.6% من ناتجها المحلي خلال العام الماضي 2022، والذي بلغ نحو 522 مليار دولار. وبلغت قيمة الصادرات السلعية الإسرائيلية حوالي 73.8 مليار دولار، فيما وصلت الواردات إلى 107.2 مليارات دولار.

 

أما دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فأشارت إلى أن موانئ إسرائيل في عام 2022 فرغت بضائع حمولتها 40.6 مليون طن، فيما حملت للخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.

 

أما عن الأفراد الذين مروا عبر الموانئ التجارية لإسرائيل، فقد تم تقديرهم بنحو 378 ألف مسافر العام الماضي. وهو ما قد يدفع لفقد إسرائيل جانباً مهماً من حصتها في نقل الأفراد بحرياً، سواء كان ذلك بغرض التجارة أو السياحة. والتجارة البحرية لإسرائيل لا تجري فقط من خلال سفنها فقط، ولكن قد تتم من خلال سفن مملوكة لدول أو شركات أخرى.

 

وفي هذه الأثناء، فإن نسبة كبيرة من قطاعات تصديرية واسعة قد تتعرض للحبس داخل إسرائيل، لا سيما التي تتجه إلى آسيا بشكل رئيسي، ويتوقع أن تواجه صعوبة في تحويل وجهاتها إلى أسواق بديلة، ومنها البوتاس، حيث تواجه شركة "ACL" خسارة ثلث صادراتها التي تتجه إلى بلدان شرق آسيا خصوصاً إلى الصين والهند، وبدرجة أقل إلى دول مثل فيتنام وتايلاند، وفق تقرير لصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية.

 

وفي مارس/ آذار 2022، وقعت "ACL" اتفاقية مدتها خمس سنوات مع شركة استيراد الأسمدة الهندية "IPL"، ستقوم بموجبها بتزويد الشركة الهندية بـ600 ألف طن من البوتاس في عام 2023 مع خيار للشركة الهندية زيادة الكميات المستوردة إلى 650 ألف طن سنوياً في السنوات اللاحقة حتى 2027، حيث يستوعب السوق الهندي 15% من الطاقة الإنتاجية للشركة في إسرائيل.

 

ويعد السوق الصيني أكثر أهمية بالنسبة لشركة البوتاس الإسرائيلية، بعدما وقعت الشركة اتفاقية مع شركات استيراد الأسمدة الصينية لتسويق 800 ألف طن من البوتاس إلى الصين في عام 2023 مع خيار للعملاء بزيادة الكمية التي سيتم تسويقها بمقدار 350 ألف طن سنوياً، وبالتالي من الممكن أن يشتري السوق الصيني ما يراوح بين 20% و29% من الطاقة الإنتاجية للشركة في إسرائيل.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اسرائيل سفن شحن الملاحة البحرية الحوثي السفن الإسرائیلیة البحر المتوسط فی إسرائیل باب المندب ألف طن وهو ما

إقرأ أيضاً:

ترامب يأمر بشن عملية عسكرية “حاسمة” ضد الحوثيين ويتوعدهم بـ”الجحيم”

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم السبت، عن إصدار أوامر للجيش الأمريكي بشن عملية عسكرية حاسمة ضد الحوثيين في اليمن.

وأوضح ترامب أن هذه العملية تأتي ردًا على الحملة المستمرة التي شنها الحوثيون من قرصنة وعنف وإرهاب ضد السفن والطائرات والطائرات المسيرة الأمريكية، بالإضافة إلى تهديدات أخرى.

وأشار ترامب إلى أن رد إدارة الرئيس السابق جو بايدن على هذه الهجمات كان “ضعيفًا بشكل مثير للشفقة”، مما أدى إلى استمرار الحوثيين في تصعيد هجماتهم وزيادة تهورهم في المنطقة.

وأضاف ترامب، أن “عام كامل مر على إبحار أول سفينة تجارية تحمل العلم الأمريكي بسلام عبر السويس أو البحر الأحمر أو خليج عدن”.

وتابع في خطاب شديد اللهجة: “لن نتسامح مع هجوم الحوثيين على السفن الأمريكية وسنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا”.

وأشار إلى أن “خنق الحوثيين حركة الشحن بأحد أهم الممرات المائية في العالم أدى لتوقف قطاعات واسعة من التجارة العالمية”.

ومضى قائلاً “جنودنا ينفذون هجمات على قواعد الإرهابيين وقادتهم ودفاعاتهم حماية للشحن الأمريكي واستعادة حرية الملاحة”.

وأردف قائلاً: “لن تمنع أي قوة إرهابية السفن التجارية والبحرية الأمريكية من الإبحار بحرية في الممرات المائية العالمية”.

وخاطب ترامب الحوثيين قائلاً: “أقول للإرهابيين الحوثيين إن وقتكم انتهى ويجب أن تتوقف هجماتكم وإلا سيمطر عليكم الجحيم كما لم تروا من قبل”.

وأردف “أقول للإيرانيين إن عليهم وقف دعم الحوثيين وعدم تهديد الشعب الأمريكي أو رئيسه أو ممرات الشحن العالمية”.

وفي وقت سابق، أعلنت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن الضربات التي أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب استهدفت الرادارات والدفاعات الجوية وأنظمة الصواريخ والمسيرات .

وأوضحت الصحيفة، أن “الضربات تهدف إلى فتح ممرات الشحن الدولية بالبحر الأحمر، التي عطلها الحوثيون، كما أن القصف الأمريكي يهدف إلى إرسال إشارة تحذير لإيران.

وفقاً لمسؤولين أمريكيين، فإن استهداف ترسانة الحوثيين قد يستمر عدة أيام وقد يزداد نطاقه اعتماداً على ردهم. كما يرغب مسؤولون أمنيون بحملة أقوى تفقد الحوثيين السيطرة على أجزاء من البلاد”.

وكانت وسائل إعلام تابعة للحوثيين تحدثت عن سلسلة غارات جوية استهدفت العاصمة صنعاء مساء اليوم السبت؟

والأربعاء، قالت الجماعة المسلحة، إنها ستستأنف حظر عبور السفن عبر البحر ، بعد توقف بدأ في يناير مع وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

والأسبوع المنصرم، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها قررت بدء تطبيق تصنيف جماعة الحوثي ، “منظمة إرهابية أجنبية”، بعد دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتخاذ هذه الخطوة في وقت سابق من هذا العام.

وفي يناير/ كانون الثاني، أعاد ترامب حركة الحوثيين إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في تغيير قد يؤدي إلى فرض عقوبات اقتصادية أشد صرامة ردا على هجماتها على الشحن التجاري في البحر الأحمر وضد السفن الحربية الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • المخاوف من هجمات الحوثيين تبقي تكلفة الشحن عبر البحر الأحمر مرتفعة
  • تكلفة الشحن عبر البحر الأحمر ترتفع مع استمرار هجمات الحوثيين
  • العدوان على اليمن يتسبب بازمة شحن دولي
  • بالفيديو .. إسرائيل لم تخسر ومصر خسرت مليارات إعلامي مصري ينتقد الحوثيين بعد الغارات لامريكية
  • الحوثيون: الضربات الأمريكية لن تمنعنا من استهداف السفن الإسرائيلية
  • ترامب يحذر الحوثيين: إذا لم تتوقفوا سينهال عليكم الجحيم كما لم تروه من قبل
  • ترامب: أصدرت أوامر بشن عملية عسكرية حاسمة ضد الحوثيين في اليمن
  • ترامب يأمر بشن عملية عسكرية “حاسمة” ضد الحوثيين ويتوعدهم بـ”الجحيم”
  • أستاذ قانون: أزمة البحر الأحمر كارثة كبيرة على التجارة العالمية
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا