السفن الإسرائيلية تغير مسارها بسبب هجمات الحوثيين وارتفاع تكاليف النقل
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
يسيطر الارتباك على قطاع الشحن البحري في إسرائيل وتزداد تكاليفه، وسط قلق متصاعد من الأضرار التي تخلفها عمليات احتجاز واستهداف السفن الإسرائيلية في مياه البحر الأحمر، ما يضطرها إلى تغيير مساراتها لترتفع تكاليف النقل بشكل كبير، بينما يخشى القطاع التجاري الإسرائيلي خسارة أسواق رئيسية وحبس سلع تصديرية حيوية.
وكثف الحوثيون تهديدهم للسفن الإسرائيلية أو المتعاملة مع دولة الاحتلال على خلفية عدوان الاحتلال الوحشي على قطاع غزة، إذ تعرضت ثلاث سفن لهجمات في الأسابيع الأخيرة، آخرها يوم الأحد الماضي، عندما أعلنت شركة "زودياك ماريتايم" التابعة لمجموعة "زودياك" المملوكة للملياردير الإسرائيلي إيال عوفر تعرض سفينة محملة بالكيماويات في المياه الإقليمية بين اليمن والصومال لهجوم، قبل أن يعلن بعدها بساعات مسؤول عسكري أميركي أن السفينة أصبحت آمنة إثر تدخل من المدمرة الأميركية "يو إس إس ماسون".
ويسلط الحادث الضوء على تصاعد التوترات في أحد أكثر ممرات الشحن البحري اكتظاظاً حول العالم، منذ بدء الحرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقام الحوثيون في 19 نوفمبر بالاستيلاء على سفينة محملة بالسيارات تسمى "غالاكسي ليدر" في البحر الأحمر، ولم يجر تحريرها بعد.
والجمعة الماضي تعرضت سفينة تجارية مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي لهجوم في المحيط الهندي بطائرة مسيرة من طراز شاهد 136 يشتبه بأنها إيرانية الصنع، وفق ما أفاد مسؤول عسكري أميركي السبت.
وأفادت شركة "إمبري" للأمن البحري عن تعرض السفينة التي ترفع علم مالطا وتشغلها شركة فرنسية لأضرار عند انفجار الطائرة المسيرة على مسافة قريبة منها.
ويأتي استهداف السفن الإسرائيلية على الرغم من قيامها بإغلاق أجهزة التتبع لدى مرورها في البحر الأحمر بالقرب من خليج عدن وباب المندب خشية تعرضها للاحتجاز أو الهجوم من قبل الحوثيين، كما اضطرت ناقلات إلى تغيير مساراتها والالتفاف عبر قارة أفريقيا وصولا إلى البحر المتوسط، وهو ما يزيد كثيراً من زمن الشحن وتكاليف النقل.
وبحسب بيانات نشرتها شركة "فريتوس" (Freightos) لتتبع الشحن، فإن تكاليف الشحن من الصين إلى ميناء أشدود الإسرائيلي على البحر المتوسط ارتفعت بنسبة تراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين فقط من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهذا الارتفاع في التكاليف مغاير لواقع الشحن بين دول آسيا وبلدان البحر المتوسط التي انخفضت فعلياً بنسبة 7% في الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي وبنسبة 8% منذ السابع من أكتوبر.
قال يهودا ليفي، رئيس قسم الأبحاث في شركة "فريتوس"، إن ارتفاع تكاليف الشحن بات يؤثر بالفعل على جميع البضائع التي تصل إلى إسرائيل من الصين، والتي بدأت أسعارها في الارتفاع في الأسابيع الأخيرة، مضيفا في تصريحات أوردتها صحيفة غلوبس الإسرائيلية، أمس الاثنين، أن هذا يعد مغايرا لاتجاه التجارة بين آسيا ومنطقة البحر المتوسط، حيث لوحظ انخفاض في الأسعار في تلك الفترة.
وأشار ليفي إلى أن أعباء القطاع التجاري تتزايد أيضاً بسبب الاختناقات التي يشهدها ميناء أشدود في ظل غياب العمال خلال الحرب، وفق ما أبلغت شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة "MSC"، وهي ثاني أكبر شركة شحن عالمية. كما حولت شركة شحن الحاويات التايوانية "إيفرغرين" (Evergreen) السفن إلى ميناء حيفا على البحر المتوسط.
ولفت إلى أن سفناً تابعة لخطوط شحن تتجنب المرور من مضيق باب المندب في المنطقة اليمنية لدى قدومها من آسيا باتجاه إسرائيل لتجنب الأضرار.
كما عادت سفن كانت في طريقها من إسرائيل إلى الصين بعد عبورها قناة السويس في مصر، وذلك بعد احتجاز الحوثيين سفينة "غالاكسي ليدر" قبل أكثر من أسبوع.
وأضاف أن عدة سفن لها صلة أيضا بشركات إسرائيلية اضطرت بالفعل إلى الإبحار حول أفريقيا، كما تخطط أخرى لذلك، على الرغم من أن طول الطريق يزيد كلفة الرحلة ويطيل مدتها لنحو أسبوعين.
وأكد أن "السفن الإسرائيلية أو شبه الإسرائيلية تزيد عدد أفراد الأمن على متنها، الأمر الذي يستلزم تكاليف إضافية، فضلا عن ارتفاع علاوة المخاطر على كل حاوية بأكثر من 100 دولار، ما أدى إلى زيادة أسعار حاويات الشحن على الطرق الدولية المؤدية إلى موانئ إسرائيل".
ومن شأن تهديد الحوثيين للسفن المتعاملة مع إسرائيل، والتي تمر عبر باب المندب، أن يؤثر على تجارتها مع الشرق، لا سيما مع آسيا. ويمر عبر مضيق باب المندب الذي يشرف عليه اليمن 10% من التجارة البحرية الدولية سنوياً من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة. كما يمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يومياً.
وفي حال استمرار المخاطر في مضيق باب المندب، وتعرض التجارة البحرية والسفن الإسرائيلية لمخاطر الاحتجاز، قد يكون البديل هو النقل الجوي أو البري، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، وهو ما سينعكس سلباً على تجارة إسرائيل الخارجية. ولا تزال إسرائيل تواجه صعوبة بالغة في إقناع شركات الطيران العالمية باستئناف رحلاتها إلى إسرائيل، حيث تتمسك الشركات بالحصول على ضمانات من الحكومة الإسرائيلية للتعويض عن أي أضرار قد تتعرض لها.
ووفق بيانات البنك الدولي، فإن التجارة السلعية لإسرائيل مثلت 34.6% من ناتجها المحلي خلال العام الماضي 2022، والذي بلغ نحو 522 مليار دولار. وبلغت قيمة الصادرات السلعية الإسرائيلية حوالي 73.8 مليار دولار، فيما وصلت الواردات إلى 107.2 مليارات دولار.
أما دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، فأشارت إلى أن موانئ إسرائيل في عام 2022 فرغت بضائع حمولتها 40.6 مليون طن، فيما حملت للخارج بضائع بلغت حمولتها 18.2 مليون طن.
أما عن الأفراد الذين مروا عبر الموانئ التجارية لإسرائيل، فقد تم تقديرهم بنحو 378 ألف مسافر العام الماضي. وهو ما قد يدفع لفقد إسرائيل جانباً مهماً من حصتها في نقل الأفراد بحرياً، سواء كان ذلك بغرض التجارة أو السياحة. والتجارة البحرية لإسرائيل لا تجري فقط من خلال سفنها فقط، ولكن قد تتم من خلال سفن مملوكة لدول أو شركات أخرى.
وفي هذه الأثناء، فإن نسبة كبيرة من قطاعات تصديرية واسعة قد تتعرض للحبس داخل إسرائيل، لا سيما التي تتجه إلى آسيا بشكل رئيسي، ويتوقع أن تواجه صعوبة في تحويل وجهاتها إلى أسواق بديلة، ومنها البوتاس، حيث تواجه شركة "ACL" خسارة ثلث صادراتها التي تتجه إلى بلدان شرق آسيا خصوصاً إلى الصين والهند، وبدرجة أقل إلى دول مثل فيتنام وتايلاند، وفق تقرير لصحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية.
وفي مارس/ آذار 2022، وقعت "ACL" اتفاقية مدتها خمس سنوات مع شركة استيراد الأسمدة الهندية "IPL"، ستقوم بموجبها بتزويد الشركة الهندية بـ600 ألف طن من البوتاس في عام 2023 مع خيار للشركة الهندية زيادة الكميات المستوردة إلى 650 ألف طن سنوياً في السنوات اللاحقة حتى 2027، حيث يستوعب السوق الهندي 15% من الطاقة الإنتاجية للشركة في إسرائيل.
ويعد السوق الصيني أكثر أهمية بالنسبة لشركة البوتاس الإسرائيلية، بعدما وقعت الشركة اتفاقية مع شركات استيراد الأسمدة الصينية لتسويق 800 ألف طن من البوتاس إلى الصين في عام 2023 مع خيار للعملاء بزيادة الكمية التي سيتم تسويقها بمقدار 350 ألف طن سنوياً، وبالتالي من الممكن أن يشتري السوق الصيني ما يراوح بين 20% و29% من الطاقة الإنتاجية للشركة في إسرائيل.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اسرائيل سفن شحن الملاحة البحرية الحوثي السفن الإسرائیلیة البحر المتوسط فی إسرائیل باب المندب ألف طن وهو ما
إقرأ أيضاً:
هجمات الحوثي على التجارة الدولية تعمّق معاناة اليمن وتؤثر على العالم
يمن مونيتور/ تحليل من طارق علي
يطل علينا يحيى سريع بقبعته الحمراء وزيه العسكري المزين بالنياشين بشكل مستمر منذ نحو ثمانية شهور ليلقي خطابات بدا من الواضح أن الحوثيون أنفسهم هم جمهورها الأول وربما الوحيد. ففي تلك البيانات والخطابات والتصريحات، التي تزخر بادعاءات النبل والتضامن، يقول لنا يحيى سريع إن القوات المسلحة اليمنية تعمل ضد الأعداء والكيانات، ضد المعتدين والإمبرياليين، وبالطبع، ضد المتآمرين والمشاركين في التآمر.
ولكن بعد نحو ثمانية شهور من الهجمات، أو بالأحرى بعد 10 سنوات من استيلاء ميليشيا الحوثي على الحكم في صنعاء، نجد أن الطرف الذي عمل الحوثيون ضده منذ اللحظة الأولى هو الشعب اليمني.
طاردوا المساعدات والتجارة
تسبب الحوثيون انطلاقًا من موقعهم عند مضيق باب المندب) أحد أهم الممرات الملاحية في العالم (في تعطيل حركة التجارة الدولية والشحن البحري، وقد شرعت بالفعل العديد من شركات الشحن في تغيير مسارات سفنها إلى طريق رأس الرجال الصالح. أدى ذلك إلى انعكاسات اقتصادية غير محمودة ضربت الدول المعنية بالملاحة في المنطقة، وخاصة مصر التي تراجعت إيراداتها من قناة السويس بنحو 50% لانخفاض حركة التجارة كنتيجة لهجمات الحوثي. وفي خلال أسابيع من إعلان الحوثيين بدء عملياتهم غير القانونية ضد الملاحة في الممر المائي الهام، تأثرت منظومة الشحن البحري كلها، حيث قفزت أسعار الشحن والتأمين ضد المخاطر، ولم يمض من الوقت طويلًا قبل أن ينعكس ذلك بدوره على أسعار السلع الاستهلاكية في مختلف أنحاء العالم، ومع كل هذه الأضرار، فقد كانت الضربات أشد أثرًا وأكثر قسوة على اليمن نفسه.
كان اليمنيون أول من رأى نتيجة اعتداءات الحوثي على التجارة، وذلك في هيئة نقص حاد في الأدوية وأزمة غذاء متفاقمة ضربت بلدًا كان من الأساس أحد أكثر دول العالم اعتمادًا على منظومة الشحن البحري الدولي للحصول على الغذاء والدواء والمواد الضرورية الأخرى، كما كان اليمن قبل بداية الهجمات يعاني من إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم وفق تقارير الأمم المتحدة وتصريحات مسؤوليها. جرى كل هذا على أرضية من حرب أهلية وانقسام حاد استمر لأكثر من عشر سنوات، تفسّخت فيه الروابط المؤسسية وقُطعت الطرق بأيدي الحوثيين أنفسهم.
ومع تعالي الخطاب العدائي للحوثيين بدعم من النظام الإيراني، تحولت مسارات سفن الشحن والإغاثة وغيرها من سفن مدنية لتتفادى المرور في البحر الأحمر. في بداية الأمر أعلن الحوثيون نيتهم استهداف السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيلية، ولكن هذه الفئة المستهدفة أخذت في الاتساع تدريجيًا كنتيجة حتمية لتهور الحوثيين وانعدام قدرتهم على الاستهداف الدقيق لتشمل دولًا متحالفة أيديولوجيًا مع ميليشيا الحوثي، بل والكثير من الدول الأخرى التي لا ناقة لها ولا جمل في الأحداث برمتها، ومنها النرويج والغابون وجزر مارشال وليبيريا ومالطة وفرنسا وبنما واليونان وأوكرانيا.
تضييق الخناق على الشعب اليمني
مثّل توقيت اندلاع الحرب في غزة طوق نجاح لميليشيا الحوثي التي كانت حتى تلك اللحظة تواجه معارضة متزايدة من الشعب اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتمكن الحوثيون بخبرتهم الطويلة في استغلال مشاعر الشعب اليمني في حرث تعاطف اليمنيين وتضامنهم مع الفلسطينيين من أجل تعزيز موقفهم وشعبيتهم وتمكينهم من قمع المعارضة في الكثير من الحالات.
وعلى الرغم من خطابهم الذي لا يكاد يخلو من عبارات التضامن مع الفلسطينيين، لم تقدم ميليشيا الحوثي أي شيء للقضية الفلسطينية، بل على النقيض من ذلك، أسهمت هجمات الحوثيين في ضرب منظومة الشحن البحري في المنطقة بأكملها؛ تلك المنظومة التي تعتمد عليها منظمات الإغاثة في عملها، وأعلنت بموجب ذلك خمسة من كبرى شركات الشحن البحري عن تغيير مساراتها من البحر الأحمر إلى ممرات ملاحية أخرى. أما داخليًا فقد ازداد الوضع سوءًا للمواطنين اليمنيين وامتدت معاناتهم المستمرة منذ فترة طويلة وتمثلت في أمور مثل عدم دفع الرواتب لأكثر من عشرة سنوات وفساد الإدارة المحلية والنقص الحاد في الغذاء، وغيرها من مشاكل أصبحت تمثل الواقع اليومي للمواطن اليمني.
وها نحن أولاء. تستمر الصواريخ والمسيّرات في الانطلاق من أرض اليمن، وما زالت السفن تتجنب المرور والأسعار تواصل ارتفاعها والأزمة تزداد عمقًا يومًا بعد يوم، ولكن يحيى سريع سيظهر على شاشات التلفاز متأنّقًا متحمّسًا ليلقي بيان حوثي جديد من حين لآخر يردد فيه ذات الشعارات الرنانة والكلمات الخاوية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق اقتصادالمذكورون تم اعتقالهم قبل أكثر من عامين دون أن يتم معرفة أسب...
ليست هجمات الحوثي وانماالشعب اليمني والقوات المسلحة الوطنية...
الشعب اليمني يعي ويدرك تماماانكم في صف العدوان ورهنتم انفسكم...
موقف الحوثيون موقف كل اليمنيين وكل من يشكك في مصداقية هذا ال...
What’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...